06/09/2009, 10:46 PM
|
زعيــم فعــال | | تاريخ التسجيل: 19/02/2009 المكان: في الرياض
مشاركات: 348
| |
صـــام ... ولم ... يصـــم صام .. ولم يصم!!
*** مما لاريب فيه أن شهر رمضان فرصة لتحقيق العبودية في أسمى معانيها لما فيه من الخضوع لله والامتثال لأمره ، والافتقار له والانكسار بين يديه ( لمن عرف حقيقة الصيام ) ؛ ولأنه تقرب إلى الله بأحب الأعمال إليه من جهة أنه فريضة ( وماتقرب إلي عبدي بشي أحب إلي مما افترضته عليه ) [متفق عليه] ، ومن جهة أن الله اختصّه وجزاءه بنفسه : " إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " [رواه البخاري]..
فإذا حقق الصائم الإيمان والاحتساب فيه حصل له من المغفرة بقدر ماوقر في قلبه منه ؛ ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه ) [متفق عليه] ، فإن جمع مع الإيمان التقوى أثناء صيامه جعله الله من أوليائه الذين قال فيهم : { ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولاهم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون } .. وتحقق للمجتمع- بأسره- أعظم أسباب نزول الخيرات والبركات التي وعد الله بها كما في قوله : { ولو أن أهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض } ، فضلاً عما يترتب عليه من تزكية للنفس ، وإصلاح للذات ، وتربية على معالي الخلال ، وكريم الخصال ، إضافة إلى الأجر الأخروي الذي لامنتهى له ..
وإنما تتحقق للصائم تمام العبودية وكمالها ؛ بصيام (الجوارح) الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا كان يوم صوم أحدكم فلايرفث ولايفسق ولايصخب ولايجهل" [رواه البخاري وغيره بألفاظ متقاربة] ؛
فإنما تتحقق العبودية للصائم حين يمتثل أمر الله تعالى بالبعد عن هذه المنهيات الأربع :
فلا يرفث ( أي : يبتعد عن الكلام أو النظر أو السماع لكل مايثير الشهوة،ويحرك الغريزة..) .
ولا يفسق (بالوقوع في كبيرة أو الإصرار على صغيرة) .
ولا يصخب ( وهو الصراخ ورفع الصوت بالكلام البذيء كالسخرية والكذب والغيبة ) .
ولا يجهل ( وهو ضد الحلم ويدخل فيه كل تصرف سيء أو تعرض لأحد بالأذى ) ؛
فإن سابه أحد أو شاتمه أوقاتله ( ممن لم يقدر للصيام قدره ولم يتأدب بآدابه ) فليقل ( فليقابل هذه الإساءة ) بأن يقول " إني صائم " ؛ تذكيراً لنفسه بما يجب عليه من تعظيم شأن الصيام ، والتأدب بآدابه ، لتصبر على الإساءة ، ولا تقابلها بالمثل ، وتعليماً للمتعدي بما يجب حال الصيام من التأدب بآدابه ، ليقبله الله ولايرده على صاحبه..
فمن تقرب إلى الله بترك المباحات ( يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) ثم ارتكب المحرمات ، كان بمثابة من يترك الفرائض ويتقرب بالنوافل ، فأي فائدة من ترك الطعام والشراب عند من لم يحفظ جوارحه من الجهل والباطل ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش" [صححه بن خزيمة ،وابن حبان والحاكم]
بل إن من لم يتعبد الله ( بحفظ الجوارح ) ؛ فكأنه لم يصم قال - صلى الله عليه وسلم - : " من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجه في أن يدع طعامه وشرابه " [البخاري] ؛ أي لا أجر له على صيامه عند بعض أهل العلم..!
فما أشد غفلة الناس عن (صيام الجوارح) ، وجهلهم بفضله وأهميته ، وتحقيقه للعبودية ، فما أسهل الصيام لو كان مجرد ترك للطعام والشراب ، وما أصعب القيام بحقيقة الصيام ..
حتى قال بعض السلف : [ أهون الصيام ترك الشراب والطعام ..!] فكيف يشعر بلذة العبودية لرب البرية من تقرب إلى الله تعالى بترك المباحات ، وبارزه بارتكاب المحرمات ؟!
فصيام الجوارح أشد على النفس وأصعب من الصيام نفسه ، قال جابر - رضي الله عنه - : "إذا صمت فليصم سمعك و بصرك و لسانك عن الكذب و المحارم ، ودع أذى الجار ، و ليكن عليك وقار و سكينة يوم صومك ، ولا تجعل يوم صومك و يوم فطرك سواء" . ( قلم الشيخ حميدان الجهني) |