
10/12/2007, 12:54 AM
|
زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 10/05/2005 المكان: (في السمــــاء الثامنة )
مشاركات: 3,596
| |

.. ** عندمــــــــــا يبــ ـــ ــــوح الصمـــــــــــت ** .. كانت الساعة تشير إلى الثانية عشر بعد منتصف الليل عندما هممت للخلود إلى النوم ولكن تهادى إلى مسمعي صوت رنين هاتفي النقال , فتناولته لأجد المتحدث صديقتي : هي : صباح الخير , هل أزعجتك ؟ أنا : غداً ؟
هي : أن كانت لديك أية ارتباطات , فلنؤجلها لبعد غد ..!! أنا : كلا كلا .. ليس لدي شيء ولكني فقد تفاجأت .. على الرحب والسعة يا غالية , أنا بانتظارك .. هي : متلهفة لرؤيتك .. في أمان الله .. أغلقت الخط وأنا لا أشعر بالراحة أبدا بعد حديثها .. سيل من الأسئلة أرهق ذهني .. ما الذي دعاها لتتصل بي في هذا الوقت المتأخر لتخبرني بزيارتها المفاجئة لي ؟؟ أشعر وكأن أمرا سيئا قد حدث لها ؟؟ كان لخوفي ولتساؤلاتي سبباً منطقياً , فمنذ فترة ليست بطويلة , لا أعلم عن صديقتي شيئاً, كانت تواجه مشاكل عدة في حياتها , لكني قصدت الابتعاد عنها لأجعلها تعتاد على مواجهة المشاكل بنفسها ولكي تعتاد طلب يد العون مني عندما تحتاجني , لا أن تصمت وتكتم ما بداخلها..وتترك لي مهمة الإلحاح بالسؤال عن حالها..!! وعندما اعرف التفاصيل بعد جهد جهيد تظهر لي مهمة أخرى وهي أني أتعامل مع مشاكلها كما لو كانت مشاكلي..أفكر عنها واخطط وأنفذ وأتحمل العواقب أيضا..فصديقتي هذه ترهقني مرتين مرة حين البحث عن سبب حزنها ومرة أخرى عند البحث عن حلول لمشاكلها..!! ولأنها سلبية , تترك الأمور على ما هي عليه , لا تعاتب ولا تجادل و لا تناقش , بل تلتزم الصمت في أغلب الظروف حتى في أصعبها .. ( أرجو أن تكون بخير ) ذلك ما تمنيته لها قبل أن أغط في سبات عميق . في صباح اليوم التالي , ذهبت لعملي كالمعتاد ثم عدت إلى البيت في الساعة الواحدة ظهراً . تناولت وجبة الغداء و خلدت بعدها للنوم .. وما أن حل المساء حتى بدأت في تجهيز نفسي لإستقبال صديقتي .. رن جرس الباب .. ففتحت لأراها مبتسمة , حاملة معها باقة من الورد .. عانقتها بشدة .. هي : اشتقت إليك .. أنا : وأنا أكثر .. قدمت لي باقة الورد فتناولتها بلطف وقلت : أهي لي ؟؟ ما المناسبة يا ترى .؟ هي : وهل يجب أن تكون هنالك مناسبة لأعبر فيها عن مدى حبي وامتناني و عظيم شوقي لكِ .. لكن أتدرين ما هي المناسبة ؟؟ إنك ليز .. أنا : حسنا .. حسنا .. رويدك, فأنا لا أستطيع مقاومة هذا السيل من المشاعر الفياضة ..!! هي : ما في قلبي لك أكثر من ذلك .. أمسكت بيدها وسرنا سوياً نحو غرفة الضيوف وبعدما جلست.. استأذنتها لأجلب القهوة, ثم أخذنا نرتشفها سوياً ونتبادل أطراف الحديث .. هي : ما هذا الجفاء يا قاسية ؟؟ أين كنت طوال هذه المدة؟ أنا : ليس جفاء يا غالية , لكنها الظروف أجبرتني على الابتعاد, ثم حتى لو لم أتصل أو اسأل , ثقي تمام الثقة أنك دائماً في البال . هي : وكيف هي الأمور معك ؟ أجبتها و أنا ابتسم : أروع مما تتخيلين !!! (كنت أحاول جاهدة أن أخفي حزني لأبدو سعيدة أمامها , فملامح وجهي تفضحني دائماً وهي كما عهدتها ماهرة جدا في قراءة تعابير وجهي) هي : لا أعلم ولكن أحس أن هنالك شيء تخفينه عني !! أنا: وماذا سيكون ؟ .. صدقيني لا شيء مهم .. هي : و لكن ....... هنا قطع حديثنا صوت أمي وهي تناديني لأخذ الشاي والكعك الذي صنعته لنا .. كنت ممتنة جداً لأمي لأنها أنقذتني من ذلك الموقف , فصديقتي عندما تريد أن تعرف شيئاً لا تنفك تسال عنه أبدا . كنت أود أن أبوح لها وأن أرمي بهمومي عليها , كنت أريد أن أبكي فتكفكف أدمعي وتواسيني ..لكني آثرت الصمت على ذلك , فقد أتتني حزينة , مكسورة الخاطر تطلب يد العون مني , فكيف أثقل كاهلها بألآمي و همومي !! عدت إليها وسكبت لها قدحاً من الشاي وناولتها إياه قائلة : حدثيني ,, كيف هي حياتك ؟ هي : الحمد لله على كل حال .. لا زال لي قلب ينبض .. أنا : ينبض بماذا ؟؟ هي : بكل الحب لك .. أنا : و بماذا ايضاً ؟ هي : ............................... أنا : وبماذا ايضاً ؟ هي: بكل حزن العالم .. (نطقتها بعد أن اغرورقت عيناها بالدموع ) في تلك اللحظة فقط .. تأكدت أن في قلبها من الحزن والأسى الشيء الكثير , بدأت تتحدث لي و تشتكي , رغم ما بي من حزن على حالها إلا أني شعرت بالسعادة , فقد أتت من تلقاء نفسها تطلب المساعدة مني , كأي فتاة لا ترى ملجأ لها بعد الله- سبحانه وتعالى - سوى قلب حنون يحتضنها كقلب صديقة تحب الخير لها .. تحدثت طويلاً وكنت مستمعة لها , أنصت بكل جوارحي , كنت أتأمل ملامح وجهها الحزينة و نظرات عينيها الحائرة وعندما انتهت, أسديت لها بعض النصائح , وأمددتها ببعض الحلول ,, قالت : وما العمل أن لم تجدي هذه الحلول نفعاً كسابقتها ؟ أنا : لا تتشاءمي و اصبري , ما يدريك لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ؟ هي : غصة في الحلق يا ليز تؤلمني .. أنا : تفاءلي .. ستتحسن الأمور بإذن الله .. هي : أخشى أن يطول الانتظار و أنا على هذا الحال .. أمسكت بيدها و نظرت إلى عينيها بكل حنان وقلت : عزيزتي , أصغي إلي , أعلم بأن ما سأقوله لك قد يزيدك هماً وعذاباً بل ربما تتهمينني بالقسوة ولكن لا بد أن أصارحك به .. لا توجد مشكلة من دون حل , والحل الوحيد لمشكلتك تعلمينه أنتي جيداً , ولكنك تغضين بصرك وتتجاهلين وجوده !!! أو تعلمين لم ؟؟!! لأن الحل الوحيد لأي مشكلة , بل دعينا نقول أن آخر الحلول لأي مشكلة دائما ما يكون جارحاً , أن لم يجرحنا فحتماً سيجرح شعور الشخص الآخر .. وليس هنالك من شخص في هذه الدنيا يرضى بالجراح لنفسه أو يسمح لها أن تنال من شخص عزيزاً عليه .. لكنه الحل على أية حال !! شئنا أم أبينا , قبلناه أم تجاهلنا وجوده ,, نظرت إلي بحزن وذرفت منها دمعة..كنت قد أيقنت أنها فلتت منها وهي تحاول جاهدة إخفاءها عني..
أخذت أكفكف دموعها قائلة لها : أعتذر إن قسوت عليك ولكنها الحقيقة , تحلي بالشجاعة فلم نصل بعد إلى آخر الحلول,ورغم كل شيء لازالت هناك فسحة للأمل في حياتنا حتى وأن نال منا الألم.. طبعت قبلة على جبينها , فابتسمت وهي تقول لي : حسناُ .. أريد الخروج لنتمشى قليلاً ,, أنا : رغم أن البرد قارص في الخارج إلا انني سأرافقك فلا يرفض لغاليتي طلب .. ذهبت هي للخارج و ذهبت أنا لأجلب لنا فنجانين من القهوة الفرنسية لننعم بالدفء .. وعند عودتي , سمعتها تبكي , هي المرة الأولى التي أسمع فيها صوتاً لأنينها .. وقفت في مكاني وأنا أنظر بحزن و شفقة إليها وقلت في نفسي ( فلتبكي.. ولتسكبي الدمع ليغسل مآسينا, فلتبكي..فليس هنالك أصدق من الدمع شخصاً يواسينا) اقتربت منها , كانت جالسة مطرقة برأسها للأرض.. ناولتها الفنجان وأنا أبتسم : لم أنتي جالسة ؟ ألا تودين التنزه قليلاً .. هي : بلى .. ولكني كنت أنتظر مجيئك لترافقينني.. كانت السماء ملبدة بالغيوم وكان الهواء بارداً.. هي: كل شيء يوحي بهطول المطر أليس كذلك يا ليز .. أنا : الله أعلم .. هي : فلتعترفي إذن أنك لا تودين ذلك ..!! ضحكت كثيراً و قلت : حسناً .. أنا أخاف الرعد ولكني لا أكره المطر .. هي : ألا تستطيعين التغلب على خوفك ..؟! أنا : لا.. لا أعتقد أني استطيع .. أنا أضعف من أن أتغلب على هزيم الرعود صمتت لبرهة ثم عادت لتسألني هي : ليز .. كم مضى على تخرجنا ؟ أنا : سنتان .. هي : وما الذي تغير بنا مع مرور الزمن!!؟؟.. أنا : لم نتغير .. ولكن الدنيا هي من تغيرت علينا .. فأصبحنا نعيش كالغرباء فيها .. وطوبى للغرباء .. هي : هل تعتقدين أن الحياة ظالمة ؟ أنا : لا ولكن يصعب أن تجدي فيها العدل والإنصاف.. شردت بذهني مطولا ولم أشعر إلا وهي تهز كتفي : ليز.. ليز .. أنا : آسفه .. عما كنت تتحدثين ؟ هي : ما الأمر ؟ ما بك ؟ أنا : لاشيء .. فقط كنت أفكر هي : بماذا ؟ أنا : في الدنيا و أحوالها .. هي : ليز .. لا تكذبي .. ما الذي يحزنك ؟ لم لا تصارحينني ؟ أنا : قلت لك لا شيء .. هي : تزدادين نحولاً و شحوباً يوما بعد يوم و تريدين مني أن أصدق أنك بخير !! حسناً .. فلتنظري إلي , عينك بعيني لو سمحتي .. أنا : مالداعي لهذا ؟ |