المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 09/12/2002, 05:33 PM
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
اخترت لكـــــــ منوع ــــــــم

جميع المواضيع منقوله من منتديات ومواقع أخرى
احببت نقلها لكم للفائدة
=============
أبو بكر الصديق
هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد القرشي التميمي، كنيته أبو بكر، وكنية أبيه أبو قحافة، كان يتاجر في الثياب، وكان مؤلفا يحبه الناس لحسن خلقه، ويحبون حديثه لعلم بالأنساب. وكان اسمه عبد الكعبة، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وهو أول من أسلم من الرجال. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت عتيق الله من النار" فسمى عتيقا وصدق النبي صلى الله عليه وسلم يوم الإسراء والمعراج فسمي الصديق ولم يتخلف عن مشهد واحد من المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وثبت يوم أحد ويوم حنين حين فر الناس، أسلم على يده عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وطلحة وغيرهم، وأعتق سبعة كانوا يعذبون، منهم بلال وعامر بن فهيرة، وأبو بكر خير الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم. كان رجلا كريما تصدق بماله كله لله، وهو رفيق النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام وبعده، وهو أيضا رفيقه في هجرته، وخليفته من بعده، وهو الذي ثبت يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر المسلمين بأن موته حق، خاض في خلافته حروبا طاحنة ضد المرتدين لردهم إلى الإسلام. ولد بعد النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين وأشهر، وتوفي بعده بسنتين وثلاثة أشهر في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة، واستخلف من بعده عمر بن الخطاب على المسلمين. وفي فضله رضي الله عنه وردت أحاديث كثيرة لا تحصى.
=============
لقاء الشيخ سلمان العودة مع''عكاظ''1/2)
اللوبي الصهيوني يمارس مكارثية جديدة ضد الجمعيات الخيرية
دعا الشيخ سلمان بن فهد العودة .. الداعية الاسلامي المعروف الى تكثيف المقرر الشرعي وتحويله من متن مختصر الى تقرير موسع يحول دون نقص الفهم واكد على ولاء المسلم لدينه وتاريخه وأمته وبلاده .. وان يربى على التفكير الصحيح وسلامة التصور .. واشار في حوار اجرته معه (عكاظ) الى ان الجمعيات الاسلامية هي احدى الواجهات الانسانية المشرقة التي يتفيأ ظلالها مئات وآلاف من الجياع والفقراء والمعوزين ..كما وضح الخلط الحاصل في مفهوم التطرف في الاسلام .. وفيما يلي تفاصيل الحوار:


ينادي اعداء الاسلام بتغيير المناهج التعليمية, بحجة انها تفرخ الارهاب .. ما تعليقكم?

* لمناهج التعليم اثرهائل في صياغة الجيل, واي خلل فيها يظهر في الطلاب الذين هم نتاج تلك المناهج.
وتطوير المناهج التعليمية هي قضية سيادة يحتكم فيها الى المصالح العليا للأمة, ويبت فيها من ائتمنتهم الامة على عقولها, وثقافتها, وتراثها.
ولذا : فإن دخول العامل الخارجي على الخط ليس عاملاً ايجابياً بأي حال, بل هو عامل هدم واحباط.
وانني ادعو الى : تغيير المناهج الدراسية, وذلك بتكثيف المقرر الشرعي, وتحويله من متن مختصر, الى تقرير موسع يحول دون نقص الفهم, ويؤكد على ولاء المسلم لدينه وتاريخه وامته وبلاده, ويعمق الخصوصية الاسلامية لدى الاجيال, ويربي على نضج التفكير وسلامة التصور.
كما ادعو الى : غرس روح الايمان الصادق في المقررات العلمية, لتحاشي الازدواجية في التعليم, وبناء العقيدة الصادقة المنبعثة من داخل النفس, والمنسجمة مع الكون والحياة.
الشيء المدهش ان الاسماء التي يتم تداولها اعلامياً, ليس لها علاقة بالتعليم الشرعي .. فهل سيطالب هؤلاء بإغلاق الجامعات المدنية, ومنع تدريس الطب او الهندسة, ام سيدركون ان التعليم الشرعي السليم هو اهم ضمانة لحماية الاجيال من الاندفاع وراء نوازع النفس, وتحقيق الوسطية والاعتدال وضبط المسار وفق نظام الشريعة ?!!
وراء نوازع النفس, وتحقيق الوسطية والاعتدال ضبط المسار وفق نظام الشريعة?!! ان الغضب العربي والاسلامي على امريكا, ليس منطلقه التعليم الديني, والا فلماذا لم يكن هذا الغضب موجهاً ضد الصين او اليابان - مثلاً - مع انها بلاد وثنية, والمسلم يتعلم ان اهل الكتاب اقرب اليه من الوثنيين?!!ولكن منطلقه نفاد الصبر من الانحياز الامريكي لصالح اليهود, وضد قضايا العرب والمسلمين, وغمس امريكا يدها في البلدان الاسلامية بأسلوب متغطرس لايراعي مشاعر الشعوب, ولا يقيم لها وزنا, وها نحن نتربص بالهجمة الامريكية على العراق من جديد.
مكارثية الولايات المتحدة

هناك هجمة شرسة على الجمعيات الخيرية بالحجة ذاتها?

