المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى المجلس العام
   

منتدى المجلس العام لمناقشة المواضيع العامه التي لا تتعلق بالرياضة

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 24/12/2002, 10:26 AM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 20/08/2000
مشاركات: 776
غريبٌ في الحيـــــــــاة وفي الممـــــــاتِ .....

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .....

كنتُ قد كتبت موضوعاً بعنوان ( قتيل الحرمان ) وتبعه بعد أيام موضوعاً آخر رداً عليه بعنوان بعنوان ( قاتل قتيل الحرمان ) .....


الحقيقة كان الموضوع الأول بعد زيارة لي لأحد دور الرعاية الإجتماعية وما تمخض عنها من شعور وإحساس.... يحسُ به من له قلب .....


هاتفني زميلي الذي ذهب بي لدار الرعاية الإجتماعية قبل يومين في أتصال غريب في وقته ..... وكم توجست من هذا الإتصال خيفة قبل الرد .... حقيقة لا أعرف السبب ولكن أحسست بأحساس غريب لا أعلم سببه ولا كنهه ...


كان الصوت متغيراً ويه نبرة من حزن غريبة على صاحبي الذي كان مرحاً في العادة ....

بادرني بقوله هل أستطيع زيارتك الآن في موضوع مهم ؟ قلت له مبادراً ومتلهفاً لمعرفة ماذا يريد ... بكل سرور أنا بانتظارك الآن ........



لم تمضي دقائق كنت فيها أسرح في بحر من الأفكار التي أريد من خلالها توقع هذا الموضوع الذي جعله يتصل في مثل هذا الوقت المتأخر ....


قطع تفكيري جرس المنزل..... وعندما أستوى صديقي في مكانه أخبرني بالخبر الذي كنت أنتظر معرفته ....


قال أن هناك طفلاً لم يتجاوز التاسعة من دار الرعاية الإجتماعية أنتقل إلى ربه ... ...


تسمرت في مكاني وقد شُل تفكيري ... كأني صحوت من كابوس مزعج ..... ولكن كيف حصل ذلك ؟ وما هو السبب ؟ وأين كنتم عنه ؟ ولماذا لم تذهبوا به للمستشفى ؟ وهل كانت وفاته بحادثة سيارة أم بمرض ؟ ولماذا لم تخبرني قبل وفاته ؟



العديد من الأسئلة خرجت من فمي متسارعة حتى لا أتذكر منها شيئاً ولم أنتظر الإجابة حتى أطرح السؤال الذي يليه ....


كان صاحبي مطرق الرأس ولم يتكلم بكلمة واحدة .... وعندما أنتهيت من ثورتي وأسئلتي الكثيرة ..... رفع رأسه إلي وهو يغالب عبرته ويحبس دمعته ....


قال :- لقد أصيب بضيق في التنفس وهو نائم وكنا قريبين منه .... فحملناه على فورنا لأقرب مستشفى ..... عملوا له الإجراءات الروتينية وعملية الإنعاش القلبي ولكن القدر كان أقرب منهم ومن طبهم .....



كنت قريباً من سريرة ويدي ي يده أشدها عليه بقوة .... وكان مع كل هذه الأهوال وهذه الشدة التي كان فيها ممسكاً بيدي متشبثاً بها ...... يلقي إلأي إذا أفاق بنضرة قتلتني ..... لا أعرف ماذا يريد منها .....



هل يريد أن أنقذه ؟ هل يريد مني أن أمل قليل من الألم عنه ؟ هل يريد أن يخبرني بأخر كلمة سينطقها ؟ !


كانت حالته صعبة للغاية .... صوت تنفسه المتحشرج أسمعه الآن في أذني ..... مازال ممسكاً بيدي وعمليات الإنعاش القلبي التي يجرونها له أجهدته ولكنه كان يترك يدي ببطئ .... وأنا أشد عليها أريد من خلال هذه الحركة أن أبث له ما فقد من الحياة أو هكذا سولت لي نفسي القاصرة .......



