22/12/2002, 11:52 AM
|
زعيــم متواصــل | | تاريخ التسجيل: 01/01/2001
مشاركات: 149
| |
وجه بلا ملامح / قصة من تراث الانترنت هذه المرة الأولى التي أمسك فيها قلمي لأكتب مذكراتي ..
لم تخطر هذه الفكرة من قبل على بالي ، ولكن اليوم شعرت برغبة شديدة لأوثق أهم أحداث حياتي ..
الأهمية كلمة نسبية تعتمد على رؤية كل شخص ، والحدث المهم الذي أعنيه هو أنني أحب !! مهلا لا تتعجلوا .. هناك شيء أكثر أهمية .. إن الشخص الذي أحبه أعترف لي اليوم بأنه يحبني أيضا !!
أليس هذا شيء مهم وحدث غير عادي ؟
لقد عرفتها منذ شهر .. كنت كالعادة أقضي معظم وقتي بين صفحات الإنترنت الغير منتهية .. كنت أعيش في فراغ كبير فوجدت جهاز الكمبيوتر هو الوسيلة الأفضل لأهرب منه .. ثم أصبحت أقضي وقتا أكثر في غرف الدردشة والحوار ..
كنت شخصا خجولا و منطويا على نفسي .. أقضي معظم وقتي في غرفتي وحيدا .. وكانت سهراتي تطول إلى الفجر في بعض الأحيان برفقة جهازي الحبيب ..
عندما تحدثت معها للمرة الأولى لم تكن تعيرني أي اهتمام .. ربما نوع من الغرور .. أو هو الانطباع السائد بأن كل شاب هو فاسد أخلاقيا ..
بصعوبة استطعت أن أمد لها حبلا للحوار .. بدأت أجد الفرصة لأعبر لها عن أفكاري وأعرف كيف تفكيرها .. ولم ألحظ أن حوارنا في تلك الليلة امتد لثلاث ساعات ..
أعجبت بها دون شك .. في اليوم الثاني كنت انتظرها في نفس الوقت حتى نكمل حديثنا .. لكنها لم تأتي .. وغادرت جريحا أدفن أملي الذي تحطم تحت وسادتي ..
وفي اليوم الثالث وجدت اسمها يتصدر قائمة المشاركين في الحوار .. لم أستطع أن أخفي سعادتي ولهفتي للقياها ..
وكان لقاءنا الثاني .. وشعرت أنها تقترب مني أكثر .. وتيقنت من أني أحبها ..
وتمضي الأيام وأنا ازداد تعلقا بها وهي تجد راحتها في وجودي .. أو هكذا خيل لي .. واليوم قالتها لي بكل عذوبة .. قالت أحبك ..
ألا يحق أن أكتب مذكراتي إذن ؟؟
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
لم أكن أفكر يوما ما هو مصير الحب الذي يجمعنا .. كنت أعيش اللحظات الرائعة معها بقلبي دون عقلي .. ننسج سوية تلك الأحلام الرومانسية .. ولا نرى في هذه الدنيا من هم أكثر منا حبا وهياما ..
لكنها اليوم سألتني سؤالا غريبا .. قالت لي ألسنا نعذب بعضنا ؟ ما هي النهاية التي تراها لذلك الحب الذي أصبح يلازمنا حتى في أحلامنا ؟
كان السؤال مفاجئ .. لم أستطع أن أجيب .. فأنا أخشى أن تتركني ..
هي ترى أنني لست سوى اسم بدون ملامح .. عرفت تفكيري ومشاعري ولكن لم تعرف من أنا .. تعتقد أن الإنترنت لا يرسم الحقيقة دائما .. فكل شخص يضع الملامح لنفسه كما يريد ..
ربما تكون محقة .. هي لا تعرف كيف أنا .. وأي شخص أكون مع الآخرين .. وبأي ملامح أظهر عندما أكون وحدي ..
ربما يصبح ذلك الحب الذي نتغنى به شظايا متناثرة إذا رأت كيف هي طريقة أكلي .. أو كيف أبدو وأنا نائم .. يبدو أنني أهذي .. أي جنون هذا الذي أقول .. هل الحب شيء سطحي لهذه الدرجة ؟؟ أخشى أن يكون الحب مجرد عاطفة جائعة داخلنا نحاول أن نشبعها مع أول بارقة ضوء .. ثم تظهر لنا الحقيقة التي نخشاها بعد زمن ..
إنه يوم من أصعب أيامي فأنا لا أدري أين الواقع وأين الوهم .. وأصبح شبح النهاية يغتال أحلامي كل ليلة .. خوف ورهبة وحزن وألم ..
أخشى أن أواجهها بأفكاري فتسخر مني .. ولكن ما نحاول أن نخفيه اليوم سيظهر لا محالة في يوم قريب .. فلم هذا التردد ؟؟ ربما أفعل ذلك غدا ..
