15/03/2002, 08:01 PM
|
زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 29/12/2001 المكان: جدة
مشاركات: 2,219
| |
أدلة القائلين بالكراهة فقط:
استند هؤلاء إلى ما يأتي من الأدلة:
أ- أنه لا يخلو من نوع ضرر ولا سيما الإكثار منه مع أن القليل يجر إلى الكثير.
ب- النقص في المال كان يمكن إنفاقه فيما هو خير منه وأنفع لصاحبه والناس.
ج- نتن رائحته التي تزعج كل من لم يألفها وتؤذيه.
د- إخلاله بالمروءة.
هـ- يشغل عن أداء العبادة على الوجه الأكمل.
و- من اعتاده قد يعجز في بعض الأيام عن تحصيله فيتشوش خاطره لفقده.
ز- ومثل ذلك إذا كان في مجلس لا ينبغي استعماله فيه.
وهذه هي خلاصة أدلة القائلين بالكراهة.
بكراهيّته يعود في النهاية للحكم بالله سبحانه وتعالى لها.
أدلّــة المبـيحـين :
قالوا أن الأصل في الأشياء الإباحة ودعوى أنه يسكر أو يخدر غير صحيحة، لكن من لم يعتده يحصل له إذا شربه نوع من غثيانٍ وهذا لا يُوجب التحريم. هذا ما ذهب إليه شيخ الطائفة الصوفية في زمانه عبد الغني النابلسي صاحب كتاب «جامع كرامات الأولياء» الذي جاء فيه من الطامات المضحكات المهلكات. [أنظر حاشية ابن عابدين ج5 ص326]
أدلّــة المحـرّمـيـن :
قالوا أنه من المعلوم أن الشريعة الإسلامية قد جاءت بأصول عامة تندرج تحتها فرعيات كثيرة فاستدل علماء الإسلام رحمهم الله تعالى بهذه الأصول العامة على تحريم الدخان لإدراجه تحتها؛ والأصول المشار إليها إما آيات قرآنية وإما أحاديث نبوية، واستنباطاً من فتاوى العلماء القدامى في تحريم الحشية.
ومن هذه الأدلة على وجه التيسير والاختصار:
1- قوله تعالى واصفاً نبيه صلى الله عيه وسلم أنه {...يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث...} [الأعراف 157 ]
2- وقوله تعالى {...ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين...} [الإسراء 27]
3- وقوله تعالى {...ولا تقتلوا أنفسكم...} [النساء 29]
4- وقوله صلى الله عيه وسلم «لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ» [صحيح رواه الإمام أحمد وغيره]
5- وقوله صلى الله عيه وسلم «من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته» [متفق عليه]؛ قال هذا صلى الله عيه وسلم لكراهة رائحة هاتين الثمرتين فكيف برائحة هذا الدخان العفنة المنتنة التي تؤذي من يتعاطاه وتؤذي غيره من الناس؟ بل إن رائحة هذا الدخان أشد إيذاءً من رائحة البصل أو الثوم، ومن صلى بجانب مُدخّن وجد هذا فنسأل الله تعالى أن يحفظنا وإخواننا من البلاء في الدين والدنيا.
6- الإسكار: قالوا أنه من المعلوم أن كل من شرب دخاناً كائناً ما كان أسكره (بمعنى أشرقه وأذهب عقله بتضييق أنفاسه ومسامه عليه فالإسكار من هذه الحيثية ؛ لا سكر اللذة والطرب).
7- التفتير والتخدير: وقالوا إن لم يُسلّم أنه يسكر فهو يُخدّر ويفتّر، والرسول صلى الله عليه وسلم «نهى عن كل مُسكر ومُفتّر» [صحيح رواه الإمام أحمد وأبو داود]؛ قالوا: والمفتر ما يورث الفتور والخدر قي الأطراف.
8- الضرر: والضرر هنا ينقسم إلى نوعين:
أ- ضررٌ بدني: حيثُ يُضعف القوى ويُغير لون الوجه بالصُفرة والإصابة بالسعال الشديد الذي قد يؤدي إلى مرض السل؛ وأنه لا فرق في حرمة المضر بين أن يكون ضرره دفعياً (أي يأتي دفعة واحدة) وأن يكون تدريجياً فإن التدريجي هو الأكثرُ وقوعاً.
ب- ضررٌ مالي: ويُعنى به أن في التدخين تبذيراً للمال لأنه لا يفيد لا في الجسم ولا في الروح ولا في الدنيا ولا في الآخرة وقد نهى النبي صلى الله عيه وسلم عن إضاعة المال كما مر معنا.
بعض العلماء الذين حرموا الدخان :
ولضيق المجال نذكر أسماء بعض القدامى والمعاصرين من العلماء الذين حرّموا التدخين.
من القدامى عن الشافعية: ابن علان شارح رياض الصالحين والأذكار للنووي وله رسالتان في تحريمه؛ وعبد الرحيم الغزي؛ وإبراهيم بن جمعان؛ وتلميذه أبو بكر الأهدل؛ والقليوبي؛ والبجيرمي؛ وغيرهم.
عن المالكية: عبد الرحمن الفاسي؛ وإبراهيم اللقاني؛ وشيخه سالم السنهوري؛ وغيرهم.
عن الحنفية: محمد العيني وله رسالة في تحريمه؛ ومحمد الخواجة؛ وعيسى الشهاوي؛ ومكي بن فَرّوخ؛ وسعد البلخي المدني؛ وعمر بن أحمد المصري وأبو السعود مفتي إسطنبول وغيرهم.
عن الحنابلة: الإمام محمد بن عبد الوهاب وغيره كثير. [أنظر حكم الدين في اللحية والتدخين لعلي عبد الحميد ص48-49]
وأما العلماء المعاصرون، إن لم نقل كلهم فإن جل علماء هذا العصر المعتبرة أقوالهم عند أهل السنة والجماعة قد حرموا شرب الدخان والاتجار به والإعانة عليه، وهذه بعض أسمائهم:
أحمد البهوتي (المصري) والقشاش (المغربي) ونجم الدين (الدمشقي) وعبد الملك العصامي (الحجازي) وتلميذه محمد بن علامة؛ وعمر البصري. [أنظر «الفواكه العديدة» ج2 ص80-82] وعلماء الجزيرة العربيّة بأجملهم منهم محمد بن إبراهيم مفتي السعودية سابقاً؛ وعبد الرحمن السعدي؛ وأبو بطين؛ وسفر الحوالي وسلمان العودة -حفظهما الله وغيرهم كثير.
ومن مشايخ الأزهر محمود شلتوت (مع أنه مما يذكر أن الشيخ كان مبتلى بالتدخين منذ عهد الشباب ولكن لإنصافه رجح قول المحرمين)؛ ومصطفى الحمامي في كتابه «النهضة الإصلاحية؛ والشيخ كشك رحمه الله تعالى في فتاويه ج2ص25، وجاء في خلاصتها:
«..وبعد فهذه مقتطفات من كلام الأطباء في أضرار الدخان طبياً وبعض كلام العلماء في بيان حكم تعاطيه شرعاً، فهل يليق بمنصف بعد هذا أن يتردد في تحريمه والمنع منه؟ اللهم إلاّ مكابرٌ لا عبرة به ولا بقوله».
وكذلك ذهب الشيخ الألباني وتلامذته إلى تحريمه.
وكل هؤلاء العلماء قد اتفقوا على حرمة بيعه وشرائه وشربه والمعاونة عليه بأي وسيلة كانت، واتفقوا على أن الصلاة خلف شارب الدخان صحيحة لكنها مكروهة، يعني أنه يجب على المسلمين أن يُعيّنوا لهم إماماً للصلاة من غير هؤلاء المبتلين بشربه لأنه ما دام شربه على العامة محرم فحرمته إذاً على المشايخ وأئمة الصلاة تكون أشد والله تعالى أعلم. |