26/12/2010, 02:22 AM
|
| عضو تحرير مجلة الزعيم | | تاريخ التسجيل: 19/12/2008 المكان: الرياض
مشاركات: 1,211
| |
رقصات على أعتاب الظلام ..
تأهب الكل للرحيل بعد أن بذلوا جهد مسيرة أشهر من الاستعدادات ..
وهاهو المخرج يحيي بحرارة طاقم عمله وملء وجهه ابتسامة عريضة تبين مدى سعادته لنجاح عمله
كان الحضور يخرج من المسرح وقد تأثر بمشاهد المسرحية وأراد الأغلبية ألقاء التحية على مخرجها.
وبدأ الظلام يجتاح جنبات المسرح بعد أن أسدل الستار معلناً نهاية مسرحية راقصة ..
وقفت "كنده" في وسط المسرح الفارغ ..
وكانت ترتدي فستان الرقص الأبيض القصير ..
و شعرها الذهبي مرفوع كـ الكعكة في منتصف رأسها ..
بدأت ترفع قدميها وتنزلهما لتشكل حركتها ..
كانت رقصه غريبة لم تتعلمها من قبل ..
استمرت على هذا الحال دقائق معدودة حتى أطلقت العنان ليديها بالتحرك لـ أعلى في أرق حركة يمكن تصورها لفتاة في مثل سنها بهذه الرقصة الغريبة ..
لم تكن تعي "كنده" ما تفعله إذ بات تفكيرها في مكان أبعد ما يمكن لمن كان يراقبها أن يتصوره
ضلت " كنده" تتذكر ذاك اليوم ’’’
التي كانت تضن أنها ملكت الدنيا بـ كلتا كفيها ..
وهمسات "هُمام" تداعب ذرات الثلج المتساقطة على أذنيها ..
"كنده" ما هي أمنيتك .؟
تلتفت عليه بـ ابتسامة حالمة لتقول :
أكمل مسيرة تعليمي وأصبح طبيبة ..
رد عليها : ولكن تلك ليست رغبتك ..
كان "هُمام" يتكلم وقد علا وجهه نظرة إستنفار ..
قالت له : لعلي أجد نفسي يوماُ ما فيها ..
وأترك رغبتي عل غيري يفلح فيها ..
أمسك "هُمام" يدها بشده ..
وضلا على هذه الحال فترة صمت لا ينزعها سوى هبوب الرياح مصحوباً بذرات من الجليد ترتطم بوجهيهما ..
وما هي إلا لحظات قليلة قطعها صوت هاتف "هٌمام" رأى من المتصل وتذكر أنه قد قرب وقت انتهاء التجوال ..
فهو كان يسكن في السكن المخصص لطلاب الجامعة المغتربين ومن أنظمته عدم التأخير..
طلبت "كنده" منه مرافقته فوافق على الفور , لأنه يعلم أنه لن يراها أسبوع كامل لظروفها الدراسية ..
كانا يسيران متشابكان الأيدي وفي كل وقت يزداد قوة التشابك فكانت "كنده" تفكر كيف ستتحمل غيابه
عنها أسبوع كامل وكان "هُمام" يخفي ألمه لا يريد أن يبين مدى رغبته في أن تتنحى جانباً عن الانصياع لرغبة زوجة والدها في دراسة الطب بدلاً من الفن الاستعراضي التي كانت تهواه " كنده "وبشده ..
كان "وليد " صديق "هُمام" لا يكف عن الاتصال به طوال فترة سيرهم وكان "هُمام" لا يجيب على إتصالاته لأنه كان يضن أنه سيصل بالوقت المحدد ..
في أثناء سيرهم توقفا أمام البحيرة الجليدية حيث تجمع عدد من الناس فيها وبدو بالتزلج ..
وفي نظرات المصحوبة بالتمني ظلت "كنده" تراقب المتزلجين وفي نفسها تتمنى أنها مكانهم ..
جلس "هُمام"على ركبتيه وفتح حقيبته , فهو مازال يحتفظ بزوج الأحذية الخاصة بالتزلج في حقيبته ..
أخرج الأحذية وفي ابتسامه منه قال لها هيا لنذهب معهم ..
وهو يعلم أنه سيتأخر على العودة ولكن لم يستطع تحمل نظرات الألم في عينا "كنده" ..
نزلا إلى البحيرة وكلاً منهما أسعد من الأخر ..
بدأت "كنده" بالتزلج ممسكة بيد "هُمام"
حتى أطلق يده من يدها فهو يريد أن يراها كما كان أول لقاء لهما ..
بدأت "كنده بالانسجام حتى أصبحت تتمايل يمنة ويسرة بخفة لم يعهدها "هُمام" من قبل ..
وما زال " وليد " يستمر بالاتصال حتى أنزعج منه "هُمام وأغلق هاتفه ..
وفي أوج الحب الذي كان يحلق بينهم ..
أقبلت عاصفة رعدية قذفت الرعب في قلوب المتواجدين بالبحيرة ..
أمسك "هُمام " بـ"كنده" ليخرجها من البحيرة في أسرع وقت ممكن ..
كانت البداية بعيدة حيث وصلوا منتصفها ..
بدأ المطر بالهطول بشدة ..
ومع تقدمهم كانت الرياح والصواعق شديدة وتعيق الرؤيا ..
كان الناس يتدافعون بغية الوصول أولاً والنجاة ..
وفي هذه الآونة ما كان يدور في خلد "هُمام" إلا النجاة بـ"كنده" حتى لو كان على حساب نفسه..!
كانت "كنده" مذعورة وكان "هُمام" يحاول أن يُهدأ من روعها ..
كانت كلتا يداه مطوقه بـ خاصرة "كنده" حتى لا يقربها أحد ..
وكان الناس يتصادمون من شدة الزحام ..
كان في الطريق الممهد أمام البحيرة سيارة تسير بشكل غريب وطريقة عشوائية حتى اصطدمت بشجرة عملاقة على جانب الطريق ليسقط أحد أفرعها الضخمة ..
في هذه الأثناء كان "هُمام" و"كنده" قد خرجا بسلام من البحيرة ويجهلان ما يخبئ لهم القدر ..!
لاحظت "كندة" عدم وجود وشاح "هُمام" حول رقبته ..
سقط وشاح "هُمام" وهو يسير ..
وأصرت "كنده أن تعود لتأتي به ..
وقف"هُمام" في انتظارها ليسقط عليه فرع الشجرة في وقت إقبال "كنده" له ..
أسرعت ودموعها وقفت حبيسة من ثور الصدمة ..
حاولت جاهدة إبعاد فرع هذه الشجرة عنه ..
لم تستطع !!..
امسك بيدها وهي تبكي وتهز الجذع بلا فائدة ..
تمتم لها يقول :
عزيزتي ها أنا مودعك ..
توقفي عن المحاولة ..
فـ لن أعيش أكثر ..
حققي رغبتي ورغبتك وارقصي كما رقصتي اليوم ..!
فتحت عيناها وقد انسابت دمعةٌ حارقة رثاءاً للمرحوم ..
أشرعت بالحركة والتمايل وبدأت بهمهمة أغنية لتتراقص عليها حزن وأسى ..
هُمام أقبل فما عدت أصبر..
كيف أصبر بدون وجودك جانبي ..
هُمام أيني بدونك فما أنا ..
سوى شبح يرد صوت الأماني ..
هُمام أقبل ..
هُمام أقبل ..
هُمام أقبل ..
:
فجأة مابين الجموع ..
غريب يصعد المسرح ..
وسط تصفيق حار منه ..
لتلتفت "كنده" وسط دهشة بمن كان هناك ..
فهي تأكدت أنه لا يوجد احد ..
شد نظرها الكاميرا في يده ..
فقال لها : سوف يُعرض في إحدى برامجي وكان يقصد مقطع رقصها منذ لحظات .!
بغمرة غضب أقبلت مسرعة تود تحطيم تلك الكاميرا لـ إحساسها بأن خصوصيتها انتهكت ..
ظل الرجل واقف مكانه مستغرب من إقبالها عليه بهذه السرعة ..
وعندما أمسكت به رأى في عينها ما كان يتمناه..
فقد رأى خيوط من بريق تبين عظم ما تحمله من مشاعر ..
فبتسم قائلاً ألا تذكريني يا "كنده" ..
حدقت به للحظات فعند قربها منه اتضحت ملامحه ..
كان ذاك "وليد" ..
وكان قد حظر بناءاً على دعوة من "كنده" له ..
فقد تخلت عن الكل إلا هو ..
بعدما علمت أنه كان يتصل على "هُمام" ليخبره بقدوم العاصفة خوفاُ عليهم منها ..
جثى على ركبتيه واخرج من جيبه ورقة وبدأ يقرأ محتواها ..
{"وليد" لا اعلم ماذا ستخفي لي الأيام ..
ولكن عندما يواتيني الموت أو يبعدني عنكم ظرف أتمنى منك أن تحقق لي أمنية
ستستغرب من كلامي ولكن رأيت اليوم منامٌ أزعجني وهذا ما دفعني للكتابة لك
أن وفقت وتزوجت "كنده " ومت بعدها فلا تكن من بعدي لغيرك
وأن لم أوفق وأتزوجها فأنت أحق الناس بها
لا أريد التخبط أكثر وأكثر حقق لي أمنيتي
وأرحني }
أجهشت "كنده " بالبكاء وفي هذه الآونة أخرج وليد من جيبه علبة صغيرة ..
وفتحها وبدأ بالتلعثم ..
وسط صيحات الجمهور ..!
وتحقيق رغبات ميت ..!
وإسدال الستار ..
لم أكن هنا لولا الله ثم
من وقف وساعد
فله كل الشكر والامتنان
نبضة الهلال ممتنه على روعة التصميم
|
|