{ بسم الله الرحمن الرحيم }
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ,
’’
أحداثٌ لا تنسى سطرتُها بحروفٍ لا تمَّحي , تسليةً وتخليدًا وذكرى , ورجاءَ عظةً وطمعًا في إبداء الاتقاء ,, سطَّرتها فيافٍ قفراء ملساء لا عوج فيها ولا حدب , دون كثبِ أو رملْ ,, ممتطيًا دابةً عفراءَ شمطاء , تدفعكـ للإقدام لا تنشد عن مهابة المنايا ولا تثنيكـ عن طلب الصعاب ,,
هي أحداثٌ ومحنٌ تكالبت بتقديرِ عزيزٍ حكيم , تنبيكـ عن مسَيّرٍ بأفعالهِ مقدرٌ ما سيكون له , عبدٌ مسوقٌ إلى حتمٍ وقسرٍ رغم أنفه وطواعيةٍ بنفسه , مهما عمل الاحتياط وبالغ بالاحتماء , تنبيكـ عن جوادٍ كريمٍ لا يُضيع عبدًا أطاعه أوحتى عصاه , حيث يسخر له من يُقديه وإلى الحياة يعيده ويثنيه ,,,
( أطلت البدء لأن الأمر جد , والتالي ليس كأي خطب , فحياتي كانت رهين مجازفة , ودوني والموت شارة , منعوتًا بشهيد الكمأ أو الزبيدي , سائلكم إخواني البقاء في القرب والمتابعة لبلوغ الكل ) :
كنت أدرّس في مركز الصداوي يعرفها جيدًا هواة البر والقنص , وأصحاب الكشتات ويجد فيها المتطعمين بالفقع مايشبع نهمهم إن أصابها وسمٌ ,
هي مركز تابعة لحفر الباطن وتبعد عنها 79 كم , شرقًا بإمتداد طريق الحفر الدمام ,
مكثت هناكـ سنتين أداوم في إبتدائيتها , أسكن حفر الباطن وأتردد يوميًا لها , عاشرت أهلها وتعرفت على ناسها وهم من الجبعاء من الدويش من مطير , وبالمناسبة أحد أجدادهم من مؤسسي نادي النصر ,
عام 1425هـ كان عام خير وأمطار على الصداوي وماحولها , أنبتت الأرض وربّعت في ذلكـ العام ,
في صباح يوم أربعاء وافق تاريخ 4 / 1 / 1425 , وميلاديًا : 25 / 2 / 2004 م , ( حفظي للتاريخ حتى الآن لكونه وافق عيد التحرير الكويتي ) , سبقه موعد وميعاد مع اثنين من أعز الأصدقاء وأوفى الأصحاب ( ابوشوق وابوعبدالله ) على أن يأتون لنكشت سويًا , وننعم بما تنعم به الأرض من ربيع وننحو صوب ماذُكر فيه الكمأة أو الفقع ,
ميعاد وصولهم مساءً , رغبت أن استقبلهم بعشاء يخفف عنهم عنوتهم ويوازي شيئًا من مكانتهم , فقررت أن أزين العشاء بما يهوونه ويتلذذوه ,,
استأذنت مديري آنذاك ( ابوفيصل ) في الخروج باكرًا من الدوام , بعد سؤالي عن المكان الأغنى بتواجد الفقع , امتطيت صهوة هايلوكسي آنذاك وكان موديلها 98 , كانت الساعة تشير إلى التاسعة , والجو بااارد جدًا , متلحفًا فروتي الرقطاء , أعطيت مدرستي ظهري ووليت جهة الوصف لا طريق محدد ولا مكان معين ولكن الدلالة على وصف المدير ( امش بها الجهه ويشير بيده , مسافة 25 كيلو يجيك ) , مشيت مستعيناً بالله ماليًا وقت انتضاري بسماع المسجل , وأذكر كان شريط منوعات مرة أغنية وبعدها قصيدة ومن ثمّ رديّة وهكذا اشتريته من الحفر , ممتعًا ناظري بالربيع عن يميني وعن شمالي ,