* ما دامت الولايات المتحدة جعلت نفسها القاضي, والشاهد والجلاد في الوقت ذاته, فكل شيء ممكن.
وما دام العالم الاسلامي بهذه الحالة من التشرذم والشتات, والانهماك في الصراعات الداخلية, فلن يكون لديه القوة على المقاومة. ولقد شهد تاريخ الولايات المتحدة ما كان يعرف بالمكارثية وهو مصطلح يتعلق بتوجيه التهم على نطاق واسع, والتي شملت الادارة الامريكية نفسها, وشملت الجيش ذاته بتهم تتعلق بمناصرة الشيوعية في وقت الحرب الباردة. ومع افول نجم الاتحاد السوفيتي, والتحدي الشيوعي يبدو ان العملية ذاتها صارت تدار ضد كل ما هو اسلامي وعربي, والاعلام مسؤول الى حد كبير عن نشر التهم, وترويجها دون ادلة او وثائق, وفي فترة المكارثية الاولى وضعت لوائح سوداء لاشخاص وهيئات, وها نحن نشهد اليوم الأمر ذاته فيما يتعلق بالعرب والمسلمين.
واذا كانت المكارثة الآن عاراً يستحي منه الامريكيون, فإنهم يمارسونها بطريقة مشابهة .. والله وحده يعلم الى متى يتوجب علينا الانتظار, لتصبح المكارثية الجديدة, عاراً آخر يلحق بالتاريخ الامريكي ?!! وهل ثمت استعداد لمراجعة الجمعيات المنطلقة من الغرب نفسه تحت هذا الشعار!!
ان الجمعيات الاسلامية هي احدى الواجهات الانسانية المشرقة التي يتفيأ ظلالها مئات الآلاف من الجياع, والفقراء, والمتعلمين, والمعوزين, واذا كان الكثير من الجمعيات الغربية معزولة بأنانيتها وعنصريتها عن التجاوب الصادق والبريء مع هؤلاء .. فهل وصل الحال الى حد حرمان هؤلاء من اليد الحانية التي تواصلهم بالغذاء والكساء والدواء والكتاب ?!! وبات من الصعب ان نستوعب اعتراف الغرب بالاسلام كدين يحكم شعوباً اختارته, وصناعة التصنيف التي يتكلم عنها حتى في المشاريع الخيرية ذات الدور الانساني الضروري.
ان اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة يمارس ضد هذه الجمعيات, وضد الوجود العربي والاسلامي مكارثية جديدة, ومع الأسف فقد صارت الادارة الامريكية واجهزتها الأمنية والعسكرية سنداً ودعماً لهذا التحيز السافر, والعدوان المقيت.
امريكا تقيد الحرية المدنية

بعد احداث (11) سبتمبر, مارس الغرب ابشع صور التعذيب والسجن للعرب والمسلمين !! بماذا تفسرون ذلك?

* الغرب - وتحديداً الولايات المتحدة - يمارس ما يظنه دفاعاً عن الأمن القومي, من خلال الاعتداء على الأمن المدني.
واذا كانت الحرية هي اغلى قيمة يتغني بها الامريكيون, فإن ضرورات الأمن المزعومة صادرت هذه الحرية, وسجن آلاف الأبرياء بغير تهمة, ورحل الآلاف بغير سبب, ومارست اجهزة الأمن في المطارات وغيرها عنصرية مكشوفة.
لقد كان يقال عن الولايات المتحدة: انها بلد الحرية, ووصفها جون كندي بأنها : (امة من المهاجرين), ومعظم الابداعات والانجازات قام بها اجانب, ولهذا اتخذت الادارة الامريكية ذاتها عدداً من الوسائل لاستقطابهم, ومن ذلك السحب العشوائي الذي تقوم به وزارة الخارجية, وتمنح بموجبه راغبي الاقامة ما يسمى بـ(البطاقة الخضراء).
وهنا نحن نرى تحولاً خطيراً يصبح بموجبه هؤلاء الاجانب في موضع الشك, ولا يأمنون على انفسهم او ممتلكاتهم, ويتعرضون للاعتداء والقتل احياناً.
وانتقل الأمر من مجرد الممارسات الخاصة, او الخاطئة, او الاستثنائية, ليحظى بدعم الجهات التشريعية, حيث اقر مجلس النواب جملة قوانين تعطي السلطات الفدرالية امكانيات واسعة للمراقبة والقمع, وخففت القيود على التنصت الهاتفي, والتوقيف الاحتياطي للاجانب, وهكذا تطورت الامور ليكون تحقيق الامن قائماً على حساب الحريات المدنية ..
ولقد قال جون كندي: ان الأمة التي تقدم امنها على حريتها لا تستحق البقاء.
الفضائيات والانترنت

مع تقدم العلم ووجود الفضائيات, وشبكة المعلومات الانترنت هل ترون ان الشريط الاسلامي, والكتاب انقرض دورهما من الساحة ام انهما لا زالا يؤديان رسالتيهما?

* من المؤكد ان الوسائل لها حكم الغايات كما يقول الاصوليون, ومن هذا المبدأ يصبح اعتماد اي وسيلة جديدة محتماً اذا كانت فاعلة ومفيدة, ما لم تكن محرمة في ذاتها.
وقد يتفاوت تأثير وسيلة عن غيرها بين وقت وآخر, لكن هذا لا يعني العزوف عن القديم, ان الكتاب من اقدم وسائل الدعوة والتعليم, وهو يظل اليوم حاضراً على رغم المزاحمة والمنافسة القوية من الاذاعة, ومن التلفزيون, ومن الانترنت, ومن الصحافة, وتشهد بهذا معارض الكتب التي تقام في عواصم الدول الاسلامية.
ان دخول عنصر جديد في الميدان لا تستلزم اقصاء غيره, فإن الواقع المشهود ان للشريط الاسلامي دوره الفاعل, ويكفي ان المادة الواحدة ينسخ منها الآن ملايين الاشرطة, ويستفيد منها الانسان في السيارة والمنزل وغيرهما, وينتفع منها القارئ وغير القارئ.
ولعل من المفيد ان يكون ثمت تنافس شريف يحدو الى الابداع والتجديد والتطوير, لأن ركود الوسيلة يقلل من ثمرتها وفاعليتها, وتقديمها للمتلقي بأسهل الطرق وابخس الاثمان.
التطرف بين الاسلام والعلمانية

يكثر في و سائل الاعلام طرح مصطلح (التطرف) فما مدى صحة هذا المصطلح, وما رأيكم في مدلوله?

