أتذكرين عندما مرضت أمكِ لم أستطع رؤيتكِ ليوماً كامل قضيتُ يومي كالمجنون وقتها لا أعمل ما حل بي
وكل ما أحتاجه هي وصفةٌ طبية من طبيبي المعالج لكي أشفى وأهدى ..
رغم أني كنتُ أحدثكِ بهاتفكِ المحمول كل ساعةٍ تقريباً إلا أن رؤية عيناكِ علاجي ,
لذا فعلتُ ما يفعله المراهقون في اليومِ الأخر بل ما يفعلوه العاشقون المتيمون !
الذين ذهبت عقولهم لتقودهم عواطفهم ومشاعرهم لفعل كل مايصنف بالجنون ..
كانت الساعة التاسعةُ ليلاً ركبتُ سيارتي مسيراً لا مخير بأمر القلب ! ولم أقف إلا وأنا أمام منزلكِ
ثم إتصلتُ بكِ وقلتُ لكِ : " أحلام أنا أمام بوّابةِ منزلكم وأريد رؤيتكِ "
فـ قلتي لي انتظر دقيقةً سأبعد البواب عن الباب واتصل بك بعدها
وماهي سوى دقايق معدودة حتى إتصلتِ بي لتقولي لي : " أدخل "
فدخلت ولم أفكر مطلقاً بما أنا فاعله ولا أحسبك فكرتي بما تفعلينه !
كان الشوق وحده من يحركنا , ما إن إلتقت عينانا حتى احتضننا شوقنا قبل أن نحتضن بعضينا
كانت أول مرة تحتويكِ أضلاعي لتهبينها قوةً ووفاء ,
بعدها اخذتني إلى غرفتكِ وقضينا ليلتنا بين كلمة حبٍ حلوةٍ وذكرى طفولتكِ وسلوى
فقد حكيتِ لي حكايا زوايا غرفتكِ منذو نعومةِ أظفارك حتى ليلتنا هذه
كنتِ واضعةً رأسكِ على كتفي الأيسر وكانت يدي اليسرى تحتضن ظهركِ
ويدي اليمنى تلاعب خصلات شعركِ المنتثرة على روض خديكِ ..
وأنفاسك الدافئة تلطف جونا ...
أخذنا الحديث حتى نسينا الوقت فلم نشعر به أبداً حتى رفع أذانُ الفجر بعدها احتضنتكِ وكان جسدكِ يرتعش
ثم نظرتُ في عيناكِ وقلت : " أحبك يا أحلام " , وقبّلتكِ على جبينك وانصرفت
كانت ليلتي هذه من أجمل ليالي الجميلة بك
مرت الأيام هنيّة بوصلنا حتى أتى ذلك اليوم وكانت الفترة تلك تصادف اختباراتكِ النهائيه
مررت عليكِ بعد انتهاءك من إختبارك وخرجنا سوياً ذهبنا إلى مطعم وتناولنا وجبة الغداء وتحدثنا عن اختبارك وكان هذا اللقاء ممتعٌ
فيكفي أن اراكِ لأضمن المتعه ,
خرجنا بعد ذلك وركبنا السيارة وما إن بدأنا بالتحرك
حتى قلتِ : شاهدنا فيصل ..!
سألتكِ : ومن يكون فيصل ..؟
وقلتِ لي أنه إبن عمك ..
كنتِ متوترةً لدرجة أن توترك الزمني صمتي .. طلبتي مني إيصالك إلى البيت وفعلت .. بعدها عدتُ إلى شقتي
وما أن وصلتُ حتى اتصلتُ بكِ , لكن لم أجد جواباً هذه المرة
فكان هاتفكِ مغلقاً !
تكررت محاولاتي لكن باءت كلها بالفشل
عندها بدأت بالربط بين توتركِ عند رؤيتكِ ابن عمكِ وبين اغلاقكِ لهاتفكِ المحمُول وتنبأتُ بأنكِ واقعةٌ في مشكلةٍ أنا سببها ..!
مرّت دقائق هذا اليوم صعبة ومتعبة جداً .. فقد انهكني التفكير لدرجة أني ذهبت إلى منزلكِ أراقبة علني أشاهدك ..
وكانت الدقائق في هذا اليوم كالسهام وحظي نبال قلبي هدف لكي أن تتخيلي كم سهماً أصاب قلبي !! ..
مضى هذا اليوم ومضت بعده أيامي الأربعة مشابهةً له
كنت فيها كالغريب الضائع في مكان لا يعرف أحداً به ولا يعرفُ إلى أين يذهب ولا حتى ماذا يفعل ..؟
وفي اليوم الخامس نهضت متاخراً وذهبت إلى العمل متاخراً كانت الساعة التاسعة عند وصولي مقر الشركة ,
وفور وصولي أتاني أحد المواظفين يخبرني بوصول رسالةٍ بخصوص بنود الإتفاقيه حول أحد مناقصات الشركة
وانه قام بتحويل الرسالة على بريدي الإلكتروني
لأنه يريد رأيّ بها ..
ذهبتُ إلى مكتبي وفتحتُ بريدي الالكتروني .. لأشاهد رسالةً مُعنونةً بـ " نور عيني " ! ..
تجاهلت رسالة الشركة وفتحتُ هذا الرسالة وبدأتُ بقراءته ..
اذكرها حرفاً حرفاً فقد قلتِ بها ...
{ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حبيبي سعود أعلم أنك في حالة توتر بسبب غيابي وأريدك أن تعلم أن حالي مثل حالك ! ..
والدي في الأيام الماضية أخذ هاتفي المحمول
ومنعني من الخروج من المنزل إلا لحضور "اختباري" وهو من يوصلني ..
لا أعلم ما أكتب لأني ضائعه بدونك يا سعود لكن !
أردت أن تعرف أني أحبك وسأقاتل لأجل حبك
فأنت نور عيني وبسمة سنيني ..
ولا أريدك أن تشغل بالك كثيراً فما يحدث لنا الآن مجرد سحابة صيفٍ عابرة }
وختمتِ رسالتك بِـ { أحبك يا سعود }
آآآآآه كم تقتلني هذه الكلمة وتحيني مجدداً
وانا أحبكِ يا أحلام .. أقسم بالله أني أحبكِ ! ..
