نعلم أن العقل البشري هو ما يميز الإنسان عن باقي المخلوقات على الأرض ، إذ يقوم بترتيب المعلومات وربط بعضها البعض ليكّون منها أفكاراً ، كما أنه يعد مكان الإبتكار والإبداع ، كما يقوم بوظائف أخرى تخص السلوكيات ، مما جعله من ضمن المخاطبين من قِبله سبحانه وتعالى.
إلا أن هذا العقل لا يستوعب إلا الأحداث الظاهرة فقط ، فقد أثبت العلم أن كل شئٍ في هذا العالم يتكون من ( ذّرات - جزيئات - إلكترونات - بروتونات ) سابحة ومهتزة ، أي أن القانون العام هو إهتزاز الذّرة بما فيها ، ويأتي هذا الإهتزاز ضمن رتبة معينه وضمن موجه معينه ( وهذا ما يقودنا إلى أن الكون برمته عبارة عن موجات تختلف فقط في طول موجاتها ، فكلما زاد الإهتزاز لشئ ما كلما زاد رقه وإكتسب شفافيه ( كالغازات مثلاً ).
أما حواسنا البشرية فلا تستطيع أن تستوعب إلا مدىً معيناً من الرتب ، فحاسه السمع ( كمثال ) مقيدة بين عتبة السمع وعتبة الألم من ( 20 ) إلى ( 20.000 ) ذبذبه في الثانية ، وأيه ذبذبه ذات رتبةٍ أقل أو أعلى فإن حواس الإنسان لا يمكن أن تدركها بإستثناء من خصهم الله تعالى برسالاته وتبليغ أوامره وبعضاً من الصالحين ، أما ما عداهم فلا يعد الأمر سوى ( فتنه ).
ولأن هؤلاء المستثنين من الرسل قد أتوا بخوارق تفوق العقل البشري إتهموا بالسحر ، فعدم إدراك العقل للأمور الحسّية والتعلق بما هو ظاهر أدى إلى إنكار الخالق وبالبعث من قِبل الكثيرين ، حتى وإن توسع هذا العقل بالعلم بدون إيمان فربما يصل به إلى الإلحاد.
فمهما بلغ هذا العقل بالتوسع فلا يمكنه أن يدرك عِظم خلقه سبحانه ( كخلق السماوات السبع والمسافة التي تبعد كل واحدةٍ عن الآخرى ، فمسيرة 500 عام تعادل مسيرة 3.500 عام - ثم يكون ذلك البُعد بالمسافة كحلقة صغيرة ألقيت في صحراء بالنسبة لكرسي الجبار سبحانه وتعالى ) ( وسأقف عند هذا الحد ).
هذا الأمر قد يكون أحد مداخل الشياطين على الإنس بالتشكيك ( فكل على حسب إيمانه ) وهذا ما بدأه معي ( شيطاني اللعين بأسئلةٍ غيبيه قد يعلم إجابه معظمها ) عند قراءتي لكتاب الله سبحانه محاولةٍ منه ليلهيني والتفكر بما لا يدركه عقلي وبما لا يعلمه إلا هو سبحانه.

ولعلّي أذكر لكم بعضاً من تلك الأسئله ( الصغرى ) التي إستوقفني فيها هذا الخبيث :
(1) عند قراءتي لقوله تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) تبادر إلى ذهني ما يلي :
( أ ) هل أرسل الله سبحانه وتعالى رسلاً من الجن؟
( ب ) أم أتاهم منذرين؟ لقوله تعالى ( وإن من أمةً إلا خلا فيها نذير ).
( ج ) أم أن الجن كانوا يتبعون رُسل الأنس ؟ فقوله تعالى على لسان الجن عند سماعهم القرآن ( قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى ).
وهذا ما يجعلني أتسائل :
- هل كان الجن يهوداً؟ وأنكروا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام كحال يهود الإنس من بني إسرائيل ، أم أن المسيحية لم تأتي بتشريعات جديدة ، ولهذا إستمر الجن على دين اليهودية ، بإستمرار المنذرين بالدعوة لها؟!!.
( 2 ) يعلم الجميع أن لكل إنسان ( قرين ) من الشياطين يوسوسون لهم لفعل الشرور والكفر حتى يصل بهم إلى إحباط العمل ، وهنا أتسائل :
هل للجن قرناء لكونهم مكلّفين كالإنس؟
( 3 ) في قوله تعالى ( ومن الشياطين من يغوصون له ) يخبرنا تعالى بأن بعض الشياطين بإستطاعته الغوص ، وهنا أتسائل :
هل يغرق الجن في الماء؟ وماذا حدث لهم عند الطوفان في زمن نوحٍ عليه السلام؟.
( 4 ) حينما يكون العبد في الصلاه ويحدث نفسه ويسهو ، قد لا يحس المرء بنفسه إلا عند سماع تسليم الإمام ، هنا أتسائل :
هل للشياطين دور في ذلك ، فالجسد يتحرك مع الإمام ( دون أن نشعر بذلك )!!؟
هذا ما سمحت به لنفسي أن أطرحه أمامكم ، وأما بقيه الأسئله ( الكبرى ) فأستعيذ بالله من هذا اللعين أن أتلفظ بها حتى بيني وبين نفسي ، فأنا مؤمن ولله الحمد والمنّه وأرجوا أن أكون مع من قال فيهم عليه الصلاه والسلام ( إشتقت إلى إخواني ، فيقولون : أولسنا بإخوانك يا رسول الله ؟ فقال : لا أنتم أصحابي ، أما إخواني فهم قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني )
بالختام :
قد يظن البعض بأني أبحث عن أجوبة لأسئلتي أعلاه ، ولم يكن طرحي للموضوع إلا إرضاءاً لشيطاني اللعين ( حتى يتركني لوحدي ولا أصل إلى السؤال المُحرم من خلق الخالق ).
وإلى أن يجد له موضوعاً آخر ( يزّن به على رأسي ) كحال بقية المواضيع التي كتبتها سابقاً أكون قد فرغت مما أنا فيه.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.