كل يوم تؤكد الأحداث أن الحرب التي تشنها أمريكا ؛ هي حرب تقصد بها في المقام الأول عقائد المسلمين ؛ وأفكارهم ؛ و كل يوم يتأكد صدق الرئيس الأمريكي بوش في وصفها لهذه الحرب ؛بأنها حرب صليبية – حتى وإن عاد وأنكر - .
وفي مقاله اليوم الأحد أوضح فريدمان أن حرب أمريكا لن تنتهي إلا بإنهاء كل الأفكار المعادية للغرب في العالم الإسلامي .
بدأ فريدمان مقاله بالتعبير عن سروره بفشل المباحث الفيدرالية في تتبع كل الأدلة والتحذيرات قبل هجمات 11 سبتمبر ،وذلك لأننا – كما يقول فريدمان - لا بد أن نتذكّر شيء هو أنه ليس كل التهديدات بوقوع الهجمات كانت مخفية .
بل إن الكثير منها كان معلنا هناك في العالم الإسلامي ؛ وذلك – كما يقول فريدمان -على شكل خطب الحقد ونظريات المؤامرة الموجهة نحو أمريكا ؛ودروس الوعظ المعادية لأمريكا في المساجد والمدارس في كافة أنحاء العالم الإسلامي .
ثم يكشف الخبيث عن هدفه صراحة ؛ فيقول إذا كنا مصممون على منع 11 سبتمبر القادمة ؛ فلا بد من الضروري أن يكون دورنا أكثر من مجرد جاسوس على أعدائنا في السر ؛ بل لا بد أن نواجه أفكارهم علنا.
ثم يضيف الهالك : بصراحة، أتمنى أن يختفي صدام حسين غدا ؛ إلا أن حتى لو إذا حدث فأن مشكلتنا لن تحل ؛ خاصة وأن صدام تهديد تقليدي يمكن إزالته بالوسائل التقليدية كما أنه لا يلهم أحد.
إلا أن التهديد الحقيقي يتمثل في الناس الذين اعتبروا المختطفين –منفذي هجمات 11 سبتمبر -زعماء دينيين،والذين هم أشباه مثقفين ومثقفين ومربين،والذين يتمركزون بالأخص في مصر والعربية السعودية،والتي – أي السعودية -تواصل استعمال ثروتها النفطية الكبيرة لنشر الوهابية وهي فهم متشدد للإسلام ؛ وغير متسامحة .
وبعد هذا الهجوم الضاري الذي يشنه فريدمان على الإسلام والمسلمين ؛ وخاصة في السعودية ؛يعود فريدمان ويزعم أن هناك من يؤيد أفكاره في العالم الإسلامي ؛ فيقول فريدمان :هناك الكثير من الناس العاديين، والمسئولين، داخل هذه المجتمعات الذين يريدون أن يرونا ونحن نضغط على زعمائهم وسلطاتهم الدينية ؛ كما أنهم يريدون أن يروا إسلام عصري .
ثم يزعم فريدمان أنه جاءت إليه رسالة في البريد الإلكتروني من امرأة سعودية شابة (والتي وقعت اسمها على الرسالة ) ؛ تقول في هذه الرسالة :
"شكرا لكم ؛ أنا كسعودي معتدل أشكرك على جهودك لعرض ماذا يجري في العربية السعودية . . . . السّيد فريدمان، تعلم مدارسنا التعصب الديني،وأغلب مساجدنا تعظ الحقد ضد غير المسلمين، أجهزة إعلامنا واقعة بشكل خاص تحت سيطرة الناس الحكوميين والدينيين ؛ أفكارنا المعتدلة ليس لها مكان يقدم فيها ؛ كما أن حكومتنا لا تعمل أي شيء لإيقاف السيطرة الدينية التي شلت حياتنا ؛ السّيد فريدمان، نحن نحتاج إلى مساعدة " .
ثم يستشهد فريدمان بمقالة أخري نشرت في 8 مايو في صحيفة الشرق الأوسط اليومية السعودية ؛ والتي كتبها دبلوماسي عربي مجهول والذي تساءل: "ماذا كان سيحدث لو أن كل البلاد العربية منذ 1948،ركزت انتباهه لبناء نفسها داخليا بدلا من جعل قضية فلسطين قضيتها الرئيسية؟ ؛ ماذا سيحدث إذا ركزت كل البلاد العربية على تعليم مواطنيها، وعلى تحسين صحتهم الطبيعية والعاطفية ومستواهم الثقافي؟ أنا مندهش من رجال الدين الذين يبكون بخصوص الجهاد ضد إسرائيل ويتنافسون فيما بينهم في إصدار القرارات الدينية المساندة للانتحار،لكنهم لا يشجعوا مواطنيهم لشن جهاد روحي لتعزيز بلدانهم " .
ثم يلخص فريدمان فكرته فيقوا باختصار، أمريكا والغرب لهم شركاء محتملون في هذه البلدان والذين مشتاقون للمساعدة على نقل الكفاح إلى مكانه الصحيح : إلى حرب داخل الإسلام على رسالته الروحية وهويته ،وليست حربا مع الإسلام.
وهذه الحرب داخل الإسلام –كما يزعم فريدمان - ليست حقا حرب دينية ؛ بل هي حرب بين المستقبل والماضي، بين التطوير وعدم التطوير ؛بين المدافعين عن عملية التفجير الانتحارية وأولئك الذين يعرفون بأنّك لا تستطيع بناء مجتمع خارج شواهد القبور.
ويجب علينا أن نشجّع التقدميين بشكل علني بدلا من أن نبحث عن بعض الحلّ السريع.
ثم يقول فريدمان إن الزعيم الغربي الوحيد الذي وافق على هذا التحدي بشدّة كان هو السياسي الهولندي تيم فورتوين، الذي اغتيل في 6 مايو ؛ والذي كان رافضا للهجرة الإسلامية إلى هولندا (والتي في عام 2010 سيكون عندها مساجد أكثر من الكنائس)، لا لأنه كان ضدّ المسلمين لكن لأنه شعر بأنّ الإسلام لم يمر بالتنوير أو الإصلاح، الذي فصل الكنيسة عن الدولة في الغربية وأعدها لاعتناق الحداثة والديمقراطية والتحمل والتسامح .
وهكذا يعلنها الغرب صريحة أنها حرب على الإسلام ؛ بينما لا يزال من بني قومنا من يري أنه يمكننا أن نلتقي معهم .