كانت كلماتكِ مثل الإبرة المسكنة فعلاً , ارتحت بعد قراءتها قليلاً
وبادرت بالرد عليها وأذكر أني سألتك في رسالتي مالذي حدث ومالذي قاله ابن عمك لوالدك ؟
ثم أتاني ردك بعد يوماً من رسالتي وكان وقت قراءتي لها الخامسةُ عصراً
كنتُ في شقتي حين وصولها وقلتِ بها
أن "فيصل " تقدم لك في السابق ورفضته بحجةِ الدراسة وبعد أن راءني معكِ ذهب إلى والدي وقال له أني رفضته لأني أماشي شاباً
لا لأجل الدراسة وأنه راءنا معاً
وعندما سالني والدي من صحة ما قاله فيصل ..!!
لم أستطع الرد عليه والتزمت الصمت وحدث ما حدث ..
بعد رسالتك هذه صعدت سيارتي ولا أدري الى أين أذهب خفت أن يجبرك والدكِ على الزواج من "فيصل " وبدأت الوساوس تجد طريقاً مناسباً إلي ..
لذا دون شعورٍ وجدتُ نفسي أمام منزلكم .. نزلتُ من السياره وضربتُ جرس المنزل ليخرج إلي حارسُ المنزل ,
وطلبت منه مقابلة صاحب البيت ..
وماهي إلا دقائق حتى خرج والدك مرحباً
فقلت لها مباشرة لي طلبا عندك وأرجو أن لا تردني به ! ..
ابتسم والدك من أسلوبي وقال لي : أدخل وبعد أن نكرمك أخبرني ما طلبك
ودخلنا وبعد تناولنا الشاي ..
سألني هل أعرفكِ .. قلت لا أو ربما ولكن الأكيد أني أعرفك ..؟
فأبتسم والدكِ مرةً أخرى وسألني ماذا أستطيع أن أخدمك فيه سكت قليلاً ثم نظرت في عينيه وقلت :
" أريد خطبت ابنتك احلام ..! "
عندها احتد صوت والدك
قائلاً : ومن أين لك أن تعرف أحلام ..؟
فأخبرته أني مهندس حاسبات وصادف أن بحثاً كانت تعمل عليها جمعنا ..
وأني أُعجبتُ بها خلقاً وجمالاً ونسباً ؛ لذا أنا الآن في مجلسك أنتظر كلمتك التي أحسبها
ستكون سبباً لامرين نقيض بعضيهما ,
إما سعادة ابتغيها أو تعاسةً تلاحقني
ليعاود والدكِ الإبتسامة مرة أخرى ..
: " أنت أغرب من قدم خاطباً سمعت عنه وشاهدته
تقدمت لخطبت ابنتي وأنا حتى الآن لا أعرف اسمك
قدمت لي وأحسبك لم تنظر في المرآه كأنك خارجاً من حبساً
فلم تهذب لحيتك ولم تأتي بأحسن صورةٍ لك
وصدقا لو لم يكن عليك الصدق لشككتُ بأنك مهندس
سأكون صريحاً معك يا ... "
فسألني عن اسمي , فقلت : " اسمي سعود "
قال يا سعود :
أنا لا أعرف عنك شيئاً عندها قاطعته ومددتُ له كرتي الخاص
وقلت لك أن تسال عني في مقر عملي
عندها قاطعني وقال : " يا سعود
بغض النظر ابنتي مخطوبة لابن عمها وأرجو منك ان تبتعد عنها
نحن رجال نفهم بعضاً البعض وأنا رأيتُ بك رجلاً يقدر الرجال وإلا ما قدمت إلا هنا
بعد ما علمت بأن ابنتي تخرج معك لاي سبباً كان بحثاً كما تقول أو غيره ..
هي عرضي الذي لا أتمنى أن يمسها أحداً بكلمةٍ واحدة , وبخروجها معك كانت معرضه لهذا الشئء
كما أنها صغيرةٌ لا تعي ولا تقوى على فهم الحياه وأنا صدقاً لا أعرفك
ولا يمكنني أن أزوج ابنتي لشخصٍ لا أعرفه !
وفوق هذا كله كم أخبرتك هي مخطوبة فعلاً لابن عمها
لذا أطلب منك وأرتجي أن تلبي طلبي هذا .. أريدك أن تبتعد عنها
ولا تتلف لها حياتها .. ! "
كانت كلماته كالرصاص ألجمتني صمتي
أسلوب والدكِ كان يكتفني من كل جانب
احترامه وأسلوبه فرض علي أن احترمه بل حتى أني خرجت ولم أنطق بكلمةٍ واحدة
بل استأذنتُ منه وقال لي قبل خروجي :
" سعود ابنتي أمانة في عنقي وأنا أحافظ عليها
وأرجو أن تكون عوناً لي .. "
هذه الكلمات بالإضافة لإسلوب والدكِ أجبراني على تقديم طلب نقل
من الخبر الى جدة تستطعين ان تسمينه هروب أو هزيمة !
فـ قد كنتُ بين نارين , نار حبكِ ونار بعدكِ
كما أن حديثي مع والدكِ زرع بداخلي أنك " مستحيلة " في حياتي .. !
وبالفعل لم تمضي أياماً حتى قُبل طلبي واتجهتُ إلى جدة ..
وصلت مطار الملك عبدالعزيز وكان في إستقبالي غسّان مهندس من مهندسي الشركة
كانت شخصية غسان مميزه جداً
فمن خلال لقائي الأول به إستطاع أن يكسر الحواجز الرسمية بيننا ..
لذا استحق أن يكون أول صديقٍ لي ..
يقال أن الأصدقاء هم من يظهرون في الأوقاتِ الصعبة
وانا ولد لي صديقٌ في معمعتها ..
مضت أيامي الأولى في عروسِ البحر مؤلمة
فلم تمضي دقيقة واحدة إلا وطيفكِ يمر ليختفي بصورةٍ كـ الحلم المستحيل التحقيق
آآآآإلا انه كان يملك أسلوب في الإقناع يجبرني على موافقته والخروج معه
وأنا كنت سهل القراءة لذا لم يصعب عليه أن يعرف أني هارب من قصةِ حب تلحقني ولا أظن أني أستطيع الخلاص منها
فقد سألني ذات يوم : "منذُ متى وأنت تحبها " ؟ ..
صدقاً فاجاءني سؤاله آن ذاك وقلت له : " ومن قال أني أحب " ! .. ابتسم ,
وقال لي يا سعود : "عيناك وشرود ذهنك وصوتك وكل ما فيك يثبت أنك عاشق والعشق هواك ودونه تختنق وأنت الان تختنق "
ابهرني هنا لأنه صوّر حالتي كم هي فعلا ً .. أنا دونكِ أختنق يا أحلام ..
لم أجب مباشرةً على جواب "غسان" فحاولت الهروب بسؤالي له : "هل أنت تتعامل مع جميع " ؟!