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
لقد كنت غبيا وأخبرتها بالحقيقة .. لم أكن أتصور أن تكون ردة فعلها بهذه الصورة .. لقد بدأت أكره نفسي .. هل كنت مغفلا لهذه الدرجة ؟ نعم لقد كنت كذلك .. فقد خدعت نفسي وجعلتها تعيش في ذلك الوهم ..
أعرف أن مصيري سيجعلني أبقى في عزلة أبدية .. وحيدا في غرفتي .. الحب شيء صعب المنال بالنسبة لمن هم مثلي .. لقد أقبلت نحوها بكل ثقة وقد عزمت أن أخبرها بالحقيقة التي كنت أخفيها .. كنت أعتقد أن حبها سيصمد أمام كل العوائق .. ولكني كنت واهما كما عرفت بعد ذلك ..
لماذا نحب طالما هو نوع من تعذيب النفس .. نوع من كسر الكبرياء .. نوع من تعطيل التفكير .. كم أتمنى أن أكسر هذا القلم الذي أكتب به ..
عندما قلت لها أنني معاق ولا أستطيع الحركة دون الاستعانة بالمقعد المتحرك كأن كوبا من الماء البارد قد ألقي في وجهها .. الذهول سيطر على كل حروفها .. ربما اعذرها .. فبكل تأكيد لم تجرؤ في يوم أن تحلم بأن فارس أحلامها هو شخص معاق عاجز عن الحركة مثلي ..
نعم هي لم تجرحني بأي كلمة .. لكني شعرت بأسلوبها تغير .. أحسست بنبرات كلماتها تأخذ مسارا بطيئا .. كم أكره نظرات الشفقة من الآخرين .. وليس أسوأ منها إلا كلمات المواساة التي تخلو من أي دفء ..
عندما غادرت عرفت أنها المرة الأخيرة التي أراها فيها .. لن أضطر لأن أبحث عنها بعد اليوم .. فهذه المرة الأخيرة أيضا التي سوف أعرف فيها الإنترنت .. دمعة واحدة فقط هي التي سالت على خدي .. ولكن لم تكد تمضي دقيقة حتى أصبح وجهي مبللا من الدموع ..
بحثت عن قلمي ودفتر المذكرات الذي سأقتله في أول عمره .. لأخط أخر حروفه .. يا إلـهي لماذا الدموع ساخنة دائما ؟؟
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
أعود لهذا الدفتر بعد انقطاع دام سنتين عنه .. أنا الآن متزوج من ابنة خالتي .. لم يكن يخطر في بالي أني سأتزوج يوما .. ليس هذا فحسب .. بل إني سأجد من يحبني بسلبياتي التي ربما تفوق إيجابياتي .. أنا أيضا أحبها ..
أعود لهذا الدفتر هذا اليوم لأسجل شيئا غريبا حصل .. كنت أتصفح الإنترنت بعد أن عدت لها منذ فترة قريبة .. الفضول يقودني لأن أذهب لغرفة الدردشة التي شهدت منعطفا مهما من حياتي في وقت مضى .. لا أدري سر ذلك الإحساس الغريب الذي يدفعني لذلك .. وإن كنت أعرف أنني أريد أن أتأكد من وجودها فقط ..
لن أكذب وسأعترف أن قلبي خفق بشدة عندما رأيت اسمها .. تظاهرت بعدم المبالاة فلم أعرها أي انتباه .. فبالتأكيد هي قد مسحت اسمي من ذاكرتها تماما .. ولكن المفاجأة أنها كانت هي صاحبة المبادرة .. لقد رحبت بقدومي وهللت له بشكل مبالغ فيه حتى أنني شعرت بالغرور ممزوجا بالخجل .. لا أدري لماذا شعرت باللهفة في كلماتها .. تبا لقلبي فهو يحاول تفسير كل شيء بما يرضيه ..
ذهلت عندما عاتبتني عن اختفائي المفاجئ من الإنترنت وإهمالي لرسائلها الإلكترونية التي لم تتوقف عن إرسالها لي لتطمئن علي .. وأنها بحثت عني في غرف الدردشة ولكن دون جدوى .. ثم سألتني عن سر غيابي ؟؟
يا لهذه المواجع التي عادت .. هل أقول لها أن سبب غيابي يرجع إليها .. عندما شعرت بأن قلبي يطعن دون رحمة أو شفقة .. لكني أجبتها بكل تحدي لقد تزوجت .. نعم صحيح أني معاق ولكني تزوجت .. وقت طويل مضى وهي صامتة .. ثم استأذنت مني للخروج .. فلم أمانع ..
عدت أبحث عنها في اليوم التالي لكني لم أجدها .. و استمررت على هذه الحال الأيام التالية ولكنها لم تظهر أبدا .. بحثت عنها في غرف الدردشة ولكن دون جدوى ..
ومنذ ثلاثة أيام وأنا استيقظ في منتصف الليل وكأن شخصا ما يكتم أنفاسي .. استيقظ لأجد الدموع تبلل وجهي .. ولكن الغريب أني أجزم أن هذه الدموع ليست دموعي .. يا ترى لمن هي إذن .. عندما أعرف الجواب سأعود لهذا الدفتر البشع .. |