* ربما كانت كلمة (التطرف) من اكثر الالفاظ الحاحا على السن الكتبة والاعلاميين والساسة في هذا الوقت, وهي كلمة مولدة غير اصيلة, ويفترض انها تعني عند من يطلقها: وقوف الانسان في طرف بعيد عن مركز الوسط.
والتطرف في الاطارالاسلامي: هو تعبير عن فهم منحرف, او تطبيق منحرف للتعليمات الشرعية, وان كان قد يتكئ على حجج شرعية مفترضة, او ينطلق من غيرة دينية, كما في اول واقسى نموذج في التاريخ الاسلامي, وهو نموذج الخوارج, الذين لم يقنعوا بمستوى فهم وتطبيق الصحابة حتى انشقوا عن نسيج الامة, ووجهوا سهامهم الى نحورها, بل كان اصلهم يمت الى صاحب النفس المريضة الذي اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم في عدله, وخاطبه قائلاً: اعدل يا محمد ! فكانت تلك نواة الشريحة التي تصطفى نفسها, وتستشعر صدقها وطهارتها واخلاصها, وتزن الآخرين بالجور او الحيدة عن الصراط السوي.
لكن من الخطأ ان يتم تقديم هذا الانموذج دائماً على انه صورة التطرف, حتى تقع في نفوس الكثيرين ان التطرف بضاعة اسلامية, بينما يتم التغافل والتجاهل للتطرف اليهودي, والذي تمثله احزاب وجماعات رسمية وكبيرة تتبجح بغلوها, ولا تستحي من الجهر بمطالباتها الصارمة ازاء خصومها, دع عنك الغلو المرسم المبرمج الذي اصبح جزءاً من السياسة اليهودية, وغدا قاسماً مشتركاً لدى جميع الاطراف.
ومثله التطرف المسيحي الممثل في الجماعات والمنظمات الكثيرة في الولايات المتحدة, والتي تجاوز عددها المائة, ويقدر اتباعها بعشرات الملايين.
ولقد كانت الاحداث الاخيرة فرصة لهؤلاء ليكشفوا مكنوناتهم ضد الاسلام والمسلمين, وكان منهم من يطالب بسحق كل ما هو اسلامي, ومنهم من يطالب بتدمير مقدسات المسلمين, وتعالت اصوات رسمية تتهم الاسلام ذاته, وتعتبره ديناً سيئا وشريراً!
والتوجه الرسمي الآن الذي يقيم للمسلمين والعرب ديكتاتورية خاصة داخل الولايات المتحدة الامريكية, ويستثنيهم من النظام العام, ويبخل عليهم بالحقوق التي يتملكها كل من سواهم ... هذا التوجه هو نفسه ضرب من التطرف المقيت, كما ان اسراف الحلفاء في غطرسة القوة, وتجاهلهم لابسط حقوق الانسانية, وعدوانهم على شعب افغانستان, واستهانتهم بالدماء وحقوق الانسان لهو صورة صارخة من التطرف البغيض, لكنه تطرف القوي الباطش الذي لا يحتاج الى برهان على ما يفعل.
ان التطرف يتمثل في مفهوم الفكرة اياً كان منطلقها وليس بالضرورة ان يكون نتاج رؤية دينية بل حتى نماذج الفكر المعاصر والمفاهيم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الغرب فيها قدر كبير من التطرف.
وهناك التطرف العلماني في العالم الاسلامي الذي يصر على نقل التجربة الغربية, بل على استنساخ المجتمعات الغربية في ديار الاسلام, ويزيد على ذلك اقتباس الجانب الدموي المتعسف من التجربة الشيوعية لملاحقة المتدينين ومحاصرتهم, اعلامياً ووظيفياً واجتماعياً وسياسياً.
ان دائرة ردود الافعال لا تنتهي, والتطرف يولد التطرف, ولعل افضل بيئة لتشجيع الفكر المنحرف هي البيئة التي تحرم الناس من حقوقهم الفطرية والشرعية, وتصادرهم, وتحرمهم من فرصة الهدوء النفسي, والاستقرار العاطفي, وتمتحنهم في انفسهم واديانهم واهليهم واموالهم.
ان التطرف الذي هو : (تجاوز عدل الشرائع السماوية والفطر الآدمية) هو ازمة بحق, وتاريخ الحضارات كلها يكشف عن نماذج كثيرة لهذا التطرف, وتعد رسالة الاسلام الانموذج الاول والامثل لمعالجة هذا الانحراف, لكن مع هذا كله, فلسنا هنا بصدد ان نعيش ردود افعال, ونتبادل مع الغرب والعالم الاوصاف. ان هذه معركة ربما تكون غير ملحة, وقد لا تصنع شيئاً لصالحنا,لكن المهم ان ندرك اهمية بناء الوعي في افراد الامة, لنعرف مواقع التطرف الخارجة عن الاطار الاسلامي, ولعل من حسن الفهم هنا ان ندرك ان الغرب يمارس صناعة التطرف, ويصدرها, وقد تكون بعض الاطراف مستهلكاً لشيء من هذا, لكن لا بد ان ندرك ان الازمة ليست في التطرف يوم يكون حالة تعرض لدى بعض الفئات, لكن يصبح الامن العالمي مهدداً حقيقة, حينما يكون التطرف قانونا له شرعيته, كما ترسم ذلك دوائر سياسية ومؤسسات متنفذة في الاوساط الغربية قد تجاوز تأثيرها الى دوائر شتى, ولعل الانموذج اليهودي هو المرشح عالمياً لهذا, لواعطيت الشعوب حرية الموقف والتعبير.
اننا هنا امام ضرورة توسع مسحة التفكير,والا نسمح للغرب ان يرسم مفهوم التطرف, وان نعي التطرف يتجاوز دائرة القانونية ليتحول الى رسالة حضارية تطالب عقول في العالم كله وليس في الغرب او الشرق ان تستوعبه كحضارة راقية, وهذه معادلة جادة لصناعة الصراع والتوتر في العالم وتقنين مشاريع الارهاب المتبادلة بين الاطراف.
هنا ندرك ان الغرب يعيش ازمة, وان كنا نعيش شيئاً منها, فيجب ان نكون مستعدين لتجاوز مشكلتنا.
وتجاوزها يتم عبر الحفاوة بالاعتدال وترسيمه, واشاعة المفاهيم الشرعية الصحيحة التي تنهي حالة الاضطراب والتناقض.
الشيخ سلمان العودة لـ''عكاظ'': "2/2":
الحرية التعبيرية التي عرضها أولياء الاسلام ليست ضد السلم الاجتماعي
أكد الشيخ سلمان بن فهد العودة في الجزء الثاني من حواره مع (عكاظ) انه علينا ان نشعر بالانتماء لهذه الأمة, بشموليتها واتساعها موضحاً ان الانشغال بالأمة يحدث انصهاراً وتوافقاً مع همومها ومشكلاتها وتطلعاتها ويمنع من الانخزال والاعتزال عنها واضاف فضيلته انه من الضرورة بمكان ان تكون آلية المعالجة ولغة الخطاب منسجمة مع الموضوع المطروح ومع الشريحة المستهدفة, وأوضح الشيخ العودة ان المكاسب التي تزخر بها بلاد الاسلام توجب على الدعاه طرح اسلوب المشاركة المتميزة في الواقع العملي مشيراً الى ان الخلاف الفقهي والاجتهادي المبنى على النظر والتأمل في الأدلة والوقائع نتيجة طبيعية لتفاوت انظار المجتهدين وسعة مداركهم واضاف : وفي تقديري ان المسائل المهمة والكبيرة يجب الا ينظر فيها الى اي قول بقطع النظر عن قائله بل يفترض ان يخوض فيها اولو الخبرة والبصيرة,وربما اكثر من ذلك انها تحتاج الى اجتهاد جماعي مُرسم يشارك فيه اهل العلم والتحصيل واهل الرعاية والعناية بأحوال الامة ممن لهم فضل وسابقة.