القادمين إلى الشركة هكذا وتدخل حياتهم بأبسط الطرق لتصبح مقرباً منهم ..
ليبتسم غسان ثم قال : سأقول لك لكن شرطاً أن تحدثني عن حبك وما آل اليه ..؟
لم أرد عليه وبدأ بحديثه قائلاً : أنا يا سعود صديق الكل حياتي ومتنفسي تكوين الصداقات لكن جميعها كانت بحدود
بإستثناء صداقتي معك تمتلك سر غامض جعلني أحاول دخول حياتك لتكون صديقي المقرب
صدقاً يا سعود أنت من أصدقائي المقربين جداً رغم معرفتي الحديثةُ بك ,
تمتلك كاريزما خاصة تشدني هذا غير من خلال مجالستي معك في الأيامِ الماضية التي بينت لي أنك إنسانٌ عظيم
خاصةً في العمل فرغم ما بك من ألمٍ آره في عيناك إلا أنك تؤدي عملك بإحترافية
عندها لا أعلم ما الذين دفعني للضحك وقلت اقنعتني لذا سأقول لك ما بي
وبدأتُ فعلاً بالحديث له عن قصتي معك يا أحلام ..
كان الحديث مع غسّان متنفس فكأن الحروف التي تخرج من شفاهي هي متوهجةً داخل قلبي
وبخروجها يخف احتراقه ..
بعد أن أخبرته بجميع فصول قصتي إلتزم صمته ثم قال لا أعلم ما أقوله لك يا سعود
فـ أنت وهي ظُلمتم كثيراً .. لكن إن رأيت أن الحلم مستحيل ..
فلا تقيد نفسك به وحاول أن تخرج من دائرته الجائرة ..
فـ قلت له : "وهل لي حكماً على قلبي .. لا والله يا غساّن , أحلام شيءٌ عظيم في حياتي ولا أبالغ إن قلت لك
هي حياتي ..
عندها ابتسم غسّان وقال : أتعلم يا سعود كنت أعتقد أن الحب هو من أساطير الأولين ولا له بعألمنا وجود
لكن بعد أن سمعتك اكتشفت أنه ما زال له صوت في قوي في قلوب الأوفياء
إلا أنني يا سعود سأحاول إخراجك من ما أنت فيه لكن كل ما أريده منك أن تسلمني نفسك , وأجدول لك برنامج يومياً ستقتلني بعده
لينتهي لقاءنا هذا بضحكاتنا ..
فعلاً إستطاع غسّان أن يغيّر في شكلِ حياتي كما إستطاع تخليصي من الضغوط التي كنت أعاني منها
إلا أنه لم يستطع تخليصي من التفكير بكِ ومن التوقف عن حبك ومن الحياة لأجلك
كان يمضي يومي في صباحة حتى الظهيرة في العمل
ومن بعدها كان يأتي إلي غسّان في فترة العصر نخرج لرحلات بحرية عبر "اليخت" الذي يملكة
كان غسّان صيادٌ ماهر عاشقٌ للبحر في حين لم أكن كذلك مطلقاً ..
كنت أحب البحر لكن حبي له لم يتجاوز النظر والإستماع لصوتِ الموج
إلا أنني لم أخرج قبل الآن لرحلةٍ بحرية ..
كنا نخرج بأدوات الغوص والصيد فقد أخذ غسّان على عاتقة تعليمي على الصيد ,
وكان يقول : الصيد يزرع في الإنسان الصبر لذا لابد أن تتعلم الصيد
وكان يقول أيضاً أني سـأعاني في بداية الأمر حتى تنجح "سنارتي" بالحصول على أول صيدٍ لها
لكن ما حدث أن سنارتي كانت تحصل على صيدها بأيسرِ الطرق
وهذا ما دفعه لأن يقول بعد ذلك لي : أنت صيادٌ بالفطرة
كنا نعود من رحلتنا البحرية بعد زوال الشمس محملين بصيدنا الذي كان يأخذه غسّان إلى منزله ..
لنقضي فترة المغربِ في النادي الرياضي في حين نقضي باقي يومنا إما بالتجوال في شوارع جدة
أو في منزل غسان وتبادل الحديث في مختلفِ الإتجاهات ..
فقد كان غساّن ملمٌ بالكثير من الأمور وهذا ما يجعل الحديثُ معه ممتع
وبعد هذا اليوم الممتلئ كنتُ أعود إلى شقتي لأنام ..
كانت أيامي في جدة حيويه ممتلئةٌ بالنشاط كـأيامي في الخبر بعد معرفتي بكِ
إلا أن أيامي في جدة ينقصها وجودكِ حتى أستطيع أن أُطلق عليها جميلة
رغم أن ضحكاتي وإبتسامتي كانت تحضر عن مجالستي لغسّان
إلا أنني أقسم بالله أن وجعاً سكن القلب من فراقكِ لا يستطيعُ أحداً سواكِ إخراجه !
وهذا ماتحسسه غسّان في إحدى رحلاتنا البحرية حيث أنه لاحظ علي شوردٌ ذهني وما ظهر من حزنٍ في عيني
واتى إلي وجلس بجواري , وقال سائلاً : ألازلت تفكر بها ؟! ..
فأجبته قائلاً : "وهل مضى وقتٌ علي ولم أُفكرُ بها ..
أتعلم يا غسّان كل يومٍ يمضي أشعر بضعفٍ وهزيمة لأني هربتُ حتى أني لم أستطع وداعها ,
هل أنا جبانٌ يا غسّان حيث قبلت بالهزيمة ولم أقاتل لكي يرى حبي النور ؟!
أجابني غسّان قائلاً : ومالذي بيدك فعله إن كان أباها رافضاً ويراك ضرر في حياتها ..؟!
بل وجودك هناك كان سيجلب لك ولها المشاكل والتعب فوق الحزن الذين يسكنك الآن ويسكنها
أنت بهروبك على حد قولك جنّبت أحلام ونفسك المشاكل وخرجت بأقلِ الأضرار
وهو حزناً يسكنها ويسكنك ..
ولتعلم يا سعود إن كان مقدرٌ لحبكما أن يرى النور سيرى النور
وإن حلقت طيور الظلام في سمائه .. !"
جملة غسان الأخيره زرعت في قلبي شعوراً غريب .. شعورٌ أخذني لبعيد
شهرين مضت منذُ قدومي لجدة ..
قطعت فيها كل وسائل إتصالي بكِ , فقد إتلفتُ شريحة هاتفي المحمول وأخرجتُ رقماً جديداً - هذا بعد انتقالي من الخبر بكاملها إلى جدة
وخلال هذه الشهرين حاولتُ تقويّة علاقتي بغسّان الذي أصبح لي الأخ والصديق وأيضاً بأهل غسّان الذين شعرتُ أني جزءٌ منهم بفضل معاملتهم لي
كنت كل مساء بعد صلاةِ العشاء أتواجد في منزلِ غسّان إما بإصطحابه لي أو بإتصالة والحاحه علي حتى أصبحت شبه عادةٍ يومية تواجدي هناك
ومن هنا تعرفت على والد غسّان الدكتور الجامعي في علم الفلسفة وكانت له فلسفته الخاصة التي كانت تعجبني ,
كذلك شخصيته في تعامله مع ابنائه عامةً وغسان خاصة فلم أشعر للحظةٍ انه والده بل صديقه المقرب !
كذلك تعرفت على والدة غساّن التي كانت تذكرني كثيراً بوالدتي فقد كانت أماً حنون على ابنائها بل علي أيضاً , كما أنها شرفتني بمناداتها بأمي
فاذكر في اول ايامي هناك عندما كنت احدثها ابدأ بام غسان وكانت تقاطعني وتقول لي انت مثل ابني بل ابني يا سعود
لذا نادني بامي ...
كما تعرفت على أيضاً على أخت غسّان فاتن ذو الـ 19 ربيعاً كانت في سنتها الثانية جامعياً في مجالِ الطب كما أنها فتاةٌ ذكيةٌ وجميلة ..
وكذلك تعرفت على صغير بيتهم أخ غسّان الأصغر خالد صاحب الروح المرحة أو كما تطلق عليه أم غسان .. "فاكهة المنزل"
ورغم صغر سنه فهو ابن الـ 15 ربيعاً إلا أنني عندما أحدثه أجدني أحادث شخصاً واعي ذو فكرٍ عالي !
كانت بالمجمل الأجواء العائلية التي عشتها في جدة في منزل غسان جميلةً جداً
إلا انني لم أستطيع يوماً أن أجد الراحة الكاملة رغم محاولاتِ غساّن الجادة في تخليصي من ما أنا به ..
صدقاً كنت أرتاح عند تواجدي في منزله وبين عائلته التي رحبت بي إلا أنها راحةً وقتيه , ما إن أعود إلى شقتي حتى أتذكر
أني هربت ولم أستطع صنع شيءٍ لحبي ولكِ يا "حلمي " !!
كان فراقنا كالمرض ينهشُ في حياتي وحياتكِ واي شيءٍ غير وصالنا يعد ممكن لهذه الحياة التي أعياها الفراق ,
فظهور غسان وعائلته في حياتي وهبني قوه لمقاومة هذا المرض إلا أنها قوّة وقتيه يقل تأثيرها مع الوقت
أذكر في يومٍ من الأيام بعد عودتي من البحر كانت وقتها فترة المغرب أتاني اتصال من غسّان يسألني هل تجيد التعامل مع "نظام الماكنتوش" ؟
فأجبته : .. نعم لما ؟
فقال لي فاتن جهازها يعمل على هذا النظام وتريد التعرف عليه فإن كنت لا تمانع فحبذا أن تشرح لها النظام بشكلٍ مختصر
فأجبته : "على الرحب والسعه " ..
قال : إذاً نلتقي في بيتنا بعد صلاةِ العشاء" , و فعلاً إتجهتُ لمنزل غسّان بعد صلاةِ العشاء واتصلتُ به : " غسان أنا أمام منزلكم "
أجابني : "ربع ساعةٍ وسأكون عندك , سأحدث حارس الباب لكي يفتح الباب لك إنتظرني في المجلس وسأحدث فاتن تأتي بجهازها عندك حتى قدومي "
وماهي إلا دقائق حتى دخلت فاتن بجهازها , وبدأت في شرح النظام لها وبعد مضي 10 دقائق
سألتني فاتن سؤالاً بعيداً كل البعدِ عن ماكنا به :" سعود هل لي بأن اسألك سؤالاً بعيداً عن "الماكنتوش" ؟!
أجبتها : نعم لما لا ؟!
قالت : مارايك في الحب ..؟
أجبتها : " هو الجنةُ و النار " .. وكنت اراكي يا أحلام امامي !
قالت : مبتسمه كيف ذلك ؟! ..
قلت : في لقاء الاحبه جنه وفي فراقهم نار ..
قالت : لا .. لا أعني ذلك , بل بشكلٍ عام ما رأيك بوجودة في حياةِ الشخص !
قلت :الحب بشكلٍ عام شىء أساسي في حياةِ الإنسان ؛ فالإنسان يحتاجُ الشعور بهذا الحب بمختلفِ أطيافه من حبِ الأهل والأصدقاء
ووصولا إلى حب الحبيب لحبيبه .. لكن أتعلمين يا أحلام
نعيم الحب ينقلب لجحيم في حال غياب من تحبه .. !
وعندها سالتني فاتن من أحلام ..؟
وأربكني سؤالها لا أعلم لما فأجبتها : " لا أحد لا أحد "
عندها دخل علينا غسّان وبدأ يحدثنا عن ما حدث له وسبب تأخيره
وكان قدومه انقاذاً لي من أسئلة فاتن ..
جالستهم قليلاً ثم عدتُ إلى شقتي وأنا أفكر بحديثي وبكِ وبالألم الذي تركته بك في غيابي قبل أن اتجرعه !
فاخذت هاتفي المحمول واتصلتُ على هاتفكِ , لكن وجدته خارج الخدمة وبعدها أصابني شعورٌ مؤلم
وكأني أختنق بل كنت أختنق .. أريد اي شيءٍ منكِ لإنقاذي
عندها تذكرتٌ عندما أرسلتِ لي على بريدي الالكتورني
فقررت مراجعة بريدي وبالفعل وجدتُ 23" رسالةً منكِ ..!
أتعلمين مثلي كمثل شخصٍ فارق الحياة ..
فقلبه توقف عن النبض , وجهازه التنفسي تعطل , وروحه عن الجسد ترجل ..
حتى أتت أيادي بيضاء لتقدم لهُ أنعاش القلب الرئوي فتعود لهُ الحياه من بعد موتٍ محتم بقدرة قادر ؛ فعاد قلبه للنبض وعاد جهازة التنفسي للعمل وعادت روحه للجسد
نعم .. نعم .. هكذا وضعي كان منذُ فراقنا أو بالأصح منذُ هروبي الى أن رأيت رسائلكِ حتى قبل أن أقرأها ..
بدأت في قراءة أول رسالة وكان عنوانها .. "أحبك "
آه كم تقتلني هذه الكلمة وتحيني يا أحلام ..وأنا أيضاً أحبكِ لكن سحقاً لكلمة شرف وعادات وتقاليد تهدم بيت صنعهُ الحب ..!
