
22/12/2008, 11:39 AM
|
ناقد اجتماعي | | تاريخ التسجيل: 05/12/2001 المكان: نيويورك - الولايات المتحدة الأمريكية
مشاركات: 2,053
| |
الصحافة المقروءة وحقيقتها المخزية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
صبحكم/مساكم الله بالخير
نقلت إحدى الصحف اليومية المحلية خبراً عن استشهاد المجاهد القائد خطّاب –رحمه الله وأسكنه فسيح جناته-والذي جاهد ضد الروس في الشيشان وكان وفئة قليلة معه سداً منيعاً وقف وبثبات أمام جيش الجراد الروسي الذي أسرف في وقت سابق في عمليات الاجتياح والقتل والاغتصاب والتنكيل بالمسلمين في أرض الشيشان، ولكن تلك الصحيفة التي تصدر من بلد التوحيد أوردت الخبر بطريقة لا تليق بشخص مسلم فكيف ببطل مجاهد! وعلقت على الصورة التي يظهر بها خطاب ممداً على الأرض تعلو وجهه ابتسامة الخير بتعليق لا زلت أتذكره وأشعر بالخزي منه حيث كتبت "خطّاب كما ظهر جثةً هامدة"!!، كان هذا قبل سنوات من الآن وقبل أن تعتمد كلمة الجهاد في قواميسهم كمرادف للإرهاب والدموية!! ..
حينها أدركت تماماً حقيقة إعلامنا وبت أجزم بصحة ما يقوله علمائنا عن إعلامٍ تسيّره وتوجه وتسيطر عليه الحركات الفكرية الماسونية، وإلا فكيف ينقل خبر استشهاد رجل مؤمن جاهد في سبيل الله وقاتل ليجعل كلمة الله هي العليا وهب لنصرة أمٍ مكلومة وفتاة مغتصبة وأطفال تفنن الروس في تمزيق أشلائهم بتلك الصورة المحتقرة؟!، في حين أفردت نفس الصحيفة وليومين متتالين صفحةً كاملة تتناول بعزة وشموخ خبر وفاة مطرب غنائي –رحمه الله وعفا عنا وعنه- وتعرض سيرته وصوره وتتفاخر بأنه أحد من رفع اسم المملكة عالياً في ميادين الفن والطرب!!
"ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا "
أمسيت مؤمناً بتلك الحقيقة وأن إعلامنا المقروء بشكل خاص أحقر من أن يكون صوتاً للحق والفضيلة وأن المساحات فيه قُلصت في وجه الصالحين العاقلين وأُفرِدت لمختلي الفكر وأذناب الغرب، حتى جاء الانترنت والمنتديات الالكترونية فكانت المساحة أوسع لظهور أقلام تعتز بدينها العظيم وتحميه من عبث العابثين وتجاهد في سبيل مقاومة تيارات الانحلال والذل والانصياع لأوامر تنص صراحة على أهمية وأد مظاهر الشريعة الإسلامية السمحة والدخول إلى ذلك بالتدرج ومن خلال عبارات لا تقل جمالاً عن الدعوة للانفتاح والتحضر والتمدن..
وبهذا أحس القائمون على تلك الصحف بالخطر القادم من تلك المنابر الالكترونية والذي قد تعريهم أمام المجتمع وُتظهر حقيقتهم وحقيقة الفكر الذي يستقون منه سمومهم وهو أمر من شأنه أن يحجب ثقة أفراد المجتمع بهم ويجعل قاعاتهم خالية من الحضور ، لذلك أصبحنا نلاحظ في السنوات الأخيرة تركيز تلك الصحف على القضايا الاجتماعية وطرقها لأبواب المسئولين للبحث عن الحلول والبدائل لتلك القضايا رغبةً في إعادة الثقة بهم وأملاً في أن يظهر للمواطن بأن تلك الصحيفة تمثل صوتاً له فيقترب منها ويعتز بها ويتأثر بطرحها ويعجب بأربابها وقد يقوده هذا لمرحلة أعلى تتمثل في اعتناقه لفكرها وقد يقرأ بين صفحاتها مقالاً يسيء إلى الإسلام وينخر في العقيدة فيحسن الظن به ويتشربه حتى يصبح في الغد القريب مردداً وداعياً لما جاء فيه من باطل!!، وحديثي هذا لا يعني أن كل الإعلام المقروء يسير على هذا النهج وأن كل من يكتب فيه دعاة للانحلال، وإنما هم الغالبية العظمى والعظمى جداً..
ورغم كل ذلك ما زالت تلك الصحف تتعرى أمام كل مدقق ومتابع، فمن الفشل في محاولة السيطرة على الفكر العام لأفراد المجتمع وتوجيهه نحو الطرق المعبدة للانسلاخ من مبادئ الشريعة، إلى الفشل في الاهتمام بقضاياه ومعضلاته من فقر موجع وصحة سقيمة وتعليم منحدر، ونرى هذه الأيام كيف أن صحيفةً وضعت خبراً في صفحتها الأولى عن لعبة يُقذف فيها الرئيس بوش بملايين من الجزم في حين غابت الأخبار تماماً عن ناقلة النفط السعودية المختطفة!، ونرى أخباراً بارزة ومقالات متعددة عن عرض أول فيلم في السينما السعودية في حين تناسى هذا الإعلام أن عدداً من أبناء البلد في الحدود الشمالية وغيرها ما زالوا ينتظرون وصول بطانية الشتاء لهذا الموسم!!..
لا ندعو إلى الغلو في الدين والتشدد والتطرف ونبذ الآخر والانغلاق على النفس، فديننا هو أكمل الأديان، وهو دين السماحة والرحمة، ولكن حق علينا أن نعتز بهذا الدين في شتى الميادين وأن نذود عنه ونجعل كلمة الله هي العليا، وأن نثأر بأقلامنا وعقولنا من كل من يحاول المساس به، ووجود جيل مثقف واعٍ ومدرك لأهمية ذلك يعني أن كل خطط تدار في سبيل القضاء على هذا الدين فإن مصيرها الفشل المؤكد..
أخيراً وخارج هذا الموضوع، كنت أبحث عن معلومةٍ في محرك البحث فوصلت في بحثي إلى أحد المنتديات ووجدت الإفادة الشافية التي أحتاجها في صفحة لأختٍ كريمة رمزت لنفسها بـ "شموخ" وكنت على عجل من أمري وحين هممت بالخروج وقعت عيني على ما كُتب تحت معرفها ( انتقلت إلى رحمة الله في 27 رمضان 1429هـ)، أصابني حزن كبير تمكن مني في لحظات فلم أعد قادراً على الخروج من تلك الصفحة ونظرت إلى آخر وقت كانت متواجدة فيه وإلى التوقيع الخاص بها فوجدتها تعزي نفسها بفراق شهر رمضان المبارك وبكلمات يرق لها القلب، فأدركت بأنها على خير عظيم بإذن الله وأصبحت قادراً على مقاومة ألمي وإغلاق تلك الصفحة، رحمها الله رحمةً واسعة، وفي ذلك عبرة لي ولكم.
اعتذر عن الإسهاب، وشكراً لكل من شرف هذه الصفحة.
في أمان الكريم |