ما هي العوامل التي تسهم في تشكيل اهتمامات الداعية وصياغة تفكيره?

* ثمة عوامل تسهم في تشكيل اهتماماتنا وترتيب اولوياتنا سواء كنا افراداً او جماعات, او حتى دولاً وأمما.
ومن اهم هذه العوامل الماثلة في الوقت الحاضر:
أ- حجم المتغيرات الدولية, والمتغيرات الاقليمية والمحلية الناجمة عنها,والتحديات التي تفرزها على كافة الصعد.
ب- مدى النضج في التجربة العلمية والعملية واكتمالها.
ج- مدى الشعور بالمسؤولية - عمقاً واتساعاً - تجاه ما تقوله او تعمله وتأثيره ومداه, وطريقة تلقيه.
د- قدر المصداقية مع الله, ومع النفس, ومع الناس, والقدرة على التجريد والشفافية, ولو الى حد ما.
وكل هذه العوامل تؤثر في اي تصور اوتعديل او تصحيح يقوم به فرد او جماعة او مؤسسة او دولة.
ان الهزيمة النفسية الناتجة عن جلد الذات المجرد, او عن الرؤية السوداوية - لا تنتج عملاً مثمراً للأمة, بل تمكن للمنكر من الرواج والاستقرار دون عناء.
ولا بد من تفهم فرص التغيير الممكنة في ظل حالة دولية تضع هامشاً ضيقاً للرفض المحض, وهامشاً اوسع للمشاركة والتصحيح.
وهكذا يتعين استثمار المؤسسات القائمة للاصلاح والدعوة والتواصل مع جمهور الأمة الذي له الحق الكثير علينا.
كما يتعين ان نشعر بالانتماء لهذه الأمة بشموليتها واتساعها, وان تكون ارضها الواسعة الممتدة, وانسانها المتنوع ميدان حركتنا وتصحيحنا, يستوي في ذلك ملامسة المعاناة المريرة في مناطق الالتهاب كفلسطين والشيشان وكشمير وغيرها, او التجاوب مع طموحات مثقفيها وعلمائها ودعاتها للنهوض بعلومها وعقولها, او تحقيق القدر الضروري من العلم الشرعي الذي يثمر صفاء العقيدة وصلاح العمل واستقامة السلوك, او الدأب في توفير متطلبات العيش الكريم, فإن المشغول بضرورياته المادية معذور, وغير قادر على حمل الهم الكبير.
وهذا الانشغال بالأمة يحدث انصهاراً وتوافقاً مع همومها ومشكلاتها وتطلعاتها,ويمنع من الانخزال والاعتزال عنها, وان الاحساس بالموقع, وبالمرحلة التاريخية, وتنوع من التحديات الدولية والمحلية تملي علينا قائمة متجددة من الالحاح والعناية بالقضايا والموضوعات والمحاور والبرامج, لا يفترض ان تكون متطابقة في كل وقت, بل يتم تحديثها ومراجعتها كلما دعت الحاجة.
ومن الضرورة بمكان ان تكون آلية المعالجة ولغة الخطاب منسجمة مع الموضوع المطروح, ومع الشريحة المستهدفة.
فان الخطيب - مثلاً - يختار الموضوع الملائم للحال والمقام, ثم يختار الزاوية التي سيطرقه من خلالها, ثم يختار الأسلوب المناسب, فمن مسألة علمية هادئة, الى وعظ مؤثر, الى تحذير مندفع, الى مزيج من هذا وذاك.
ولا يفترض ان يكرر الخطيب نفسه ان كان مبدعا متجددا بل يعمد الى التنويع المحبب الذي هو قاعدة كونية وسنة شرعية, والمؤكد ان نوع الاهتمام الذي يمنحه الانسان لقضية قد يزيد وينقص ويؤثر هذا في معالجته للقضية سلبا وايجابا.
وكلما تعددت الموضوعات وتنوعت توزع الاهتمام بينها والطاقة تظل محدودة وقد يحملنا الخوف على الاحجام عن اكتساب طرق او سائل جديدة للدعوة والخوف دافع فطري غريزي لكنه لابد ان يمزج بغيره ويرشد حتى يعتدل وينضبط.
وقديما قال عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- يجد للناس من الاقضية بقدر ما يجد لهم من الفجور.
واذا كان الاجتهاد الصحيح المنضبط الذي لم يتردد فيجمد ولم يندفع فينفلت هو من اهم الثوابت الشرعية, فهو -ايضا- اساس المتغيرات.
وكان جديرا ان يتحقق شيء من المبادأة الاسلامية التي تكسر الروتين المعتاد بالتفوق العلماني الذي يقدم نفسه وكأنه نصير حرية التعبير, وحرية الفكر وحرية الابداع.
وان مشاركة اولياء الاسلام وتسارعهم في عرض التصور الامثل للحرية التعبيرية المنضبطة بضوابط الشرع البعيدة عن العدوان على النفس او على الآخرين.. لا يعني المنضبطة بضوابط الشرع البعيدة عن العدوان على النفس او على الآخرين.. لا يعني بحال انهم يجب ان يكونوا ضد السلم الاجتماعي الذي لا بقاء للامة ولا للدعوة الا به, وهكذا طرح شعار (الكلمة الحرة ضمان...) وهذا لا يعني بحال تجاهل الانضباط الشرعي الذي يوفر استقرارا للدعوة وقبله للامة.
كما ان ثمة خطين احمرين كنا ولا زلنا نعتقد بوجوب الحذر منهما في هذا السياق:
اولهما: الغلو في الدين, فانما اهلك الناس الغلو في الدين, وفتنة الغلو هي اول فتنة حدثت في الاسلام وترتب عليها شرخ هائل في كيان الامة, واستحلال بعضهم دماء بعض واموالهم.
الدعوة والاصلاح في ظل ظروف واوضاع تجعل هذا الخيار الغاء للفرص الضخمة الممكنة وحرمانا من المشاركة في مؤسسات الامة القائمة وامكانياتها الهائلة للتواصل والتغيير والتأثير.
ان المكاسب التي تزخر بها بلاد الاسلام توجب على الدعاة طرح اسلوب المشاركة المتميزة في الواقع العملي, فهو المحك والميدان الحقيقي لاختبار القدرة على الاصلاح اذ الشعار المجرد لا يكفي, وقد يرفع احيانا لمجرد التحدي واثبات عجز الآخرين.

يقف كثير من الشباب في حيرة من امره عندما يسمع الفتاوى من العلماء فترى عالما في مسألة (ما) يجيزها, والعالم الآخر يحرمها, فلا يدري الشاب من يتبع!! في نظركم الشخصي كيف يعمل الشاب في هذه الحالة وهل اذا افتى العالم برئت ذمة المستفتي?

* الخلاف الفقهي والاجتهادي المبني على النظر والتأمل في الادلة والوقائع نتيجة لتفاوت انظار المجتهدين وسعة مدركاتهم, ولهذا يجب ان يكون مقبولا من حيث المبدأ والا نضيق به, والامة اليوم تحتاج الى تربيتها على قبول التعددية العلمية المبنية على الاجتهاد وليس على الهوى.
وفي تقديري ان المسائل المهمة والكبيرة يجب الا ينظر فيها الى اي قول بقطع النظر عن قائله بل يفترض الا يخوض فيها الا اولو الخبرة والبصيرة وربما اكثر من ذلك انها تحتاج الى اجتهاد جماعي مرسم يشارك فيه اهل العلم والتحصيل واهل الرعاية والعناية بأحوال الامة ممن لهم فضل وسابقة.
اما عن المتلقين اذا كانوا لا يعلمون فشأنهم كما قال تعالى {فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون} (النحل من الآية 43) فيختارون من الاقوال ما يرونه اصوب واقرب او يختارون من العلماء من يرونه اتقى لله وافقه في دينه.

لو تحدثنا عن العلاقة بين الدعوة والمجتمع بكل اطيافه ومؤسساته?

* يفترض ان تكون صناعة مشاريع الدعوة داخلية اي انها تتحرك داخل المجتمع لصناعة الاصلاح الاجتماعي.
ثمة ضرورة فطرية ان الدين هو سياج الاخلاق والامن, ومن هنا فان الدعوة ليست مفهوما لملاحقة اخطاء المجتمع فحسب او رسم صورة من الصراع بين طرف وآخر. الدعوة مفهوم مبادرة وأولوية في الترتيب الاجتمعي.
وحينما نتحد ث عن التطور فاننا بحاجة الى ادراك حضارية الاسلام حتى نقدم اجابة معقولة لكثيرين يلحون على الذوق الحضاري والنمطية الحضارية لكنهم قد يمارسون نقلا لنماذج او مشاريع من الغرب, هذه مسؤولية تتحرك في التأثير على سيادة الامة ويجب ان تفكر كل المجموعات الاجتماعية بمسؤوليتها.
اننا نخطئ حينما نفترض اننا نتسابق لتحقيق مصالح خاصة, اننا أمناء امام الله والتاريخ على امتنا, لماذا الغرب جاد في سيادته وحقوق امته حتى على حساب الآخرين?
نحن يجب ان نتحرك بعدل وامانة مع كل احد لكن يجب ان تقدر ان الدين ضرورة للمجتمع باعتباره رسالة الله لخلقه وباعتباره قاعدة المصالح الآدمية.
عبدالهادي القرني (الطائف)
=============
بسم الله الرحمن الرحيم