لأول مرة في حياتي أشهد هذا المشهد ..... مشهد مؤثر فعلاً ..... يا له من طل مسكين عانى الكثير خلال سنوات تسعة .....


بعد أن أعياهم العمل ولم يعد القلب للنبض مرة أخرى سحبني الطبيب من المكان بقوة وأنا لستُ مصدقاً كأني كنت أتمنى أن يقول لي الطبيب لا تخاف إنه بخير لق نام نوماً هنيئاً ويسيفيق بعد قليل .....


لكن وجه الطبيب و كلامه يقول عكس ذلك بل يوحي بالخيبة في باقي الأمل الذي كنت أعقده .....



حاولت أن اتمالك نفسي وأغالب دمعتي وأن أتصبر وأتجمد لكي أكون ي مواجهة الحدث بشجاعة الرجال كما يقولون لكن كان الموقف برمته أكبر من تحملي وأكبر من مقدرتي .....


خرجت من المستشفى وقد أعماني المدع فلم أرى طريقي ركبت سيارتي بصحبة مرافقي الذي لم يتكلم بكلمة ولكن فهم ماذا حدث من خلال حالتي .....


نصف ساعة من الزمن قضيتها في الطريق من المستشفى حتى وصلنا الدار .....

كان الوقت متأخراً ليلاً فلم يكن وقتاً مناسباً لأخبار العاملين في الدار ولا حتى مديرها ....


قلت في بالي لا يوجد إلا أنت سآتيك وأخبرك الخبر ..... وننظر ماذا سنفعل في الغد وما سنقوم به تجاه هذا البائس ..... وها انا عندك فماذا ترى ؟ .....




تملكني الذهول ..... وكنتُ لست بعيداً عن حاله فقد غالبت دمعتي حتى غلبتي .... فلم أكتمها ولم أمسحها جعلتها تسيل بحرار ة على وجنتي ..... فق كانت يحرقة وحرارة تبعتها دمعات كثيرة .....


قلت وهذا الطفل المسكين هل تعلم له أهل ؟ قال نعم ....


قلت من ؟ أمٌ أم أب ؟ قال بل أعرف أن له أب زاره قبل سنوات قليلة وطلب مني العناية به وقال يجب أن يكون الأمر سر بيننا حتى يتسنى لي زيارة أبني كل ما أردتُ ذلك ....



قلت هل هو في هذه المدينة ؟ قال : - لا ولكن معي رقم هاتفه إذا كنت تريد أن نتصل عليه لنه طلب مني الإتصال عليه إذا أردتُ شيئاً .....




قلت ليس في هذا الوقت ..... في الغد إنشاء الله تعالى .....



خرج صديقي من عندي وبقيت في منزلي لا يغمض مني جفن ولم أذق لنوم طعما وحُق لي فهذا الحدث جلل وهذا الخطب كبير ......



في الصباح أخبر صاحبي مدير الدار بما حدث ليلة البارحة والإجراءات التي قام بها وشهادة الدفن التي استخرجها وقال سنصلي عليه الظهر في الجامع الكبير ... عل جمعاً من الناس يحضره ويدعوا له ........



قلت ولكن هل تكلمت مع أبوه وأخبرته فوفاة ابنه ؟ قال نعم .....وهو في الطريق إلينا ...وسيشهد الصلاة معنا بعون الله... ولكن ..لا تسألني عنه وتقول أخبرني عنه إذا رأيته ......
قلتُ لن أسألك ...لأنه لو كان ما في تصوري صحيحاً فسأعره من هيئته ....


تم تغسيل الطفل وتكفينه وذهبنا به للصلاة عليه في المسجد الكبير .... كان الجمع كبيراً..... وكان الناس كُثُرّ ..... تعجبتُ لكثرتهم وقلتُ في نسي ربما يكون هناك جنازة لشخص مهم أو لكبير عائلة الناسُ فقدته .....


