المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 04/02/2002, 07:58 AM
كاتب ومفكر إسلامي
تاريخ التسجيل: 06/12/2001
مشاركات: 485
الإيمان هو الأساس الحلقة (1)

أ . د./عبد الله قادري الأهدل

الإيــمـان
هــــو
الأســـــاس


دروس في الإيمان-المقدمة(1)
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، وتعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد إن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: فإن الإيمان بالغيب هو أساس التسليم المطلق لله تعالى في أمره ونهيه وإسلام الوجه له، ولهذا كان أول الصفات التي وصف الله بها عباده المتقين ورتب عليها فلاحهم كما قال تعالى: {ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب-إلى قوله تعالى-: أولئك على هدى من ربهم وألئك هم المفلحون} البقرة:1-5 ومثل ذلك قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون-إلى قوله تعالى-: أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}. المؤمنون 1-11.
وبهذا يتضح المنهج الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم-بأمر من ربه-في العهد المكي، الذي زاد على عشر سنوات، وهو يدعو قومه إلى الإيمان بوحي الله وما تضمنه من البيان والهدى،-وهم-لعدم إيمانهم بهذا الوحي الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم-لا يزدادون إلا عتوا في الأرض واستكبارا ويطلبون منه أ ن يأتيهم بآيات محسوسة تدل على صد قه كما قال تعالى:{ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرأه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا.}. الإسراء 89.
ولما كان الإيمان بالغيب هو الأساس في التسليم المطلق لله تعالى لم يستجب الله تعالى لتعنت الكافرين الذين طلبوا من رسوله أن يأتيهم بآية من عند الله محسوسة حتى يصدقوه بزعمهم بل تعجب من عدم اكتفائهم بهذا القرآن الذي هو أعظم آية دالة على صدقه وأن الله وحده كاف في الشهادة بينه وبينهم، كما قال تعالى: {وقالوا لولا نزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون}. العنكبوت 50-52
وعندما يثبت الإيمان بالغيب في قلب المؤمن، لا تجده يعترض على شيء أمر الله به أو نهى عنه، محكما عقله أو هواه أو ما جرت به العادة، ويدل على ذلك موقف أبي بكر رضي الله عنه من قصة الإسراء التي طارت بها طائرة المشركين استدلالا بها على كذب محمد حاشاه-صلى الله عليه وسلم-ليثنوا الناس وبخاصة أصحابه عن الإيمان به، فقالوا عندما سمعوا النبأ (والله إن العير لتطرد شهرا من مكة إلى الشام مدبرة، وشهرا مقبلة، أفيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ويرجع إلى مكة؟... وذهب الناس إلى أبي بكر فقالوا له: هل لك يا أبا بكر في صاحبك، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة. قال فقال لهم أبو بكر: إنكم تكذبون عليه، فقالوا: بل هو ذاك في المسجد يحدث به الناس. فقال أبو بكر: والله لئن كان قاله لقد صدق، فما يعجبكم من ذلك! فوا لله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه.ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله، فقال يا نبي الله أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة؟ قال: نعم. قال يا نبي الله فصفه لي، فإني قد جئته..... فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه لأبي بكر، ويقول أبو بكر: صدقت، أشهد أنك رسول الله......) [السيرة النبوة لابن هشام (2/33)الناشر مكتبة الكليات الأزهرية] تأمل من النص المعاني الآتية:
