#1  
قديم 07/12/2007, 02:23 AM
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 07/03/2007
مشاركات: 1,461
موت الفجأة .. هل طرأ ببالك


الحمد لله تفرد بالبقاء ، والعظمة والكبرياء ، وسع خلقه رحمة وحلما ، وأحاطهم معرفة وعلما ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، كاشف الكرب ، ومزيل الهم ، ومثبت الذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة بالقول الثابت ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أنذر وبشر ، ونصح وجاهد ، حتى ترك أمته على البيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيراً .


أما بعد : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} .



أيها الأحبة في الله : كم يسعى الإنسان ويجهد في هذه الحياة الدنيا ، قد ملأ قلبه بالطموحات ، وغره طول الأمل ، وغفل عن كثرة العلل ، فانطلق كالسهم يركض خلف مبتغاه ، يعرق ليجمع ، ويجمع لينفق أو ليبخل ، قد أطغاه حب الجاه ، وأرهقه التطلع للمنصب ، وأشغله هم الأولاد ، وقصم ظهره اللهث وراء الأموال ، فيفلح حينًا ، ويعثر حينًا آخر ، وينهض مرة أخرى لا يبالي بتعب ، ولا يفكر في جهد ، فقط أن يصل إلى ما وصل غيره بل يزيد على ذلك ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، ومن أصدق من الله قيلا :

{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} .



يالله كم للدنيا من فتن مغرية تأخذ بلب المرء وقلبه ، وتهد من جسده وقوته ، يظن أنه سيبلغ غايته ، وينال مبتغاه ، وفي لحظة من اللحظات لم يحسب لها حسابًا ، قد انغمس في عمله ، يدقق حساباته الدنيوية

غافلاً عن حساب الآخرة الشديد
، وفي لحظة من اللحظات وهو في غمرة السعادة بين أهله وذويه ، أو بين أصحابه وأحبابه ، وفي لحظة من اللحظات يعيش نشوة الأموال ، وكثرة الأولاد ، واستقرار الصحة والجسد ، في تلك اللحظة التي يبصر بها من حوله ، ويسمع من يحدثه ، ويحدث من يسمعه ، ويحرك فيها جسده ، لا مرضًا يشكو ، ولا علة يعالج ، ولا طبيبًا يزور ، قوة في جسمه تركب فوق قوة ، ونشاطًا في عقله تختصم فيه الأفكار بالأفكار.



لحظة رهيبة
، ومفاجأة غريبة ، فيها توقف كل شيء ، ماذا جرى للجسم الصحيح ، ماذا حصل للعقل المدبر ، ماذا وقع لصاحب الأموال والمنصب والجاه ، ما هذه الصفرة التي سرت في جسده ، أين سافرت نضرة هذا الجسم المترف ، عجبًا أرى : عينين كانتا جميلتين بالبصر ، مالهما قد زاغتا لا لفت أو نظر ، قم يا رجل ، انهض ، فوراءك حياة مليئة بالعمل ، أتترك أعمالك ، أموالك ، جاهك و منصبك ، تحرك !! لقد ارتخى اللسان السليط ، وخفت الصوت الصارخ ، فلا حس أو خبر .


حينها تَنادَى الأحباب ، وتعالت الأصوات ، أحضروا الطبيب ، حركوا الأموال ، اتصلوا بأصدقاء الجاه والمراتب العالية ، أخبروهم بالمفاجأة ، علهم يجدوا الخلاص ، والنجاة من المصيبة .


أيـن الـمفر من القضاء مشرقًـا ومـغـربا

انـظـر تـرى لك مذهبًا أو ملجأً أو مهربا

سـلّـم لأمـر الله وارض بـه وكـن مترقبـا

فلقد نعاك الشيـب يوم رأيت رأسك أشيبا

يمسي ويـصـبح طالب الدنيا مُعنًى متعبا




لقد انتهى كل شيء ، وجاء الوعد الحق ، لتنسل به الروح من الجسد ، وتقلع منه حثيثا، ومن أصدق من الله حديثا : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} .


يا لها من مفاجأة يباغت فيها الإنسان ، فيؤخذ على غرة ، تعددت أسبابها ، وتلونت أشكالها ، واختلفت أعمارها ، وتنقلت أوقاتها ، لا تميز بين الطفل والشاب والشيخ ، كل له أجله المكتوب ، وعمره المحسوب ، عند رب رحيم حليم .


غير أنها الغفلة التي تقتل القلوب عن هذه الساعة المملوءة بالفاجعة ، المقرونة بالبكاء والصراخ ، الممزوجة بالدموع ، المتلونة بالحسرة واللوعة ، على مَنْ ؟!! .. علي أنا وأنت وكل مولود كبير أو صغير .

يا غافلاً عـن سـاعـة مقـرونـة بنـوادي وصـواريـخ وواكــــل

قدِّم لنفسك قبل موتك صالحًا فالموت أسرع من نزول الهاطل

حطام سمعُك لا يعي لمذكــر وصـميم قـلـبـك لا يلين لــعــاذل

تبغي من الدنيا الكثيرَ وإنمـا يـكـفـيـك من دنياك زاد الراحـــل

آي الكتاب تهــــزُّ سـمـعـك دائمًا وتصم عنها معرضًا كالغافل

كم للإله عليك من نـــعم تـــــرى ومواهــــب وفوائد وفواصل

كم قد أنالك من ومانح طوله فاسأله عفوًا فهو غـــــوث السائل


عباد الله : اعلموا رعاكم الله أن من علامات الساعة الصغرى كثرة موت الفجأة ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة» ، رواه الطبراني وحسنه الألباني .


وإن المتابع لأخبار الزمان اليوم ليجد عجبًا عجابًا من كثرة ما يقع من موت الفجأة ، وهو ما يسمى اليوم بالسكتة القلبية ، والجلطة الدماغية , ومع هذه الكثرة إلا أن جملة منا في غفلة ، وكأن ما أتى غيرنا لا يأتينا ولا يقرب من دارنا .


عجبًا لنا : كيف نجرأ على الله فنرتكب معاصيه ، وأرواحنا بيده ، وكيف نستغفل رقابته ، والموت بأمره يأتي فجأة ،
أما سأل أحدنا نفسه :

لماذا لا يستطيع أحد أن يعلم متى سيموت
، إنها حكمة بالغة ، ليبقى المؤمن طوال حياته مترقبًا وداع الدنيا ، مستعدًا للقاء ربه .


روي أن ملك الموت دخل على داود عليه السلام فقال : من أنت ؟ فقال ملك الموت : أنا من لا يهاب الملوك ، ولا تمنع منه القصور ، ولا يقبل الرشوة ، قال : فإذًا أنت ملك الموت ، قال : نعم ، قال : أتيتني ولم أستعد بعد ! قال : يا داود أين فلان قريبك ؟ أين فلان جارك ؟ قال : مات ، قال :

أما كان لك في هؤلاء عبرة لتستعد ؟!


يا حسرتنا ـ يا عباد الله ـ على غفلة قد طمت ، ومهلة قد ذهبت ، أضعناها في المغريات ، وقتلناها بالشهوات ، وأهدرناها في التفاهات ، نسير كأن أحدنا سيعمر ألف سنة ، ونغفل كأن بيننا وبين الموت ميعاد مؤجل ، كم قريب دفنا ، وكم حبيب ودعنا ، نفضة غبار القبور من أيدينا أنستنا هول ما رأوا ، وعظم ما شاهدوا ، وعدنا من دور اللحود وعادت معنا الدنيا ، لنغرق في ملذاتها .


أين العيون الباكية من خشية الله ، أين القلوب الوجلة من لقاء الله ، ألا نعود أنفسنا على توديع هذه الدنيا كل يوم ، فنحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبها الله ، ألا نعزم على مضاعفة الأعمال الصالحة من صلاة واستغفار وذكر وبر وصلة ، ألا نفكر بجدية مقرونة بعمل أن نقلع من معاصينا ، ونتوب من تقصيرنا في حق الله تعالى،ألا نجعل ساعة الموت هذه واعظًا لنا في هذه الدنيا الفانية من الغفلة عن الله تعالى ؟


{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} .

اللهم ارحم ضعفنا ، وآنس وحشتنا ، وذكرنا بك ما حيينا ، اللهم التوبة النصوح قبل الممات يا رب العالمين

عباد الله ، إنه من الخطير حقًا أن نتأفف من ذكر الموت وأسبابه ، نراعي في ذلك مشاعرنا، أن لهثًنا خلف الفرحة بهذه الدنيا ، كيف وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : « َكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ» رواه الترمذي وقال : حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ .

وما ذاك إلا لأن ذكر الموت يعين بعد الله تعالى على فعل الطاعات والاستزادة من المعروف والخير ، ويزهد في الدنيا وزهرتها ، ويكشف لك غرورها وزوال متاعها ، ويهون عليك فوات نعيمها ، لتفكر في نعيم الآخرة المقيم ، فتجتهد في العبادة ، وتعمل لتلك السعاة .

قال حوشب بن عقيل : سمعت يزيد الرقاشي يقول لما حضره الموت : {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} ، ألا إن الأعمال محضورة ، والأجور مكملة ، ولكل ساع ما يسعى ، وغاية الدنيا وأهلها إلى الموت ، ثم بكى وقال : يا من القبر مسكنه ، وبين يدي الله موقفه ، والنار غدًا مورده ، ماذا قدمت لنفسك ؟ماذا أعددت لمصرعك ، ماذا أعددت لوقوفك بين يدي ربك ؟

وأجمل ما يكون العبد في حياته متذكرًا الموت ، مستعدًا له ، غير أنه إذا اقترب منه كان حسن الظن بربه ، فإن الله يقول في الحديث القدسي : «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ» رواه أحمد .

حدث حاتم بن سليمان قال : دخلنا على عبد العزيز بن سليمان وهو يجود بنفسه فقلت : كيف تجدك ؟ قال : أجدني أموت ، فقال له بعض إخوانه : على أية حال رحمك الله ؟ فبكى ثم قال : ما نعول إلا على حسن الظن بالله ، قال :

فما خرجنا من عنده حتى مات
.


ليذكر بعضنا بعضًا بفناء أعمارنا ، وفناء هذه الدنيا ، ولنستعذب الحديث عما أعده الله لعباده من الجنان والفوز بالرضوان ، على قلوبنا أن تلين لباريها ، وتخشع لخالقها العزيز الحكيم .


منقول
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07/12/2007, 12:44 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 18/03/2005
المكان: Kuwait
مشاركات: 2,956
جزاك الله خير
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07/12/2007, 12:56 PM
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 07/03/2007
مشاركات: 1,461
وياك
مشكور على المرور
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07/12/2007, 01:34 PM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 21/06/2005
المكان: الرياض
مشاركات: 848
من المعلوم ان لكل شروق زوال ولكل مطلع شمس مغربها
فمن المتوقع ان يموت المريض بدرجة مرضه تكمن درجة الموت وهذا امر طبيعي وليس عارض
اما ان يموت لك صديق او اخ او ربما انت والوضع مستقر وفي احسن الحالات فهذا مدعات للتفكير
ربما تموت وانت تأكل او تشرب او نائم او تموت وانت تقرأ كلامي الآن
اليس من المفترض ان نعمل ليوم لا عمل فيه ؟
يقول الله في محكم التنزيل : ( ان في ذالك لآيات لأولي الألباب )

نفع الله بك الاسلام واهله وجعلك مِن مَن يأخذ كتابه بيمينه
تقبل مني كل شكر وتقدير
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07/12/2007, 02:24 PM
موقوف
تاريخ التسجيل: 14/02/2007
مشاركات: 1,047
جزاك الله خير
اضافة رد مع اقتباس
  #6  
قديم 07/12/2007, 06:42 PM
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 07/03/2007
مشاركات: 1,461
مشكورين على المرور

جزاكم الله خير
اضافة رد مع اقتباس
  #7  
قديم 07/12/2007, 06:46 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 11/07/2007
المكان: شبكة الزعيم
مشاركات: 2,478
جزاك الله خير
اضافة رد مع اقتباس
  #8  
قديم 07/12/2007, 09:22 PM
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 07/03/2007
مشاركات: 1,461
وياك
مشكور على المرور
اضافة رد مع اقتباس
  #9  
قديم 08/12/2007, 11:16 AM
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 02/04/2005
المكان: في القلوب الطيبة
مشاركات: 1,390
السلام عليكم

أثابك الباري وجعلك من حفظة القرآن وصحيح مسلم والبخاري

نسأل الله حسن الخاتمة

اضافة رد مع اقتباس
  #10  
قديم 08/12/2007, 01:24 PM
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 07/03/2007
مشاركات: 1,461
امين

مشكور على المرور
اضافة رد مع اقتباس
  #11  
قديم 08/12/2007, 01:31 PM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 04/06/2007
المكان: منتهيه ! ! !
مشاركات: 660
جزاك الله خير
اضافة رد مع اقتباس
  #12  
قديم 08/12/2007, 09:05 PM
زعيــم متواصــل
تاريخ التسجيل: 30/06/2007
مشاركات: 160
يعطيك الف الف الف عافية
ومشكوووووووووووووووووووووووووووووور
جزاك الله الف خير
اضافة رد مع اقتباس
  #13  
قديم 08/12/2007, 11:08 PM
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 07/03/2007
مشاركات: 1,461
مشكورين على المرور
اضافة رد مع اقتباس
  #14  
قديم 09/12/2007, 12:44 AM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 31/07/2007
المكان: الشرقية
مشاركات: 5,431
كل مرة ابي ادخل المووضوع

لكني اتردد خوفا من العنوان

جزاك الله خير وجعله الله في ميزان أعمالك $$
اضافة رد مع اقتباس
  #15  
قديم 09/12/2007, 01:29 PM
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 07/03/2007
مشاركات: 1,461
مشكوره على المرور
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 03:38 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube