" رسالة الى الرئيس , إنها الثورة , ثورةُ الاسمنت البرتقالي "
دعوة لمقاطعة ملعب الملزّ
عزيزي رئيس نادي الهلال الموقّر
بعد التحيّة , والثناء بالمجهودات التي تقومون بها لرفعة نادي الهلال .
مادعاني لإرسال هذه الرسالة لك , هو تصريح سمعتك تقوله بعد احد مباريات الهلال في الرياض في بداية الموسم , ذكرت فيه انك غير راضي عن الحضور الجماهيري للهلال في تلك المباراة و المباريات السابقة . و اتفق معك في ان حضور الجماهير غير مقنع لنادٍ بحجم الهلال و حجم جماهيره الغفيرة . ولكن عزيزي الرئيس لذلك اسباب , يبدو لي انك لم تبحث عنها قبل ان تبدي عدم رضاك عن الجماهير , ولو جلست مجلسها لبطل عجبك .
فلكي نحضر انا و انت مباراة في ملعب الملز , الملعب الذي كما تعرف يحتضن اغلب مباريات الهلال واندية الرياض الاخرى , يجب عليك ان تفرّغ جزءاً كبير من يومك , عن نفسي اقطع ساعة في الطريق ذاهباً إلى الملعب و ساعة أخرى عائداً منه , احيانا كثيرة اتجه من عملي للملعب مباشرة , وانا كلي رغبة لمشاهدة فريقي , اترقب هذه الفرصة , اتحينّها , اسبوع بعد اسبوع و شهراً بعد الآخر , اذهب لشباك التذاكر , اشتري تذكرة سعرها على الاقل 20 ريالاً , نصعد انا وانت إلى المدرجات , لنجلس انا وانت وباقي الجماهير على (الصبّة) , على الاسمنت . المادة التي تعدّ فيزيائياً حافظةً للحراره , فإن كان الجو شديد الحرارة , لا تتساءل طويلاً , لأنك سرعان ما ستشعر بحرارة الاسمنت الذي سيحتفظ لك بها عن طيب خاطر , شئت ام ابيت , رحّبت ام انزعجبت , لأن هذا مايفعل , هذه خصائصه , هذه طباعه .
اما كان شديد البرودة كما كان الاسبوع الماضي في لقاء نجران , فإنك تحاول على الاقل أيها الاخ الرئيس ان تجد حائلا بينك وبين هذا الاسمنت , و كما تعرف ان الباعة خارج الملعب يقومون بتوفير قطعة من الاسفنج لتجلس عليها لتقيك شدة البرد , البرد الذي اخترت ان تترك دفء منزلك و النقل التلفزيوني المميز الذي توفره القنوات الفضائية , البرد الذي تقاومه من اجل فريقك , من اجل ان تسمتع , من اجل ان تقوم بنشاط يعني لك كشابٍ في هذه المدينه اجمل مافيها .
اعلم انك تحسّ بالاحساس الذي احسست به لأني أشاهدك تجلس في نفس الجهة التي نجلس فيها , انت و مدير الملعب و روؤساء اندية الرياض الاخرى التي تلعب في نفس الملعب , الملعب الذي يأتون فيه لمشاهدة انديتهم , كلكم جلستم في نفس المكان , على ذات (الصبّة) التي اجلس عليها , على ذات الاسمنت , مثلكم مثلنا كلنا جماهير اندية الرياض , كم مباراة بعد الاخرى ايها الرئيس جلستموها على تلك (الصبّة) , على ذلك الاسمنت , لذلك اعلم جيّداً انكم تعرفون ما اكتب عنه و ماعانيته في تلك الليله , اعرف انك ستحس بالبرودة كما احسستها , انا الشاب وافر الصحة , وذلك الفتى الذي يجلس امامي بصحبة والده الذي كان اثناء جلوسه يطبطب قدميه بحركة سريعة , كردة فعل تلقائيه لجسمه النحيل ضد برودة الاسمنت , كاعتراض , كان يبدو الوحيد الذي يستطيعه لإبداء عدم انصياعه لفضاضة الملعب تجاهه .
لا أعلم مايدور في ذهنك أيها الفتى , لكن ان خطر في ذهنك خاطرُُ طموح , يمنيّك ان تجلس يوماً من الايام على تلك المقاعد , التي تشاهدها امامك , التي تبعد عنك امتار معدودة , فلا تشغل بالك ايها الفتى بالأماني , لأنك لن تجلس على تلك المقاعد , ليست لك , لأنها ليست من حقك , لأنك لست رئيسا للنادي , لأنك حتى لا تعمل فيه , لأنك لست صحفيا , لأنك لست مديراً للملعب , لأن ميزانيتكم متوسطة الدخل , و حتّى ان كنت و والدك جزءاً من اللاعب رقم 12 , فأنت لاعبُُ لا مقدم لعقده , لا حاجة ملحّة له , لست محترفاً , لست حتّى هاوياً , لا راتب تأخذه , بل راتب تأخذ منه لتدفع ثمن تذكرة , لكي تجلس هناك , لا هنا , و تلك اثمان لم تكفي لمقعد . لكن إن كنت تصرّ , و فكرّت بعقلانية , بمنطقية , فبإمكانك ان تحاول ان تصبح عضواً في رابطة النادي , لأنك في تلك الحالة ان طبلّت , صرّخت و اظهرت للجميع كم انت تعشق فريقك بصوتك المرتفع , فإنك تصبح مشجعاً يستحق الاحترام . نعم , عندها ايها الفتى تستحقّ مقعداً .
لأننا نعلم جيّدا ايها الرئيس اننا عندما اتخذنا القرار للذهاب انا و انت , الفتى و والده , روؤساء اندية الرياض الاخرى و مدير الملعب , نعلم ان ملعباً هو الاساسي في مدينة الرياض تلعب فيه بشكل اعتيادي و دائم ثلاث اندية في الدرجة الممتازه أو (دوري المحترفين) , هي الهلال و النصر و الشباب ونادياً له اسمه المعروف هو الرياض , اندية نتفق انا وانت انها اندية لها ثقلها , لها جماهيرها , نعلم ان ملعباً يحمل اسماً غالٍ علينا هو اسم فيصل بن فهد رحمه الله , ان ملعبا لا يخدم ناديا من اندية الدرجة الاولى في مدينة صغيرة مثلا , بل يخدم ثلاث اندية من ابرز الاندية في آسيا , ان ملعباً مثله نعلم جيّدا انه توجد به مقاعد لجلوس حضوره , و نعلم ذلك لأننا نظن انه امر بديهي , متوقّع , منتظر , لا , مستحقّ .
ولكن عندما نتذكر نجد انفسنا تخيّل لنا سراباً حتى بالبديهيّات , لأننا نعرف هذا الملعب جيّدا , عاشنا و عشناه , ونعرف انه لا مقاعد لجماهير ( اقوى دوري عربي ) , و نعرف انه عندما اتخذ القرار بتحسيّن الملعب قبل سنوات لم تضف مقاعد لجذب الجماهير للحضور بأعداد أكبر , بل بدل ذلك اضيفت صبغة برتقالية تغطّي الاسمنت لكي يبدو لون الملعب أجمل في النقل التلفزيوني , أجمل للمشاهدين في دفء بيوتهم , لأن المبلغ الذي وضع لتحسيّن الملعب لم يكفي إلاّ للطلاء .
لم يكفي إلاّ لك انت عزيزي المشاهد في منزلك , لأنك انت الدافع الرئيسي للكرة السعودية . انت الذي تعشقها , انت الذي تدعمها بكل قناعة عن طريق دعم ملاعبها بدفع مبلغاً من ميزانيتك الشابة لشراء تذكرة مقابل حضورك للملعب و مقابل الخدمات الكثيرة المتكاملة المتوفرة فيه .
اشتري ويشتري ذلك الفتى و والده , وتشتري انت و روؤساء اندية الرياض الاخرى , و يشتري مدير الملعب , تلك المربعات من الاسفنج , بعد ان ( اكاسر ) البائع كعادتي , بأن يخفض المبلغ من 3 ريالات لريالين , مازحاً تلك الليلة لأني في مزاجٍ حسن , فاليوم رغم برودته يدعوك للاستمتاع و لصفاء البال , يرفض البائع الكهل , واقوم مبتسما بزيادته ريالاً , يسألني مستغربا ان كنت اريد اسفنجتين , اجيبه لا . فرأيي في ذلك أنني شاكر له لتوفير الاسفنج , لأنه بدونه سيصبح جلوسنا متعباً , مرهقاً , فإن اتعبتنا ظهورنا انا وانت , الفتى ووالده , روؤساء اندية الرياض الاخرى و مدير الملعب نتيجة الجلوس بظهور منحنية طوال وقت المباراة , فنحن على الاقل وجدنا قطعة مريحة نوعاً ما لنجلس عليها .
