حكاية بطولة نجحت قبل أن تبدأ
بطولة مصر الدولية للكرة الخماسية أجمل هدية مصرية رياضية للعالم عام‏2002‏
أشهر وأغلي نجوم العالم عزفوا أنغاما كروية أمتعت الجماهير المصرية‏!‏

متابعة‏:‏ حسن خلف الله

لم يكن يتصور أحد في البداية إمكان إقامة بطولة للكرة الخماسية في أحضان الأهرامات وهي لا تلعب إلا داخل صالات مغلقة‏,‏ ولم يكن يتصور أحد أن كرة القدم بكل نجومها وصخبها وشعبيتها وجنونها تأتي إلي أهرامات الجيزة حيث يلعبها ويشاهدها الناس في هذا المكان لأول مرة في تاريخهم‏!‏
ولكن الرد جاء عمليا من خلال اختراع مصري يؤكد أن أبناء مصر قادرون علي تنظيمها في هذا المكان‏,‏ في أحضان الأهرامات‏,‏ وهذا ليس بجديد ولا مستحيل علي المصريين‏,‏ فالأهرامات استضافت من قبل أكثر من بطولة رياضية أمامها وفوق هضبتها‏,‏ ولكن كرة القدم لم تكن واحدة من تلك البطولات والآن جاء دور كرة القدم‏!‏

الاختراع كان صناعة صالة زجاجية بمواصفات الصالة المغطاة في الطول والعرض والارتفاع وفي إمكان إقامة أي بطولة في أي لعبة عليها‏,‏ والفارق بين الاثنين هو عدم وجود سقف في الصالة الزجاجية وأنه يتم فكها وتركيبها لتقام في أي مكان تختاره ونحن اخترنا هضبة الأهرامات لتكون أول بطولة في أحضان التاريخ‏!‏

إن بطولة مصر الدولية للكرة الخماسية ولدت لتنجح وتكبر‏,‏ بطولة أضافت لمصر الكثير حتي قبل أن تيدأ‏,‏ فكان التقدم المصري بأوراق ترشيحه لاستضافة بطولة كأس العالم للعبة لعام‏2004‏ مستندا إلي تدعيمها بحدث ينقل للعالم مدي النجاح المصري في تنظيم بطولة يلتقي فيها أشهر وأغلي نجوم العالم بأجمل مكان وتحت أشهر آثار العالم كله‏..‏ بطولة يلتقي فيها نجوم السامبا البرازيلية وراقصو التانجو الأرجنتينية‏,‏ بالإضافة إلي روسيا وإيطاليا وأوروجواي‏,‏ ومصر الدولة المضيفة وصاحبة الأرض والجمهور والفكرة وصانعة الإبهار‏.‏

ولعل بطولة مصر الدولية للكرة الخماسية كانت الأولي التي حققت نجاحات كثيرة‏,‏ النجاح يلي الآخر‏,‏ قبل بدايتها‏..‏ الاتحاد الدولي لكرة القدم بادر بالاهتمام بالبطولة وقرر رسميا أن تقام مبارياتها تحت الإشراف الجزئي له‏,‏ واختار هشام عزمي ممثلا له بالبطولة‏,‏ حيث سيتقدم بتقريره المفصل عن البطولة إلي الفيفا‏,‏ وسيقرر الفيفا معه اعتماد البطولة تحت إشرافه الكامل حتي يتسني فيما بعد احتساب نقاطها وترتيبها في تحديد التصنيف العالمي للمنتخبات المشاركة فيها‏.‏

كذلك فإن الفيفا وافق علي تنظيم دورة دراسية لمدة ثلاثة أيام أقيمت علي هامش البطولة للحكام والمدربين‏.‏

هكذا‏..‏ يبدو أن البطولة نجحت قبل أن تبدأ‏,‏ والدليل كل هذا الاهتمام من جانب الدول المصنفة عالميا علي المشاركة في البطولة وحرصها علي استدعاء لاعبيها المحترفين خارج أراضيها للانضمام إلي صفوفها في بطولة مصر الدولية للكرة الخماسية‏.‏

وإذا كانت إيطاليا قد غيرت رأيها وقررت المشاركة في البطولة بعد أن فوجئت بأن دوري الكرة الخماسية لديها سيغدو بلا معني بعد اعتذار كل النجوم لأنديتها هناك من عدم اللعب من أجل المشاركة في البطولة‏,‏ فإن البرازيل قد استدعت كل محترفيها لهذه البطول الكبري‏,‏ بينما وافقت الأرجنتين منذ البداية بعد أن عرفت كل التفاصيل الخاصة ببطولة مصر الدولية وتأكدت من أنها بطولة غير عادية في مكان غير عادي‏,‏ وأن الحدث كله حدث استثنائي في تاريخ اللعبة‏,‏ سيغدو من العام المقبل حدثا ثابتا في أجندة المنتخبات العالمية‏.‏

كل تلك النجاحات تحققت للبطولة قبل أن تبدأ‏..‏ وبعد ضربة البداية جاءت النجاحات الأكبر‏,‏ فكان اهتمام محطات تليفزيونية عالمية متعددة وصحف ووكالات أنباء كثيرة ومن بلدان مختلفة رأت في البطولة حدثا شديد التفرد والتميز والإبهار ويستحق التوقف عنده وأمامه طويلا مع إبداء كل ما في الإمكان من تقدير واحترام لصانعي هذا الحدث وأنها ليست مجرد بطولة وإنما أجمل هدية مصرية رياضية للعالم عام‏2002.‏

وبالفعل استمتعت جماهير مصر بالمباريات والمهارات العالية لأفضل لاعبي العالم الذين أبدعوا في عزف أنغام كروية وهم يلعبون أمام أعظم حضارة في العالم‏,‏ وقد تحققت المتعة لجماهير الكر المصرية من خلال مشاهدة عمالقة الكرة الخماسية علي مستوي العالم‏..‏ من خلال رؤية أفضل المنتخبات في اللعبة‏,‏ وجاءت المباريات مثيرة وقوية من البداية‏,‏ فمنتخب إيطاليا تفوق علي نفسه وهو يواجه منتخب الأوروجواي واستحق تشجيع الجماهير وحول هزيمته إلي فوز‏1/3‏ وكانت قمة الإثارة في الدقائق الأخيرة عندما دفع المدير الفني للأوروجواي بلاعب بدلا من حارسه واستغل الفريق الإيطالي ذلك وسجل الهدف الثالث وحسم به المباراة لمصلحته‏.‏

ولم يكن منتخب إيطاليا صيدا سهلا وهو يواجه نجوم السامبا واستحق تشجيع الجماهير بعد أن حول هزيمته بهدفين إلي تعادل لكنه لم يصمد واستطاع اللاعب خوان دوسانتوس إحراز هدف الفوز للبرازيل بمهارة عالية‏,‏ وأمتع نجوم السامبا جماهير الكرة المصرية في الشوط الأول من خلال تقديم مهارات عالية واللعب بالكرة كما يريدون تحت قيادة نجمهم سانتوس صاحب الأهداف الثلاثة ولكن مستواهم قل في الشوط الثاني‏.‏

ولم يكن ذلك الأداء الرائع لمنتخب البرازيل بشيء جديد‏,‏ فالفريق هو المصنف الأول علي مستوي العالم في اللعبة ونال المركز الثاني في بطولة العالم الأخيرة في جواتيمالا‏.‏

ورسم راقصو التانجو الأرجنتينيون لوحة جميلة خلال الدور الأول حين تفوقوا علي منتخب مصر بنتيجة كبيرة‏3/7,‏ ثم عادوا ونصبو السيرك للدب الروسي وفازوا‏1/6,‏ وكانوا أول الفرق المتأهلة إلي الدور قبل النهائي بعد أن تصدروا مجموعتهم وبرز منهم اللاعب كارلوس سانشيز الذي سجل هدفين في مرمي منتخب روسيا وثلاثة أهداف في مباراة مصر الذي أصبح له جماهير مصرية وكون مع زملائه رودي ومارسيلو ويوجو وليناردو مجموعة متفاهمة ومتجانسة لم يستطع المنتخب الروسي بطل أوروبا السابق أن يصمد أمامها كثيرا‏,‏ فحتي الهدف الذي سجله المنتخب الروسي جاء نتيجة لخطأ من اللاعب لوتشيانو في مرماه‏.‏

وارتفعت معدلات المتعة والإثارة في مباراتي الدور قبل النهائي لتتأهل إيطاليا إلي المباراة النهائية علي حساب الأرجنتين بعد مباراة قوية انتهي وقتها الأصلي بالتعادل‏1/1,‏ ليعرض أمام الجميع أول مشهد لضربات الجزاء الترجيحية وينجح فيه أبناء الأزوري الإيطالي الأكثر تركيزا بمساندة حارسهم المتألق لوتشيانو‏,‏ ثم يأتي الدور علي المتنخب الوطني أمام نجوم السامبا‏,‏ وعلي الرغم من الخسارة المصرية للمباراة بهدفين مقابل أربعة أهداف للبرازيل‏,‏ فإن أداء لاعبي مصر خلال المباراة نال إعجاب واستحسان الجماهير ويكفي بدايتهم القوية وتسجيل هدف السبق عن طريق محمود عبدالحكيم‏,‏ واستكمالهم الإثارة والمتعة بعد انتهاء الشوط الأول بالتعادل الإيجابي‏1/1‏ بعد أداء رجولي أظهر المستوي الحقيقي للاعبين المصريين أمام راقصي السامبا أصحاب المركز الأول في التصنيف العالمي‏.‏

وبالأمس أسدل الستار علي المشهد الأخير لبطولة مصر الدولية الأولي للكرة الخماسية بعد فصول ناجحة من المتعة والإثارة والإبهار التقي فيها أشهر وأغلي نجوم العالم في أجمل مكان وتحت أشهر آثار العالم كله‏..‏ في أحضان الأهرامات ووسط عبق التاريخ‏..‏ فعلا إنها ليست مجرد بطولة‏,‏ وإنما أجمل هدية مصرية رياضية للعالم عام‏2002.