يواجه مؤسس حركة المقاومة الإسلامية الشيخ أحمد ياسين بعزم أكيد حصار السلطة الفلسطينية لبيته منذ فجر يوم الإثنين. و يعد الزعيم الروحي للحركة بمواقفه و تصريحاته وقودا للشباب الفلسطيني المقاوم و هو ما لا يعكسه وضعه الصحي بسبب الشلل شبه التام و تراجع قدرة السمع و النظر لديه منذ فترة سجنه. الشيخ الذي اضطرت "إسرائيل" إلى إطلاق سراحه إثر الفشل الذريع في محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمان لم يلن و هو في السجون الإسرائيلية رغم محاولة الصهاينة "شراء" موقفه مقابل إطلاق سراحه، فيما تبدو خطوة السلطة الفلسطينية بإعلان فرض الإقامة القسرية عليه محاولة لإرضاء "إسرائيل" لا أكثر بعد فشلها في القبض على مخططي العملية الإستشهادية في القدس و التي أدت إلى مصرع 19 إسرائيليا مؤخرا.

الشيخ ياسين يتميز بذكاء سياسي حاد و لم يلزم نفسه منذ إطلاق سراحه بالتحفظ الذي يبديه أحيانا مسؤولو الجناح السياسي في حركة حماس تبعا لمقتضيات البيت الفلسطيني الداخلي كونه لا يتحدث رسميا باسم التنظيم بوصفه "قائدا روحيا" أو "رئيسا شرفيا" لها. و لا تزال العبارات التي أطلقها الشيخ ياسين أمام القضاة في "إسرائيل" يوم إصدار الحكم عليه بالمؤبد في أكتوبر 1991 تؤرق مضاجع الصهاينة، فقد قال حينها :"إن الشعب اليهودي تجرع الآلام و عاش مشتتا عبر العالم. و هو يريد اليوم أن يجبر الفلسطينيين على تجرع نفس الآلام. إن التاريخ لن يغفر لكم و سنقف جميعا للحساب أمام الله."

و ولد الشيخ أحمد ياسين عام 1936 بمجدل قرب عسقلان داخل الخط الأخضر و أصيب بالشلل منذ سن ال12 إثر حادث مؤلم و هو يلعب الكرة في مخيم الشطي في قطاع غزة. كانت عائلته ضمن آلاف الفلسطينيين الذين اخرجوا من بيوتهم مع قيام الكيان الصهيوني، و سافر الشيخ إلى مصر لإكمال دراسته في الجامعة لكن لم يمكث أكثر من سنة واحدة في جامعة عين شمس بسبب عدم توفره على المال الكافي لمواصلة الدراسة.

التجربة المصرية سمحت لقائد حماس بالاحتكاك مع حركة "الإخوان المسلمون"، و اقتنع بالنشاط الإسلامي الحركي فأسس تنظيم "المجمع الإسلامي" في سنوات السبعينات ثم تلاه تنظيم ثان عرف ب"مجد المجاهدين" مع بداية الثمانينيات و كان لبنة أولى في مسار المقاومة المسلحة. و ألقي القبض على الشيخ المقعد لأول مرة خلال العام 1984 ليطلق سراحه بعد سنة واحدة في إطار تبادل للسجناء. ثم اعتقل ثانية في خضم إنتفاضة "أطفال الحجارة" عام 1989 و لم يطلق سراحه إلا في سنة 1997 إثر الصفقة التي سمحت ل"إسرائيل" باسترجاع عضوين "الموساد" اللذين فشلا في اغتيال مشعل. و بينما حرمت عمان على الشيخ ياسين الإقامة في الأردن، بدأت العلاقات بينه و بين السلطة الفلسطينية بالتوتر و وضع تحت الإقامة الجبرية لفترة قصيرة يوم 6 ديسمبر الماضي.