بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و أسعد الله أوقاتكم بكل خير .
كثير منا إلتحق بالجامعة ، و الأغلب أن أكثرنا لا يخرج منها إلا و قد مرت عليه عدة مناهج أو ( كورسات ) مشابهة لبعضها ، لدرجة أن بعضها يطابق ما تمت دراسته في المراحلة السابقة ، حتى أنها أحياناً تتم دراستها بمراحل متقدمة في تخصصاتنا ، و بالتأكيد قد مـَرّ في ذهنك سيدي هذا التساؤل : لماذا التكرار و أين الجديد ؟
حسناً ، لست هنا لإنتقاد المناهج التعليمية و لا مناقشتها ، و لكن سأترك لكم ذلك بعد أن أضع بين يديكم عدة مناهج في دول مختلفة بعيدة كل البعد عن ما ندرسه ، فهي إما أن تكون مبتكرة و غير تقليدية ، أو ساذجة لدرجة الجنون .
ففي جامعة "بـوردو" الفرنسية تتم دراسة القصائد الخاصة بالموت و تحليلها و الدافع وراء كتابتها !
و من وجهة نظري ، لو أقدم ( المُحاضِر ) على دراسة ( مرثياتنا ) لأستقال و إلتحق بنادي للكربي مسمياً نفسه ( بلا وجـع راس ) ..!!
أما في "انجلترا" ، فيجبر الطلاب في جامعة "بـاولـق" للعلوم النفسية على مشاهدة 50 فيلماً مرعباً تتم رصد تأثيراتها على عقول الطلبة و نفسياتهم بإستمرار ، و لا أعلم هل المراد هو إيجاد حلول نفسية أم زيادة العـُقد في مجتمعهم ، و لكن هـل تمت إضافة ( حمار القايلة ) و غيره في مناهجهم ..!!
و في جامعة "قلاسـكو" في "اسكتـلندا" يُلزم الطالب بدراسة و تحليل الظواهر الغير طبيعية كالأشباح و الأرواح و التخاطر و التنويم المغناطيسي و غيرها من الخوارق ، و لا أجد بداً إلا أن أدعوهم لحضور أحد جلسات إخراج ( الـجـن ) من مـمسـوس فتزيغ عقولهم و يغلقوا جامعتهم ..!!
و تقوم كلية "ويليـامز" الإنجليزية بفرض دراسة أوجه الشبه و الإختلاف بين زعماء المافيا في دول مثل "أمريكا" و "اليابان" و "روسيا" و "إيطاليا" ، و لا يبدو لي أن هناك أوجه شبه أو إختلاف سوى حبهم لذواتهم ، و إستصغارهم لحرمات الآخرين ، و دعوة للتساؤل : أين نحن من الدراسات الجامعية المعنية بالإرهاب و توجهاته ؟
أما "فلسفة سفينة الفضاء" ، و هو ما يُـدرس في جامعة "جورج تاون" ، فيركز على النقاش حول إمكانية السفر حول الفضاء و ما هي المشاكل التي قد يواجهها الرواد في مسلسل "Star Trick" !
و هو ما يدعوني لمخاطبتهم لدراسة ما هي إمكانية إستمرار "طـاش ما طـاش" حتى عام 2018 ..!!
و لا تستغرب سيدي الكريم عندما تعلم أن كلية "الفنون الجميلة" في "رود آيلاند" تـُدرّس طلابها منهجاً يدعى "العلاقة بين الفن و الخطيئة" ، يُـعنى بالبحث في تأثير الشعور بالأثم على إنتاج الفنان و إبداعه الشخصي ، و ليتهم يدرسون حالة ( الخربطة ) على حوائط المنازل لدينا ..!!
و قبل أن أختم ، أحب أن أرى إبتسامتك و أنت تقرأ ما تـُدَرسهُ جامعة "أيـوا" ، فلديها منهج يناقش تأثير الثقافة و العرق و الدخل على تقرير نوعية و طول الإجازة التي يختارها لنفسه ! و لا عجب أن نصنف نحن السعوديين بأننا في المرتبة الأولى في قائمة عشاق الإجازة ، فنحن لا نحتاج إلى بحوث ..!!
من هنا و بعيداً عن سذاجة تلك المناهج نسأل :
متى ستكون مناهجنا ( مبتكرة ) و ( غير تقليدية ) ؟ .. فأنا عن نفسي لا يهمني عدد سكان "زامبيا" و لا مساحة "الكونغو" ..!!
آمل أن أكون أضفت شيئاً إلى معلوماتكم ، و أن يكون طرحي في رقي ذائقتكم .
|-| خــاتــمــة |-|
قال صلى الله عليه و سلم :
{ إذا مات المرء إنقطع عمله إلا من ثلاث : صـدقة جاريـة ، أو عـلـم علـمه ، أو ولـد صالـح يدعو لـه }
اللهم إجعلنا من مَن تنار قبورهم بعمل لا ينقطـع .
ردودكم وقودٌ لقلمي ، فلا تحرموني منها ، و أعتذر عن الإطالة .
[-] مـــرور الــكــرام [-]
.