30/10/2002, 12:19 PM
|
كاتب رياضي | | تاريخ التسجيل: 09/08/2002
مشاركات: 240
| |
احترافنا يعاني من أزمة (تسوّل) و (المصيبيح) غاب في ظروف غامضة كثيرة هي الانتقادات التي طالت تجربة احتراف اللاعب غير السعودي ، وكثيرة هي التساؤلات حول ما جدوى أن تهدر الأندية في تجربة الاحتراف الثانية قرابة العشرين مليون دولار ، فيما الفائدة معدومة ؟
قد يبدو المبلغ لا يستطيع إحضار (رونالدو أو زيدان أو ريفالدو)، لكنه على مستوى الأندية الفقيرة الغنية مبلغ له قيمته الفعلية ، فما الذي حدث ولماذا لم نستفد من هذه التجربة ، وكيف نوقف هدر ثروات الأندية في ظل أزمة اقتصادية أصابت الأندية ،فأصبحت لا تستطيع تغطية نفقاتها .. وأخيرا هل نجحت التجربة الأولى فيما الثانية لا ، ولماذا نجحت التجربة الأولى ؟؟؟؟
في هذه المساحة أحاول الغوص في تجربتين ، لا تختلفان كثيرا أو هكذا أراها ، لعلنا نصل لشيء ما ، شيء يضيء لنا المستقبل ، هذا المستقبل المجهول لنا ، طالما لا نحاول قراءته .
قراءة في التاريخ
لا نستطيع أن نتجاهل التاريخ هنا ، لأن له أثرا كبيرا في نظرتنا للتجربتين ، أولهما المستوى ،وإلى أين وصل، وما الفارق بين التجربتين ؟
قد يتذكر البعض فيما مضى منتخب تونس لعام 1978م والذي ما أن انتهى من مشاركته وخروجه من الأدوار التمهيدية، إلا وتعاقدت أنديتنا مع جل لاعبيه ، في هذا الوقت كان منتخبنا يخرج من الأدوار التمهيدية ، أي أن المستوى، أعني مستوى اللاعب ضعيف وبالتالي باستطاعة أي لاعب من أي منتخب شارك في كأس العالم ، وإن كان هذا المنتخب من أضعف المنتخبات أي أنه لا يستطيع الذهاب إلى الدور الثاني في كأس العالم ، إلا أن لاعبيه يمكنهم المشاركة في أي ناد لفارق المستوى .. لهذا حين بدأت التجربة الأولى كان لهؤلاء اللاعبين تأثير كبير في رفع المستوى ، وكانت التجربة كمرحلة أولى ناجحة جدا ، ورفعت مستوى الدوري واللاعب السعودي ، إلى مصاف منتخب ينافس على التأهل لكأس العالم ، لكنه بقي في مصاف المنتخبات التي لا تتأهل إلى الدور الثاني .. وانتهت التجربة الأولى على رفع مستوى اللاعب السعودي إلى مستوى لاعب ينافس بقوة في قارته على التأهل إلى كأس العالم ، وكان يتأهل .
بعد سنوات جاءت التجربة الثانية ، وكان المنتخب السعودي قد دخل طرفا ثابتا في قارته كمتأهل لكأس العالم ، ورغم دخوله كطرف ثابت ، استمر يتعاقد مع لاعبين بمستوى لاعبي منتخب تونس آنذاك ، ولم ننتبه أن اللاعب السعودي لم يعد ذاك اللاعب الذي كان في 78 ، فبدت التجربة فاشلة .
والحقيقة التجربة ليست كذلك ، لكن اللاعب الذي تقوم بإحضاره الأندية، مستواه قريب جدا من مستوى اللاعب السعودي ، وبالتالي لم يستطع رفع مستوى الدوري كما حدث في 78، فبدأ الكثير يشكك في جدوى هذه التجربة ويصفها بالفشل ، وهذا ما لا أظنه، لأن الخلل في التطبيق وليس في فكرة الاستعانة باللاعب غير السعودي الذي من المفترض أن يكون خبيرا ليضيف، لا أن يكون بنفس المستوى .