تكذيب المشركين-كعادتهم-لعدم إيمانهم بالغيب.
عدم إسراع أبي بكر في تصديق الخبر الذي نقله له أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم، لأمرين:
الأمر الأول أنه لم يسمعه من الرسول بنفسه.
الأمر الثاني: خوفه من أن يكونوا كذبوا عليه.
احتياط أبي بكر لنفسه وتصميمه أمام المشركين على تصديق الرسول تصديقا مطلقا في كل ما يثبت أنه قاله : (والله لئن كان قاله لقد صدق).
تثبت أبي بكر رضي الله عنه من الخبر بسؤال الرسول صلى الله عليه وسلم.
إنكار أبي بكر تعجب قريش من شيء قد صدقه هو فيما هو اعظم منه، (خبر السماء الذي يأتيه صباح مساء).
كما أن الذي يؤمن بالغيب لا يرده عن طاعة الله راد، ولا يصده عنها صاد ولو كان في ذلك ذهاب ماله وولده ونفسه، وفي قصة السحرة مع فرعون عبرة لمن اعتبر، فقد كانوا رهن إشارة فرعون قبل إيمانهم بالله طلبا للحظوة عنده، وخوفا من بطشه، ولكنهم في لحظة واحدة وقفوا أمامه متحدين بطشه زاهدين في ماله وجاهه.
قال تعالى: {قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى فألقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى}. طـه: 65-73
ولما كانت هذه هي منزلة الإيمان من الدين كان حقا على العلماء والدعاة إلى الله أن يهتموا به قبل غيره من أمور الدين ليغرسوه في نفوس الناس، ليمتثلوا أمره ويجتنبوا نهيه، راضية بذلك نفوسهم مؤثرة ما عنده على ما سواه وبذلك تتربع الأمة الإسلامية على مقعد توجيه الأمم عن جدارة واستحقاق، وليس عن دعوى وافتراء، وبذلك أيضا تقبل أمم الأرض على هذا الدين لتدخل فيه أفواجا كما فعلت الأمم قبلها عندما رأت في الأمة الإسلامية القدوة الحسنة. وهذا هو السبب الرئيس الذي حفزني لكتابة هذه الرسالة التي حاولت أن تكون سهلة على الأفهام، قاصرة على أصول الإيمان العظام التي تضمنتها بعض آي القرآن والأحاديث الصحيحة الواضحة البيان، كحديث جبريل المشهور.
وهذه الرسالة هي في الحقيقة أهم فصل من فصول كتاب شرعت في إعداده وترتيبه وهو بعنوان:{أثر تطبيق الشريعة الإسلامية في صلاح الأمة} أسأل الله أن ييسر لي إكماله وأن ينفعني وكل من قرأه أو نقل إليه مضمونه، به إنه سميع مجيب.
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04/02/2002, 05:53 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 04/04/2001
المكان: الرياض
مشاركات: 2,378
<table style='filter:shadow'>
<font color="#3457E4" size="7">الله يجزاك الف خير</font>
</table>
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16/02/2002, 08:37 AM
كاتب ومفكر إسلامي
تاريخ التسجيل: 06/12/2001
مشاركات: 485
الإيمان هو الأساس الحلقة (2)

