أذكر أنني سمعت الدكتور محمد العوضي يقول في إحدى مقابلاته: (الانبهار يؤدي إلى الانصهار، والانصهار يؤدي إلى الاندثار). وأنا أتفق كثيرًا مع ما قاله هنا، بعض الأخوة هداهم الله منبهرون بكل ما وجدوه في الغرب (وهذه المرحلة الأولى من الصدمة الثقافية لدى المغتربين - والصدمة الثقافية غالبا ما تمر بأربع مراحل أولها الانبهار)...

والبعض منبهرون هنا، لما سمعوه عن الغرب، وهنا نلوم الكثير من المربين - أكانوا أباءً أم معلمين أم مذيعي تلفزيون - عندما أظهروا أننا في جهل متقع وأن الغرب (وأحيانا الشرق الأقصى) في تقدم وتفوق (وسعادة) تامّة... تسمع مثلاً:
- في أمريكَا الناس لا يقطعون الإشارات لأن نظام المخالفات صارم
- في أوروبا يصنعون الخبز بدرجة حرارة معينة فتكون نكهته كذا
- في اليابان حتى دورة المياه - أعزكم الله - تعمل بتقنية فائقة
- التدريس في أمريكا قائم على الحب والرومنسية

وغيرها من التعليقات الكثيرة، والتي نجد أن الكثير منها سطحيّ، ولا يحل مشكلة بذاتها، ولا يراعي الاختلاف الثقافي بين المجتمعات...

بصراحة، لا أخاف كثيرًا على المجتمعات المحافظة مما ذكرت هنا، لكنني أخاف من أمور أخرى - ظهرت واضحة على الشباب حينما بدؤوا من التخلص من هويتهم الثقافية في كثير من أمورهم (حتى في كلامهم حينما ترى الواحد منهم في السالفة العادية يستعرض كلمات إنجليزية كـ (مرة) نايس ، هاي، واو، او ماي قاد ... يعني يستعرضون بكلمات تعلمانها في التمهيدي قبل الابتدائي من انبهارهم بالثقافة الغربية وفقدهم لمكونات ثقافتهم)

أحس إني كثرت كلام

لكن حديث طارق ذو شجون، ويبعث على المرء أن يتحدث ليجاريه ويخرج مكنون النفس وقد هيجها...

بارك الله فيك طارق، أنت دائمًا ما تطرق مواضيع وتسلك مسالكَ، نمر بها يوميًّا فلا نلقي لها بالا، وكأنك تزيل غشاوة عن أعيننا...

وفقك الله