فما الذي أعاق هذه التجربة وأين الخلل في التطبيق .؟
غياب المعلومة
غياب المعلومة في أي منشأ ، يعني أن جل القرارات عشوائية ، وجل أنديتنا تسكنها العشوائية ، فأنديتنا تدير تعاقداتها بشكل يثير الدهشة ، فنحن نرى تعاقدات ساذجة لدرجة أن وكيل لاعبين يرسل لك شريط لاعب ، ويجعلك توقع مع لاعب آخر كما حدث للهلال ، أو تأتي بلاعب وأنت تعلم أنه لن يتم التعاقد معه لمجرد عناد ، فيحضر اللاعب ثم يذهب كما حدث مع (أسبريا) حين جاء للنصر ثم رحل ، لماذا حدث هذا .. لا تجد إجابة إلا أن المسألة تدار بعشوائية ، ومن هذه العشوائية يسترزق الوكلاء .. لماذا يسترزق هؤلاء ؟
لأنه باختصار لا يوجد منظومة واضحة للتعاقد مع اللاعب ، وفي نفس الوقت لا يوجد معلومات كافية عن الفريق وما الذي ينقصه ؟
أيضا المسؤول عن التعاقد مع اللاعب والذي من المفترض أن يكون مدير الفريق الفني ، الذي قرأ فريقه ويعرف ما الذي يمتلكه وما الذي ينقصه ، وما هي الطريقة المثلى التي سيلعب بها هذا الموسم ، وبالتالي يحدد اللاعبين الذين سيبقيهم مع الفريق ، والذي سيتعاقد معهم ، ليس موجودا، إما لأننا نحضر مدربين ضعفاء ، أو حين نحضر مدربا على مستوى عالٍ .. الذي من المفترض أن يكون مشرفا على فرق المراحل السنية بالكامل ، وترفع التقارير له ، ويتابع اللاعبين النشء والشباب ويضع خطة العمل للفريق الأول ، قد تم تحويله إلى خادمة عليه أن ينفذ رغبات اللاعبين والإدارة والجماهير التي تطالب بمشاركة لاعبها المفضل ، وإن لم يفعل هذا يتم طرده وتحميله مسؤولية الهزائم .
وهكذا نرى أن غياب المعلومة .. معلومة العمل الصحيح في النادي يجعل العشوائية تعشش في الأندية ، ويمكن طرد مدرب جيد دون سبب ، ويمكن أن يبعد إداري ناجح كما حدث للمصيبيح دون أن يقدم أي شخص أي معلومة عن إبعاده ، وهكذا العشوائية لا تقدم إجابة صحيحة لأنها لا تعتمد على منهج علمي ، هذا المنهج لا يقوم في غياب المعلومة .
من يقيم من ؟
ثمة أمر آخر يعيق نجاح التجربة ، على سبيل المثال التقييم ، فنحن لا نستطيع تقييم لاعب ، دون النظر إلى أمور كثيرة ، وهذه الأمور الكثيرة هي التي تأتي قبل أن تتعاقد مع اللاعب ، وهي الدراسة التي يتم على أساسها التعاقد مع اللاعب ، هناك أمور عليّ أن ألاحظها إن كنت أريد التعاقد مع مدافع ، تختلف هذه الأمور إن كنت أبحث عن لاعب وسط مدافع ، تختلف عن لاعب وسط مهاجم ، تختلف عن صانع اللعب والمهاجم ، قد يشترك كل هؤلاء في جوانب معينة وهي الجانب اللياقي ، وهل اللاعب يستطيع أن يقدم طوال 90 دقيقة أم لا ؟
وباقي الأمور قد نرجح أشياء على أشياء أخرى ، فدقة التمرير لدى لاعب الوسط المهاجم لابد أن تكون أعلى من دقة لاعب الوسط المدافع ، والانقضاض لا بد أن يمتلكه لاعب الوسط المدافع بشكل ممتاز ، لكني سأتغاضى عن ضعفها لدى الوسط المهاجم أو صانع اللعب ، ثمة أمر آخر وهو طرق اللعب ، وربما البعض يتذكر تجربة مهاجمي فريق برشلونة (كليفرت) و(سوكر) هداف كأس العالم ، ولماذا كان يشارك (كليفرت) كأساسي ، لأنه يجيد اللعب في مساحات ضيقة ، وهذا ما تعمد إليه جل الفرق التي تواجه فريق (برشلونة) بأنها تغلق المساحات أمام مرماها ، فيما (سوكر) يجيد لعب الهجمات المرتدة ، لهذا تجد أن التقييم يأتي قبل أن يشارك اللاعب وليس بعد ، وهذا ما يجعل نسبة فشل اللاعب في الأندية الأوربية أقل بكثير من التجربة لدينا ، التي تعتمد على التقييم الخاطئ ، لأننا لا نعرف لماذا تعاقدنا مع اللاعب وما الذي نريده منه ، على سبيل المثال الاتحاد ، لقد تعاقد هذه السنة مع ثلاثة مهاجمين غير سعوديين ، وهناك ثلاثة مهاجمين لديهم: اليامي ، أدريس ، محمد ، لماذا التعاقد مع كل هؤلاء ؟
بصريح العبارة لأن البلوي هو من يخطط للصفقات وليس المدير الفني ، والبلوي لديه مال لكنه لا يفقه بعلم التدريب أي شيء ، بل هو لا يعرف ما الذي يعنيه عندما يوجد كل هؤلاء المهاجمين في موسم واحد ، وكيف هي الغيرة ستوجد مشاكل أكثر من أن توجد فائدة .
يقول البلوي: >إن مشكلته كانت في الموسم الماضي حين أوقف مهاجمين< ، والحقيقة المشكلة ليست هكذا ، بل لأن (سيرجيو) تعود أن يعامل معاملة خاصة في النادي ، ويريد أن يعامل من الحكم والفريق الخصم بنفس المعاملة ، وهذه ليست مشكلة الاتحاد وحده بل هذه المشكلة تجدها في أغلب الأندية على سبيل المثال (حسين عبدالغني) في الأهلي .. قد أقبل أن يحمل مشجع رقم لاعبه المفضل في المدرجات أو يرتدي قميصه ، ولكن ما لا أقبله هو أن تعمل الإدارة على تقديم النجم الآخرين ، ولا تقدم صاحب المشكلة الأكبر عنه .
ما دور الاتحاد السعودي
هناك من يرى أن على الاتحاد السعودي التدخل في مسألة جلب اللاعب غير السعودي ، وأن يصبح الاتحاد السعودي وصيا ، لا أريد أن أغضب الاتحاد أو يرى البعض أني ضده ، ولكن بصدق الاتحاد لديه مشاكل تعيق مسألة الاستفادة من اللاعب، لم تحلها بعد ، فهناك أزمة تأخير رواتب المحترف السعودي من جهة، فإعانة الاحتراف لا تصرف في وقتها ، أيضا دخل المباريات تم تأجيله ، أزمة صرف مستحقات النقل ، بالإضافة إلى إعانات الأندية التي تتأخر كثيرا ، أظن لو حل الاتحاد مشاكله في صرف الإعانات والنقل والمباريات فقط ، لساعد الأندية كثيرا ، لهذا أرى أن المسألة تحتاج إلى كفاءات تدير الأندية وليس إلى تدخل في طريقة العمل ، فنحن إن تابعنا العاملين في الأندية ستجد جلهم بمواصفات مشجع ، أنا هنا لا أقلل من قيمة المشجع ، فقط أريد أن أقول: المشجع مكانه في المدرج ليشعل روح الحماس في اللاعبين ليحققوا الأهداف .
وما نحتاجه في الأندية أشخاص يخططون ويبنون النادي ، وإن كان هؤلاء الأشخاص متخصصين في التدريب ويشجعون النادي ، فهذا أمر رائع ، ولكن إن كان هناك مفاضلة بين متخصص في التدريب وآخر محب للنادي فقط ، فأظن التطوير يأتي من التخلي عمن لم يقدم لك التطور ، دون أن تتخلى عن حبك له .
الاستثمار وفشل التجربة
في التجربة الأولى كان التنافس بيننا وبين الأندية الأوربية التي تنافسنا على اللاعب غير السعودي متقاربة ، وأعني أندية هولندا ، بلجيكا ، فرنسا ، وكنا ننجح في خطف اللاعب العالمي الذي شارف على نهاية حياته الرياضية كما حدث مع (ريفالينو) وكانت تلك الأندية الأوربية لا تشتري مثل هذه العقود لأنها تبحث عن رفع مداخيلها ، فيما أنديتنا تصرف دون أن يكون هناك عائد لما تصرفه على الأقل .. وانتهت المنافسة بعد أن توقفت التجربة .
في التجربة الثانية ، دخلت الأندية السعودية لسوق شراء اللاعب ، وقد أصبحت الأندية الأوربية التي تعتبر في المرتبة الثانية بعد أندية أسبانيا ، إنجلترا ، إيطاليا ، أكبر من أن ندخل منافسا لها ، ناهيك عن دخول المارد الأصفر (اليابان) في نفس اللعبة ، وقد نجح في كسب كل من ابتعد عن الأندية الكبيرة لدوريه ، والكثير يتذكر قصة (ريكارد) اللاعب البرازيلي الذي انتقل من (نابولي) إلى اليابان ، بعد منافسة بدت خجولة من الأندية السعودية ، فقط دفع في الصفقة 6 ملايين دولار ، وهذا رقم فلكي بالنسبة للأندية السعودية .
لماذا خرجنا من المنافسة ؟
أظن نحن نعيش مأزق كيفية استثمار الأندية منذ التجربة الأولى ، والسبب أن مسيري الأندية لم يستوعبوا ما الذي يملكونه ، وما قيمته بالنسبة للمعلن ، تخيل أن ناد كالهلال لا يستطيع فرض شروطه على شركة ملابس رياضية تدفع للاعب عالمي في ألعاب القوى 12 مليون دولار قيمة عقد سنوي ليحمل شعار الشركة ، فيما الهلال يرى أن ما أعطته له الشركة (خير وبركة)، الاتحاد دخل في مشروع مصنع معلبات لكنه فشل لأنه لم يدرس المجتمع ، الأهلي والنصر كذلك ، فهؤلاء الأربعة الكبار رغم جماهيريتهم لا يستطيعون إيجاد شركة تدفع لهم لا أقول 12 مليون دولار ، بل لتكن بالريال مبدئيا ، في ظل أن السوق السعودية هي أقوى سوق شرائية في الشرق الأوسط .
تخيلوا أن الأندية ومعها الاتحاد السعودي ، مازالوا يبيعون تذاكر المباريات الخاصة بالدوري أو المسابقات القارية أو الإقليمية بنفس الطريقة وبنفس المكان منذ أن بدأ الدوري ، لا أحد الاتحاد أو الأندية التي شاركت في المسابقات القارية والإقليمية ، حاول أن يخترق هذه الفكرة القديمة في توزيع التذاكر .
تخيلوا .. ملعب الملك فهد في شرق الرياض ونادي الهلال والنصر في الغرب ، ولا يوجد نقاط بيع تذاكر إلا أمام الملعب أو في النادي ، لا أعرف لماذا لا يتم التنسيق مع شركة التوزيع التي توزع جريدة الرياضية كجريدة متخصصة وأولى على مستوى التوزيع ، لمعرفة أين كثافة توزيعها في الرياض على سبيل المثال ، لفتح نقاط بيع في نفس الأماكن .
المستهلك هو المشجع وإن لم توصل له التذكرة سيحسب ألف حساب قبل أن يذهب للملعب إن كان يسكن في الدخل المحدود والمباراة في ملعب الملك فهد .
لماذا أيضا لا يتم قراءة ما الذي تفعله الأندية في أوربا ، أعني الأندية التي تعتمد على جلب اللاعب الخام ثم تصديره لدوري الكبار في أوربا ، إنهم يجلبون الناشئ من أفريقيا ، ويدرب لمدة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات بتكلفة تصل إلى 200 ألف دولار ، قبل أن يباع على الأندية الكبيرة بالملايين ، وربما تجربة تعاقد نادي (رودا) مع نواف التمياط والتي كانت ستكلف النادي الهولندي 2 مليون دولار ، والذي سيصدره بعد ستة أشهر للكبار في أوربا بقيمة تصل إلى 10 ملايين دولار وكان قد بدأ في تسويقه مع حضور مندوبيه لتوقيع العقد .. ناهيك على أننا شعب مسلم ، ويمكن من خلال جلب اللاعب الأفريقي تعريفه على الإسلام .
وقبل لماذا .. كيف يمكن لنا أن نغير الفكر القديم الذي يدير الأندية ، والذي يعتمد على الهبات ، لأن مثل هذا الفكر لا يستطيع إلا أن يكتب (معاريض) لأعضاء الشرف ، يتوسل ويستول منه المال .. وهذا الفكر حين يدير أندية كبيرة كنادي الهلال والنصر والأهلي والاتحاد ، يحول هذه الأندية الكبيرة إلى أطفال يقفون على إشارات المرور يتسولون ، دون أن ينتبه هذا الفكر أن تلك الأندية ليست معاقة ولا مشردة ، وأن اسم النادي يمكن أن يزودهم بدخل لا يغطي تكلفة النادي كله ، لكنه مبلغ يساعد هذا الفكر على حفظ ماء وجهه .
ما قيمة اللاعب غير السعودي إذن ؟
فكرة التعاقد مع لاعب غير سعودي ليست سيئة ، بل تطبيقه هو المسؤول عن قيمته ، إنه بالضبط أشبه بالتعليم العالي ، حين تأتي (ببروفيسور) للجامعة كأنشتاين ليدرس طلاب علم الرياضيات ، فإنه سيضيف للجامعة وسيتخرج من تحت يده تلاميذ جيدين ، بيد أنك إن جئت بدكتور لديك من هو في مستواه أو أفضل ، فأنت أضفت على أعبائك عبئا جديدا ، من جهة أوجدت مواطنا عاطلا عن العمل ، من جهة أخرى أهدرت المال .
هل معنى هذا أنني أطالب بغلق هذه التجربة ؟
رغم كل ما فات ، أجدني ضد فكرة أن يغلق ملف اللاعب غير السعودي ، لأنك في النهاية ستفتحه من جديد ، لكنني ضد ذاك الفكر الذي تدار به جل الأندية ، والذي يعتمد أكثر على التسول ، إلا من رحم ربي . |