توجهت لأحد الأسواق المركزية الكبيرة لشراء بعض الحاجيات المنزلية ، فقد قامت الوالده المصونة بإعداد قائمة بالطلبات وأرسلتها لقسم التموين ولما وصلت للمدير ( أنا ) D
: اطلعت عليها وقلبت النظر فيها وأمرت سكرتيري بإحضار كشوف الصادر والوارد والوضع المالي الحالي D
: ..... وفي النهاية رأيت انه لا بأس من التوقيع على أمر صرف لتلك الطلبات ( دون التأكد من وجودها في المستودعات أو أين صُرفت ومتى ) ولا تستغربوا فهذا حال أغلب القطاعات الحكومية إن لم يكن الحال أسوأ في بعضها ...... المهم نسأل الله الهداية للجميع .
دخلت إلى السوق عصراً وكنت دائما أفضل الذهاب في ساعة متأخرة من الليل – حتى في أيام العمل - تجنبا للزحام ( والدوشة ) * والاختلاط بين الرجال والنساء المتبرجات التي خرجت كل واحدة منهن ولم تبقي حسنا وجمالاً من الثياب والعطور إلا قد تزينت به ، وأيضاً – تسوقي ليلا- من أجل تفحصي الدقيق لكل منتج هل هو أمريكي أم لا فيكفي ما ما ذقناه من شيء اسمه أمريكا أو يهودي تحت غطاء أمريكي.
المهم .... لاحظت في السوق ثلاثة أمور :
الأول اصطحاب رب الأسرة للزوجة منفردة أو الزوجة والأولاد ولا أستطيع التحريم لهذا الأمر إلا أن يصاحبه أمر محرم كتبرج من الزوجة أو بناتها أو كاختلاطهن واحتكاكهن بالرجال ولكن إن انتفى ذلك ( ولا ينتفي ) فحسن .
يبقى الأمر الآخر الذي قد يُعد مشكلة اجتماعية غير لائقة ومن أبرز مظاهره اصطحاب الشاب ( الزوج ) لزوجته في المجمعات التجارية الكبيرة !
وهذا أمر ليس له أي داعي فليست الأسواق أماكن للنزهة والترويح عن النفس ، بل ليس فيها إلا تعرّض الزوجة لمزاحمة الرجال ومضايقتهم فكل رجل مثلي تجده يعرض عن الدخول في أحد الأقسام بسبب كثرة النساء فيه هذا إن لم تكن الزوجة المصونة متبرجة بالعطور النفاذة والنقاب السافر والأيدي المكشوفة التي ترتفع لإنزال المطلوب من الرفوف العليا والزوج كالذليل الأهبل يسير خلفها دافعاً للعربة ليس له من الأمر شيء وكأنه صار هو المرأة وهي الرجل !!!
تراها ترفع صوتها في الحديث مع العامل وتمازح الزوج ( إن كانا عروسين ) أمام الناس ناهيك عن استخفاف الدم الذي يلفت أنظار كل الناس وكأن لسان حالهما يقول : أيها الناس نحن عروسين فانظروا إلينا كيف نستمتع بحياتنا !!!
أما النوع الآخر من الرجال فهم ممن يصطحب العائلة كلها ويجلب بخيله ورجله فترى الزوج بعربة والزوجة بعربة والبنات بعربة والأطفال بالعربات الصغار وينتشروا ويتفرقوا في السوق ، فالزوجة تتوه وهي لا تعرف أغلب المنتجات التي تراها أو أين تجدها فتسأل العامل وتسأل الزبائن وتسأل مثيلاتها في السوق والزوج يبحث منذ دخوله عن قسم البن والهيل والتمر والرطب والرز والسكر وكراتين الدجاج واللحم أما البنات فحدث ولا حرج من التجول في السوق لوحدهن دون هدف ولا حاجة ... فتراهن مع السوق على النحو التالي ... هذا نريده ... وهذا لا .... وهذا يعجبنا.... وهذا الذي اشترت منه فلانة ... وذاك الذي نريد استبداله وتجذبهن أقسام العطور وأدوات التجميل الذي يقف عندها ذلك العامل الوسيم فيجربن هذا وينزلن ذاك .... وإن وجدن شاب يتسوق أسرعن في الاقتراب والاقتراب والاقتراب ثم .... لو سمحت ممكن تبعد العربة !!!
أما الأطفال فعالم ثاني من الشقاوة التي يحلو لي تسميتها بالإرهاب ( تجوّزاً ) ولا تعاتبوني فمعنى الإرهاب وتعريفه قد ضاع في هذا الزمن وأصبح كل يستخدمه .... المهم ... يأخذ كل طفل لا يتجاوز طوله الساعد للرجل البالغ عربة صغيرة ويبدأ مهرجان التفحيط داخل السوق واللعب والعبث والاصطدام في عربات الناس أو السلع المعروضة !!
بل إنني كنت أمازح أحد الزملاء من ساكني أحد الأحياء الشعبية التي اشتُهر أبناءها وأطفالها بالشقاوة المنقطعة النظير ، وأقول له :
أنصحك بتوجيه أبناء حارتك لغزو الولايات المتحدة فعندي توقع أنه لن تصمد مدينة نيويورك ولوس أنجلوس أكثر من أسبوع أمامهم !
الأمر الثاني :
شاهدت ذلك الرجل الذي تظهر عليه سمات الخير والإلتزام بالدين يدفع عربته متجولاً بين السلع ليأخذ بعض الحاجيات ولكنني فوجئت وهو يملأ العربة بمنتجات ( بروكتر آند قامبل ) الأمريكية ولسان حالي ينادي عليه ... قف ... لا تدعم .... قف ... تراجع ... البدائل متوفرة أمامك !!
وهممت مناصحته ولكن كانت ترافقه زوجته !! فتراجعت خجلاً .... وإن أغلب ظني لو تحدثت معه في القضية الفلسطينية ومجازر ( جنين ) ودمار أفغانستان ونسف بلاد البوسنة لاسترجع وحوقل وقال إن العدو الأول الواقف خلف ذلك كله هو أمريكا ويكفي دليلا على ذلك موقفها الفاضح خلف اليهود في مسرى نبينا صلى الله عليه وسلم !!
وإذا رددت عليه متسائلاً : إذاً فما بالنا ندعمهم بشرائنا لمنتجاتهم مع وجود البدائل ؟؟؟
أجابني : والله ... يا ابن الحلال وش بنسوي .... الله يعين بس .... الله ياخذهم ومنتجاتهم ولكن ما باليد حيلة ...... شر لابد منه !!!!
الأمر الثالث :
وهو أمر ملاحظ ويمكن التأكد بوضوح ألا وهو قيام الشركات الأمريكية بالأمور التالية :
1- التطوير الكاسح لمنتجاتهم لإغراء المستهلك ومحاولة عدم خسارته لو حاول الإستغناء عنهم .
2- العرض المكثف لمنتجاتهم بأشكال متعدة فما أن تدخل مركز تسوق من المراكز الكبيرة حتى ترى العروض الكبيرة بكميات وفيرة لأحد المنتجات التالية ( كوكاكولا – تايد – كورن فليكس – منتجات نستله – برنجلز – إريال – وغير ذلك ) .
3- التخفيض في سعر بعض المنتجات .
4- طرح المسابقات بجوائز فورية متوفرة في مراكز متعددة في كل مدينة .
ووالله ما ذلك إلا لخوف القوم من انخفاض الإقبال على منتجاتهم بعد بعد انتشار الدعوى للمقاطعة ، يقول فيصل القاسم مذيع قناة الجزيرة ( وهو درزي العقيدة معتز بالقومية العربية ) عن المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الأمريكية وهو مؤيد لها : [ إن القوم يحسبون أرباحهم وخسارتهم بالملاليم ] فأين أهل السنة وأهل الحق والعدل الذين يحترقون ألماً في كل يوم عندما يسمعون بسقوط طفل أو شيخ عجوز أو أم حامل برصاص قوات الاحتلال الصهيوني !!!
ألسنا أحق بموسى منهم** ؟
=============================================
* الدوشة : كلمة عامية حجازية ومعناها : الإزعاج .
** هذه العبارة أشير بها إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قدم المدينة ووجد اليهود يصومون يوم عاشوراء لأن الله أنجى فيه موسى من الغرق فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( نحن أحق بموسى منكم ) وأمر بصيامه . أي نحن المسلمون نحب موسى عليه السلام ونقدره أكثر منكم يا من ادعيتم أن لله ولدا وعصيتم موسى من قبل . وأعني من هذا الاستدلال أن أهل السنة والجماعة أصحاب الحق ودعاة الفضيلة هم أولى بالسعي لأي وسيلة تسبب خسارة للعدو والنكاية به والقضاء عليه ( ولا تحقرن من المعروف شيئاً ) .