اتجاهات - وليد الفراج :


__ يعتبر الأمير عبدالرحمن بن سعود آل سعود رئيس نادي النصر السعودي واحداً من أذكى رؤساء الأندية العربية الذين يحسنون التعامل مع ورقة الإعلام بكافة تفاصيلها وسلبياتها قبل إيجابياتها·
__ وقد استخدم رئيس النصر السعودي الإعلام الرياضي في إقناع أنصار ناديه بأن عدم تحقيق فريق كرة القدم أية بطولة سعودية منذ 1997 نتاج مؤامرة تحكيمية شاركت فيها أطراف عديدة!
__ فالهجوم على حكام كرة القدم السعوديين أشبه بـ العلكة في أفواه أغلب رؤساء الأندية في السعودية·· ولم نشهد كصحافيين رياضيين، ومنذ 1983 إصدار أي رئيس ناد لتصريح يحمّل فيه أية جهة مسؤولية خسارة ناديه لغير الحكام·
__ فالمراقب من بعيد لهذه التصاريح يعتقد، أو يفهم أن إدارات الأندية السعودية لا ترتكب أية أخطاء إدارية أبداً·· وأن المدربين لا يخطئون أبداً·· أما اللاعبون فهم فوق مستوى الخطأ·· ويقوم كل طرف من هذه الأطراف الثلاثة بعمله بنسبة مستحيلة وهي 100%·· وأن المشكلة هي في أصحاب القمصان السوداء!
__ وأذكر موقفاً حدث لي مع صديق وهو رئيس أحد الأندية السعودية الكبيرة بعد مباراة نهائية مع ناد منافس·· وبعد أن خسر نادي صديقي المباراة شن هجوماً قاسياً على حكام المباراة أقل ما يقال عنه أنه قذف يستوجب المساءلة القانونية·· لكن بعد أن دخلنا إلى غرفة ملابس اللاعبين·· حدثت المفاجأة!
__ كانت هناك قاعة محكمة قد نصبت لكل لاعب داخل غرفة الملابس، وعندما حاول قائد الفريق الدفاع عن نفسه مستنداً على ما سمعه من تصريحات رئيس النادي بعد المباراة مع الصحافيين·· ورميه بالمسؤولية على الحكم·· رد عليه صديقي الرئيس: أنت مصدّق·· هذا كلام نقوله للصحافة·· أما الحكم فهو قد قاد المباراة بلا أخطاء·· وأنتم المسؤولون عن كل ما حدث·· هذا الكلام نقوله للصحافة من أجل أن نسكت الجماهير الغاضبة·
__ هذه صورة مأساوية لما يحدث داخل غرف ملابس بعض الأندية من حالة انفصام الشخصية ما بين ما يقال للإعلام، وما يقال داخل الغرف المغلقة·
إن تراكم هذا الوضع أدى إلى حالة رفض للهزيمة داخل الشارع الرياضي السعودي·· وتحوّل الحكم إلى متهم حتى تثبت براءته·· وعندما ناقشت ذات مرة قضية الحكم الإماراتي المبدع علي بوجسيم بعد مباراة السعودية مع اليابان في كأس آسيا في بيروت، الذي تعرّض بعد قيادته لها لحملة واسعة من الانتقادات الإعلامية السعودية القاسية مصدرها بعض النقاد الذين تأثروا بروح رفض التعامل مع الخسارة دون وجود أسباب تحكيمية·· ودافعت عنه وقتها·· مذكراً بمرض انتقاد التحكيم سعودياً·· خرجت العديد من الأطراف التي انتقدت دفاعي عنه·· حتى ان أحدهم تطرف واتهمني بعدم الوطنية!·· والتعبير الأخير يذكّرني بمقولة الرئيس الأميركي بعد أحداث سبتمبر إما معنا أو علينا!
__ مسكين من يكون حكماً في الملاعب السعودية·· فعليه أن يتحمل مسؤولية أخطاء اثني عشر رئيساً واثني عشر مدرباً ومائة واثنين وثلاثين لاعباً يمثّلون اثني عشر نادياً سعودياً تمثّل الأندية الممتازة·
__ جدتي كانت تقول اشرب اللبن والا تطلع لك الجنية·· وأنا أقول لابني اشرب اللبن والا تطلع حكم كرة قدم!

جريدة الاتحاد الاماراتي يوم الخميس 12/2/1423هـ