قلتِ في رسالتكِ الأولى .. " مساء الخير يا سعود ومسائي أنت
أشتاقك حبيبي طمئني عليك .. "
رغم أن رسالتكِ الأولى كانت قصيرة إلا أنها تركت أثراً كبيراً جداً في نفسي فإرتسمت بسمتي التي افتقدت صدقها في الفترةِ الاخيرة ..
فأنا مساءكِ وتشتاقيني يا أحلى أوقاتي ..
رسالتكِ الثانية عنونتها .. "حد الموت أحبك "
كان العنوان رسالة بحد ذاته .. أي احمقٍ أنا حتى أهرُب من قلبٍ وهبني هذا الحب وأهدر شهرين من عمره بعيداً عنه !
قلتِ في رسالتكِ الثانية : "سعود حبيبي أتذكر تلك الليلة التي قدمت فيها إلى غرفتي .. أحسستُ آن ذاك وأنا بين ذراعاك أني أميرة
ملكت الكون كله فهل تحفظ لي يا "سعود" هذا الاحساس ..؟
وأنا للأسف لم أخوض حرباً واحدة وهزمت فيها وهربت تاركاً أميرتي خلفي .. أعدكِ الآن أن أقاتل لكي أُنعش هذا الإحساس .. لكن هل تسامحيني ..؟
رسالتكِ الثالثة عنونتها.. بِـ "أشتاقك "
وقلتِ بها : " سعود حبيبي طمئني عليك أعلم أنك لا تبصر بريدك الإلكتروني كثيراً كثيراً لكني سأظل أراسلك حتى أجد منك جواب , لك أن تفرح
فهناك فتاةٌ جميلة وأميرة لى حد قولك تلاحقك ..
وختمتِ رسالتكِ بِـ " أحبك "
لم تفقدي روحك المرحة وكنتِ متفائلة وليتني قرأتُ رسالتكِ هذهِ من قبل لربما دفعني الى التفائل وفعل أي شيء لكي أكون قريباً منكِ
رسالتكِ الرابعة عنونتها بإسمي .. "سعود "
ولم تحمل سوى كلمة واحدة " .. أحتاجك " ,
وكانت كافية لتصور لي حالتكِ آن ذاك وكيف ستكون عندما تعلمين أني خذلتكِ وهربت ..!!
رسالتك الخامسة عنونتها .. "بفرحتي ينقصها أنت "
وقلتِ بها سعود لي : " سعود لي مكافأة عندك لا تنسها .. فقد وعدتني بهدية في حال نجاحي وتوفقي ..
وها أنا أنجح وبتفوق فهل لي أن تشاركني فرحتي يافرحي ,, كما لا تنسى هديتي "
بل أنتِ فرحتي وآخر همّي يا أحلام وبعدكِ سبب حزني , مبارك نجاحكِ وإن كانت متأخرة كثيراً
وهديتُكِ بحوزتي فهل مازلتِ تريدينها ..!
أحرفكِ كما أذكرها عندما قرأتها أول مرة في كشكولك آن ذاك .. عذبةٌ شفافّة تصل لقلبي لتحييه ..
أعدكِ يا أحلام أن أُقاتل حتى يستمر هذا الحلم ... فلا اجدني صالح للحياةِ دونه
وقلتِ بها : "سعود أريد أن أحدث أمي في أمرنا لكن أريد أن أحادثك قبلها حتى نتفق على بعضِ الأمور
أرجوك أدخل على صندوقك .. "
وكأنك تعلمين أني هارباً عن أي شيء يوصلني بكِ حتى لا أبدو أمامكِ الضعيف الذي لا بيده حيلة
.. ربما مقابلتي لوالدك وما حدث فيها زرع احساس في داخلي يقول أنكِ مستحيلةٌ في عالمي وهذا ما دفعني للهروب
لكني أُقسم أني لم أشاهد رسائلك وقت إرسالكِ لها ..
رسالتك الثامنه وعنونتها للمرةِ الثانيةِ بِـ "سعود "
وقلتِ بها : "سعود أينك حبيبي ..؟
أعلم أنك لا تدخل كثيراً على بريدك الالكتروني لكن هذا لا يمنع أني أنزعجُ من هذا الشيء
لأنك تعلم عدم قدرتي على محادثتك بالهاتفِ المحمول كما أنك شاهدت رسالتي الأولى هنا
فمن باب أولى أنك تتوقع رسالةً أخرى مني ..
على كل حال سأدعو إحدى صديقاتي الى منزلنا وسأستعير هاتفها المحمول لكي أحدثك وعندها
سأحاسبك على تجاهلك رسائلي وإهمالك لبريدك الالكتروني ! "
أعلم أني أستحق منك أي عقابٍ ترينه مناسب لي ؛ لكن أُقسم بالله أني أحبكِ وحياتي لا معنى لها دونكِ !
إهمالي لبريدي الالكتروني هو بسبب ضعفٍ سكنني ودعاني للهروب من واقعٍ
ابعدني عنكِ وجعلكِ في عيني مستحيلة ..
رسالتكِ التاسعة عنونتها أيضاً بسعود
وقلتِ بها : "سعود أمي أتت تحادثني بأمرِ فيصل لكني لم اجعلها تكمل , وحدثتها عن أمرنا وأقنعتها
ووعدتني بأن تحدث والدي وتحاول إقناعه
كما ستأتي صديقتي اليوم وسأحادثك بِهاتِفها .. "
والدك هو من قتل أي محاولةٍ أخرى ..
ربما أسلوبه اللطيف معي آن ذاك ونقاشه لي .. لا أعلم لا أعلم !!
رسالتكِ العاشرة وعنونتها بعلاماتِ استفهام " ؟؟؟ "
وقلتِ بها : "سعود لما هاتفك مُغلق ؟
اتصلتُ عليك كثيراً ..! طمئني عليك أرجوك
فقلبي بدأ يتغلغل إلى داخله خوفاً انه أصابك مكروهٌ ما
يحفظك الرحمن من كل مكروهُ "
أميرتي ترتجي رداً مني وأنا أكبر أحمق .. فكيف لي أن اترك من وهبتني السعادة وأعاهد والدك !
وكيف لي التزمت الصمت عندما قال لي انه يعرف "مصلحتُكِ "
وهو لا يعرف ان سعادتكِ معي ..
نعم أنا أحمق واستحق القتل شرط أن تكوني قاتلتي ..!