لكن عندما أصطففنا للصلاة لم يكن مسجى أمامنا سوى ذالك الجسد الصغير فقط ! ..... فعرفت أن الناس أجتمعوا لجله فقط ....



لكن هل يعرفون من هو ؟ وهل تعلم تلك الجموع أن هذا الطفل الصغير ما هو إلا أحد أطفال دار الرعاية الإجتماعية ؟ بالطبع .. لا .... ولكنهم أتوا طلباً للأجر والمثوبة ....


ذالك الطفل الذي كان لا يرى الناس إلا لماماً..... أصطفوا على جنازته والصلاة عليه مئات ... ليته يراهم ويرى ان المجتمع لا يزال بخير ..... ولكن هيهات فقد حضروا متأخرين و تواجدوا متأخرين ......



عندما كبّرنا التكبيرة الثالثة في صلاة الجنازة والتي بعدها ندعوا للميت بالرحمة والمغفرة ونسأل الله له القبول ...... سمعت صوتاً خفياً في الصف الأول .... تعالى الصوت شيئاً فشيئاً .... حتى أصبح واضحا النبرات معروف الصفات والجهة ..... قلت غريب ! من هذا الذي يبكي على طفل لا يكاد يعرفه سوى من يعرف قصته قط وهم قلة أعرفهم تقريبا.... قلت لعله صديقي ...


لكن ما أن أنتهينا من الصلاة ورأيت وجه ذالك الرجل حت عرفت أنه ليس برفيقي .... وجهٌ غريب ..... نعم ..... ربما أكون قد عرفته .....


حملنا النعش وفيه ذالك الجسد النحيل والمسجى وكان خفيفاً للغاية .... ذهبنا به إلى المقبرة ... تبعتنا تلك الحشود الكبيرة راجلة ....... وقفنا على شفير القبر ...... نزل أحدهم جزاه الله خيراً للقبر ..... طلب الطفل بعد أن أزالوا عنه ( البشت ) المغطى به ....... حمله بين ذراعيه .... أنزله في اللحد ببطئ ......


هناك بكاء ونحيب غريب ..... كان ذالك الرجل ....... كان يريد النزول للقبر والدخول في اللحد ..... لا يزال الناس يمسكون به ويحاولن أن يهدوا من روعه .... ولا يزالون يذكرونه بالله وأن هذا لله ما أخذ وله ما أعطى وكلُ شيئ عنده بأجل مسمى ولكن لا فائدة .... فقد كان بكاءه يدعوا للشفقة والرحمه .... بكاء الأب المكلوم بفقد أبنه الوحيد ......


علّه يكون هذا الأب المفقود أو بمعنى أصح الأب الغائب برغبته خوفاً من الفضيحة ...... بل أنا متأكد بأنه الأب ..... لأن بكاءه غريب وبكاء ندم وأسف شديدين .... ولكن متى ؟ بعد أن فات الفوت .....


كأني أحس بما يختلج في قلبه من مشاعر الرحمه والحب لهذا الطفل والتي لم تخرج ولم يُعبّر عنها بهذا البكاء والنحيب المرير إلا بعد أن مات هذ ا الطفل .....


أمسك الحاضرون بالرجل ونحّوه جانباً عن القبر...... والجميع يأتي إليه معزياً ومهدأ من روعه .... وهو لا يزال على حاله السابق من البكاء ....


حانت مني إلتفاته على من يقف على القبر ... وجدت رفيقي واقفاً معهم .... أقتربت منه ... وهمست في أذنه ... ( ذالك الرجل الباكي الناحب .... هل هو الأب ؟! ) ...... قال هامساً ..... ( للأسف ..... نعم )



قلت مهمهماً .....( لقد حضر متأخراً ) .......




أين أنت كل هذا العمر القصير ؟! .... لماذا نسيت هذا الطفل أو تناسيته وهو في أمسّ الحاجة لك ولوجودك معه ....



