ألا ليت شعري هل يرى الناس ما أرى , هل يعون ما أعي , هل يدركون خطورة الموقف , وضعف الحال , وكيف سيكون المآل ؟
ما بين يقظة ٍ وهجوع , لم تعد تجدي الدموع نفعا ً , وقد ضاق الحال ضرعا ً
وتفرق من كانوا بالأمس جمعا ً ..
لم يعد من الماضي سوى الذكرى , ومن الحاضر سوى صرعى , ويعلم الله ما سيكون غدا ً ..
كنت متفائل وخنعت , كنت راضي وجزعت , لم أعد أنا ( أنا ) ولن يعود الزمان ولن أعود أنا ..
سأكون من جملة المتملقين فيد الله مع الجماعة ومن شذ فـ ( الإعصار ) حليفه و( الانكسار ) لا محالة حاضنه إلا أن يشاء من بيده ملكوت الأشياء .
أراها لوحة قاتمة ويرونها زاهية مثمرة مستبشرة وقد تكون بعد ما يكون من إعصار ٍ ممطرة ..
لا أرى حيث يرون , ولا يرون حيث أرى , هل أنا رجعي بطبعي أم هم يعيشون الحداثة أوجّها يا تُرى ؟
ما بين الأشياء دائما ً أشياء , والأشياء بينها أشياء , والدليل كم من عصاه بين الأرض والسماء , وبين كل سماء وسماء ملائكة يسبحون بحمد ربهم , لا يعصون ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ..
سألتها : كيف الحال ؟
أجابتني : ضَعُفَ الحال !
بادرتها : ما تعني لك ِ الحياة ؟
فاجأتني : ممات !
أنا : والممات ؟
ببرود ٍ قالت : مشروع حياة !
لم أتعجب فأنا أعرف إجاباتها مسبقا ً ..
حاولت المباغتة : ليس بعد الممات شيئا ً
ردت : قبر ٌ وبعث ٌ و ...
قاطعتها : لنعش ما بدى لنا وليفعل الله ما يريد
نظرت إلي بنظرة لم أفهمها أو قد يكون فهمتُ ولم أرد
ثم بادرتني قائلة ً : ما هدفك في الحياة ؟
بدون تردد وبلهجة عامية ساخرة أجبت : عز ومعزة
بابتسامة ساخرة لم تدم طويلا ً قالت :
هل تقصد بالعز ما لذ وطاب من المتاع ومن الزوج والولد والمال والعتد ؟
وبالمعزة الرضا عكس السخط أم مَعِزَةٌ تحلبها أم أن في قولي شطط ؟
لم تتعدى إجابتي ابتسامة تخفي خلفها الكثير من الخبث أجزم أنها فهمت فحواها ..
( بعد أن وصلت رسالتها بوضوح ٍ تام )
تركتها وفي فمي ماء , وفي فمها أشياء وأشياء
لم تعرف هل كنت جادا ً فيما أقول أم كنت أبحث عن شيئا ً ما ووجدته
تركتها وأنا مستأنس بها بحديثها ببرودها بتفاصيل تفاصيلها
تركتها وأنا علي يقين تام بأني سأعود لها
متى ؟ أين ؟ كيف ؟
لا أدري .. ما أعيه جيدا ً الآن وأنا تحت تأثير الكتابة أني سأعود
لأشبع فضولي وأعيش معها طقوسها بعيدا ً عن طقوسي
فيكفي أن أعرف أن هناك يوم ٌ آخر قد يكون غدا ً أو قد يتأخر
لا أزكي على الله أحدا ً ولا أماري في الله أحدا ً
ولكن ما يبعث على الطمأنينة ٍ دائما ً أن اللجوء للنفس فيه شيئا ًمن السكون الجميل .
دمتم في رعاية الله