07/01/2009, 01:18 PM
|
| ناقد اجتماعي | | تاريخ التسجيل: 05/12/2001 المكان: نيويورك - الولايات المتحدة الأمريكية
مشاركات: 2,053
| |
|
الرياض وشيء من ملامح بيروت المضطربة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
صبحكم/مساكم الله بالخير
من زار منكم لبنان ــ بيروت تحديداً ــ يلحظ أن كل المساحات الخالية أو الجدران البيضاء مشغولة بصور قادة سياسيين أو علماء دين أو زعماء فصائل أو مرشحين انتخابيين، وربما كان ذلك نتيجة الظروف السياسية المضطربة والتي بقت على هذا الحال منذ أمد بعيد، وربما كانت أيضاً نتيجةً للتركيبة الاجتماعية والمذهبية النادرة إن صح التعبير، فإن سرت في شوارع بيروت ستشعر بأنك في إحدى المدن الفرنسية من حيث عدد المتحدثين بالفرنسية وانتشار الملاهي الليلية ومناظر العري والفسق وصوت أجراس الكنائس، وفي موقع آخر قد تشعر بأنك في بلد التوحيد حين تسمع صوت الأذان وتشاهد ملامح التدين على الرجال ومناظر الاحتشام المميز للنساء، حتى أنه يوجد في أحد أحياءها منظر غير مألوف إطلاقاً ولا أظنه يوجد في أي بلد آخر، حيث ثلاثة معابد لا يفصل بينها سوى أمتار قليلة، مسجد وكنيسة وحسينية، ونتحدث هنا قرب المسافة بين تلك الدور!!..
لذا بات مقبولاً أن نرى انتشار تلك الملصقات والصور والعبارات، وأصبح من المألوف الاستماع إلى الشعب اللبناني وهو يصرف جل حديثه نحو الأوضاع السياسة والاجتماعية، نتيجةً لطبيعة الظروف من حولهم، حتى أصبح وضع الملصقات السياسية ورفع الشعارات المذهبية جزءاً من ثقافة المواطن اللبناني..
ما أعده مستغرباً هو بداية ظهور شيء من تلك الثقافة اللبنانية داخل المجتمع السعودي، وإن كنت أتصور أن اهتمام المواطن السعودي بالأمور السياسية تحديداً وتوسع ثقافته حولها وإقباله عليها بات مبرراً ومنطقياً خصوصاً بعد الأحداث التي جرت في السنوات الأخيرة، بدءاً من تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر وغزو أفغانستان وما تلاه من أعمال إرهابية تكررت داخل المملكة، ومروراً باحتلال العراق الدولة القريبة والمجاورة..
وأعتقد أن اكتسابنا ثقافةً في هذا الجانب هو أمر جيد، وقد يساعدنا في فهم واستيعاب الظروف التي تجري بيننا ومن حولنا وبالتالي يمكننا من تقديم التحليل النطقي وثم في مرحلة لاحقة قد نحتاج نتائج هذا التحليل لوضع رؤيتنا وتحديد انتماءاتنا..
أما الأمر الذي أستغربه فعلاً ولا أتمنى شخصياً ظهوره وبروزه في ثقافتنا تلك، هو ما بدأت أشاهده ولعلكم تلحظونه أيضاً من انتشار لبعض الملصقات والصور للحكام والقادة وحتى بعض المرشحين في الانتخابات المحدودة السابقة حتى وصلت إلى دعم المشاركين في المسابقات مثل تلك التي تختص بالشعراء، وإن كانت تلك الملصقات تكون بارزة ومنتشرة بشكل أكبر على المركبات ولم تصل بعد حدود المساحات الخالية والجدران البيضاء..
وفي حين يراها البعض أمراً جيداً يعكس مدى الحرية وحق التعبير التي من المفترض أن يتمتع بها كل مواطن، إلا أنها في رأيي تشكل خطراً كبيراً ومؤشراً قد يفضي بنا إلى المزيد الفتن والقلائل والنزاعات الداخلية، فتن على مستوى الحكم والسياسة، وفتن مذهبية وأخرى عنصرية وقبيلة، ينتج عنها تناحر وتخريب وتدمير، ولنا فيما يحدث في لبنان عبرة، خصوصاً وأنه لا أحد ينكر بأننا نعيش ولله الحمد في استقرار قومي على مستوى الحكم، والتحزبات المذهبية تكاد تكون محدودة وتحت السيطرة، أيضاً النزاعات القبيلة محصورة إلى حد ما وإن كنا بدأنا نستنكر بعض ما يحدث في المهرجانات والمسابقات التي من شأنها أن تشعل فتيلاً لقبيلةٍ كان من الأولى إبقاءها خامدة..