مـــــــــركــــــــب الــــنـــــجــــــاة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .. أما بعد ..
فإن ظهور المعاصي والمنكرات والمجاهرة بذلك ظاهر لكل أحد في الأسواق ومجتمعات كثير من الناس ، والوعيد على ذلك شديد والعقاب عليه يعم الواقع فيه والساكت عنه مع القدرة على الإنكار .قال تعالى : { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون }.
واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله ، والمطرود من رحمة ربه الشيطان وليه قال تعالى : { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا } وهذا البدل { إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير } .
وتأمل الحض على النهي عن الفساد في الأرض وتعليق النجاة بذلك قال تعالى : { فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا ... } الآية .
فتأمل قوله تعالى : { إلا قليلاً ممن أنجينا } واعلم أن هؤلاء هم الكثير وإن قل عددهم لأن الله معهم ، وهؤلاء هم الأعلون وهم أهل العزة والظهور ، ولهم حسن العاقبة في الدنيا والآخرة ، ولهم التمكين في الأرض ؛ وبالجملة فإن لهم كل وصف جميل في الدنيا والآخرة وبضد ذلك الكفرة والفسقة فلهم كل وصف قبيح في الدنيا والآخرة مع سوء العاقبة .
وما يُؤَمِّن تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون شراً من أهل المعاصي الظاهرة .
ولقد قال ابن القيم رحمه الله :
( وليس الدين مجرد ترك المحرمات الظاهرة بل بالقيام مع ذلك بالأوامر المحبوبة لله ، وأكثر الدينين لا يعبئون منها إلا بما شاركهم فيه عموم الناس .
وأما الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصحية لله ورسوله وعباده ونصرة الله ورسوله ودينه وكتابه فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم فضلاً عن أن يريدوا فعلها وفضلاً عن أن يفعلوها . وأقل الناس ديناً وأمقتهم إلى الله من ترك هذه الواجبات وإن زهد في الدنيا جمعيها . وقل أن ترى منهم من يحمر وجهه ويمعره لله ويغضب لحرماته ويبذل عرضه في نصر دينه ، وأصحاب الكبائر أحسن حالاً عند الله من هؤلاء .
وقد ذكر أبو عمر وغيره : أن الله تعالى أمر ملكاً من الملائكة أن يخسف بقرية فقال : يا رب إن فيهم فلاناً العابد الزاهد ، قال : به فابدأ أو أسمعني صوته إنه لم يتمعر وجهه فـيَّ يوماً قط ! ) انتهى .
وقال الشيخ محمد بن عبد اللطيف رحمه الله في رسالة له إلى المسلمين يحذر فيها من المعاصي ومن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . قال : ( وروى ابن أبي حاتم عن علي ـ رضي الله عنه ـ أنه خطب فقال : " يا أيها الناس إنما هلك من كان قبلكم بركوبهم المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار ، فلما تمادوا أخذتهم العقوبات فأمُروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن ينـزل بكم الذي نزل بهم واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقطع رزقاً ولا يقرب أجلاً " .
وروى الإمام أحمد وابن ماجة بسند حسن عن جرير مرفوعاً : ( ما من قوم يكون بين أظهرهم من يعمل بالمعاصي هم أعز منه وأمنع لم يغيروا عليه إلا أصابهم الله بعذاب من عنده ) وقال تعالى : { لولا ينهاهم الربانيون والأحبار .. } قال ابن النحاس : ( دلت الآية على أن تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كمرتكبه ) .
وقال القرطبي : ( والآية توبيخ للعلماء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتا لله إنهم لأهل لكل توبيخ فأنى يصلح الناس والعلماء فاسدون ؟! أم كيف تعظم المعصية في قلوب الجاهلين والعلماء بأفعالهم وأقوالهم لم ينهوهم عنها ؟! أم كيف يرغب في الطاعة والعلماء لا يأتونها ؟! أم كيف يتركون البدع والعلماء يرونها فلا ينكرونها ؟! ) إلى أن قال : ( وأما في زماننا هذا فقد قـيَّد الطمع ألسن العلماء فسكتوا إذْ لم تساعد أقوالهم أفعالهـم ، ولو صدقوا الله لكان خيراً لهم ، فإذا نظرنا إلى فساد الرعية وجدنا سببه فساد الملوك ، وإذا نظرنا إلى فساد الملوك وجدنا سببه فساد العلماء والصالحين ، وإذا نظرنا إلى فساد العلماء والصالحين وجدنا سببه ما استولى عليهم من حب المال والجاه وانتشار الصَّيت ونفاذ الكلمة ومداهنة المخلوقين وفساد النيات والأقوال والأفعال ) انتهى .
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب كل مسلم ، والخطاب في ذلك من الرب عز وجل ومن نبيه صلى الله عليه وسلم عام لجميع المسلمين ، والموفق من استجاب لربه ولنبيه .
فلو قيل : إن فيه اليوم من يأمر وينهى لقيل : نعم ، ولكن لم يقم بذلك حتى من تحصل بهم عشر الكفاية ، والإثم لا يرتفع حتى يقوم بالأمر والنهي من يكفي وتزول المنكرات الظاهرة على الأقل .
فالمتعّين على المسلمين اليوم لدفع البلاء الذي نخشى أنها قد انعقدت أسبابه القيام بما أوجب الله عليهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ومع أن في ذلك اندفاع العقوبات والبلاء عن المسلمين ففيه أيضاً استجلاب النعماء لهم التي هي على الحقيقة استعلاء الدين ونصره الذي تكفل به الولي النصير سبحانه وبحمده لمن نصر دينه .
لقد كان المسلمون فيما مضى يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بصدق وعزيمة واهتمام ويدعون إلى الله ويخوفـون من حلول النقمات والعقوبات الدنيوية والأخروية مع أنه لانسبة لمنكرات أزمانهم لما نحن فيه اليوم لأن المجاهرة بالمنكرات في زماننا لم يحدث لها نظير ، وشؤمها عظيم خطير .
وللتنبيه فليس من شرط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استجابة العصاة لذلك ، قال ابن تيمية رحمه الله : ( ثم لو فُرض أنا علمنا أن الناس لا يتركون المنكر ولا يعرفون بأنه منكر لم يكن ذلك مانعاً من إبلاغ الرسالة وبيان العلم ) انتهى .
كلام الشيخ هذا على تقدير أسوأ الأحوال وإلا فليس خافٍ أن أوقاتنا هذه مختلفة عن أوقاتنا الماضية فالقلوب اليوم متحركة فكم وكم ممن بإذن الله سيستجيب ! ، وكم من منكر سيزول ! ، وكم ممن سوف يشارك ولم يكن له من قبل في هذا الأمر نصيب ! ، وذلك ببركة امتثال أمر الله عز وجل بالقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عملاً إذْ لا يكفي الكلام في المساجد والملتقيات .
وإنه لا يسعنا أمام الله إلا أن يكون هذا الأمر أكبر همنا لنستدعي بذلك رضى ربنا .
وإننا على يقين أنه لو قام قائم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فستكون له بإذن الله نتائج باهرة وعواقب محمودة من دفع البلاء واستجلاب النعماء وإظهار الدين وتحريك القلوب والشعور بالعزة والكرامة التي أُنيطت بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولأنه سبحانه هو الشكور المحسن المنان فإنه يصنع لأهل الدين ما لم يكن بالحسبان .
إننا بقيامنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نطفئ الحريق الذي أشعلته الذنوب وننقذ الغريق الذي أحاطت به الخطوب والكروب .
فلنراغم الشيطان متوكلين على الرحمن فهذا سبيل النجاة وبه إغاثة الهلكى بالرحمة المهداة ، وفيما وصفت الفرج والمخرج من هذه الظلمات بإذن الله تعالى مع ما يُرجى من لطف اللطيف وكرم الكريم مما يصنعه لعباده المؤمنين مما لا يخطر لهم على بال فهو بداية خير بإذن الله .
وتذكروا قول الله تعالى : { وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم .. } فمن لم تحدث له هذه الآية الخوف الشديد فليعلم أنه على خطر ، وهي خاصة وعامة فاستبدال أفراد بأفراد وجماعات بجماعات لقيام الرب سبحانه بالقسط ، وإن نفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عظيم .
قال ابن عقيل في الفنون : ( ومن أعظم منافع الإسلام وآكد قواعد الأديان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتناصح ، فهذا أشق ما تحمله المكلف لأنه مقام الرسل حيث يثقل صاحبه على الطباع ، وتنفر منه نفوس أهل اللذات ويمقته أهل الخلاعة ، وهو إحياء السنن وإماتة البدع .. إلى أن قال : لو سكت المحقون ونطق المبطلون لتعوَّد النشوء على ما شاهدوا وأنكروا ما لم يشاهدوا ، فمتى رام المتدين إحياء سنة أنكرها الناس فظنوها بدعة وقد رأينا ذلك ) انتهى .
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : ( أرى أناساً يجلسون في المساجد على مصاحفهم يقرؤون ويبكون فإذا رأوا المعروف لم يأمروا به وإذا رأوا المنكر لم ينهوا عنه وأشوف أناساً يعكفون عندهم يقولون : هؤلاء لِحَىً غوانم ، وأنا أقول : إنهم لِحَىً فواين ، فقال السامع : أنا ما أقدر أقول : إنهم لِحَىً فواين ، فقال الشيخ : إنهم من الصم البكم !! ) انتهى .
قال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله بعد أن أورد هذا الكلام للشيخ محمد . قال : ( ويشهد لهذا ما جاء عن بعض السلف أن الساكت عن الحق شيطان أخرس ، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق ، ثم قال : ولو تحقق من بخل بلسانه عن الصدع بأمر الله أنه شيطان أخرس وإن كان صائماً قائماً زاهداً لما تبع مشابهة الشيطان بأدنى طمع ) انتهى .
قال الشيخ محمد بن عبد اللطيف رحمه الله : ( ومن علامة محبة الله والصدق في معاملته والخوف منه الغيرة عند انتهاك حرماته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام لله والأخذ على أيدي أهل البَطَر والسَّفه والـتُّهم وحملهم على طاعة الله وكفهم عن معاصي الله ، ورَدْعهم عن ذلك سواء كانوا أقربين أو بعيدين ، أقوياء كانـوا أو ضعفاء ، فإن بالقيام بذلك والمسارعة إليه وإيثار رضا الله على الدنيا والتواصي بالحق والتعاون عليه كل بحسب حاله في ذلك مما يكون سبباً لرضاه وجلب كل خير ودفع كل شر ، وبالاغترار بالدنيا وزينتها والغفلة عن الله والإعراض عن الأوامر والنواهي يحصل الهوان والذل والعار في الدنيا والآخرة ويحصل الهم والغم وتنـزع البركات وتحل النقمات والمـثُـلات ... ثم قال : وظهور المعاصي وعدم إنكارها والسكوت عن فاعلها والإغضاء عنه مما يوجب سخط الرب وحلول عذابه ونزول عقابه ) انتهى .
وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعملها ولم يغيروا إلا عمهم الله بعقابه ) .
وفيه أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما : ( والذي نفسي بيده لا ينفصم الإسلام حتى لا يقال في الأرض الله الله . لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر وإلا سلط الله عليكم المشركين يسومونكم سوء العذاب ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم . لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليبعثن الله عليكم من لا يرحم صغيركم ولا يوقّر كبيركم ) انتهى .
إن هذه العقوبة قد انعقدت أسبابها فالنجاة بامتثال أمر الله وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (ما ظهر الزنا في قرية إلا أذن الله بهلاكها ) .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال لا إله إلا الله تنفع من قالها وترد عنهم العذاب والنقمة مالم يستخفوا بحقها ، قالوا : يا رسول الله : وما الاستخفاف بحقها ؟ قال : يظهر العمل بمعاصي الله فلا ينكر ولا يُغيَّر ) .
وعن أنس أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال لا إله إلا الله تمنع العباد من سخط الله ما لم يؤثروا دنياهم على صفقة دينهم فإذا آثروا دنياهم على صفقة دينهم ثم قالوا : لا إله إلا الله رُدًّتْ عليهم وقال الله : كذبتم ) فدل هذا الأثر على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من حقوق لا إله إلا الله بل هو من أشرف مقامات الدين وفرائضه التي افترضها الله على عباده المؤمنين .
وفي الأثر أيضاً : أن المعصية إذا خفيت لا تضر إلا صاحبها ، وإذا ظهرت ولم تُغَيَّر ضرت العامة ، وليس معناه أنها تظهر في الأسواق وتشتهر علانية بل إذا تحدث الناس بها وفشا القول فيها بينهم فهذا من ظهورها كما ذكر ذلك العلماء رحمهم الله ) انتهى .. وأين الشيخ من زماننا ومنكراته المجاهَر بها والتي لا تعد ولا تحصى !! .
ولقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (صلاح العباد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن صلاح المعاش والعباد في طاعة الله ورسوله ولا يتم ذلك إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبه صارت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس ، قال الله تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للنـاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر .. } ، وقال تعالى : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ..} ، وقال تعالى : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر }.. ..) انتهى .
وليعلم أهل الدين أن هذا جهادهم اليوم بلا سيف ولا سوط وأنهم إن استمروا عليه ولم يبالوا بمعارض فسيصنع الله لهم ما ليس في حسبانهم ، وليتذكروا ما جرى لأصحاب السبت وأن الله أنجى من نهاهم عن المنكر ومسخ من تعدى حدوده ، قال تعالى : {فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون } .
ثم تذكروا أنه لما قدم الباشا بجيشه إلى الدرعية وصار يدك الحصون بمدافعه حتى تساقطت فأخذ الناس قُلّة من القلال التي ترمي بها المدافعُ على الحصون لهدمها فوضعوها في حجر أحد آل الشيخ وهو رجل أعمى وقالوا له : أدع الله لنا ؛ فأخذ يضرب القلة بيده ويقول : هذا زبد المعاصي يا أهل الدرعية !! . انتهى .. ووالله إن لم نتدارك الأمر ليكونن زبد معاصينا هائلاً ! ، وإنه لا نسبة ولا مقارنة ولا مقاربة لما نحن فيه وما عليه أهل الدرعية ذلك الوقت ، ولا يقال في يومنا هذا عن أهل الكفريات والمنكرات : إنهم خرقوا السفينة وإنما أغرقوها ! فالنجا النجا باستدفاع سخط الجبار بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قبل حلول الدمار ، وأروا الله من أنفسكم خيراً .
قال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله : ( فالنجاة عند نزول العقوبات هي لأهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال تعالى : { فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء } .. انتهى .
وليكن ختام هذه المذكرة بزيادة بيان لطريق النجاة الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي { يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر .. } وأن ذلك باتباعه وأن هذا هو طريق المحبة وكل الطرق سواه مسدودة ، وقد وضحه ابن القيم رحمه الله وجلاّه حيث قال في كتابه العظيم [مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ] : ( ومن منازل ( إياك نعبد وإياك نستعين ) : منـزلة (المحبة) ، وهي المنـزلة التي فيها تنافس المتنافسون ، وإليها شخص العاملون ، وإلى عَلَمِها شمّر السابقون ، وعليها تفانى المحبوب ، وبِرَوْح نسيمها تَرَوّح العابدون ، فهي قُوت القلوب ، وغذاء الأرواح ، وقرة العيون ، وهي الحياة التي من حُرمها فهو من جملة الأموات ، والنور الذي من فَقَدَه فهو في بحار الظلمات ، والشفاء الذي من عدمه حَلَّت بقلبه جميع الأسقام ، واللذة التي من لم يظفر بها فعيْشه كله هموم وآلام وهي روح الإيمان والأعمال والمقامات والأحوال ، التي متى خَلَتْ منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه .
تحمل أثقال السائرين إلى بلاد لم يكونوا إلا بشق الأنفس بالغيها ، وتُوصِلهم إلى منازل لم يكونوا بدونها أبداً واصليها ، وتُبَوِّؤهم من مقاعد الصدق مقامات لم يكونوا لولاها داخليها ، وهي مطايا القوم التي مسراهم على ظهورها دائماً إلى الحبيب ، وطريقهم الأقوم الذي يبلغهم إلى منازلهم الأولى من قريب ، تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة ، إذْ لهم من معيّة محبوبهم أوفر نصيب ، وقد قضى الله يوم قدر مقادير الخلائق بمشيئته وحكمته البالغة أن المرء مع من أحب فيالها من نعمة على المحبين سابغة ! ، ثم قال رحمه الله : أجابوا منادي الشوق إذ نادى بهم : حَيَّ على الفلاح ، وبذلوا نفوسهم في طلب الوصول إلى محبوبهم وكان بذلهم بالرضى والسماح ، وواصلوا إليه المسير بالإدلاج والغدو والرواح ، تا لله لقد حمدوا عند الوصول سُرَاهم ، وشكروا مولاهم على ما أعطاهم ، وإنما يحمد القوم السُّرى عند الصباح :
فحَيَّ هلاَ إن كنت ذاهمة فقد ****** حدى بك حادي الشوق فاطْوٍ المراحلا
وقل لمنادي حبهم ورضاهُمُ ****** إذا ما دعا : لبيك ألفـاً كوامِلا

ولا تنظر الأطلال من دونهم فإن ****** نظرت إلى الأطلال عُدْن حوائلا

ولا تنتظر بالسير رفقة قاعدٍ****** ودَعهُ فإن الشوق يكفيك حاملا

وخذ منهمو زاداً إليهم وسِرْ على ****** طريق الهدى والحب تصبح واصلا

وأحْيِ بذكراهم سُراكَ إذا دَنَتْ ****** ركابُك فالذكرى تُعيدك عاملا

وإمّا تخافنّ الكلال فقل لها : ****** أمامك وِرْد الوصل فابغي المناهلا

وخذ قبساً من نورهم ثم سِرْ بهِ ****** فنورُهمو يهديك ليس المشاعلا

وحي على جنات عدن فإنها ****** منازلك الأولى بها كنت نازلا

ولكن سباك الكاشحون لأجل ذا****** وقفتَ على الأطلال تبكي المنازلا

وحي على يوم المزيد بجنة الـ ****** خلود فجُدْ بالنفس إن كنت باذلا

فدعها رسوماً دارساتٍ فما بها ****** مقيل وجازها فليست منازلا

رسوماً غَفَتْ ينتابها الخلق كم بها ****** قتيل ٍ وكم فيها لذا الخلق قاتلا

وخُذ يمنةً عنها على المنهج الذي ****** عليه سرى وفْد الأحبة آهلا

وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعةً ****** فعند اللقـا ذا الكـدِّ يصبـح زائـلا

فما هي إلا ساعة ُ ثم تنقضي****** ويصبح ذو الأحـزان فرحانَ جاذلا

لقد حرك الداعي إلى الله وإلى دار السلام النفوس الأبِيَّة والهمم العلية وأسمع منادي الإيمان من كانت له أذن واعية ، واسمع والله من كان حياً فهزه السماع إلى منازل الأبرار ، وحدا به في طريق سيره فما حطت رحاله إلا بدار القرار .
أول نقدة أثمان المحبة : بذل الروح ، فما للمفلس الجبان البخيل وسوْمها ؟ :
بدم المحب يباع وصلهمُ ****** فمن الذي يبتاع بالثمن !!
تا لله ما هزلت فيستامها المفلسون ، ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون ، لقد أقيمت للعرض في سوق من يزيد ، فلم يرض لها بثمن دون بذل النفوس فتأخر البطالون ، وقام المحبوب ينظرون ، أيهم يصلح أن يكون ثمناً ! فدارت السلعة بينهم ووقعت في يد ( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) ! . لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى ، فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الْخِليُّ حرقةَ الشَّجيِّ ، فتنوع المدّعون في الشهود فقيل لا تُقبل هذه الدعوى إلا ببيِّنة { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعون يحببكم الله .. }فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الحبيب في أفعالـه وأقواله وأخلاقه فطولبوا بعدالة البينة بتزكيـة { يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم .. } فتأخر أكثر المحبين وقام المجاهدون ، فقيل لهم : إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم ، فهلموا إلى بيعة { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ..} .
ثم قال رحمه الله : إذا غُرست شجرة المحبة في القلب ، وسُقيت بماء الإخلاص ومتابعة الحبيب أثمرت أنواع الثمار ، وآتَتْ أُكُلها كل حين بإذن ربها ، أصلها ثابت في قرار القلب ، وفرعها متصل بسدرة المنتهى . انتهى باختصار .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبـه / عبدالكريـم بن صالـح الحميـد
رمضـان 1423 ] .
=============
اضافة رد مع اقتباس
   

 

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 06:34 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube