هنا الجنون إن أردتم قراءته أو رؤيته عن قُرب, أعلم أن تلك الشهادة بذلك التخصص ما هي إلا قناعٌ أتدثر به خوفاً من أن يعلم الجميع بــ جنوني.!
بعد أن تقرؤوه – و لا أنصحكم بذلك- فقط أبقوا صرخات الاستهجان و دعوات الويل و الثبور و قذفي بالجنون حديثُ نفسٍ و سجين أضلع, أرجوكم!
المكــان
ليس بغريبٍ علي فـأنا أقبع فيه منذ أربعة أيام
الزمان
سحـر السبت في أحد أيام الصيف الخانقة
بصوتٍ مخنوق أقرب لهمس الأطفال
أنا: يمة ليش لما اتصل خالد ما علمتيني و لا خليتيه يكلمني؟!
أمي: خالد مين؟؟
أنا: و هو فيه غيره؟! و أصلاً كم خالد أنا أعرف؟!
أمي: بسم الله وش فيك, خالد مين؟
أنا: خالد.....................***
أمي: الله يرحمه وش فيك تراه متوفي.!
أنا: طيب أبفهم ليه ما خليتيه يكلمني يومه طلبني؟! ( .....جزء مفقود)
أمي: تعوذي من إبليس
أنا: أقول لك هو كلمني على جوالي يوم عييتِ و تواعدنا اليوم العصر, عطيني جوالي**
و بعد أن أصبح الجهاز الأسود بين يديّ كنت أبحث كالمجنونة عن رقم هاتفه, بحثتُ في المكالمات التي لم يرد عليها/ المستلمة/ الصادرة, و لم أعثر على نتيجة.!
اتجهت لقائمة الرسائل و لا أعلم لمَ فعلتُ ذلك؟ -ربما إرضاءً لجنوني- و عدتُ بـ خفي حنين, تذكرتُ سجل الأسماء و لكن لم تكن نتيجته أفضل من سابقيه.!
استسلمتُ للأمر و خبأت جهازي تحت وسادتي فأنا لا أرغب في سماع تعليماتٍ أكثر من ذوي المعاطف البيضاء و بقيت هكذا -في انتظار مكالمته- لدقائق خلتها دهراً.
انتظرت نصف ساعة و عينيّ ترقب الباب المجاور في انتظار دخوله, و الطرف الأعلى من وسادتي يتشرب دموع الألم و الانتظار.
مللتُ الانتظار و عقدتُ أمري على أن أذهب أنا للبحث عنه
أنا: يمة عطيني عبايتي أبطلع أمشي برا
أمي: وين تطلعين؟ خلي لين الممرضة تجي عشان تكون معاك.
أنا: ما علي منها, (....جزء مفقود).
أمي: طيب أصلاً أنتِ من متى ما مشيت و بعدين العملية يمكن تنجرح.
أنا: ما عليك أنتِ هاتيها.
و في ممرات المستشفى أجول ببصري بحثاً عنه, أشعر بروحه الطاهرة تحيط بالمكان, و صوته يخترق سكونه و يتردد في مسامعي فأطفق كالمجنونة أبحث عنه, أتفرس في ملامح من جمعني المكان بهم لعلي أراهـ, أعلم يقيناً أنه لم يكن ذا معطفٍ أبيض ذات يوم و لكن من يعلم فربما خبأ القدر مفاجأته تلك لي, استوقفتني جملة
كنت أعلم أنه لن يأتي لأن والدتي بصحبتي, و أنه لن يسمعني تراتيله التي اعتدتها منه كل مساء.
أخبرته كثيراً بأن الطفل الذي زرعه داخلي مازال يحاول الوقوف على قدميه و التشبث بـ أملٍ كالسراب, يريد من أحدٍ أن يُمسك بيديه و يقوده إلى النور و لكن ما من أحدٍ أتاه و ظلت يديه معلقة في الهواء.
و بذكرى العيد يتجدد الحزن, أخلد للنوم لأداري تلك الدموع و ملامح البؤس, أخشى أن يزل لساني فأهنئهم بــ ( كل عام و خالد بخير ) بدلاً من ( كل عام و أنتم بخير),أو أخبرهم بأنني في انتظاره و أبادر إلى السؤال عنه عندما لا يأتي في وقته المعتاد.
أي عيدٍ هذا الذي ينتظرون مني أن أفرح به؟! و هم يعلمون علم اليقين أنه استنهاض لأحزان بلغت عنان السماء,و بؤس و شقاء شكلت ملامح جديدة تشكل بها وجهي منذ رحيله.
كنت أتمنى أن يكون الفقد في اليوم العاشر لأني حتماً سأنال شرف مشاركته اليوم و جزءٌ من التاريخ, كما نالت ثلثي حروف اسمي شرف مشاركته أحرف اسمه.
و لتنكأ الجراح كانت تلك الحجرة التي كنتُ أقطنها تحمل ذات الرقم لا أعلم هل ذلك تقدير رب أم لعبة حظٍ قذرة؟! هل يحتمل القلب مزيداً من الجراحات أم أنهم أرادوا تأجيج النيران؟
علي أن أنتظر الخامسة والعشرين و ما هي عني ببعيدة لأكون كـ إياه ,و أعلم يقيناً بأن لا أحد سيذكرني كما هو, فإن كان هو النقي الأبيض ذا الروح الطاهرة و القلب النابع بالطيب سحقوا ذكراهـ من حياتهم و اكتفوا بقول - ارحمت خالد ( بتسكين الراء و التاء و فتح الحاء و الميم كما ننطقها نحن)- عند مرور اسمه في مجالسهم فما بالي أنا و أنا التي لم أترك في دنياي شيئاً يستحق أن يذكروني به؟
إلى روحه النقية
أعلم جيداً أنني لم أكن تلك الــ مجـــــــــــــد التي كنت ترسمين لها خطواتها و تمسكين بها خوفاً من سقوطها في الهاوية و لكنك في دياجير الظلام و على شفا وادٍ سحيق أطلقت يدي و بقيت أنا في عتمة الليل و على شفا الوادي اقتاتُ الحـزن و أتدثر بالألم و أضحيت رماداً معجوناً بالخوف و الدموع.
أدركُ تماماً أن ما أنا فيه ما هو إلا عقابٌ من الله لأني لم أذكرك يوماً ما و لم أقل لك صبيحة عيدٍ (كل عام و أنت في رضا و غفران من الواحد المنان و في أعالي الجنان و كل عام بدونك أحزان), و أؤمن تمام الإيمان بأنكِ لم تمطريني – بالرغم من تقصيري- بدعواتٍ أردتِ بها السوء لي, و أنك حتى بعد عروجك للسماء تظلليني بمـزن النقاء.
مازلتُ أحفظ ابتسامتكِ عن ظهر قلب و لو كنتُ ذات يومٍ من هواة الريشة لرسمتُ خطوطها دون الرجوع لصورك التي خبأتها بين أوراقي, و مازلتُ أبحث عن مثيل لـ خاتمك الذي كان بـيسارك.
كل عامٍ و أنتِ روحٌ تسكنني, و كل طرفة عينٍ و انتباهها و أنتِ لي أقرب و أقرب.
:: زاجل ::
لتلك الأرواح التي هطلت بنقاء بياضها كـ مطرٍ على أرضٍ صلدة فأحالتها لجنة خضراء, و تلك الأيادي التي ارتفعت لله من أجلي و بعثت صدق كلماتها مع الغيمات, إلى من صلوا لله من أجلي و طوقوني بأفئدة بعثت بالخير إلي يدي الجـراح, أعلم جيداً أني شيءٌ لا يذكر أبداً أمام قلوبكم تلك و بأني لا أستحق أن أكون شيئا في حياتكم, و أقسم بفاطر السموات و الأرض أنكم ينابيع طهر لا تفتأ أن يذكرها عقلي و يلقي فؤادي بها دعواته ليل نهار بنعيم و سعادة لكم لا تزول.
أعلم جيداً أن قلوبكم تلك التي أحطتموني بها لم أتوقع يوماً أنها لشخصي بل لأنني ابنة ذلك الشيخ الكبير أو لأنني ابنة أمي و خيل إلي أنكم تؤدون ذلك لواجبات اجتماعية ألزمكم بها حق الجوار أو صلة الرحم, كنت أستمع لحديثكم فرداً فرداً فأشعر بمدى الأنانية التي تسكنني و يزداد بغضي لشخصي أكثر فأكثر.
شكراً لكم بحجم أياديكم البيضاء التي توجهت لخالق السماء, شكراً لكم بحجم الخوف و القلق الذي بعثته في أنفسكم, شكراً لكم بحجم النقاء الذي تشكلت منه قلوبكم, شكراً لمن أمطرني بدعواته من أجل مجـــــــــــــد, شكراً لنهـر الصفاء و الذي كان يفصل بيني و بينه خُـطْوات.
بارك الرب خطاكم, و أدامكم جنان خضراء وارفة تلقي بظلالها على البؤساء, كـشذا زهر يبعث الطهر في أنحاء المعمورة.
يــا رب اجتاحني اليأس فبلغ مني مبلغه و بت أيقن أن لا سعادة لي في هذه الدنيا ابتهل إليك يا الله ألا تحرمني منها في الآخرة.
كل عامٍ و أنتم أقرب للرحمن و بمنأى عن الأحزان
*** هو اسمٌ افتراضي أطلقته أنا عليه لخلوده في صفحات أيامي
** كان ذلك في الإجازة الصيفية الماضية وأقسم بربي أنه لم يكن حلماً و لم أكن حينها تحت تأثير المخدر, كنت أشعر بمن حولي و أراقب تحركاتهم و أستمع إلى أحاديثهم.
و ما يدريكِ يا أيتها الكريمة فلعله باقٍ إلى جواركِ يردد على مسمعيكِ الترتيل ذاته الذي يملأ روحكِ و قلبكِ بالدفء و الطمأنينة. لا أقول هذا لتتقيدين بأمل بل لتعيشين وسط الأمل.
اللهم يا رب العالمين أدخلها هذه الكريمة جنة الدنيا و نعيمها و صفاءها قبل أن تدخلها في جنة الخلد يا أكرم الأكرمين.
هو " الأمل " يا مجد لا تفقديه فتفقدي كل شئ .. عليك بالنسيان والذي هو نعمة من نعم
الله علينا .. نحن في هذه الدنيا مبتلون ولكن العاقل من لم تجرفه الابتلاءات الى اليأس
والقنوط من رحمة الله .. لا أعرف خالد ولكن من السياق فهمت أن له بالقلب معزة أيضاً
فهمت أنه رحل وسبقك الى هناك .. اسأل الله بمنه وكرمه أن يجمعك به في جنات النعيم ..
مجوده
(ان الله اذا احب عبدا ابتلاه).
اذاً هو يحبك.
يريد لك الخير.
ثم هو يعوضك فى الدنيا والاخره ان شاء الله
ان الله حين ابتلاك علم منك انك ستصبرى
ولو علم منك السخط لخفف عنك البلاء
شوفي قول النبى صلى الله عليه وسلم
اشد الناس بلاء الانبياء ثم للامثل فا لامثل يبتلى الرجل على حسب دينه,
وفى روايه قدر.
فان كان دينه صلبا اشتد بلاؤه ,
وان كان فى دينه رقه ابتلى على حسب دينه ,
فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الارض ما عليه خطيئه.
وفى الحديث الاخر
أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة
التي يحويها وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء .
عن أبي سعيد الخدري قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فوضعت يدي عليه
فوجدت حره بين يدي فوق اللحاف فقلت يا رسول الله ما أشدها عليك قال إنا كذلك يضعف لنا البلاء
ويضعف لنا الأجر قلت يا رسول الله أي الناس بلاء قال الأنبياء قلت يا رسول الله ثم من قال ثم الصالحون إن كان . . . . . الحديث .
ما أصعب الحزن.. ما أضيق الدنيا أختي الكريمة.. وما أوسع فضل الله..
إقتباس
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة القاضي
و ما يدريكِ يا أيتها الكريمة فلعله باقٍ إلى جواركِ يردد على مسمعيكِ الترتيل ذاته الذي يملأ روحكِ و قلبكِ بالدفء و الطمأنينة. لا أقول هذا لتتقيدين بأمل بل لتعيشين وسط الأمل.
اللهم يا رب العالمين أدخلها هذه الكريمة جنة الدنيا و نعيمها و صفاءها قبل أن تدخلها في جنة الخلد يا أكرم الأكرمين.