بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و أسعد الله أوقاتكم بكل خير
في الحقيقة لم أتحمس في يوم من الأيام للضغط على عبارة "منتدى المجلس العام" ، و إنما دعوة الأخت "المحبرة" حمستني لكي أطلع على ما هو موجود في هذا المنتدى الموقر ، فلها جزيل الشكر على تحفيزي ، لأني وجدت عقولاً نيرة ، تضيء إيخاء و طهارة ..
أما موضوعي يا سادة جاءت فكرته بعد أن قرأت تجربة مثيرة ساقتني إلى التفكير في أساس عاداتنا و تقاليدنا ، و بصرف النظر عمّا تقره الشريعة الغراء ، إلا أن هناك عادات و تقاليد أرست رواسيها في وجداننا قبل عقولنا ، فإكرام الضيف ، و الشجاعة ، و المروءة هي صفات كانت موجودة لدى العرب ، و جاء الإسلام و شد من أزرها ، و لن أطيل عليكم ، فسأسرد لكم تفاصيل التجربة بتصرف :
ففي يوم قام أحد العلماء بحبس أربعة قردة لا تعرف أحدها الأخرى ، و وضعها في قفص تحيط به خراطيم ماء شديدة القوة ، و علق في أعلى القفص حزمة من الموز ، و بطبيعة الحال ، قام أول قرد لفت إنتباهه لمعان الموز بمحاولة الصعود و اقتطاف ما اشتهى منها - مقرود - ، و عندما صعد ، فتح العالم خراطيم الماء فضربت بالقردة جميعها في نواحي القفص ، و بعد مدة ساد الهدوء ، و صعد آخر ، و تكررت العقوبة بخراطيم الماء ، و استمر هذا الحال حتى وصل القردة إلى مفهوم معاقبة كل من يحاول الوصول إلى الموز عقاب شخصي ، قبل أن يحل العقاب الجماعي ، فكل ما حاول قرد الوصول إلى الموز ، امسكته باقي القردة و اوسعته ضرباً ! فأحجمت القردة و صرفت النظر عن شهوتها .
و بعد مدة سحب العالم أحد القردة و أدخل إليها قرداً جديداً ، و كأي قرد - و هم في حياتنا كثر - حاول الوصول إلى الموز ، فأمسكته بقية القردة - و التي تعلم ما قد يحصل لو صعد - و أوسعته ضرباً ، و على الرغم من عدم فهم القرد الجديد لماذا تقوم القردة بذلك إلا أنه و بعد "علقتين" لم يحاول مجدداً ..
و مرةً أخرى سحب العالم أحد القردة - القديمة - و أدخل قرداً جديداً ، و حصل له ما حصل لصاحبه ، و صرف النظر عن "الموضوع" ، و كرر العالم العملية حتى سحب كل القردة القديمة - التي كانت تعرف السبب - و ترك قرداً جديدة ، تتصرف كما القديمة دون أن تعي ما هو المغزى من تصرف القردة القديمة ، و لك سيدي العضو أن ترى أن مجرد الإحاطة بما يفعله سابقيك ، يجعلك تتبنى أفكارهم و تصرفاتهم دون أن تعرف السبب الحقيقي وراء ذلك !
أما نحن - أو أكثرنا - لازال يتصرف كما القردة الجديدة ، فهو يمارس عادات و تقاليد - قد تكون خاطئة أو ساذجة - و لكن يبقى يمارسها دون أن يعي ما هي أسبابها ، و قس على ذلك الكثير من المعتقدات التي نمارسها و العادات التي نزاولها ، فخنق المرأة ، و تسلط الرئيس ، و سياسة "حسب النظام" ، هي أمور كانت ناجعة في كثير من الأوقات ، و لكن يبقى ما هو التغيير الأمثل الذي نناشده لتبقى بلادنا منبع الخير - كما هي دائماً - ..
الإنفتاح و التغيير في بلادنا ، للأسف لم يكن ذا وسطية ، فإما علماني يريد تحرير كل شيء - حتى الملابس - ، أو متطرف يريد تقييد كل شيء ، و لم يبقى منا إلا قليل تركوا < هكذا وجدنا آباءنا يفعلون > ليقوم بمحاولة التغيير ، و الأهم أن لا يتجاوز هذا التغيير إطار شريعتنا السمحاء ..
-| خــاتــمـــة |- قال تعالى :
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ }
و آسف على الإطالة ، فلا تبخلوا علي بردودكم ، فهي وقود قلمي .
_- مــرور الـكـرام -_