#1  
قديم 20/03/2011, 03:05 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 10/10/2008
المكان: فى قلب الهلال
مشاركات: 3,349
اختلاف التشريع الإسلامي عن التشريع الغربي

الحرية ضد العبودية ويوسم بها الخيار والحسن من كل شيء يشترك في ذلك المعاني والذوات والعاقل وغيره. فالشعر الحر هو النفيس الخيار، والفرس الحر الأصيل العتيق، والرملة الحرة الطيبة النبات، وحر الدار وسطها وخيارها. قال طرفة:
وتبسم عن المي كان منورا ... تخلل عن الرمل دعص له ند

وقال أيضا:
تعير في طرفي البلاد ورحلتي ... الأرب يوم لي سوى حر دارك

والعبودية أصلها الذل والخضوع ثم شاع إطلاق الحرية على الإنسان من سلوك ما يختار، لكن الغربيون يجعلون هذا التمكن في دائرة احترام حق الغير وعدم الإضرار به، والدين الإسلامي يجعل هذا التمكن في نطاق عدم حصول ضرر ينشأ عنه.
وسواء أريد بالحرية المعنى الأصلي أو الشايع في عصرنا هذا فهي محببة إلى أولي الهمم الكبرى؛ لذلك يبذل أباة الضيم في سبيل اقتعاد غاربها والاستواء على صهوتها كل علق نفيس. وما محاربة الاستبداد ومقاومة الطغيان والارهاق في جميع العصور إلا مظهر طبعي من ظاهر النزوع إلى الحرية والثورة على الاستعباد.
وقد نشأ عن تقييد الغربيين للحرية بقيد مراعاة حق الغير وعدم الإضرار به، وعن تقييد الدين الإسلامي لها بأن لا تثير ضررا قاصرا أو متعديا، اختلاف التشريع الإسلامي والتشريع الغربي في المال التي لا تتزاحم فيها الحقوق وتقصر يد الضرر فيها عن مس غير الفاعل، وكان ذلك في عامة ما يعبر عنه بالكليات الخمس: حفظ الدين والنفس والمال والعقل والنسب، التي جاءت الشرائع السماوية بالمحافظة عليها.
ففي ناحية الاعتقاد والعبادة:
يطلق التشريع العصري الغربي العنان للإنسان في نبذ دينه الأصلي والاصطباغ بصبغة دين آخر والانخلاع من الأديان كلها ولا يرغمه على أداء عبادة من العبادات استجابة لنداء الحرية عنده التي هي من أوكد حقوق الإنسان.
أما التشريع الإسلامي فيمنع المسلم من نبذ دينه وانتحال دين آخر ويجعل انسلاخ المسلم عن دينه الإسلامي جريمة عظمى توجب المؤاخذة الكبرى. ويلزمه بأداء العبادات الواجبة ويشرع الزواجر عن تركها؛ لأن نبذ الدين أو العبادة الواجبة يقضي إلى زوال الضرر البالغ بالفاعل، وكما يصد الإنسان عن إلحاق الضرر بغيره يصد عن إلحاق ضرر بنفسه وأي ضرر أعظم من التعرض لعقاب الله تعالى في الدار الآخرة. قال الله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

فحرية المعتقد في الدين الإسلامي محصورة فيما لا يفضي إلى المروق من الملة الإسلامية، وأما ما يفضي إليه فبابه مسدوم وحبله مقطوع.

