
08/03/2010, 01:08 AM
|
زعيــم نشيــط | | تاريخ التسجيل: 25/02/2003
مشاركات: 958
| |
خواطر مبعثرة !
هذه خواطر أصح ما يقال عنها : أنها مبعثرة ؛ عبثتْ في الفكر وعبث بها الفكر في أوقات مقدرة ؛ فهي من قبيل التفكير بصوت مكتوب ، وخلاصة الرأي الشخصي في أحرفها مسكوب ، لك غنم القراءة وعليّ غرم الكتاب ، والله الهادي لكل حق وصواب !
(1)
المثالية فاشلة !
الطالب المثالي هو أمر مسلم به ، ومتعارف عليه في الأعراف التربوية ، إذ يتم وضع معايير معينة يُقاس على إثرها الطلاب ؛ ليتم اختيار الطالب المستحق لهذا اللقب ، ونظراً لأن قدرات الناس وإمكانياتهم متباينة بشكل ملحوظ ، فإني أرى أن تعميم هذا النموذج : هو تكريس للفشل إلى حد ما عند بعض الطلاب ، فعلى سبيل المثال : فإن معيار الامتياز ؛ يُعتبر عامل أساسي في الاختيار حسب أعرافهم ، وعلى ضوء هذا المعيار ؛ فإن صاحب القدراتِ المتواضعة لن يحلم بمثل هذا اللقب ؛ وإن تواطأ على تدريسه أولي العصبة من أصحاب الكفاءات العلمية ، لأن آلة الإدراك تتفاوت قوة وضعفاً ، فلو حقق طالبٌ من الدرجات ما نسبته 95 % ، وقدراته تؤهله لأن يحقق 100 % ؛ فهنا سيعتبره المحيطون به متفوقاً مع أن تحصيله أقل من قدراته ! ، وفي المقابل لو حقق طالبٌ آخر مجموعاً نسبته 80 % وهذا هو أقصى ما يستطيعه ؛ لعده الناس طالباً عادياً لا يستحق من التكريم والاحتفاء مثل سابقه ، وقس مثل هذا التفاوت على بقية المعايير ، وأنا بدوري أتفهم أن توضع معايير للتحفيز ، ولكن أزعم أنه من الظلم أن توضع معايير ثابتة ؛ يحاكم الناس إليها وعليها ، في حين أن المعطيات فيما بينهم مختلفة إلى حدٍ كبير ،و مع هذا أقول : إن وضع معيار لكل طالب : من الصعوبة بمكان ، وحتى لو تيسر ؛ فلن يتأتى لكل أحدٍ أن يدركه ، وبإمكانك أن تقول مثل هذا الكلام ، عن معيار الابن المثالي في محيط العائلة ، والموظف المثالي في بيئة العمل ، وأظنها مشكلة تربوية اجتماعية ليست سهلة ، وكل ما أرجوه أن يتم التعامل مع الآخرين وفق قدراتهم وإمكانياتهم لا وفق ما نريده ونرجوه منهم ! (2)
هوس الاستقلالية !
اجتاح كثيرٌ من الناس في هذا الأعصر المتأخرة : هوس الاستقلالية ، فكل أحد يريد أن يستقل من كل أحد ، ومن سنن الكون ؛ أن لكل فعل ردة فعل ، فحين تجنح دفة المجتمعات أقصى اليمين ، فسيقابلها ردة فعل تزعم التصحيح أقصى الشمال ، وعليه فتحتاج المجتمعات إلى مدة من الوقت حتى تستقيم أمورها ، وهذا ينسحب على الأفراد في كثير من الأحيان أيضاً ، وحين تكون الاستقلالية : هاجساً ، فستجد بعضهم يتقصد مخالفة السائد بغض النظر عن الصوابية والمصلحة ، وقد استشرى هوس الاستقلالية حتى أكل بعض النخب ، فتجد بعض طلبة العلم : يتزبب قبل أن يتحصرم ، وتجد بعض المثقفين : من يفتي في كل حدث ، ولا أدري من أقنع الناس بوجوب أن يكون لكل أحدٍ : رأي في كل حدث ! ، ومن المفاهيم المغلوطة التي يرسخها الإعلام في كل أشكاله ومن كل أطيافه ، أن يتجرأ الناس على الحديث في كل شيء ، وعن كل شيء ، مع اقتناعهم أنهم لا يعرفون في الحقيقة شيء ، بحجة أن لكل أحد مطلق الحرية في أن يعبر عن رأيه ، ولا أدري -أيضاً- من ربط حرية اتخاذ الرأي الشخصي ؛ بنشر الآراء الفوضوية ، والعجيب –وعجائب هذا الزمان لا تعد- أن هذه الفوضوية موجهة في قضايا وأمور محددة سلفاً ، لم ولن يُسمح في تجاوزها مهما كان المتجاوز أهلاً لذلك ، ومن أهم مهمات المربين ؛ أن يربوا الناس على معرفة قدراتهم وقدرهم وأن يحفظوا في المقابل قدر غيرهم لهم ! (3)
المقاييس الذاتية ! أصعب ما يواجه الإنسان الحصيف عندما يبحث عن الحق ؛ هو تخلصه من حظوظ هواه ونفسه ، لذا يجتهد طلاب الحق كثيراً وكثيراً في تنقية الآراء من أدران الأهواء ، وحين تسبر أحاديث كثير من الناس في قضايا الرأي العام : تجد أنها مبنية على أحداث شخصية وتجارب ذاتية ، مما يفقدها قوة الموضوعية ، ويضعف روح المصداقية ، ولا يسلم من هذا جل كتّاب الصحف المحلية ، وكثير من البرامج الإعلامية ، ومن طبائع البشر أن يحاكموا ما يرونه ويسمعونه على ضوء ما تراكم من خبرات ومعارف سكنت عقولهم ، ولا ملامة في هذا إن كان تعبيراً عن رأي شخصي ، ولكن اللوم كل اللوم حين يكون تعبيراً عن رأي عام وتشخيص لقضايا مجتمع ، والمشكل هنا : أنهم ينتهجون القطعية فيها دون إعطاء مساحة ولو قليلة ؛ لإمكانية حدوث وهم أو خطأ ! ، والحصيف إذا أراد أن يكوّن رأياً في أمر ما ؛ فسيكونه من معطيات محيطه ، ثم يفتش في محيطات غيره ، مع سباحته في بحار أفكار وآراء أهله ! وختاماً أقول : كلما تقدمت بك السنون ؛ اكتشفت حجم حماقاتك ، وحين تقوم بإهداء نتاج تجربتك لشخص لم ينل حظه من معترك الحياة ؛ فإنه سيزهد بها : لاختلاف الخبرات والعقول ، ولن يستفيد من كم التجارب المبثوثة في بطون الكتب ، وعلى ظهور الألسنة : إلا من سبق عقلُه ؛ عمرَه !
ودمتم سالمين  |