
22/12/2010, 02:57 PM
|
زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 25/06/2007 المكان: R i y a d h
مشاركات: 3,796
| |

"التوقيعات" مـن أجـمـل مـا قـرأت ، بسم الله الرحمن الرحيم ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة ، وبعد .. سوف أتطرق اليوم إلى الحديث عن فن من فنون النثر ، يعد الأجمل والأندر ولكن ومع ذلك فلم يحظى بالإهتمام ، إنه : فن التوقيعات هو فنًا أدبيًا من فنون النثر العربي ، ارتبطت نشأتها وازدهارها بتطور الكتابة ، تعريف التوقيع / هي عبارة بليغة موجزة مقنعة، يكتبها الخليفة أو الوزير على ما يرد إليه من رسائل تتضمن قضية أو مسألة أو شكوى أو طلب. وتمتاز التوقيعات بالإيجاز القائم على قوة التعبير ، ولطف الإشارة ، وجمال التصوير والتوقيع إما أن يكون آية قرآنية ، أو حديثًا نبويًا ، أو بيت شعر، أو حكمة ، أو مثلاً، أو قولاً سائرًا ويشترط أن يكون ملائمًا للحالة أو القضية التي وُقِّع فيها ههو مرتبط بفن توجيه المعاملات الرسمية في الإدارة الحديثة . وقد نشأ هذا الفن في عصر الخليفة ابي بكر الصديق - رضي الله عنه - ثم أستمر إلى العهد الأموي فالعباسي ، ويعد العصر العباسي العصر الذهبي لهذا الفن وسأسرد لكم بعض التواقيع لعلها تحظى على رضاكم : 1 - ذكر أن أبا محمد الحسن بن محمد المهلبي وزير معز الدولة أبي الحسين أحمد بن بويه الديلمي أنه كان قبل اتصاله بمعز الدولة وتقلده منصب الوزارة يعاني من قلة ذات اليد وشدة الفقر وضيق الحال ، وكان يشكو رمدًا في عينيه لا يفارقه، وسافر في بعض الأيام مع رفيق له أديب من أهل الأسفار والتجوال ، ولكنه لقي في سفره هذا مشقة ونصبا، فلا زاد معه ولا مال، ونزل مع رفيقه في بعض الأماكن واشتهى اللحم ، فلم يجد ثمنه، فأنشد ارتجالاً ورفيقه يسمع: ألا مَوْتٌ يُباَعُ فأشْتَريهِ* فهذا العيشُ مالا خيرَ فيهِ ألا مَوْتٌ لذيذُ الطعمِ يأتِي* يُخلِّصُني من العيشِ الكريهِ إذا أبصَرْتُ قبرًا من بعيدٍ* ودِدْتُ لو أنَّني مما يليهِ ألا رَحِمَ المهيمنُ نَفْسَ حُرٍّ* تصدَّقَ بالوفاةِ على أخيهِ فتأثر رفيقه بالأبيات ورثى لحاله، ورق له ، فاشترى له بدرهم لحمًا ، وأعده وقدمه إليه ، وتفرقا . ثم تتابعت الأيام ، وتغيرت الأحوال ، وحسنت حال المهلبي وتولى الوزارة ببغداد لمعز الدولة البويهي ، وضاقت الحال برفيقه في السفر الذي اشترى له اللحم، وحقق له رغبته، وآل به الأمر إلى أن جلس على بساط الفقر والفاقة ، وبلغه تولي المهلبي الوزارة، فشد الرحال وقصده في بغداد، فلما بلغه كتب إليه رُقْعَة تتضمن أبياتًا، منها: ألا قُلْ للوزير فَدتْه نَفْسِـي* مَقَالَ مُذَكِّرٍ ما قــد نسيهِ أتذكرُ إذ تقول لضنْكِ عَيْشٍ* (ألا مَوْتٌ يباعُ فأشتريــهِ) فلما قرأ المهلبي الأبيات تذكر صحبة رفيقه، وفضله عليه ، وهزته أريحية الكرم ورعاية حق الصحبة وردّ الفضل لأهله والمعروف لمستحقيها إنّ الكرامَ إذا ما أَسهَلُوا ذَكَروا* مَنْ كان يألفُهمْ في المنزلِ الخَشِنِ فأمر له بسبع مئة درهم، ووقَّع في رقعته قوله تعالى : {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء }. ثم دعاه وأكرمه، وقَلده عملاً مناسبًا يرتزق به . 2 - كتب إبراهيم بن المهدي إلى الخليفة المأمون يعتذر إليه مما بدر منه من خروجه عليه ومطالبته بالخلافة ، فوقع المأمون في كتابه : القدرةُ تُذْهِبُ الحفيظة، والندم جزء من التوبة، وبينهما عفو الله. 3 - رفعت إلى يحيى بن خالد البرمكي رسالة ركيــكة العبارة ، كتبت بخط جمـيل فوقع قائلاً : الخط جسمٌ روحه البلاغة، ولا خير في جسمٍ لا روحَ فيه. 4 - وقع الخليفة المأمون في قصة عامل كثرت منه الشكوى، والمأمون بهذا التوقيع يذكر عامله بما بلغه من كثرة الشاكين وقلة الراضين عنه ، فإن كثرت الشكوى على الولاة دلت على أنه غير كفؤ للولاية، والأجدر به أن يعتذر عن مواصلة الحكم. فكثرة الشكاوي تدل على كثرة المظالم للرعية، وكما أن المبايعة علامة الرضى ، فإن عدم الرضى يدل على عدم مبايعة الناس وموافقتهم لذلك الوالي، ومع كثيرة الشكاوي قل عدد المبايعين والراضين عن ذلك الحاكم ، فجاء القول الفصل من أمير المؤمنين :"كثر شاكوك.. وقل شاكروك، فإما اعتدلت، وأما اعتزلت". 5 - عندما تذمر الناس من والي خرسان ، أرسل إليه الرشيد رسالة قائل فيها : داو جرحك لا يتسع . 6 - في العصر العباسي ، لقب شخص ما نفسه بمهذِّب الدولة "بكسر الذال" فرد عليه الملك بتوقيع قائلاً : يؤخذ ماله ويصفع قذاله وتبقى على الفتح ذاله . بمعنى أنه سيكون مهذَّب الدولة وليس مهذِّب الدولة وشتان مابين الإثنين أخيراً أتمنى أن ينال الموضوع رضاكم وإستحسانكم وأحب أن أنوه على نقطة ، ألا وهي أنني إستندت على موضوع لأديب في ذكر بعض الأمثلة وفقكم الله لما يحب ويرضى 
اخر تعديل كان بواسطة » الموهوب الإنتراوي في يوم » 22/12/2010 عند الساعة » 03:18 PM |