ومن هنا يدرك الناظر أن تمكين المسلم من التجنس بجنسية دولة غير إسلامية الموجب مفارقة الملة الحنيفية والجامعة الإسلامية لا يبيحه التشريع الإسلامي بحال.
وفي ناحية حفظ النفس:
لا يرى التشريع العصري الغربي حرجا في الانتحار تحقيقا لمسمى الحرية عنده.
ويراه الدين الإسلامي جريمة كبرى يمنع المسلم أن يقع في حمأتها ويتجرع علقمها. قال الله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}. وورد في الحديث الصحيح: "من قتل نفسه بشيء عذبه الله به في نار جهنم". فإضراب الجوع المفضي إلى هلاك النفس لا تبيحه الشريعة وتمنعه أشد المنع، ومن واجب المسلمين أن يقلعوا عن تقليد غير المتدينين في هذه السنة السيئة التي لا يبررها مبرر.
وفي ناحية حفظ المال:
يمكن التشريع العصري الغربي العاقل البالغ سن الرشد من التصرف في ماله تصرفا حكيما رشيدا أو تصرفا أخرق أهوج يفضي إلى ذهاب ثروته أيدي سبأ لأن ذلك من مقتضيات الحرية.
أما الدين الإسلامي فيمنع التصرف الأخرق في المال ويمسك يد صاحبه عن تبديده في غير المباحات؛ لما في ذلك من المضرة الناشئة عن هذا السلوك. قال الله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}. وقال تعالى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}.
وفي ناحية حفظ العقل:
اختلف التشريع بالاختلاف في مسمى الحرية أيضا؛ فلذلك يجيز التشريع الغربي العصري تناول المسكرات والمخدرات من غير تحديد.
ويمنع الدين الإسلامي تناول كل ما يحجب العقل. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}. وفي الحديث الصحيح: "كل شراب أسكر فهو حرام".

وفي ناحية حفظ النسب:
اختلف التشريع أيضا بناء على ما أسلفناه، فجاز عند الغربيين التبني وأن يلحق المرء بنسبه من ليس منه، وجاز عندهم التعاشر بين الرجل والمرأة من غير إبرام عقد زواج.

ومنع التشريع الإسلامي أن يلحق المرء بنسبه من ليس منه. قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ- ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}. وجاء في الحديث الصحيح: "من ادعى (أي انتسب) إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام". وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا لا يبيتن رجل عند امرأة ثيب إلا أن يكون ناكحا أو ذا محرم".

وكما وقع اختلاف التشريع فيما هو خاص بالفاعل مقصور عليه للاختلاف في مسمى الحرية كذلك وقع اختلاف التشريع في علائق الإنسان مع غيره بناء على الاختلاف في مسمى الحرية.
وقع الاختلاف في أحكام العلائق الزوجية والمعاوضات والتبرعات:
ففي العلائق الزوجية ينفذ التشريع الغربي الشروط التي انعقد عليها الزواج سواء منها ما يوثق السعادة الزوجية وما يحطها.
ويبطل التشريع الإسلامي الشروط المناوأة لعقد الزواج ويجعلها لاغية، كشرط أن تتحمل المرأة بأعباء نفقة الزوج، أو شرط أن لا يتحمل الرجل أعباء انفاق المرأة وما ذلك إلا ليبقى عقد الزواج محتفظا بصبغته الطبعية حتى لا يتسرب الاختلال لما بني عليه الزواج من تشارك الزوجين في القيام بشؤون الحياة وانصراف كل لما هو قادر عليه وأنسب بخلقته؛ فتتفرغ الزوجة للشؤون الداخلية من تربية للأولاد وما تستدعيه شؤون المنزل الداخلية، ويتفرغ الزوج للكد خارج المنزل ليعد من المال ما يلزم الأسرة من التكاليف.

وفي المعاوضات يجيز التشريع الغربي المعاوضة على ما فيه غرر والإيجار على عمل محدود بأجل معروف إذا لم يتم الأجير العمل فيه تفرض عليه غرامة مقدرة بشيء من المال باعتبار كل يوم أو كل شهر وقع تأخير العمل عن أجله.
والتشريع الإسلامي يلغي هذه الشروط ويبطل المعاوضة عما فيه غرر؛ لأنه يمنع الاحتيال والخداع والاستحواذ على مال الغير دون مقابل
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06/04/2011, 06:25 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ عادل حسين
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 24/12/2010
المكان: مكة المكرمة
مشاركات: 2,030
جزااااااااااااك الله خير

اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 06:25 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube