
05/04/2008, 01:07 PM
|
ناقد اجتماعي | | تاريخ التسجيل: 05/12/2001 المكان: نيويورك - الولايات المتحدة الأمريكية
مشاركات: 2,053
| |
مريضٌ بلا وطنٍ يرعاه! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
صبحكم/مساكم الله بالخير
أبدأ سطوري هذه بما لا أظنه يحرك ساكناً في قلب طاغية، ولكن قد ينقل المؤمن المبتلى بالمرض من حالة الإحباط واليأس ممن ساهم وتسبب في إنهاك جسده المثقل بالأوجاع إلى موضع التفاؤل والإيمان بقدرة الله سبحانه وتعالى على دحر الظلم وأهله ..
حسبنا الله ونعم الوكيل عليك يا من أهملت صحة المواطن الإنسان ..
حسبنا الله ونعم الوكيل عليك يا من تجاهلت آهات وأوجاع ذلك المريض ..
حسبنا الله ونعم الوكيل عليك يا من أثقلت كاهن مواطنٍ قدم كل ما يملك لينعم بصحةٍ يرجوها من الرحمن..
حسبنا الله ونعم الوكيل عليك يا من رضيت قهر الرجال ..
حسبنا الله ونعم الوكيل عليك يا من قبلت انكسار النساء ..
حسبنا الله ونعم الوكيل عليك يا من احتضنت الأغنياء وأقفلت بابك في وجه الفقراء ..
حسبنا الله ونعم الوكيل، وكفى به حسيبا ..
سيدهم الطاغية أيها المسئول عن الصحة، هل أروي لكم معاناةً شخصيةً دامت لأكثر من ثمانية عشر سنة من الألم والحزن على حال قريب عزيز تفننتم في تعذيب عقله قبل جسده، أم أترك لكم المجال لتصفح تلك النداءات والاستغاثات التي دأبت ترجوكم المساعدة والرأفة واعتدتم على رميها في سلة المهملات!، أم أحكي لكم قصة رجل كاد أن يبيع دينه مقابل علاج ابنه! ..
من أين نبدأ ؟ ولمن نشكو حال مرضانا بعد الاتكال على الحي القيوم ..
قريبي وحبيبي مبتلى بالمرض، قصته مع العلاج في مستشفيات مملكة الإنسانية امتدت لسنوات طويلة، تخللها سلسلة من التجارب الفاشلة والعبث المستمر بجسده الطاهر، وحين مل الأطباء من تكرار رؤية الحالة بلا تقدم، تكرموا علينا بتقرير ينص على أنه يتحسن مواصلة علاجه في الخارج!، وبعد شفاعات من هنا وهناك صدر الأمر الكريم بالتكفل بمصاريف العلاج خارج الدولة، وكنت قد تطرقت في موضوع مضى لماهية وخفايا هذا الأمر الكريم، وبعد أن أقر الأطباء في تلك الدولة المتحضرة خطة العلاج ووضعوا الخطوات لتنفيذها وحددت المدة الزمنية لذلك، وبعد أن قطع المريض بنجاح نصف مشواره نحو الشفاء بعد توفيق الله، صدر التوجيه بإلغاء الأمر الكريم، ولموضوع إلغاء أوامر العلاج خفاياً أيضاً لا مجال لذكرها، وبعد أن توقفنا لفترة من الزمن تكاتف أفراد العائلة وواصلنا العلاج على نفقتنا الخاصة، وبعد جهد جهيد ومبررات واضحة وضوح الشمس دحضت حجج إلغاء الأمر، أعيدت المعاملة وصدر أمر جديد يقضي بتكفل الدولة بعلاج المريض، والمضحك المبكي أن هذا الأمر ليس له أي علاقة ولا يوجد به أي إشارة إلى الأمر السابق، وبعد أن منَّ الله على مريضنا بنجاح العمليات الأربع التي أجرها هناك، ولأن الخطوة الأخيرة من العلاج تعتبر مألوفة وغير معقدة ولكونها تحتاج إلى وقت طويل ومراجعات متكررة تتطلب منا الاستقرار في تلك الدولة لمدة طويلة ، فقد أوصى الأطباء هناك بإمكانية مواصلة العلاج في مملكة الإنسانية، فعدنا بكل مسرور نحمد الله ونشكره على ذلك ..
