24/03/2010, 01:37 AM
|
| زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 10/10/2008 المكان: فى قلب الهلال
مشاركات: 3,349
| |
|
هدم البيت الحرام..أقلام ظالمة ولحوم مسمومة
كغيري شاهدت مقطع الفيديو الذي ظهرت فيه قناة بداية وهي تستضيف الشيخ يوسف الأحمد، وسمعته وهو يقترح هدم البيت الحرام بالكامل (!) وإعادة بناءه، في سياق طرحه لحلول لمشكلة الاختلاط الواقعة في الحرم الشريف، شاهدت دهشة أحد الحاضرين، وشاهدت ردود الفعل المتناثرة في كل الأرجاء بين مبرر وساخط وشامت ومحرض ومصطاد!، حتى وصل الأمر بأن قام البعض بتسمية الشيخ بــ "أبرهة العصر!"، واستوقفتني عدة نقاط في هذه القضية التي تم تضخيمها كثيراً:
أولاً : الهجمة الشرسة التي قام بها بعض كتاب الصحف على الشيخ، اتهام في النوايا وتحليلات غير موضوعية، وتضخيم ومبالغات، واستهزاء وسخرية، وتحريض الدولة على الشيخ، من الناحية المهنية يبدو أن الكتاب أبدعوا كثيراً في هذه الهجمة!، ولكنها لا تبدو حملة إعلامية شريفة ولا نزيهة!، ببساطة لأن نية الشيخ كانت صادقة وواضحة خاصة عندما طالب بإعادة بناء الحرم!، وتخصيص بعض الأدوار للنساء!، هل هذا الاقتراح كان خاطئاً؟، الأفضل أن يـُناقش وينتقد بطريقة فكرية علمية نزيهة وموضوعية، وليس بالتزوير و الكذب و اقتطاع الكلام والفلسفة ومحاولة الاصطياد في الماء العكر!، ثم هل كانت تلك الأقلام تكتب دفاعاً عن الحرم الشريف؟، لا أعرف!، ولكن على الأقل هناك مؤشرات تنفي هذا الأمر!، منذ عشرات السنين وإسرائيل تحفر تحت المسجد الأقصى حتى بات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار ولم نشاهدهم يشنون مثل هذه الهجمة المسعورة ضدها، ثم ما هو الأمر الأشد خطورة؟، اقتراح شيخ في فضائية لا يعدو كونه كلاماً في الهواء، أم آليات إسرائيلية تحفر وتغير وقائع على الأرض؟، ربما يكون تناول القضية بهذه الطريقة الغير نزيهة جعلت البعض يعتقد بأنها مجرد تصفية حسابات وحروب تشن من تحت الطاولة بين هذين التيارين، فهل كان التيار الليبرالي يريد أن يشبع نهمه ضد التيار الإسلامي باستغلال مثل هذه التصريحات لشن الهجمات المتوالية عليه؟، خاصة وأن التيار الليبرالي يعيش حالياً ربيع العمر وربما في شهر العسل أيضاً..!
ثانيا : هناك من اعترض من ناحية المبدأ (!) على نقد الشيخ و الاعتراض على ما قاله متذرعاً بأن "لحوم العلماء مسمومة"، فإذا كانت مسمومة لدرجة أنه يمنع نقد تصرفات وأخطاء أصحابها فلماذا لا نختصر الأمر ونقول بعصمة العلماء..؟، ربما لا يعرف هؤلاء بأن الطوائف والفرق ما ضلت إلا لأنها اعتقدت العصمة في علمائها ..!، أو اتخذت آراءهم وفتاويهم على أنها حق محض لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه!، هناك فرق شاسع بين النقد وبين السخرية و التجريح والاستهزاء، وكل يؤخذ من كلامه ويرد عدا صاحب ذلك القبر عليه الصلاة والسلام، فإذا أخطا أحد العلماء فما المانع من نقده والاعتراض على كلامه؟، وقد قال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته عند توليه الخلافة "أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني"، وقد ردت امرأة على عمر ـ وهو عمر ـ فقال "أصابت امرأة وأخطأ عمر"، وعلى ضعف الزيادة في هذا الأثر إلا أن شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله قال معلقاً (وليس من شرطِ الأفضل أن لا ينبهه المفضول لأمرٍ من الأمور، فقد قال الهدهد لسليمان { أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأٍ بنبأٍ يقينٍ }، وقد قال موسى للخضر { هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشداً }، والفرق بين موسى والخضر أعظم من الفرق بين عمر وبين أشباهه من الصحابة) اهــ ، وقد فصل الشيخ محمد بن عبدالوهاب في كتابه التوحيد قوله تعالى (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) فمن أراد أن يعود له فليفعل!، المفارقة أن الحاضرين برغم وضوح الدهشة على احدهم لم يتجرءوا حتى على مناقشة هذه النقطة، فهل كان السكوت علامة الرضا، أم لأن لحم الرجل كان مسموماً..؟
ثالثا : اعتقد بأن هدم المسجد الحرام بالكامل وإعادة بناءه من جديد من اجل منع الاختلاط ليست بتلك الفكرة الجيدة!، وبرغم علمي بأن الكعبة ذاتها هدمت مراراً وأعيد بناءها، إلا أن مبرر الهدم ليس سائغاً في هذه المرة!، وقد أراد أبو جعفر المنصور أن يبنيها على بناء ابن الزبير ـ رضي الله عنه ـ فقال له مالك ابن أنس " أنشدك الله يا أمير المؤمنين ألا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك بعدك لا يشاء أحد منهم أن يغيره إلا غيره فتذهب هيبته من قلوب الناس" فعدل الخليفة عن رأيه، ثم هل كل الصحابة والأئمة والعلماء الذين حجوا واعتمروا على مدى أكثر من 1400 عام غافلين عن هذه النقطة؟، ثم كيف سنواجه العالم الإسلامي بعد أن نسوي الحرم الشريف بالأرض؟، وكم من الوقت نحتاج لإعادة بناءة إذا كانت بعض الكباري الصغيرة والتافهة تستغرق بضع سنين؟، وهل سنبقى طوال هذه السنين معطلين لركن من أركان الإسلام وشعيرة من شعائره؟، وماذا عن مئات المليارات التي أنفقت حتى بات الحرم بشكله الحالي، وكم من الأموال نحتاجها لإعادة بناءه على الشكل الذي يقترحه الشيخ الأحمد؟، وبرغم أني أدرك بأنها تحدث في الحرم الشريف بعض التحرشات الجنسية التي لا تصدر إلا من إنسان مريض، إلا أنها تبقى تصرفات شاذة ونادرة جداً، وجميعنا يشعر بالخشوع والانكسار لله بمجرد الدخول إلى الحرم الشريف ولا يخطر بباله مثل هذه الهواجس الشاذة، فلا يمكن أن نقبل بهدم الحرم الشريف، وتعطيل ركن من أركان الإسلام لسنين طويلة، وتهييج العالم الإسلامي بأكمله ضدنا من أجل بعض التصرفات المريضة والمنحطة!
طيب الله أوقاتكم.
|
الوضع العادي