لو كان الطفل صحيحاً ..... سليماً ..... متعافي ...... لكان في حاجة لأب يكون معه .... بحاجة لمن يحتظنه في ظلمة الليل عندما يفزع من نومه كباقي الأطفال اللذين يجدون آباءهم معهم ....


فما بالك في هذا الطفل المريض المسكين والذي يحتاج لعناية خاصة .... هل هذا خوفاً من الفضيحة ؟! ... أم خوفاً من كلام الناس ؟!


كل ذالك ليس مبرراً لهذا الأب المتأخر بأن يفعل تلك الفعلة والتي تخلى بها عن أبنه من دمه ولحمه ..... ومع ذا التخلي المقيت علم بأن ابنه مريض وي حاجة لمن يكون بجواره ولكنه لم يحضر ولم يتنازل .....


الان تبكي وتنتحب ؟!!!!! الآن تعرف أن لك أبناً يريدك وينتظرك منذ تسعة أعوام .....!!!! الآن خرجت رحمتك ورقّ قلبك
لأبنك !!!! بعد ماذا ؟ بعد أن وسد هذا الطفل النحيل الجسد الثرى وترك الدنيا وحيداً ..... غريباً ...... حتى في المستشفى وهو يعاني سكرات الموت وتنتزع روحه من حسده الضعف كان وحيداً ..... غريباً ......


ربما تكون نضراته لصديقي وهو على سرير المستشفى والأطباء من حوله والجميع بجواره يقول :- لا أريدكم ..... أريد أبي فقط ..... أحب أبي ....... أريد حضنه الدافئ ولو مرة واحدة قبل أن أموت أترك الدنيا ...... عينيه الصغيرتين حملت معاني كبيرة لا يستطيع ذالك الفتي قولها لما يعانيه من سكرات .... ولكن ترجمتها علمناها وعرفناها بعد موته ......


يا إلهي ..... متى يحس هؤلاء الآباء ؟ 1 بعد فوات الاوان ...!!! هل ينفع الطفل بكاء الأب ونحيبه بعد موته ؟ هل سيكون ذالك البكاء سبباً في سعادته ؟


هذه المشاعر الأبويه لا يعرفها إلا من جربها ..... من جرب كي يكون أبنك مشتاق لرؤيتك .... لا يريدك أن تغاب عن عينيه ولو للحظة واحدة ..... إذا خرجت من المنزل تشبت بك مطالباً إياك بعدم المغادرة ويبكي ..... وإذا حضرت تبدل البكاء فرحاً وأقبل إليك ماداً ذراعية يريدك أن تحتظنه .....


كيف يكون حال من فتح عينيه وهو لا يجد أباً أو أماً ...... كانت آخر مرة يجد ذراعاً حانياً هي يوم أن وضعته أمه أو أبيه أمام المسجد أو أمام باب الرعاية الإجتماعية ..... وبعدها ....... نسوه ولم يجدهم ......


تسع سنوات وهو يبحث عنكم ..... أين أنتم ؟ الآن حضرت وبكيت ؟!!! كان يريدك وهو حي وليس بعد أن توسد القبر!!!..


هل حرّك هذا الموقف فيه شعره من رحمه ؟! هل سيعود ويعترف ويقول هذا القبر وهذا الميت أبني .... أما سيكمل ما بدأه معه من تخلي وفراق .....

غريبٌ في الحياةٍ وفي المماتٍ *** ومجهول الهوية والصفاتٍ
كـــذا كانت حياتي دون معنى*** يميزها ككل الكائنـــــــاتٍ
بلا أم تهدهدني رضيــــــــــــــعا*** ولا أب يميزني بمالـــي

* * * * * * ** * * * *

## آسف على الإطالة ....

اخر تعديل كان بواسطة » shaheen في يوم » 24/12/2002 عند الساعة » 01:03 PM
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 09:49 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube