- منقول من جريدة الرياض عدد يوم الاربعاء 28/5/1423هـ للكاتب الدكتور فايز الشهري -

في عصر الانترنت، والمنتديات الإلكترونية، وفي زمن الجوالات، ورسائلها، أرجو أن تنتبه أيها (السيد) المدير، أو المعلم، أو الموظف، أو الكاتب (كوني أو كن من شئت)، فقد تجد أن حسن نيتك، أو بعض تجاوزاتك، أو حتى اجتهاداتك، لم تعد سرك (المصان) الذي تحتفظ به (لوحدك)، أو تشارك فيه بعض من حولك ممن (يخشاك)، أو (يرجو) ثوابك، فإلى جانب هؤلاء (الثقاة) المحيطين بك، سيظل هناك نفر يزعمون بأنك (لا تودهم) تمام الود، أو ربما تدعي (أنت) أنهم (لا يقدرونك) حق قدرك، و(للتعبير) عما يكنه لك مثل هؤلاء في عصر الانترنت، فقد لا تكلفهم (متعة) التشفي بك سوى رسالة (نميمة إلكترونية)، (محبوكة الصنع)، تتكون من بضعة اسطر لتبث على الملايين من قراء منتديات الانترنت، أو ترسل إلى الألوف من المشتركين في قوائم البريد الإلكتروني وحول (الكرة الأرضية) في دقائق معدودة.
لا يهم بعدها ما سيحدث لك فهذا شأنك وحدك، بل قد ينحي من (نم) عليك لوحة مفاتح الجهاز جانباً، ثم يتثاءب (بدلال) استعداداً للنوم (قرير العين) بعد أن أنجز المهمة، وأدى الواجب، أما أنت فستصحو لتجد نفسك (أياً كنت) (حديث الناس) تلوكك الألسنة، بحق، أو بباطل، في طول (العالم) وعرضه!!.
نعم قد يكون التشهير بك (باطلاً أريد به باطل)، وهذا سيريحك على الأقل عندما تتأمل ذاتك في مرآة ذاتك، ولكن المشكلة التي (لا) حل لها، حينما يكون ما قيل عنك، (حقا أريد به باطل)، حينها ستتعب ضميراً، وروحاً، لأنك قد تكتشف أن (الواشي الإلكتروني) استسهل فعلته جراء ما قدمت يداك، أو نتيجة ما نطق به لسانك.
ربما تجد في بعض الأحوال أن ما كتب عنك من قصص، أو ما عرض عن (إدارتك) من روايات، وأخبار، عبر الانترنت، تمت في (غفلة) من ضمير المغتاب، أو (صحوة) من ضمير تاب. وهي مصيبتك وحدك، في كل الأحوال وأنت - لا غيرك - المعني بها، حتى لو كانت هذه (الوشاية الرقمية) محصلة استنتاجات، وصل إليها (قضاة محكمة النيات العليا!!) بعد طول نظر، وعميق تبصر، وبعد أن درسوا، ومحصوا ما لديهم من (أدلة) (تستبطن!) (وتستظهر!) كل (ما حاك في صدرك)، محتسبين عند الله (إطلاع الناس) على ما (خشيت أن يطلعوا عليه)، ولأن قضاة هذه المحكمة يجوزون لأنفسهم بأن يحكموا (بما لم يعلموا؟)، فقد قضي الأمر، وصدر الحكم، مشهدين خلق الله كلهم على عقوبتك، وعظيم جرمك.
من نلوم؟ فشبكة الانترنت، وخدماتها المختلفة ما هي إلا مرآة صادقة لمن يستخدمها، وما يعرض عبرها، وعلى صفحاتها، ما هو إلا انعكاس طبيعي لخلق، ودين من سوَّد بياض (الشاشات) وما نقرأه من (تشنجات)، أو (مهاترات)، أو استسهال البعض لنشر (النميمة) عبر منتديات الانترنت ما هي - في مجملها - إلا إفراز ربما (غير) طبيعي لتناقضات، ثقافية، واجتماعية، صارخة، بل يخال إليك، وأنت تقرأ بعض هذه الكتابات، وكأنها تتشكل لترسم صورة عن (تراث) عريق من الاحتقان، لا تستوعبه حتى (حضارة) الانترنت وفضاؤها المفتوح. فمن نلوم؟