منذ عشرين سنة او يزيد كانت مواضيع الكتابات تتركز على كرة القدم وخصوصا الهلال والنصر كثيرا ما نرى الهلال عز والنصر .... , يعيش النصر ويسقط الهلال , واسامي اللاعبين ماجد والنعيمة والثنيان ومحيسن وهكذا , والسبب يكمن ان المجتمع كان مغلقا فكانت حياتنا مدرسة ثم قبل البيت لعب كرة قدم في الحارة ومتابعة ومباريات فكانت الجدران تحكي واقع المراهقين وهمومهم في ذلك الوقت ,
بعد ذلك ومع دخول القنوات الفضائية وسهولة الحصول على الاشرطة الغنائية وانفتاح المجتمع اخذت الكتابة منحى اخر فظهرت عبارات الحب والشكوى والظيم !! خذني بقايا جروح ... وشلون ماغليك !! ... الحب عذاب ... مرتاح احبك !! وهكذا كانت تلك الفتره تعبر عن ما يحمله المراهقين من افكار دخيله على مجتمعنا لن اسهب في ذكرها الان لكن الجدران اظهرتها لنا !!
في هذه الايام ومنذ تقريبا ما يقارب الثلاث سنوات ظهرت موجة جديدة وقوية ضربت جدران الحواري واخذت طريقها في منافسة عبارات الحب وهي موجة العصبية القبلية بدأنا نقرأ الان عبارات عن القبلية ما الفناها سابقا على الجدران , احصيت مرة عدد الشعارات القبلية المكتوبة على الجدران عندما اخرج من البيت الى المسجد مسافة تقريبا 100 متر فقط فوجدتها 6 شعارات : )
...... يا تعبان 511
...... يلعب والباقي يتعب !!
........ سلاطين 502 !!
الموت كاسر والعز ....... 505!!
الموت اليم والعز ......... !!
....... صريح وما يهزك ريح !!
كل هذه الشعارات في مسافة اقل من 100 متر !! تساءلت مالذي اشعل فتيل القبلية لتعود الينا من جديد ! المتتبع لمجتمعنا لن يبحث طويلا عن الاجابة فهناك احداث ومؤثرات لا تخفى اظهرت لنا العصبية القبلية من جديد مثل مزاين الابل والقبلية , شاعر المليون , القنوات الفضائية الخاصة بالشعر والقبلية
لست ضد القبلية فأنا احد ابنائها , لست ضد القبلية المتدثرة بغطاء الاسلام فما اجمل القبلية عندما تنهي الشخص عن الانحطاط والسفاهة والتعدي على حرمات الاخرين ما اجمل القبلية عندما ترفع من افق الانسان وتسمي فكره واخلاقه ما اجمل القبلية عندما تنهي صاحبها عن سفاسف الامور ووضيعها ما اجمل القبلية عند المكارم والاخلاق , ما اجمل القبلية كما فهمها خالد بن الوليد رضي الله عنه في معركة الردة عندما قال للمعسكر الاسلامي 'امتازوا أيها الناس لنعلم بلاء كل حى، ولنعلم من أين نؤتى' ما اجمل هذه القبلية الرافعة غير الخافضة ,
لكن ما نراه هذه الايام من عصبية قبلية بعيدة كل البعد عن القبلية الايجابية , شعراء يخرجون يمجدون القبيلة وانهم همّوا ففعلوا وقتلوا , افتخار لا فائدة منه وانتقاص من الاخرين لا يخدم احدا الا ان يكون بداية للشرارة الاولى لامر قد لا تحمد عقباه ,
كم اتمنى ان نوظف هذه القبلية في مكارم الاخلاق ولقضاء على مشاكل المجتمع وتنبيه الشباب لتعاليمنا السمحة واخلاقنا العالية , لكن الواقع يقول وللاسف عكس ذلك , الواقع يقول ان الاخلاق في انحطاط والسرقات في زيادة والبطالة ومشاكل المجتمع في ازدياد ونحن كل همنا ماذا قال الشاعر الفلاني ليرد على القبلية الفلانية وكيف ان الشاعر العلاني الجم القبيلة الفلانية ببيت لا يمكن ردّه !!
وكأننا في عراك لتحرير الاقصى !! او لاخراج العراق من محنته!!
قد يقول البعض اني اطنبت في التشاؤم ولكن ما اراه ان علينا ان نتذكر ان النار من مستصغر الشرر وان الفتنة يجب ان تؤد وهي في مهدها
بعد كل هذا اعود واسألكم , متى ياتي اليوم الذي نرى فيه جدراننا وقت تخلصت من هذه الكتابات !! متى نهب على قلب رجل واحد لننقذ الجدران من احمالها !! وكأني بها وهي تصرخ وتنادي الحقوني انجدوني يا عرب !! قبليتكم اثقلت كاهلي ,وافتخاركم العصبي اثار حفيظتي , وحبكم الممجوج انزل دمعتي رثاء لحالكم لا حزنا عليكم !! يا عرب الله يرحم والديكم لا تبنوني مرة اخرى وعودوا الى خيامكم فما عدت استحمل تنقضاتكم وحبكم وعصبيتكم وخربشاتكم !!