أهلاً أخي , مضمون يتضمّن قضية سامية تستحق الطرح , و لا أخفيك أنّني أستاء كثيراً كلما تداعى الموضوع نحو الأسفل
لكن لا عزاء في ذلك طالما أن ( الغث ) بدأ يأخذ حيّزه ليطفو على سطح المجلس !
عذراً إن كنت أسهب في الحديث مستندة على خلفية بسيطة جداً و متواضعة لكن قلّما نجد مساحةً كهذه : )
بدايةً , التباين الناشئ في اللغة العربية الفصيحة و المحكيّة يأخذ بُعد جغرافي و زمني ليسَ بحديثِ عهد
حتى اللغة العربية في تاريخها تضم لهجات و قراءات مُختلفة باختلاف الأمصار و القبائل العربية القديمة
فنجد أن لهجة قبيلة تختلف في بعض المعايير اللغوية عن قبيلة أخرى سواءً بما يتعلق باللفظ أو التصريف
الانصهار العربي الأعجمي الناتج من الفتوحات و توسع الرقعة العربية له الأثر الأكبر في تلك التعددية و حقن اللغة الأصيلة ببعض الألفاظ من أصول فارسية و كردية و غيرها
و بالرغم من هذا الاختلاف و تعددية المُترادفات إلا أنّ الأفصح هي لغة قريش
و لذا أتى القرآن معجزة تتحداهم في لغتهم
و مع اتساع البُعد الزمني إضافة للمتأثرات الأخرى ظهرت العامية بصورتها الحالية . لكن حتّى العامية و عامّية البادية على وجه الخصوص تتضمّن ألفاظ عربية فصيحة
مثل : بس : بمعنى كفى أو حسبك - أظن أنني قرأت سلفاً أنها فارسيّة الأصل- , دنّق : للانحناء .
" بكّاش " تقال للمحتال بالقول .. و طشّ : بمعنى رمي و غيرها *
ألفاظ كثيرة ذهلت أنها ألفاظ فصيحة و من صميم اللغة .
مسألة إتخاذ اللغة الفصيحة نهجاً محكيّاً بالتأكيد أمر أقرب للمستحيل في ظل هذا اللحن الكبير الطاغي و تعدد اللهجات العامية ,
ضرباً من الجنون أن يتم إحياءها على اللسان العربي في ظرف زمني قصير لكن حتى تكون المسألة أكثر واقعية و أقرب لتحقيق الإحياء على المدى البعيد يكفي أن تتربّى الناشئة في المنزل قبل المدرسة على فطرة حُب اللغة
سواءً في التلاوة القرآنية أو حفظ القصائد العربية و إتخاذها اللغة الأساسية في التعبير الكتابي
بعض قاصريّ النظر لا يرون جدوى من إتقان اللغة أو دراستها و أنها ليست ضمن ركب العلوم العصرية المهمة غافلين تماماً أن لغة أي أمة هي المتحدّث الرسمي للسانها و الوسيلة الوحيدة لتوثيق أمجادها و إنجازاتها
من التشكيك في الأرشفة و مرجعية العلوم , ماذا لو كانت أول الاكتشافات العربية محفوظة بلغة أخرى .. هل ستحسب كل الأمجاد القديمة للمسلمين دون أن ينالها تشكيك !!
لذا فإن كل لغة هي من تحفظ للأمة عزّتها حتى لو لم تكن لغة العصر !
أخالف الفاضل ومضات في نبذه للمسلسلات التاريخية , مهما كانت مغالطات المضمون و التي لا أتصور أنها تطول جميع المسلسلات إلا أنها خطوة رائدة تُحسب للإعلام العربي
في دعمه للكلمة الفصيحة و موروثها التاريخي و التذكير برموزها
أغبطك على دراسة اللغة العربية و لو يتسنّى لي الأمر لدرستها بشغفٍ بالغ لكنّني أُمنّي نفسي بأن هذا الشغف مُصاحب للإطلاع فقط و قد لا يراودني حبّها لو تعاطيتها كمادة مدروسة
فاتني الكثير لكن منكم نستفيد .
شكراً لك .