رسالتكِ الحادية عشرة .. عنونتها بِـ "سعود " أيضاً
وقلتِ بها : " سعود أمي حدثت أبي بخصوصنا ووعدها بالتفكير بالأمر
ثم حدثتني أمي وقالت لي : " هل سيأتي "سعودك" فعلا ..؟! "
سعود أرجوك لا تخذلني .. "
قتلتني آخر كلمةٍ في الرسالة ولا أعلم ما أقوله لكِ يا أحلام
لاني فعلاً خذلتكِ ,
رسالتكِ الثانية عشرة عنونتها بِـ "سعود " أيضاً
وقلتِ بها : " اليوم تناقشت مع والدي .. ووعدني بمقابلتك شريطة
إن لم يقتنع بك .. سيزوجني فيصل !
أنا واثقة أنك ستقنع والدي , أرجوك أن تشاهد رسائلي "
أستغربت فعلا من والدكِ فأنا فعلاً قابلته وردّةُ فعله وطلبه لي هو ما دعاني أفعل مافعلته
ربما كان يرى فيصل الأنسب لكِ فضلاً انه يريدهُ ان يكون "صهره "
فتعامل مع الموضوع وكأنهُ لم يقابلني !
رسالتكِ الثالثه عشرة عنونتها بِـ "أرجوك حبيبي "
وقلتِ بها : "سعود صدقاً قلبي يؤلمني طمئني عليك "
رغم الوضع الذي تعيشيه فكرتي في سلامتي ..كم أنتِ نقيةٌ يا أحلام
رسالتكِ الرابعة عشرة عنونتها " بِـ لماذا ؟"
وقلتِ بها : " لماذا نقلت ؟ وإلى أين ذهبت ؟؟! ولما أقفلت هاتفك ؟!
أرجوك أن تملك جواباً مقنع فقد أُصبت بصدمةٍ عندما سألت عنك في عملك
كم أرجو أن لا يخيب ظني بك ! "
أعلم أنكِ سألتهم أين ذهب ولما وهل لهُ رقم هاتفٍ جديد
فأجابوكِ بأنهم لا يستطيعون اخبارك بنائاً على رغبته
ولا أعلم لما طلبتِ هذا الشىء
لا أمتلك أجوبةً مقنعة صدقاً ولكن حبكِ بالتأكيد دفعني لفعل ما فعلته بشكلٍ أو بآخر
خاصةً بعد رفضِ والدك لي بطريقته الدبلوماسية والوعد الذي قطعته له ..
كما أني خفتُ عليك مني ! ثم خفتُ علينا من جرحِ الفراق رغم قرب المسافة لذا هربتُ لكني لم أستطع الإستمرار بالهروب
رسالتكِ الخامسة عشرة وعنونتها بِـ "الوقت يقتلني "
وقلتِ بها والدي أعطاني مهلةً لنهايةِ الأسبوع بعدها سيُحدثُ فيصل وأظنك لن ترى هذه الرسالةُ أيضاً مثل سابقاتها .. لا اعلم لما أُرسل " !
رسالتكِ السادسة عشرة عنونتها بِـ "انتهت "
وقلتِ بها : " والدي حدّث فيصل لكي يأتيه ..
واتفقا على نهايةِ الاسبوع .. وأنت لا اعلم أينك ! "
أنا نفسي لم أكن اعلم أيني يا أحلام ..
رسالتكِ السابعة عشرة وعنونتها " ربما صدق قلبي "
وقلتِ بها : " أبي يقول أنك لم تحبني وأنك تتسلى فقط ..!!
هل هذا صحيح ..؟؟
أعلم أنك لن تجيب لكن أتمنى أن يأتي يومٌ أجد أجوبةً لأسئلتي ؟ "
لا وربي لم تكوني تسليةً بل كنتِ عالمٌ جميل لم أجد نفسي
إلا وانا بداخله لكن هي وحدها الظروف ما أوصلتنا إلى هنا
رسالتكِ الثامنة عشرة الى الثانية والعشرين عنونتها بنقاط " ............. "
وكان مضمونها كلمات صدقاً لم أتمنى سماعه رغم أني كنتُ استحقها لأني اتخذتُ قراراً دون أن اشارككِ صنعه ..
كنت استحقُ كل كلمةٍ قلتها في حقي كما كانت عناوين الرسائل بليغة
فهي لم تحمل كلمه أو حتى حرف بل اكتفيتِ بالنقاط وكأنك تقولي " انتهى الكلام .. " !
آسف يا احلام على أي ألمٍ تركته في داخلك وليت آسف تكفي ..
رسالتكِ الاخيرة عنونتها بِـ "أحلام .. "
اسمكِ كان عنوانها لا اعلم خفت من مضمونها قبل أن اقرأها حتى ربما كان لرسائلكِ الاخيرة سببٌ في خوفي
فتحتها لأقرأ كلماتاً أظنها أصابتني بشىءٍ من الجنون من شدةِ الحزن الذي تركته في داخلي حيث قلتِ : ...
"أعدك أن تكون آخر رسالةٍ ارسلها .. فقط أحببت أن اخبرك هذه الكلمات وقبل أن أقولها
أريدك أن تعرف ما حدث معي , آتى فيصل اليوم لبيتنا على حسب الموعد المحدد مع والدي ..
قال له والدي أريد أن اتفق معك بخصوص موعد زواجك أنت وأحلام
فاجابه فيصل زواجي ..!
عذراً يا عماه لم اعد اريد الزواج بابنتك .. !
فقال والدي لم يكن هذا رأيك قبل مدة ..؟!
فأجابه فيصل : " اعفيني يا عماه من الإجابه فلا أريد أن أقول أي كلمهٍ تجرحك ..
عندها ارتفع صوتُ والدي وقال : ابنتي انقى وأطهر منك !
وإن كنت تقصد خروجها مع ذلك الشاب فخروجها معه كان لعملها في مشروعٍ جامعي
واحتاجت لخبيرٍ يساعدها في المشروع .. وهذا سبب خروجها معه
فأجابه فيصل : وآن يكن يا عماه أرجو ان لا تغضب مني لكن لم أعد أريد الزواج بأبنتك ..
انتهى لقائهم .. وأنا صدقاً سعيدةٌ برفضش فيصل لي فأنا أيضاً لا أريده
لكني أردتك أن تعلم يا سعود أني أيضاً لم أعد أريدك .. ! "
آآآآه جن جنوني بعد هذه الرسالة وبعد قولكِ أنكِ لا تريديني وهذا ما دفعتني إلى الخروج من شقتي
وصعودي سيارتي لا اعلم الى أين ولا اعلم لما .. فكل ما كان يدور في بالي
أني خذلتكِ وجرحتكِ وأنكِ لم تعودي ترغبين بي !
الجنون وحده من كان يقودني في ليلتي تلك ..
فعقلي توقف عن إصدارِ القرارات واتكل اتكالاً كلي على قلبي
أو ربما تضامن عقلي مع عواطفي ومشاعري فأحال صنع القرار لقلبي !
كانت الساعه ال 30 : 11 مساءً عند خروجي من شقتي ..
رغم ازدحام شوارعِ جدة إلا أنني كنتُ أراها خاليةً فما كنت أرى أمام ناظري .. غيركِ
بدأتُ أسترجع لحظاتنا منذُ أن شاهدتكِ أول مرة في المقهى إلى آخرِ لحظةٍ جمعتني بكِ
ثم بدأت استرجع كلماتكِ التي كتبتها في رسائلكِ وعلقتِ في ذهني آخر كلمةٍ قرأتها ..
" لا أريدك .. لا أريدك .. لا أريدك !"
كانت دمعاتي تجد طريقها بكل يسر
فواقع كلمتكِ الأخيره عظيمٌ على نفسي
مرت الساعةُ الأولى فالثانية فالثالثة فالرابعة ..
كانت الساعات تمضي دون ان أشعربها
كنت أقطع الأميال بسيارتي دون أن أشعر بها أيضاً وكأن العالم توقف من حولي ..
و في طريقي لم أتوقف إلا مرتين لكي أزود سيارتي بالوقود فما كان يوقفني غير صوت المنبة
الخاص بالوقود ..
ثمَّ بعد مضي 7 ساعاتٍ ونصف أشرقت شمس يومٍ جديد لي ..
في مدينةٍ جديدة ..!
نعم نعم .. قادني قلبي إليكِ ..
وصلتُ الرياض في الساعةِ ال 7 صباحاً شعرت بالراحةِ بها أكثرُ من جدة ربما لأنها كانت محطة عبورٍ إليكِ عكس جدة التي كانت ملاذاً للهروب !
رغم أني لم أُطيل في الرياض فتوقفي لم يتجاوز الساعة إلا انه هذا ما شعرت به وأنا بها ..
وصلت الخبر في الساعةِ الـ 12 مساءً إتجهتُ مباشرةً إلى منزلكِ وطرقتُ الباب ليخرج لي حارسُ الباب وسألته : " هل والد أحلام موجود .. ؟"
ليجيبني : لا
فسألته مرةً أُخرى : " وأحلام ؟ " فأجابني أيضاً .. بلا !
عندها صعدت سيارتي مرةً أخرى انتظر قدومكِ أومقدم والدُكِ
في حقيقة الامر لم أكن مخططاً لما سأقوله لكِ أو حتى لوالدكِ ..!
ربما لأن قلبي من كان يقودني لا عقلي ,
كانت سيارتي أمام منزلكم وأنا بداخلها لم أشعر بنفسي فغفوت .. فبعد رحلةٍ طويلة لم يرافقني فيها سوا همي والسهر
كان لجسدي أن يطالب بالراحة واستجيب له ..
عندها رأيتُكِ تناديني مستنجدةً .. لا أعلمُ لما ..!
كنتِ ترددي " سعود .. ساعدني سعود ساعدني .. سعود ساعدني .. " !
وكنت أجري نحوكِ ..
وما أن وصلتُ إليكِ ومددتُ يدي لكِ حتى صرختي مرةً أخرى لا أُريدك .. لا أُريدك
عندها صحوت من غفوتي ! ؛ لأجد أمام نافذةِ السيارة أحد رجالِ الأمن بجواره رجلاً ملامحه ليست بغريبةٍ علي
كان يسألني رجلُ الأمن : "ماذا تفعلُ هنا ..؟ "
لكن لم اجيبه بأيةِ كلمة .. بل التزمت الصمت وأنا في حالة ذهول ,, فبين حلمٍ مضى وواقعٌ دنى .. تهت
كانت عيناي حمروان من قلةِ النوم مما دعاء رجل الأمن الاشتباه بي واعتقالي ..
في قسم الشرطة !
سألني الضابطُ المحقق عن بياناتي .. اسمي عمري عنواني فأجبته
ثم سالني .. مالذي أتى بك من جدة الى الخبر ومالذي أفعله هناك وكان يقصد عندما نمت في سيارتي أمام منزلكم
لم اجد إجابةً أستطيعُ أن أُدلي بها والتزمتُ الصمت
وقال لي : "إن لم تساعد نفسك يا سعود لا أستطيع أن أساعدك "
ثم سالني لما عيناي حمراون فأجبته من قلةِ النوم
ثم قال : " مهندسٌ مرموق في شركةٍ كبرى ماذا يفعل أمام منزل " س " من الناس على افتراض أنك لا تعرفه طبعا ..
لا تقل لي أنك أجهدت فقررت النوم هناك ..
لأن مثلك من الناس يجد الفنادق ملاذاً له .. هذا ان لم يكن لهُ بيتاً هنا من الأساس "
لم أعلق على كلامه والتزمت الصمت مرةً أُخرى
ليقل بعدها : " لا أملك أن أفعل لك شيئاً إن لم تتحدث
كل ما أستطيع فعله أن أتحفظُ عليك هنا إلا ان يأتي أحداً ليكفلك "
ثم قلت لهُ : "هل لي بإستخدام هاتفي المحمول ؟ .. "
قال : "نعم لك هذا " , وناولني هاتفي
فتحتُ هاتفي لأجد مكالماتٍ عديدة من غسان ..
فإتصلتُ به .
من بعد الرنةِ الأولى فُتح الخط غسان قائلاً : " أينك يا رجل .. ؟! "
فأجبته : اسمع يا غسان أنا في قسم شرطةِ " العقربيه " بالخبر
رد غسان قائلا : "الخبر ..! .. قسم الشرطة ..! مالذي حدث ..؟ "
فأجبتهُ قائلاً : "الحديث يطول لكن اسمع هل تعرف أحد في الخبر من الممكن أن يكفلني ..؟
ليقول غسان : " سأبحث .. اسم القسم شرطه العقربيه اليس كذلك ..؟"
فاجبته : "نعم "
قال أعطني بعض الوقت .. وانتهت المكالمة ..
رغم أني من أهل الخبر إلا أني لا أعرف فيها سواكِ يا أحلام
فما كان يربطني فيها سواكِ والعمل وأما زملائي في العمل لم تكن تربطني بهم أية علاقهٍ خارج حدود العمل ..
