02/11/2010, 01:20 AM
|
زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 10/10/2008 المكان: فى قلب الهلال
مشاركات: 3,349
| |
كتاب ربي أم صادرات تايلند ؟!! أشكر لـ"سبق" وغيرها من المواقع و الصحف الإلكترونية فتحها الباب لأمثالي من عامة الناس الذين يرومون نقاش قضاياهم الأساسية كالتعليم , بعيدا عما يفعله بعض كتاب الصحف الرسمية المطبوعة طيلة الأسابيع الماضية من تركيز كتاباتهم على " شتم الدكتور يوسف الأحمد والتحريض ضده ـ أو تكرار اتهام المناهج الدينية بالتشدد ـ أو الاستهزاء بالأحكام الشرعية والنصوص القطعية وأحاديث الصحيح التي احتوتها كتبنا المدرسية " !!
كنت قد كتبت هنا في سبق نهاية العام الدراسي المنصرم رسالة إلى معالي الوزير ونائبته أطالبهم على الأقل بإيقاف مؤقت للعمل على ملف دمج البنين والبنات , والرياضة والكشافة للطالبات , وتركيز الجهد والعمل أولا على حل أزماتنا التعليمية الكبرى في المباني والمناهج وتأهيل المعلمين وغير ذلك ... وأشرت إلى متوسطة وثانوية البنات الأقرب لمنزلي كمثال عشوائي وتناولت ظروف التعليم فيها من " ازدحام الفصول إلى التدريس في المطابخ إلى التغيّب الكبير للمعلمات في إجازات الحمل والوضع ـ إلى غياب التهوية والتكييف والماء النقي ـ وعدم توفير المكتبة و المعامل .
والآن ومع العام الدراسي الجديد أحببت التطرق لآخر مستجدات تلك المدرسة ــ ومثلها وأسوأ منها آلاف المدارس ـ لعل وعسى أن يهتم مسؤولٌ ما فيعيد ترتيب الأوليات فننقذ ما يمكن إنقاذه !
ـ المديرة والوكيلة وأكثر من سبع من المعلمات يقضين إجازات مختلفة ولا ألومهن فلهن ظروفهن القاهرة , ولكن يذهلني ذلك النوم الوزاري والإخفاق في التخطيط والتنسيق والتعاقد لتوفير الإدارية أو المعلمة البديلة.
ـ صفوف الأول متوسط والأول ثانوي والثالث ثانوي "علمي" لا زالوا حتى اللحظة وبعد انتصاف الشهر الثاني دون معلمة رياضيات , فهل يعقل هذا ؟!
ـ صفوف الثالث متوسط والأول ثانوي أيضا بقين لنصف شهر دون معلمة للغة العربية !! فكيف لنا أن نفهم هذه الكارثة أو نبررها مع وجود عشرات الآلاف من الخريجات في كافة التخصصات يقبعن في منازلهن منتظرات لفرصة عمل ؟.
ـ بقية الأوضاع المتردية الأخرى والمتوارثة لأعوام لازالت على ما هي عليه إن لم تتفاقم أكثر !!
وأرغب هنا أيضا أن أدوّن بعض الملاحظات العامة حول تطوير المناهج وآلية العمل و التغيير فيها :
* الكتب المطورة زُجّ بها إلى مدارسنا زجا دون تدريب كاف للمعلمين عليها , وتهيئة المدارس لاستقبالها بتجهيز المختبرات والمعامل والوسائل الحديثة لمصادر التعلّم , لتفعيل البحث والتحليل والاستيعاب للمناهج العلمية منها وتحقيق الفائدة المرجوة من اعتمادها , وكم تؤلمني تلك الوقائع التي أعرفها ولاشك أنكم تعرفون الكثير منها حولكم عن حالة التوتر والقلق التي يثيرها الطلاب والطالبات وهم يعودون إلى منازلهم شاكين وربما باكين من أنهم لم يفهموا شيئا من درس الكيمياء أو الفيزياء أو الرياضيات وأن المعلم لم يشرح الفقرة أو المعلومات جيدا , أو أن المعلمة غير ملمّة بمادتها الجديدة فكيف ستدرّسها ؟ وهكذا تبدأ المرحلة المعروفة من البحث عن "الدروس الخصوصية" التي ترهق كاهل الأسر ويدير شبكاتها ويحصد دخلها المرتفع في الغالب "إخوتنا العرب" .
* حين تطلب طالبة الصف الأول من والدتها ألا تضع إفطارا أو "علبة ماء" في حقيبتها لأنها ثقيلة أصلا بالكتب ولن تقوى على حملها ! فلا ألوم تلك الأم وهي تذرف الدمع إشفاقا لحال تلك الصغيرة المسكينة التي ألجأتها الوزارة الرحيمة إلى التخلي عن طعامها لقاء الكتب المتزايدة كل عام ! فبعد أن وُعدنا بحل هذه المشكلة نتفاجأ هذا العام ب3كتب "لغتي" و2"رياضيات" و"2علوم" و"2فقه" و"2توحيد" وكتاب للتربية الأسرية وآخر للتربية الفنية هذا سوى ما يُفرض على الطالبة توفيره من المكتبة : مذكّرة مطبوعة ـ لغتي ـ وأخرى مصوّرة ودفتر كبير للإملاء !! .
* لا أعلم في مصلحة من هذه الكثافة الهائلة في المعلومات والمادة الضخمة في الكتب والتي يشحن الطالب بها ذهنه شحنا سطحيا سريعا حتى يتجاوز جسر الامتحانات ثم ينفضها نفضا كأن لم تكن ؟! إن السبب وراء خروج طلابنا من مراحلهم التعليمية دون أي رصيد علمي أو ثراء معرفي , لا يعود فقط إلى التلقين وطرق التدريس الفاشلة , بل يعود لذلك الحشو الممل والإغراق في التفاصيل الدقيقة والتي يؤدي ازدحامها في عقل الطالب إلى تشتيته وصرفه عن التركيز على أساسيات أهمّ كان من الأولى رسوخها لديه .
من الضروريّ أن يتعرف الطالب السعوديّ إلى جغرافية بلاده و بعض المعلومات الرئيسة العامة عن بعض دول العالم العربي والإسلامي ولكن لماذا يضطر ملايين المتعلمين لدينا جيلا بعد جيل لدراسة الثروة المعدنية والحيوانية في توجو أو المالديف ؟ وحفظ أعداد السكان والمساحات في تنزانيا أو المجر وبولندا؟!!
أدرك أهمية تعليم مادة الأحياء وبعض عموميات الكيمياء ولكن لماذا هذه الحسابات والمسائل المكثّفة والأرقام الدقيقة في الفيزياء عن القوى والتسارع والإزاحة , أو الكميات المتجهة والقياسية , والمقذوفات الرأسية والمنحنية ؟! من بين مئات آلاف الطالبات اللواتي أشغلناهن الأسابيع الطوال بتلك التعقيدات كم طالبة ستحتاج تلك المعادلات لاحقا في حياتها الأسرية أو الاجتماعية أو الوظيفية ؟! وكم عالمة فيزياء سوف نخرّج ؟!.
نفخر بمناهجنا الدينية ولكنها أيضا تحتاج لإعادة نظر حول الإسهاب في بعض الأحكام التفصيلية والتي يتلقاها الطالب لسنوات ثم نراه بعدها للأسف بعيدا عن تطبيقها بل جاهلا تماما بها ! فمثلا ما جدوى التعمق في أنصبة الإبل والبقر , وبنت مخاض وحُقّة وبنت لبون وجذعة وتبيعة ؟ وكم فتاة بين أجيال الدارسات ستمتلك مستقبلا قطعان الإبل والبقر؟!
ختاما : كتاب ربي فلاح دنيانا وأُخرانا , والقرآن أصبح حصة أسبوعيا في المدارس السعودية ! تحدثني اليوم إحدى طالبات الثانوية أنهن لم يتلقين من بداية العام إلا حصة واحدة بسبب فوضى الجداول وتهميش كتاب الله , فيا معالي الوزير ألا يكفينا هجران القرآن في المنازل , وما جدّ حول حلقات التحفيظ في المساجد ؟.
أليس القرآن العظيم أكرم وأوجب وأنفع من تدريس صادرات تايلند وسهول سيبيريا !. |