ندخل مع البوابة و بعدها إلى التفتيش , نُفتّش . لا شيء لدي اخشاه , لا ادخن , لا ولاّعات اخشى ان تصادر , لا أعلام أحملها , لا لافتات , يجيزنا الجندي , لكنه يأمرنا وسط دهشتنا ان نرمي هذا المربع الاسفنجي في أحد براميل القمامة الممتلئة بها , نسأله مستغربين ليش ؟ , يجبنيا بأنه ممنوع , نرد , طيب ياخي ليش ممنوع , ومن متى , حنّا دايم ندخل فيها ؟ , يجيبنا لو جيتوا امس دخّلناها , لو جيتوا اليوم العصر دخلناها , اللي دخلوا العصر دخلوا فيها عادي , منعوها ادارة الملعب بعد المغرب . كأنّ ادارة الملعب لم تختر جوّاً افضل , كأن ادارة الملعب الحكيمة ستجلس معنا على ذات الاسمنت البارد و تقيس حكمة هذا القرار . أحاول و أحاول , ارد و يرّد , جدال بلا فائده , الرجل مأمور , لم يُصدر هو القرار , بل على مايبدو رجل دخل معنا نفس الملعب لكنه جلس على احد المقاعد في الجهة المقابلة .
( معذرةً ) , لكن كيلي ايها الرئيس قد ثار , و ظهري قد انقصم بقشة من الاسفنج , لذلك قبل ان تفكر في ان تبدي عدم رضاك عن الحضور الجماهيري , وتطالب بحضور جماهيري اكبر , اظهر قليلاً من الاحترام لأولائك الذين استجابو بدون ان يحتاجوا دعوةً لنداء من يعشقون . اظهر قليلاً من الاحترام لأولائك الذين يعرفون انهم سيجلسون على (الصبّة) , يعرفون ان حرارة/برودة الجوّ ستنال منهم , يعرفون ان ظهورهم ستقصم , رغم ذلك , لا ينتظرون ان تناديهم , ان يطالبوا بالحضور , هم فقط , يحضرون , تجدهم فقط , هناك , على (الصبّة) , لأنهم , عاشقون .
ليس السؤال من يعشق الهلال اكثر , من يجلسون على المقاعد في الجهة المقابلة ام اولائك الذين يجلسون على الاسمنت ؟ , أو من يجلس على المدرجات من ساعات العصر ترقّباً لبدء المباراة أم من يسافر من مختلف مدن المملكة لحضور مباراة الهلال ؟ .
لكنّ السؤال الذي كنت سأسلك اياه لم يسمح له بالدخول , لأنه كتب على لافتةٍ كبيرة , و كما تعلم , لا للافتات , لا للمباريات في ايام الاجازة الاسبوعية , لا للجماهير الاكثر , لا للمقاعد , نعم للطلاء .
لست أفهم مالفكرة المخطط لها لملعب الملّز . هل المقصود أن يصبح الملعب عتيقاً , أثريّا , على غرار المدرّج الروماني في روما , معلماً تاريخي , وربما ليصبح يوماً ما مقصداً سياحياً في المستقبل , أن كان ذلك نعم فلمذا تم تجديده و تحسيّنه باللون البرتقالي , كان المفترض ان يترك كما هو , كيّ يحتفظ بشكله و جزئياته الاساسية , كما هي , كما شيّد , كما افتتح .
قلت انك تريد جماهيراً اكثر , جماهيراً تغطي المدرجات في كل مباراة ؟ , كلنا نريد ذلك , نريد ان تحضر الجماهير بأعداد اسطورية , كأسطورية الهلال , أليس ذلك ممكناً , أليست لدينا الامكانيات الجماهيرية الهائلة ؟ . ولذلك نطلب مقاعداً , نطلب فقط ما نستحقّ .
لست أطالب بملعب خاص للهلال على غرار حتّى الاندية الخليجية المجاورة , حاش وكلاّ . لست طامعاً لهذا الحد , لست طامعاً للحد الذي يجعلني اطلب ان يستثمر النادي في ملعب خاص به , يمثلّه , يعود عليه بعوائد اقتصادية على المدى الطويل , فلماذا نشغل تفكيرنا بالمستقبل , فلنركز على الحاضر , وان فكرنا بالمستقبل , فلنفكر بالمباراة القادمة , ولنفكر باللاعب القادم , ولنفكر بالمدرب القادم .
المباريات عندهم , في يومي الاجازة الاسبوعية , السبت والاحد , لضمان حضور اكبر عدد ممكن من الجماهير . المباريات عندنا بعد اخطاء جدولة الموسم الماضي , عدلت , صححت , لتصبح في وسط الاسبوع ! .
للمحامين , للمعلمين , للإداريين , لسائقي الاجرة , للعسكريين , للكتاب , للمهنيّين , للاطباء , لطلاب الجامعات , لطلاب المدارس , للمهندسين , للعاملين في القطاع الحكومي و الخاص , لكل الموظفين و الطلاب بمختلف شرائحهم , لكل الذين يعملون أو يدرسون في أيام الاسبوع , و حتّى للقادمين من خارج الرياض الراغبين في مشاهد مباراة فريقهم المفضل في الملعب . نعتذر , لا مباريات في عطلة نهاية الاسبوع , لا مباريات في يومي إجازتكم الاسبوعية . السبب ؟ غير معروف . الحل ؟ نظراً لانشغالكم أغلب فترات يوم المباراة و الصباح الباكر ليوم مابعد المباراة ندعوكم للاستمتاع بمشاهدة المباراة عن طريق النقل التلفزيوني المميز. أمّا لمن يحضر منكم لملعب المباراة فنقول لهم ان حضوركم غير مرضي .
عزيزي الرئيس , لأني احسن الظن بشخصك الكريم , فسأعتبر ما قلتَه خطأً , زلة لسان , و سوءاً في التعبير .
ان كانت القناعة كنزاً لا يفنى , فإن مثلاً مثل هذا لا ينطبق علينا , ليس في قاموسنا , كلماته ليست في مُعجمنا , نسمع به , ولا يعنينا , لا يهمنا , لا يمتّ لنا بصلة . يتمسك به الآخرون , يطبقونه , يعيشونه . أما نحن , فلا . توجد في تركيب خلاياهم ولا توجد في تركيب خلايانا , خلايانا بكل بساطة , لن تقتنع , لن تكتفي . خلايانا ان لاح لها مجداً , تثور . ان أرادوا فليغيروا شكل هذا المثل كما يريدون , فليكتبوا به القصائد , وحتى فليغنّوه . لذا أصبح الباقون هم هم , و أصبحنا نحن نحن , لأن دمائهم حمراء , عادية , طبيعية . أما نحن , نحن دماؤنا تختلف . دماؤنا , زرقاء .
نخرج انا و الفتى و والده من الملعب , الفتى يبدو رغم البرد القارس انه استمتع بوقته الذي مضى في المباراة . اما انا فأتساءل , ان كان الأب سيتحمّس اكثر ان سمح له وقته لاصطحاب ابنه لحضور المباراة القادمة في استاد الملك فهد ام في ملعب الملّز ؟ .
النقل التلفزيوني يتطوّر بسرعة , موسماً عن موسم , تغطية مميزة , لكل زاوية , لكل حدث , معلقون متميزون , تحليل متميز , لقاءات شاملة قبل وبعد المباراة . كل موسم تظهر اسباب اكثر من المواسم السابقة تجبرك ان تبقى في منزلك لمشاهدة المباراة .
و الملاعب ؟ , لاتحزن , لاجديد يذكر . عفواً , قاتل الله النسيان , كدت أنسى , احزن , بل هناك جديدُُُ يذكر , لون جديد , برتقالي .
موضوعك المفروض يوجه للرئيس العام لرعاية الشباب ..لانه هو المسئول الاول عن الملاعب ..
لم نرى جمهور جده يشتكي من الصبات ..ولا جمهور القصــيم .... وجميع الملاعب التي في السعوديه لديها نفس المواصفات في الملاعب .. ومع هذا نراهم يحضرون كبارا وصغارا .. كانت مدرجات الملز على مر السنين شاهدة على اصوات هدير الموج الازرق وجمهوره ولم يشتكي منهم احدا لان الفوز والانتصار هو هدفهم حتى ولو كان المدرج مصنوعا من الفولاذ.
ليتك وجدك عذرا افضل من ذلك لتبرير عدم حضور الجمهور للمباريات الهلال خاصة في الرياض .. وتركت عنك ثورة الاسمنت ومعاتبة قطع الاسفنج ..
رائع .. لا تكفي .. !!
فقد .. تجسدت المعاناه .. في حروف ٍ .. تـشـتـعل بـردا ً .. و .. نــار .. !!
نـعــم .. هـكــذا نحـن ( الاعب 12 ) .. أو كما يقولون ( الاعب 1 ) ..
ولكــن .. مع الاسف .. أو .. بــلا أسف .. !!
لم يدافعوا أبدا ً عنه .. أو يطالبوا .. بحقوقه .. أو حتى .. يتطرقوا لمعاناته ..
فقط .. هم .. يتهمونه بــ الخذلان .. وعدم الحضور ..
ولم يسئلوا أنفسهم يوما ً .. كيف يكون الحضور .. مرهقا ً .. متعبا ً .. صعبا ً .. !؟!