شهداء الله في الأرض!
إنْ تكن قد فعلت خيراً ولم تُحضر من أجله صحيفة لتنشر فعلك أمام الخلق، أو قناة تلفزيونية لتعبر بفعلك الآفاق، أو تلتقط من أجله صورة لترسخ أمام الناس أنك مُحْسن، فأنت مهيأ لأن يشهد لك الناس بالخير عند الله في الأرض!
إنْ تكن قد أخلصت في عملك، وابتغيت به وجه الله، وكنت حريصاً على أن يجد كل معنيّ بخدمتك بغيته، فأنت مهيأ لأن يشهد لك الناس الطيبون عند الله في الأرض!
إنْ تكن صاحب قلب كبير، وصدر واسع، واحتملت أذى الناس، وكنت مبتغياً وجه الله وأنت القادر أن تفعل.. وتنتقم.. وتبطش، فأنت مهيأ لأن تكون أحد الظافرين بشهادة الناس لك عند الله في الأرض!
إن تكن أنت صاحب الجاه، وصاحب السطوة، وصاحب الرأي، وصاحب القول الفصل في أمور تقف من أجلها مصالح، وتتعطل معها مصائر، وتتعالى بها همم، وتسقط بدونها رقاب وأرزاق، وتتبدل معها أحوال وآجال وحيوات وكنت فيها صاحب نظرة عادلة، وفعل حسن، وتوجيه ينشد الخير، فأنت مهيأ لأن تكون أحد المشهود لهم بالخير في الأرض!
إنْ تكن الضعيف.. المسكين.. الصابر.. المحتاج.. المتعفف، ولم يلتفت إليك صاحب رأي، أو كاتب مقال، أو عدسة مصور، أو كاميرا مراسل، ولم تُذكر على منبر خطيب جمعة، أو لم يدخل اسمك في قائمة جمعية خيرية، أو لم يرد في كشف محسن وزع زكاته دون أن يبحث لها عن محتاج مثلك، فأنت مهيأ أن تكون أحد المحظوظين بشهادة الناس لك عند الله في الأرض!
إنْ تكن مُعلِّما تحتمل أذى طلابك، وضغوط مجتمعك، وقسوة الحياة عليك ولم تجد من يربت على كتفك، ويهدئ من روعك بكلمة حسنة، أو تقديراً يُنسيك مرارة الجهد أو راتباً يكفيك مذلة السؤال فأنت مرشح أن تكون أحد المشهود لهم عند الله بالخير في الأرض!
إنْ تكن أحد المنتظرين ولم ترد ضمن قائمة المشمولين بالذكر في مقالتي هذه فأنت مرشح لأن تكون أحد المشهود لهم بالذكر الطيب في الأرض شريطة ألا تعتب على كاتب المقال إذا نسي أن يوردك قائمته هذه!
ولكن.. وآه من لكن هذه! عليك أن تجتهد في البحث عن إجابة مقنعة ومُرضية لك وللآخرين عن السؤال المفاجئ: كم عدد المتوقع أن يشهد لهم الناس الطيبون بالخير عندنا؟!