يا مساكين يا حنا ، لم نكن نتصور أننا حين نعود إلى موطننا سنضطر لأخذ جولة في جميع المراكز الطبية الخاصة وسيقابلنا الأطباء هناك بتوصية تقول أنه لا يمكن مواصلة العلاج إلا بفريق متكامل من تخصصات مختلفة وأن ذلك لا يتوفر إلا في المستشفيات الحكومية!، على العموم نحن لم نمانع ورغم سوء تجربتنا وتجربة الكثيرين غيرنا مع مستشفياتنا الحكومية إلا أننا توجها إليها، لكن المفاجئة كانت بأن فريق الأطباء في المستشفى الحكومي الذي قمنا بزيارته أولاً، رفض استقبال الحالة بتغطرس وتعالي و بحجة " حنا ما نواصل عمل غيرنا ، ولازم نبدأ من جديد" ، فهربنا بسرعة نحو المستشفى الثاني وأفادونا بنفس الكلام! ، هنا أحسسنا بالخوف خصوصاً وأن الحالة يجب أن تتابع بأسرع وقت ممكن، وبعد أشهر من الصولات والجولات توجهنا لمستشفى ثالث وكان الأطباء فيه أكثر واقعيةً ولم يمانعوا من متابعة العلاج معهم ولكنهم ذكروا بأن أقرب موعد للعملية الجراحية البسيطة هو بعد سنتين من الآن وأن مواعيد المتابعة ستكون على فترات متباعدة كوننا مستشفى حكومي ولدينا آلاف المرضى، لذا نود أن نخبركم بأن لدينا عيادة مسائية خاصة في نفس المستشفى تدعى " مركز الأعمال " ويمكننا أن نبدأ العلاج فيها من الليلة إن كانت لديكم القدرة على تحمل التكاليف، فأجبناهم بنعم، وسنحضر في المساء ، وشكرناهم جزيل الشكر على حسن استقبالهم وتقبلهم للحالة!
وبالفعل بدأنا معهم المشوار ، ومضى على ذلك أكثر من 6 أشهر تخللها العديد من المواعيد المدفوعة الثمن، وقبل أيام وحين توجهنا إلى المستشفى حاملين ورقة كُتب عليها تفاصيل الموعد، وحين وصولنا رأيت منظراً غير مألوف! فمواقف السيارات عند المركز شبه خالية على غير العادة!!، وبعدنا أن هممنا بالدخول عبر البوابة صرخ في وجهي رجل الأمن:
" وش عندك يالشيخ ؟"
فأجبت بحسن نية " عندنا موعد "
فقال " العيادة مقفلة "
سألته " ليش مقفلة؟؟ "
قال " خلاص ألغوها"
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
قلت وأنا مصدوم جداً " وشلون ألغوها؟، وش صاير؟؟ ، وبعدين عندنا موعد وبرنامج ماشين عليه ولا أحد بلغنا عن شي"
قال " أنا ما أدري ، اللي أعرفه إن الوزارة طلعت قرار بإلغاء المراكز الخاصة بالمستشفيات الحكومية"
أسفت على هذا الحال وعلى هذه الطريقة المتخلفة التي تم فيها إلغاء المركز وكأنهم يتعاملون مع مجموعة من المواشي!، عدنا أدراجنا على أمل أن لا يداهمني الأرق وأنام تلك الليلة لأصحو باكراً واستفسر من المستشفى عن ما حدث، وفي الصباح اتصلت على أحد المسئولين هناك وسألته عن المأساة التي أوقعوها بنا، وهل سيتم تحويل مواعدينا إلى الصباح ؟؟
فأجاب إجابة لا تختلف عن إفادة رجل الأمن إلا أنه أضاف القشة التي قصمت ظهر البعير حين قال:
ملفاتكم ألغيت ولن يتم تحويلكم إلى العيادات الصباحية فالعدد كبير جداً !!!
والله العظيم إني انكتمت وما أدري وين أروح ووش ممكن أسوي وما أدري وش أقول وأحسست بضيق وحزن شديد لم أخرج منه إلا بعد أن قلت حسبي الله ونعم الوكيل ، الله يرحمنا برحتمه.
تلك كانت تجربتي التي ما زالت تثقل علي، ويروي أحدهم قصته على مرأى مني لتعابير وجهه الحزينة ومسمع لنبرات صوته الباكية (وسأختصرها جداً ):
ابني يعاني من مرض عضال وأنا رجل فقير ، تكفلت الدولة بعلاجه في الخارج، وحين كنا نتابع العلاج في ألمانيا ، وصلنا خبر إلغاء أمر علاج ابني وحاولت أن أطلب من الأطباء الألمان مواصلة العلاج على أن أقوم بتوفير المبالغ المطلوبة رفضوا ذلك وطالبوني بضمانات مالية كبيرة لا أقدر عليها، فأخذت ابني وتوجهت إلى المطار وكنا نستقل سيارة أجرة وسائقها عربي الجنسية، فرويت له قصتي فقال لي : غير معقول، كيف يتم التعامل مع مريض بهذه القسوة؟! ، ثم قال : أن مستعد أن آخذك لشخص سيتكفل بعلاج ابنك، فسررت وسألته من هو وأين؟ ، فأجاب : هو القس فلان في الكنيسة الفلانية!!!
وآمل أن لا يطلب مني أحدكم إكمال قصته، فإن كان الأب المغلوب قد قبل فالأمر محزن، وإن كان رفض ذلك فالأمر محزن جداً.
من المسئول عن هذا العبث؟
لماذا يتم التعامل مع المريض بهذه الطريقة؟؟
المريض إنسان مبتلى يعاني، أين من يرأف بحاله؟ وأين من يأخذ بيده ؟؟ وأين من يوجه بضرورة الاهتمام والعناية به؟
ألف قضية وجريمة ومخالفة يرتكبها يومياً شلة من المتخاذلين ممن انعدمت ضمائرهم واسودت قلوبهم، قصص مأساوية يرويها المرضى، أخطاء طبية لا تغتفر ، حوادث سرقة واختطاف، عبث بالأنظمة المهيأة للعبث، ومع كل هذا لا نرى أن هناك من يحرك ساكناً!!
لا مجال لنفي وجود تلك المآسي وتكرار حدوثها في كل منشأة صحية في بلدنا، لكن من المؤكد أن الفقير هو من يعاني، في حين لو أراد الغني أن يقتلع ضرساً لاحتاط وتوجه فوراً إلى الخارج ، فهو يدرك أن بنج التخدير هنا قد يقتلع روحه قبل ضرسه..
في مجتمع إسلامي، أتساءل دوماً، ألا يخشى صناع القرار وكبار المسئولين في وزارة الصحة من دعوة صادقة في ظهر الغيب من قلب مؤمن مغلوب أو مؤمنة مكسورة!!
عفواً أيها السادة المسئولون هناك ، فقد سئمت من خطابات التوسل والتودد إليكم، وقد فقدت الأمل في أن يكون لكم قلوب كقلوبنا ، عفواً مجدداً فأفعالكم أحقر من آمل منكم خيرا ..
يقول الله سبحانه و تعالى: {وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ}.
اللهم يا حي يا قيوم يا رحمن يا رحيم أنت أعلم بحال مرضانا، اللهم اشملهم برحمتك واشفهم وعافهم واشرح صدورهم..
اللهم يا قوي يا جبار السماوات والأرض انتقم لهم ممن ظلمهم وأساء معاملتهم.
كثير من الأسى في داخلي، يدفعني لذكر تجارب شخصية، والتمس ممن لا يفضل طرح المواضيع بأسلوب رواية قصصٍ قد تحدث للكثير منا، بأن يجد لي العذر في ذلك.
في أمان الكريم،،
اخر تعديل كان بواسطة » alhawey في يوم » 05/04/2008 عند الساعة » 01:52 PM
السبب: عودة لتركيز وتوضيح المعني بهذا أولاً
|