في طريقي إلى المقصد كنت أقف عند كل مكانٍ أتحرى فيه وجود الفقع دون جدوى ,
بعد بلوغي للمسافة المطلوبة نزلت أبحث ذات اليمين وأتحرى ذات الشمال ولكن لاطائل ولا فائدة , ولاحتى أثرًا ينبي عن تواجد الفقع ,,
المهم مللت البحث واستيأست من لقاط الفقع , فعزمت على الرجوع , واستصبت رأيًا طرى على بالي بأن اتنحى عن طريق قدومي ذات الجنوب فأنزل على محطةٍ كبرى بها سوق شعبي يُجلب به الفقع , وهي محطة المثلث تقع بمفترق طرق حفرالباطن الصداوي شمالاً والدمام شرقًا وطريق قاعدة الملكـ خالد جنوبًا , وتبعد عن الصداوي قرابة 25كم ,
اتجهت صوبها لايشغل بالي سوى أي أنواع الفقع ألذّ وأطيب مأكلاً عند الطبخ ويبيض الوجه لكي أختار وأشتريه,
كما يعلم كلّ من زار تلكـ الأرض أنها تُسمى الدب دبه , إذ هي مستوية ومتشابهه لاترى فيها طعسًا ولا جبلًا ولا شعيبًا , ولا حتى أي أثر أو معلم تميزه أو تستدل به لذا فمن يأتيها يكون معرضًا للضياع والتوهاان , وأيضًا إستواء الأرض تُتيح لكـ السرعة إذ لاخطر بإذن الله ,
عندما قصدت المحطة ووجهت سيارتي قِبلها كنت أظن وأحدث نفسي أن المسافة تحتاج قرابة نصف ساعة , بعد مرورها أو قريب منها أصبحت أتراءى المحطة يمينًا ويسارًا ,
وبينما أنا كذلكـ , أحسست بأن سيارتي وعند كلّ منعرج أو منحنى للطريق أحسها تميل وتنجرف قليلاً شككت بأن أحد الكفرات ناقص هواه , نزلت فإذا هو كذلكـ (امبنشر ) ,
احترت وترددت هل أغيره في الحال أم أُصلحه في ورشة المحطة التي هي قريبة , فاخترت وفضلت مواصلة المسير وبدأت أُخطط وأرسم في مخيلتي بينما البنشري يصلحه أمضي لأشتري فقع ,
واصلت المسير وزادت على نصف الساعة نصفًا آخر , ولكن المفاجأة أن الأرض تبدلت وتغيرت من حولي وأصبَحت أرضًا فضاء لانبت فيها ولا مرعى ولا حتى رعاة !,
فاستنكرت هذا ,
ولكن لثقتي العمياء في رأسي وفي دلولتي , فضلت أن أواصل المسير وأنا أتحرى تلكم المحطة , على هذه الحال كنت أقود سيارتي بسرعة 90 كم في الساعة , انحنى بي الطريق فجأة يسارًا فانحنيت له إذا بسيارتي نتجرف ( تسحّ ) وإذا بي أصطدم بجرفٍ صغير , جعلها ترتفع قليلاً من الجانب الأيسر الخلفي وإذابها تزيد في الارتفاع وفجأة لا أرى سوى الأرض أمامي وبوجهي , وتبدأ بالإنقلاب وأنا بداخلها أضرب ذات اليمين وذات الشمال , مرةٌ أرى السماء ومرة أشاهد الأرض وهكذا حتى استقرت على جنبها الأيمن وهذه صورتها :
...
للأحداث بقية سأضعها ضمن الردود قريبًا بإذن الله ..
0000
بقي أن أشير إلى :
1 / في مثل هذا اليوم أعني بالتاريخ الميلادي ,
2 / صور الفقع استعرتها من أحد الأصدقاء جزاه الله كل خير ,
3 / صورة السيارة حقيقية لسيارتي التقطتها في خضم الأحداث , ورداءة الصورة راجعة للجوال الملتقطة به الدمعة على عزه آنذاك .