دروس في الإيمان
تعريفه(2)
تعريف الإيمان في اللغة
اشتهر في كتب اللغة أن الإيمان: التصديق. ومعلوم أن التعريف الشرعي قد يتفق مع التعريف اللغوي وقد يختلف، بحيث يكون المعنى الشرعي أشمل من اللغوي وهو كذلك هنا، إذ التصديق أحد أجزاء المعنى الشرعي على الصحيح المشهور عند علماء السلف، وعلى ذلك دلت نصوص القرآن والسنة.
تعريف الإيمان في الشرع
فالإيمان في الشرع هو: (تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان).
وقد ذكر ابن تيمية، أنه قد حكى غير واحد الإجماع على هذا التعريف، وذكر ما نقله أبو عبيد القاسم بن سلام عن مشاهير أهل العلم الذين صرحوا بأن الإيمان قول وعمل ونية، من أهل مكة، والمدينة، واليمن، والكوفة، والبصرة، وأهل واسط والمشرق. [ راجع مجموع الفتاوى (7/310،، 326، 331، 388، 402). وراجع شرح النووي على مسلم (1/149)]
ومما يدل على صحة هذا التعريف الذي عليه جمهور السلف أن الله تعالى عندما يصف المؤمنين يصفهم بالعناصر الثلاثة المذكورة في كثير من آي القرآن الكريم كقوله تعالى:{ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وألئك هم المفلحون}. البقرة:1-5 فالإيمان بالغيب يكون بالقلب وهو التصديق، وإقامة الصلاة تجتمع فيها الأركان الثلاثة: قول اللسان، من تكبير وقراءة وذكر، وعمل الأركان-الجوارح-من قيام وركوع وسجود وقعود وغيرها. وتصديق الجنان-القلب-وذلك يشمل التصديق بما تتضمنه الآيات القرآنية من توحيد وحساب وجنة ونار، وكذلك بقية الأذكار المشروعة في الصلاة. ومثل هذه الآيات: الآيات التسع الأول من سورة {المؤمنون}. وغيرها.
ومن أوضح الأحاديث الدالة على شمول الإيمان لأعمال الجوارح الحديثان الآتيان:
الأول حديث ابن عباس المتفق عليه-في قصة وفد عبد قيس-(أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال: أتدرون ما لإيمان بالله وحده؟ قالوا الله ورسوله أعلم،قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان وأن تعطوا من الغنم الخمس.) [ صحيح البخاري بشرح فتح الباري(1/129) ومسلم بشرح النووي (1/81)]
الحديث الثاني: حديث أبي هريرة المتفق عليه أيضا، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان). [ صحيح البخاري بشرح الفتح (1/51) وصحيح مسلم بشرح النووي (2/7) واللفظ له]
هذه النصوص وغيرها كثير تدل على أن هذا التعريف هو الذي يجب المصير إليه، لأن المعاني الشرعية يجب أخذها من الشرع، ولا يجوز اطراح ما دلت عليه النصوص بحجة أن اللغة دلت على خلافه، ولو أخذ بهذا الاحتجاج لأصبحت كثير من المعاني الشرعية محكومة باللغة، والعكس هو الصحيح ألا ترى أن الصلاة في اللغة الدعاء، وأن الصيام الإمساك عن الكلام.. فهل يجوز أن نعرف الصلاة بأنها الدعاء، ونعرف الصيام بأنه الإمساك عن الكلام في الشرع؟، لا بل إن المصطلح الشرعي لينفى إذا لم يؤت به على الوجه الذي شرعه الله، مع القدرة على ذلك، فقد نفى صلى الله عليه وسلم الصلاة الشرعية عمن لم يأت بها على ما أراد الله، كما يدل عليه حديث المسيء صلاته المشهور عند أهل العلم، والذي رواه أبو هريرة، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد النبي صلى الله عليه وسلم السلام، فقال: (ارجع فصل فإنك لم تصل) فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (ارجع فصل فإنك لم تصل) ثلاثا، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني. قال: (إذا قمت إلى الصلاة...) الحديث [اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان: (رقم: 224، ص: 81)]
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19/02/2002, 05:42 AM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 04/09/2001
المكان: الرياض الرائعة بروعة اهلها
مشاركات: 4,677
جزاك الله خير
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12/03/2002, 09:33 AM
كاتب ومفكر إسلامي
تاريخ التسجيل: 06/12/2001
مشاركات: 485
الإيمان هو الأساس الحلقة (3)

دروس في الإيمان

تنبيهات (3)

التنبيه الأول:
هناك تعريف للإمام أبي حنيفة رحمه الله قد يخالف ظاهره التعريف المذكور، وهو:(أن الإيمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان)، فلم يدخل في هذا التعريف عمل الأركان.

ومعنى هذا أن العمل غير داخل في مسمى الإيمان، والذي حققه العلماء أن الخلاف بين أبي حنيفة وجمهور أهل السنة لفظي من حيث النتيجة، لأمرين:

الأول: أن أصحاب الذنوب داخلون عند أبي حنيفة تحت الذم والوعيد-كما هم داخلون كذلك عند الجمهور-فلا يستحق المدح المطلق ودخول الجنة ابتداء إلا من جمع بين التصديق والعمل الصالح وابتعد عن الكبائر.

الأمر الثاني: أن من أهل الكبائر من يدخل النار ولكنه لا يخلد فيها، ومنهم من يدخل الجنة ولكن بعفو الله ومغفرته، وهذا هو مذهب السلف رحمهم الله.

فالخلاف إذا بينه وبينهم هو دخول العمل في مسمى الإيمان عند الجمهور وعدم دخوله فيه عند أبي حنيفة، إذ يرى أن العمل لازم للإيمان وليس جزء منه، وبذلك لا يوافق غلاة المرجئة الذين قالوا: إ ن الأعمال ليست داخلة في مسمى الإيمان ولا لازمة له، وأنه لا يضر مع الإيمان ذنب.ولا تتسع هذه الرسالة لإيراد التعريفات الأخرى ومناقشتها [وقد ناقشت تلك التعريفات في بحث مخطوط بعنوان (الإيمان وأثره في حياة الإنسان)] إذ الهدف معرفة الحق بدليله وقد عرف والحمد لله.

التنبيه الثاني:
أن المانعين لدخول الأعمال في مسمى الإيمان أوردوا شبهة ظنوا أنها تؤيد ما ذهبوا إليه وتلزم الجمهور بمذهب الخوارج الذين يكفرون بالمعاصي-الكبائر-، قالوا: لو كان الإيمان مركبا من أجزاء للزم زوال جميعه بزوال بعضه.

والجواب على ذلك من وجهين:

الوجه الأول: أن زوال الإيمان بزوال بعض أجزائه يعود الأمر فيه إلى الشارع فما أثبت الشارع زوال الإيمان بزواله-كترك الصلاة جحدا لوجوبها-أثبتناه، وما لم يثبت الشارع زوال الإيمان بزواله-كترك إكرام الضيف، بل كترك أداء الزكاة تساهلا لا جحدا-لم نحكم بزوال الإيمان بزوال ذلك الجزء، فلا يلزم الجمهور على هذا القول تكفير أهل الكبائر.

الوجه الثاني:أنه لا يلزم دائما-عقلا-زوال الكل بزوال الجزء، بل قد يزول الجزء ولا يزول الكل، مثال ذلك: المكيلات والموزونات، فإذا كان عندنا عشرون صاعا من قمح ونقص منه شئ فإن اسم القمح لا يزول بزوال بعضه، ويقال:هذا قمح ناقص وهكذا يقال في مرتكب الكبيرة التي لا تخرج صاحبها من الإيمان: مؤمن ناقص الإيمان.[ وقد أجاد في مناقشة هذه المسألة وغيرها شيخ الإسلام ابتيمية في مجموع الفتاوى-مجلد الإيمان]

التنبه الثالث:
أن اسم الإيمان إذا أفرد شمل اعتقاد القلب وقول اللسان وعمل الجوارح، وإذا اقترن بالإسلام أو بالعمل الصالح اختص الإيمان باعتقاد القلب-الذي هو التصديق-واختص ما اقترن به بما عداه .

التنبيه الرابع:
المقصود بالعمل

يجب أن يعلم أن المقصود بالعمل، هو ما شرع الله تعالى للمؤمن فعله أو تركه، مما يدخل في أحد الأحكام التكليفية الخمسة، التي هي: الواجب والمندوب، والمحرم والمكروه، والمباح، ويدخل في ذلك حقوق الله وحقوق عباده.

فالواجب يثيب الله فاعله ويعاقب تاركه، و المندوب يثيب الله فاعله ولا يعاقب تاركه، و الحرام يعاقب الله فاعله ويثيب تاركه، والمباح يثيب الله فاعله وتاركه إن كان فعله وتركه لله.

فلا يفهم من معنى العمل أنه قاصر على ما تعارف عليه عامة الناس من الشعائر التعبدية، كالصلاة والصيام والحج والزكاة والذكر وقراءة القرآن والجهاد في سبيل الله.... بل هو شامل لكل تصرفات العبد، وبخاصة ما تعلق بذات الإنسان من عمل، سواء أكان من حقوق الله كإقامة الحدود التي لا يقيمها إلا ولي الأمر، فهي من العمل الذي هو جزء من الإيمان،فإذا قام به فقد أدى ذلك الجزء الإيماني، وإذا لم يقم به فقد ترك جزأً من الإيمان، أو ما تعلق بعباده، كبر الوالدين فمن بر بواليه فقد أدى عملا من أعمال الإيمان، ومن لم يبر بهما فقد ترك جزأً من الإيمان.

والآباء إذا قاموا بحقوق أبنائهم من تربية وتعليم وتغذية... فقد أدوا عملا من أعمال الإيمان، وإلاّ نقص من إيمانهم مقدار تقصيرهم في ذلك.

والزوجان إذا قام كل منهما بحق زوجه، فقيامه بذلك من الإيمان، ومن لم يقم بذلك فقد ترك جزءا من الإيمان.

وهكذا من أدى الشهادة الواجب أداؤها عليه فإن أداءه للشهادة من الإيمان، ومن لم يؤدها فقد جزءا واجبا من الإيمان.

والقضاة، إذا حكموا بشرع الله بين المتخاصمين مع العدل، فحكمهم بذلك وعدلهم من الإيمان، وإذا جاروا وظلموا فجورهم وظلمهم نقص من إيمانهم.

والعالم إذا أدى حقوق تلاميذه، فحضر درسه تحضيرا جيدا ليفيدهم بعلم محقق ففعله ذلك إيمان، وإذا قصر في أداء حقهم عليه نقص من إيمانه مقدار تقصيره.

والطلاب إذا قاموا بما يجب عليهم مما فرغوا له من تحصيل العلم والاستفادة من العلماء كان ما قاموا به من الإيمان، وإذا تساهلوا وتركوا القيام بما يجب عليهم فقد نقص من إيمانهم مقدار ما تساهلوا فيه.

والموظف في عمل إداري أسس لمصالح المسلمين إذا قام بعمله في إدارته وأدى الحقوق إلى أهلها في وقتها ففعله ذلك من الإيمان، وإذا أخر حقوق الناس بدون عذر أو نقص من الوقت الواجب عليه شغله، فقد نقص من إيمانه قدر ما قصر فيه.

وولي أمر المسلمين إذا نصح لرعيته وعدل بينهم وأدى إليهم حقوقهم، وولى عليهم الأكفاء الذين يصلحون أمورهم، ففعله ذلك إيمان، وإذا غشهم أو ظلمهم أو ولى عليهم من يشق عليهم، فقد نقص من إيمانه مقدار ما أضر به رعيته.

والرعية إذا نصحت لولي أمرها المسلم فأطاعته في طاعة الله، ونصرته على الخارجين عليه وأمرته بالمعروف ونهته عن المنكر فنصحها له إيمان، وعدم نصحها فسوق ونقص من إيمانها.

والتاجر إذا سلك في تجارته سلوكا شرعيا فباع واشترى مراعيا ما أحله الله له وما حرمه عليه، فصدق في بيعه وشرائه، وبين ما يجب عليه بيانه من عيب أو غيره مما يجب بيانه، وابتعد عن أخذ الربا فسلوكه ذلك من الإيمان، وإذا سلك في تجارته سلوك الغاش المرابي الآكل حقوق الناس بغير حق علموا أم لم يعلموا، فقد فسق ونقص إيمانه.

ومن اؤتمن على مال أو سر مما لا يجوز له الإباحة به فأدى أمانته فأداؤه للأمانة إيمان، فإذا خان أمانته فخيانته فسق ونقص في إيمانه.

والذي يوصل إلى الناس الخير، فيكرمهم، ويصلهم ويعود مريضهم، ويشمت عاطسهم، ويسلم عليهم، ويتبع جنائزهم، ويواسي محتاجهم، وينصح لهم ويحب لهم ما يحب لنفسه، ويدفع عنهم الأذى-وبخاصة في حال غيابهم-، ويمسك لسانه عن الولوغ في أعراضه فلا يغتابهم ولا يتجسس عليهم، ولا يسعى بالنميمة بينهم، ففعله ذلك كله من الإيمان، والذي يسعى إلى الناس بالشر والقطيعة، فيغتابهم أو يرضى باغتيابهم، أو يسعى بالنميمة بينهم ليوغر صدور بعضهم على بعض، أو يتجسس عليهم لكشف عوراتهم، أو الإضرار بهم، فإيمانه ناقص، وفسقه ظاهر.

والذي يتناول ما أباحه الله له من الطعام والشراب واللباس والنكاح وغيرها من المباحات، مبتغيا بذلك وجه الله فأعماله المباحة من الإيمان، وإذا ترك شيئا من المباحات ورعا وخوفا من الوقوع في محرم فإن تركه ذلك من الإيمان، وهو مثاب في كلتا الحالتين.

وهكذا تقاس كل الأعمال.

والذي لا يقوم بأعمال الإيمان التي هي-أصلا وظيفته-فهو أشد الناس جرما وأقلهم دينا، لأنه فرط في عبودية خاصة لله عليه، غير العبودية العامة التي يتساوى فيها مع الناس، كالقاضي في قضائه، والعالم في علمه، والمدير في إدارته، وإن أكثر من الصلاة والصيام والذكر وقراءة القرآن والصدقات.

وعلى أمثال هؤلاء نعى ابن القيم-رحمه الله-النكير فقال: (ولله سبحانه على كل أحد عبودية بحسب مرتبته، سِوى العبودية العامة التي سوى بين عباده فيها.

فعلى العالم من عبوديته نشر السنة والعلم الذي بعث الله به رسوله ما ليس على الجاهل، وعليه من عبودية الصبر على ذلك ما ليس على غيره.

وعلى الحاكم من عبودية إقامة الحق وتنفيذه وإلزامه من هو عليه به والصبر على ذلك والجهاد عليه ما ليس على المفتي.

وعلى الغني من عبودية أداء الحقوق التي في ماله ما ليس على الفقير.

وعلى القادر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بيده ولسانه ما ليس على العاجز عنهما.....

وقد غر إبليس أكثر الخلق بأن حسن لهم القيام بنوع من الذكر والقراءة والصلاة والصيام والزهد في الدنيا والانقطاع، وعطلوا هذه العبوديات فلم يحدثوا قلوبهم بها، وهؤلاء عند ورثة الأنبياء من أقل الناس دينا، فإن الدين هو القيام لله بما أمر به، فتارك حقوق الله التي تجب عليه أسوأ حالا عند الله ورسوله من مرتكب المعاصي.....

ومن له خبرة بما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه، رأى أن أكثر من يشار إليهم بالدين هم أقل الناس دينا.

وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك، وحدوده تضاع، ودينه يترك، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها، وهو بارد القلب ساكت اللسان؟ شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق.

وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم، فلا مبالاة بما جرى على الدين، وخيارهم المتحزن المتلمظ، ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله، بذل وتبذل وجد واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه.

وهؤلاء-مع سقوطهم في عين الله ومقت الله لهم-قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب، فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل.[ إعلام الموقعين عن رب العالمين عن رب العالمين (2/176-177)]
اضافة رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15/03/2002, 02:51 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الوليد
عضو إدارة الموقع الرسمي لنادي الهلال
تاريخ التسجيل: 13/08/2000
المكان: قلوب الأحبة فى شبكة الزعيم
مشاركات: 13,348
جزاك الله كل خير انشاء الله.
اضافة رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15/03/2002, 03:15 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 29/12/2001
المكان: جدة
مشاركات: 2,219
جزيت خيرا
اضافة رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15/03/2002, 07:10 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 01/12/2001
المكان: الرياض
مشاركات: 2,213
جزاك الله خير ,,,,,,
اضافة رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15/03/2002, 07:49 PM
كاتب ومفكر إسلامي
تاريخ التسجيل: 06/12/2001
مشاركات: 485
آمين وشكرا لك..
اضافة رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16/03/2002, 01:57 AM
ناقد اجتماعي
تاريخ التسجيل: 05/12/2001
المكان: نيويورك - الولايات المتحدة الأمريكية
مشاركات: 2,053
جزاك الله خيرا , ورفع الله قدرك...
اضافة رد مع اقتباس
  #11  
قديم 16/03/2002, 01:23 PM
كاتب ومفكر إسلامي
تاريخ التسجيل: 06/12/2001
مشاركات: 485
اللهم آمين ولك مثلها يا أخي الكريم.
اضافة رد مع اقتباس
  #12  
قديم 26/03/2002, 10:43 AM
كاتب ومفكر إسلامي
تاريخ التسجيل: 06/12/2001
مشاركات: 485
الإيمان هو الأساس الحلقة (4)

دروس في الإيمان

(زيادة الإيمان ونقصانه) (4)

التنبه الخامس: أن الإيمان يزيد بالفقه في الدين والعمل به، وينقص بالجهل بالدين، والمعاصي، وقد دلت على ذلك الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية.

فمن الآيات قول الله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون} الأنفال:2

وقوله تعالى: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى} مريم: 76

وقوله: ويزداد الذين آمنوا إيمانا} المدثر: 31، وقوله: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} الفتح: 4

وقوله: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} آل عمران: 173

ومن الأحاديث حديث أبي هريرة، رضي الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلـم:(الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان).[ البخاري (1/51) بشرح فتح الباري، ومسلم (2/5) بشرح النووي، واللفظ له]

وحديث أنس، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال:لا إله إلا الله وفي قلبه وزن من خير).وفي رواية (من إيمان) مكان (من خير). [ البخاري (1/103) بشرح فتح الباري]

وفي حديث أبي سعيد الخد ري، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:(يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان..). [ متفق عليه، وهو في: اللؤلؤ والمرجان (برقم: 116، ص: 47)]

قال الإمام النووي، رحمه الله-بعد أن ذكر مذاهب العلماء في زيادة الإيمان ونقصانه-: (فإذا تقرر ما ذكرناه من مذاهب السلف وأئمة الخلف، فهي متظاهرة متطابقة على كون الإيمان يزيد وينقص، وهذا مذهب السلف والمحدثين، وجماعة من المتكلمين... قال المحققون من أصحابنا المتكلمين: نفس التصديق لا يزيد ولا ينقص، والإيمان الشرعي يزيد وينقص، بزيادة ثمراته وهي الأعمال، ونقصانها...-إلى أن قال: فالأظهر والله أعلم أن نفس التصديق يزيد بكثرة النظر وتظاهر الأدلة، ولهذا يكون إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم، بحيث لا تعتريهم الشبه، ولا يتزلزل إيمانهم بعارض، بل لا تزال قلوبهم منشرحة نيرة، وإن اختلفت عليهم الأحوال، وأما غيرهم من المؤلفة ومن قاربهم ونحوهم، فليسوا كذلك، فهذا مما لا يمكن إنكاره، ولا يتشكك عاقل في أن نفس تصديق أبي بكر، رضي الله عنه، لا يساويه تصديق آحاد الناس..). [شرح النووي على مسلم: (1/148). وراجع الفتاوى، لابن تيمية (7/223، 562) فقد ذكر-بالتفصيل- الوجوه التي يكون بها زيادة الإيمان ونقصانه، وهو بحث مفيد جدا، ومنطقي]
اضافة رد مع اقتباس
  #13  
قديم 27/03/2002, 06:11 AM
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
إقتباس
وقوله: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا
حسبنا الله ونعم الوكيل} آل عمران: 173

أين نحن من هذه الآية والخوف يدب في قلوبنا من امريكا واعوانها

لا حول ولا قوة الا بالله
اضافة رد مع اقتباس
  #14  
قديم 27/03/2002, 07:07 AM
كاتب ومفكر إسلامي
تاريخ التسجيل: 06/12/2001
مشاركات: 485
أين نحن?

نحن في رعب من أعدائنا... بسبب عدم تربيتنا على القرآن كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه...

حيث لم يكونوا يتجاوزون عشر آيات حتى يتلونهن... ويفقهوهن... ويعملون بهن...

وكان قارئ القرآن يفتش عن نفسه فيما يقرأ ليعرف صفاته هل هي من صفات المؤمنين... أو من صفات المنافقين...أو من صفات الكافرين...

وكا أعظمهم وافضلهم يخشى على نفسه من النفاق لقوة تقواه... وخشيته من الله... ومحاسبة نفسه... يوم أن يعود المسلمون إلى القرآن يستشيرون في كل تصرفاتهم الإيجابية والسلبية... فيعملون بما يشير به عليهم... عندئذ سيحققون: ((فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل))
اضافة رد مع اقتباس
  #15  
قديم 27/03/2002, 10:59 AM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 01/12/2001
المكان: الرياض
مشاركات: 2,213
جزاك الله ألف خير ,,,,
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 02:05 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube