الموضوع ثقيلاً نوعا ما .. لا كما اعتاده القراء
لـ تفاوت المصطلحات .. ولطول العبارات
ولأنه قد لا يكون مجرد مقال .. بل هو بحث قصير وقليل
يبين كل هذا الاختلاف .. وأساسه, وكيف خرج !! ولماذا خرج !!
فهو ليس اختلافاً فطرياً فقهياً منطقياً لنرضى عنه
بل هو اختلاف قد يغير المعاني ويبدلها .. بسبب سوء التعامل مع المصطلح
فـ جهل المصطلحات يصور الخطأ حقيقة .. فـ يقيم اختلافاً لا حقيقة له
وكل هذا يحدث خلف مصطلح واحد .. وكلمة واحدة .. بل قد يكون حرفاً واحداً
فـ الأول فهم المصطلح فهماً صحيحاً .. والآخر تأوله بجهله فكان خطأً عظيماً
فـ من هنا خرج محلل الغناء .. ومنكر تحريم الاختلاط .. ومحرر المرأة من الجلباب
فـ كانت أول أدلتهم .. دليل على جهلهم في المصطلحات
بل إن أول (مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ )..( وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ )
هم قوم ( يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ )..[ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ] ما يقولون
هم الخوارج .. الذين خرجوا على علي بن أبي طالب .. لـ مصطلحات لم يعقلوها
وبسبب خلل في مصطلحات .. قاموا ( يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ )!!
لذا عندما ذهب ابن عباس لمناظرتهم .. كان أول نقاشه لهم عن المصطلحات
" فقال لهم : هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول الله وابن عمه علي ختنه وأول من آمن به
قالوا : أنه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله تعالى [ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ ]
- يقصدون التحكيم بعد موقعة صفين لـ إيقاف الحرب بين علي ومعاوية -
فقال ابن عباس لهم أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله وحدثتكم من سنة نبيه
ما يرد قولكم هذا ترجعون ؟ .. قالوا اللهم نعم
فقال : أما قولكم إنه حكم الرجال في دين الله فأنا أقرأ عليكم
أن قد صير الله حكمه إلى الرجال في أرنب ثمنها ربع درهم
قال تعالى [لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدا
فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ ]
وقال في المرأة وزوجها [ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا ]
أنشدكم الله أحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم
وإصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب ثمنها ربع درهم ؟
فقالوا اللهم بل في حقن دمائهم وإصلاح ذات بينهم "
فـ فهموا معنى الحكم لله بطريقة خاطئة .. وبسببها حصلت معارك طاحنة !!
والمسألة لم تتوقف هنا .. فقد تكون أبعد من هذه
وإن كانت نتيجتها أقل من الأخطاء الماضية
وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم يتضح المثال
(مَن قرأ حرفاً مِن كتاب الله فله به حسنة.. والحسنة بعشر أمثالها
لا أقول [ الم] حرف .. ولكن ألِف حرف .. ولامٌ حرف .. وميمٌ حرف )
فـ متى بدأنا بـ قراءة سورة البقرة أو آل عمران
سنبدأ بـ ألم .. فالحروف هنا هي : ألف ولام وميم
ولكن هل الحرف صوتياً هو ذات الحرف المصطلح عندنا
أو أن المراد بالحرف هنا هو الكلمة فـ " الألف " كلمة كتابتاً كـ الكلمة في مصطلحنا
والألف واللام والميم .. تصبح ثلاث كلمات .. ويصبح المراد بالحرف في الحديث هو الكلمة
أي : لو قرأنا [ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ]
فالكلمة الأولى هنا نطقت بـ ثلاثة أحرف .. أم الكلمة في أول سورة البقرة فنطقت بـ ثلاث كلمات
وسيكون الكلام صوتياً مختلفاً .. بين الآية في سورة البقرة والآية في سورة السجدة
فالمقصود في الحديث من الحرف هو الكلمة
ولا يعني أن معنى " الحرف " في كل الأحوال هو " الكلمة "
بل قد يكون معنى الحرف هو أحد الحروف الهجائية كما هو معتاد
وقد يكون معناهـ أحد القراءات واللغات كما في قوله (إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف )
وقد أتى بمعنى حرف وكلمة وجملة ولغة .. فالمسألة واسعة
ولكن الأزمة في هذا المصطلح .. في أننا ننزل معنى المصطلح على معنى واحد فقط
والأرقام أيضاً جزء من المصطلحات التي تفاوت الناس في إدراكها فـ في أكثر لغات العالم نجد أنه لا يوجد هناك إلا مفرد وجمع
بـاستثناء اللغة العربية والتي تتكون من مفرد ومثنى وجمع
وكما هو معلوم أن بعض النحويين قسم الأرقام
فالرقم (1) تستخدم لـ مفرد
والرقم (2) يستخدم لـ مثنى
والرقم (3) يستخدم لـ جمع
ولـ تتضح المسألة أكثر نضرب مثلا باللغة الانجليزية
فـ اللغة الأكثر انتشاراَ حول العالم نجد الأرقام مقسمة على
الرقم (1) لـ المفرد
والرقم (2) لـ الجمع
ولا يوجد مثنى .. فـ حرف ( S ) يضاف بداية من أقل الجمع وهو (2)
ولكن اللغة العربية مختلفة قليلاً
فـ هل فعلاً أن أقل الجمع ثلاثة .. أم أنه مجرد نظريات لـ بعض النحويين
توارثها الناس .. ومضت في كل الأمصار
فـ قواعد النحو أخذت من القرآن والسنة وقصائد العرب
والغريب أن النحو يخالف القرآن والسنة في هذه المسألة !!
فـ القرآن يبين أن الجمع يبدأ من اثنين وصاعداً
فـ [هَـذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ ].. [ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ]
وقد جاء ضمير الجمع .. بعد أن بين أنهم اثنان
وخاطب الله موسى وهارون .. وأطلق الجمع
فـ [ قَالَ كَلاَّ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ] .. ولم يقل إني معكما
مما يدل أن الجمع من اثنان .. أن الجماعة في الصلاة تبدأ من اثنان
وفي فرائض الميراث من اثنان [ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُس ]
فـ الـ [ إِخْوَةٌ ] يقصد به اثنان كما هو معلوم عند الفرضيين
وقد لاحظ ابن عباس هذه المسألة فناقش أمير المؤمنين عثمان بن عفان
" فقال ابن عباس : حجبت الأم بالاثنين من الإخوة
وإنما قال الله [ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ]
وليس الأخوان بأخوة في لسانك .. ولا في لسان قومك ؟!
فقال عثمان : لا أنقض أمراً كان قبلي .. وتوارثه الناس .. ومضى في الأمصار"
فابن عباس أراد إرجاع المسألة إلى النحو .. وعثمان أبقاها على ما أجمع عليه الصحابة
وقد نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ضعيف
( الإثنان فما فوقهما جماعة )
المقصد من كل هذا
أن العُرف والعادة في هذه الاصطلاحات لم تكن يوماً من الأيام دليلاً لبيان المعاني الشرعية
فـ لا يصح أن نحمل الألفاظ الشرعية .. على المعاني الاصطلاحية المتأخرة دون دليل وبيِّنة
وكثيراً ما يكون التوافق في الألفاظ فقط .. دون حقائق المسميات والمعاني
فـ لا نستعجل في الأحكام .. ونحن نجهل المصطلحات
![[ أزمة مصطلحات ]](iconimages/t942121_rtl.gif)
[ أزمة مصطلحات ] 
الوضع العادي