قد يرى البعض أن في هذا الطرح مبالغةٌ وتوسع، إلا أن واقع الأمر ووجوب التمعن بالنتائج المستقبلية المخيفة التي قد يؤديها رفع تلك الشعارات وإيمان أصحابها بها وذودهم عنها هو ما يدفعنا لمحاولة إطفاء أعواد الثقاب قبل أن تنتشر ويلامس بعضها بعضاً وتوقد بسببها نار قد يصعب إخمادها بسهولة..
أعود إلى واقع الأمر الذي أشرت إليه، فخلال الشهر الماضي فقط رأيت ثلاث مركبات وقد تزينت بصور وكتابات قد يظهر لكم خطرها من خلال التمعن بما احتوته من عبارات أظنها منتقاة ومصاغة بشكل يدعو للريبة منها، فأحد تلك المركبات وضع صاحبها صورة كبيرة للملك فيصل رحمه الله وكتب عليها عبارة "أنت الملك"، الأخرى وضع صاحبها صورة للملك سعود وكتب بحانبها " أبو خيرين"، أما الثالثة رأيتها البارحة وهي مضحكة وغريبة بعض الشيء، فقد رفع صاحبها صورة لهتلر يقف ويده تشير إلى الأمام وخلفه برج إيفل بباريس وكتب بالخط العريض "هايل هتلر" أو عاش هتلر على طريقة النازيين!، وهناك أمثلة أخرى ينقلها بعض الأصدقاء لمركبات توشحت بصور المشاركين في المسابقات الشعرية وتزينت بعبارات تشيد بقبيلته وأنها أطلق وأحسن وأقوى قبيلة!!، والأمثلة عندكم كثيرة..
الأمن بشكل عام والهدوء والاستقرار، نعم من الله سبحانه وتعالى، وقد لا نشعر بأهمية شكرها والسعي للمحافظة عليها، إلا في حال فقدانها وهو أمر ندعو المولى عز وجل أن لا يكتبه علينا، وكل ما سبق لا يعني أننا ندعو إلى قمت الشعوب وتكميم أفواها، بل هو تحذيرٌ من حذو مسلكٍ غير مناسب في آلية طرح آراءنا وتوجهاتنا، وأن سبل العلاج والإصلاح ليس من بينها خلق الإثارة والبلبلة والتشويش، وليس كل ما يفعله الغرب المتحضر يعد منهجاً سليماً لنا كي نتبعه دون الرجوع إلى حقيقة ظروفنا وقياس مدى صحته وملائمته لنا..
هذا ما لدي ويمثل وجهة نظري، وأتمنى أن أكون قد وفقت في توصيل الرسالة التي أرجوها، وعسى الله يحفظنا ويحمينا وإياكم من شر الفتن ومسبباتها..
بقي أن أشير بأنني خصصت الرياض في عنوان الموضوع لسببين، الأول هو إقامتي بها ومتابعتي لأحداثها اليومية ولم يسبق لي أن شاهدت أو سمعت عن ما أتحدث عنه في منطقة غيرها، والسبب الثاني جاء لمقارنتها ببيروت عاصمة لبنان، كما هي الرياض عاصمة للملكة.
شكراً لكم،،،
برايفت: حاولت أن أدخل مجال تلوين وتنسيق المواضيع لكن الأستاذ فياض تطنز بي ونصحني بتجنب ذلك بعد أن شاهد إحدى تجاربي ، وأنصحكم بعدم الاعتماد على عميد المجلس أو حبيبنا أبومقبل في دروس التنسيق والتلوين ، وإلا فإن النتيجة ستكون صفراً مكعباً كبر راس بقرة الخب .
في أمان الكريم. |
الوضع الشجري