وأنا في القسم كنت أعامل معاملةً راقية من الضابط فلم يأخذني إلى غرفة الحجز وانما
أخذني إلى غرفةٍ أخرى يستريح فيها هو في العادة !
رغم ما أنا به من اجهادٍ وتعب وظرفاً صعب إلا أنني كنت سعيد فاني وأنتِ في ذاتِ المدينة
لذا كنت اراكِ قريبةً مني وهذا ما هوّن علي كل ما أنا به رغم الحلمِ المزعج الذي رأيتُه قبل أن يعتقلني رجل الأمن
كنت جالساً على كرسي غفوت عليه من شدة التعب ..
كانت الساعه الثانية والنصف ظهراً عندما غفوت تقريباً أو أحسبها كذلك ..
مضت ست 6 ساعات كنت فيها في سباتاً عميق لم يوقظني فيه سوا رجل الأمن يقول لي :
" انهض انهض .. فقد أتى رجلاً ليكفلك ..!"
أستيقظتُ وذهبت معه إلى غرفة الضابط لأجد غساّن أمامي ..!!
قلت بدهشةِ : " غسان ..؟! "
ليرد غسّان مبتسماً : " نعم غسان .."
عذراً تأخرتُ فلم أجد رحلةً تقلني إلى الخبر قبل رحلةِ الساعةِ الخامسةِ ..
ابتسمتُ قائلاً : "ليت كل الناس مثلك يا غسان "
ضحك غسان قائلاً : "ان كنت مجنوناً يا سعود فأنا مجنونٌ ايضاً "
قاطع ضحكاتنا الضابط قائلاً : " كلاكما يحتاج إلى الحجز لكن ليس هنا بل في مستشفى المجانين .. ! "
في الحقيقة كانت شخصية الضابط من أميز الشخصياتِ التي عرفتها
ولربما لم أكن محتاجاً لأحداً ليخرجني من هنا لو تجاوبت معه
لكن هذا ما حدث ..
خرجنا من القسم أنا وغسّان ثم حدثته بما حدث لي .. واقترح علي أن يحدّث والدكِ أولاً
وباعتبار أني لم أكن مخططاً ماذا أقول لوالدكِ وافقت
ذهبنا إلى منزلكِ .. كانت الساعةُ عند وصولنا العاشرةُ مساءً
نزل غسّان وطرق الباب وحدّث الحارس ثم دخل .. لم تمضي النصف ساعة حتى اتصل بي غسان قائلاً :
" سعود نحن بإنتظارك سترى الحارس امام الباب لكي يدخلك "
في حقيقة الأمر لا أعلم ما قاله غسان لوالدكِ حتى الآن
فلم يجيبني غسان عندما سألته ما عن ما دار بينهما ,
على الفور ادخلني الحارس لهما ورأيت الرجل الذي كان برفقة رجل الامن صاحب الملامح المألوفة
انه والدك لكنه اختلف علي قليلاً ليس كما رأيته المرةٌ الاولى .. "فهو ملتحي الآن ويتضح على محياه الهم .."
بعد السلام جلستُ بجوارِ غسّان .. مضت دقائق كنت استجمع فيها افكاري
إلا انني لم أجد الكلمة التي ابدأ بها .. فبداخلي الكثير من الكلمات أريد ايصالها لوالدكِ !
همس لي غسان قائلاً .. تحدّث يارجل , عندها قلت لوالدك :
" أبا احلام أتذكرني .. ؟! "
قال نعم : " انت سعود .. أذكر أنك وعدتني أن تبتعد عن طريق ابنتي .."
قلت نعم فعلا واأا هنا لكي تحلني من هذا العهد فلا طاقة لي عليه ..
أبا أحلام أريدك أن تسمع حديثي قبل أن تقرر ..
في المرةِ الأولى لم أستطع التحدث وأحسبُ أني ظلمتُ نفسي وغيري بصمتي ..
لكن هذه المرة أرجوك دعني أكمل حديثي قبل أن تحكم بأيةِ قرار
كما أريدك أن تحكم على الأمر من كل الزوايا لا من زاويتك أنت فقط ! "
تنهد والدكِ فقال : " تفضل "
قلت : " أقسم بالله أن سعادتي الآن بيدك وبقرارٍ منك .. وهو غير الذي صدر منك في المرةِ الأولى
ففي الشهرين الماضية كنت كالشخص الذي بلا هوية في ديارٍ غير دياره !
ابنتكِ أطهر وأنقى انسانٍ عرفته في حياتي فأصبحت لي من أساسياتِ الحياة واحسبني ان اطلتُ البعاد عنها .. هالك
أحببتها واحبتني حباً عذري .. ليس حباً مقنع وهذا ما جعلني أكرر محاولتي ..
واقسم لك أن لقائي بها كان بسبب بحثٍ جمعنا كم قلت لك سابقاً
واُعجبت بأدبها وأخلاقها وجمالها ؛ فإبنتك للأدب عنوان وللجمال أوطان فهي في ناظري اسمى صورةٍ للانسان
واقسم بالله مرةً ثالثة ان وافقت على زواجي بها ان احترمها وأحافظ عليها كما لو كانت في ظلك .. !
هذا ما كل ما يجول في خاطري أو بعضه يا أبا أحلام .. عندها سالت دمعة والدكِ وقال :
"لم يعد القرار قراري .. أنا موافق شرط أن تعيد ابنتي لي ..!"
أربكتني دمعةُ والدكِ قبل أن يربكني ويشتتني شرطه ..
جن جنوني وبدأت كلماتي تتقاطع ..
" أحلام .. مابها .. مالذي حدث لها .. أين هي .. ؟! "
وكان غسّان يهدئ من روعي .. قبل أن يقاطعناً والدكِ قائلاً :
" قبل ثلاث أسابيع وجدنا أحلام في سريرها لا تتحرك لا تتكلم ..
أخذتها إلى المستشفى وبعد الكشوفات وجدو انها لا تعاني من أي مشكلةٍ عضوية
وأن ما فيها نتيجة صدمةٍ عصبية تعرّضت لها
وفضل الدكتور بقائها هناك لمتابعة حالتها بالإضافة للإهتمام بغذائها لأنها ايضاً لا تأكل الآن إلا عن طريق المغذيات
وأنا كل يومٍ أذهب إليها في حين والدتها ترافقها ..
ثم قال لي : " ان كنت تستطيع أن تعيد ابنتي كما كانت فأنا ابارك زواجكم .. "
ثم أعطاني اسم المسشفى ورقم الغرفةِ وها أنا الآن امامكِ ..!
لا أخفيك يا احلام الخبر صعقني فقد علمت الألم الذي يسكنك .. الألم الذي أنا سبباً به