03/08/2007, 03:18 AM
|
| كاتب هلالي مميز | | تاريخ التسجيل: 06/04/2006 المكان: بين أوراقي القديمة ..!!
مشاركات: 1,155
| |
قصــة واقعيــــة .. ( الجــــوري ) المأساة بكل معانيهـــا ..!! مـــآسي من أفواههم .. بحسراتهـم .. وآلامهـم ... بكل زفراتهم .. ودموعهم .. !!
أحبتي في هذا الكون الفسيــح ينزوي من يصارع آهاته وحسراته .. تراه متجلدا شامخ البنيان ترمق ابتسامته من بعـيـد .. وحين تدنو تدرك أنهـــا بسمــة تخفي واقــع مريرا يمزق قلب تجلد ليبدو متماسكــا .. وحين ينفرد في غرفته و يحيط به جدرانها الأربع بلاهمس بلا حراك .. هنـــا فقط تذرف الدموع لتسقط الواحدة تلو الأخر معلنـــة أن هناك شريط ذكريات تمر أحداثــه الســاعة .. فلم يجد غير الدموع حروف يخطهــا علهــا تخفف عنــه هم جثم .. بل أناخ راحلته في عقر داره ولم يبرحه .. ولكن حسبه أنها بأجر ..!! وإليكم أول الأربع ( مع تغيير الأسمــاء ) .. .. واعدا أياكم بسردهـــا تباعـــا ،،
أعلنت الخطوط السعوديـــة موعد أقلاع الطــائرة متجهــة الى مدينــة دبي فتوجهت مسرعــا الى مكاني المخصص .. لأتمتم كعادتي بدعاء السفر .. وما أن أنتهيت من أخر كلماتهــا حتى جلس بجواري رجل طويل القــامة .. أبيض البشرة .. وفي هدوء تمتم بالتحيـــة فلم يكن مني إلا أن ترددت بأحسن منهـــا ..!!
إلتقطت الصحيفـــة لأطوي سفرا لن يطول .. وأثنــاء قرأتي كنت أرمق ذا القامة الطويلة بعيني .. وبينمــا كنت منهمكــا في قرأت خبر رياضي لا زلت أذكره جيدا .. أذا بالرجل يخرج من جيبه العلوي مصحفــا صغير وبدأ يقرأ في سورة الكهف .. فأغلقت الصحيفـــة وبدأت أسترق السمع فجمال صوته أجبرني على ذلك .. !!
ولم يقطع تلك الحنجرة العذبة إلا صوت المضيفـــة تشرح آلية الجلوس .. ومخارج النجاة .. وفجــاة وبلا مقدمة إذا بالرجل يقول .. مايملون من كثر ترديد تلك الأرشادات .. فقلت عمل لا بد منه .. وهل تضمن أن كل من حط قدميه بالطــائرة قد سبق لـــه السفر .. قال صدقت .. ليعود الصمت المطبق كل أرجــاء الطــائرة .. وما أن تحركت عجلات الطــائرة معلنــة قرب تحليقهـــا .. إذا بملامح الرجل تتغير بصورة ملفته .. وكلمــا زادت الطــائرة من سرعتهـــا بدأ القلق والتوتر تظهر على تقاسيم جبينـــه .. ولم يكن مني إلا أن استرق النظر .. فحركة يداه اللتـان تقبضان على جانبي الكرسي أجبرتني على فعل ذلك ..!!
وما أن استقرت الطــائرة في السماء .. قلت وبتردد .. هون عليك .. فقال لا أطيق ركوب الطــائرة ثم تتابعت الأسئلة الواحد تلو الأخــر .. وإذا بالرجل يسهب في الحديث فسألته عن أكبر أبنائه لأكنيه به .. فقال الجوري .. وبكل عفوية قلت وفي أي مرحلة دراسية هي الأن .. فقال لم تدرس .. فأثارني ذلك الجواب لأن الشيب قد غزى عارضيه .. فكان من البدهي أن أسأله كم عمرها الأن .. فقال رحمــه الله .. وقبل أن يكمل حروفه قلت على عجل ( جعلها الله شفيعــة لوالديها ) ..!!
فسكت ثواني .. لأرمق في عينيـــه حديث مهموم .. فقلت وما سبب وفاتهــا .. فقال مأساة عشتهـــا ولم أنسى حتى أدق تفاصيلهـــا .. فتملكني الفضول لمعرفة القصـــة فقلت وما تفاصيلهـــا .. وإذا والله بحزن عميق يعتري محيـــاه .. ثم بدأ يسردهــا بلا مقاطعـــة فلم يكن مني إلا الإنصات .. وكل ما أقترب من نهاية القصــة تزايد تساقط دمعاته .. فمرة على ثوبـــه ومرة يدركهــا بطرف شماغه .. وإليكم تفاصيلهـــا :
وفاة ابنتي الجوري مأســـاة أثقلت كاهل أهدابي فلم أعد أرغب أن أغمض عيني .. فصورتهـــا تمزق كل ذكرياتي لتبق وحــدها العالقـــة .. رغــم أنهــا خنجر غمس في صميم القلب .. إن نزعته سالت كل آهاتي .. وإن تركه مغموســـا بقيت أبكي ألآمي .. وحسراتي .. فمنذ أن سمعت صوتها يدوي أجمل ترانم الألحــان رغم أنهم يسمونــه بكاء .. ولكنه كان وتر عذب يعزف أجمل وأرق بكاء في داخل عالمي الجميل .. لأنه بكــاء ( الجوري ) .. كم عانقتهـــا .. قبلتهــا .. دلعتهــا .. فهي في عيني جميلة الجميلات .. ألست حبيبة بابــا ..!!
فحين تنــام أدنــو من أنفاسهـــا أتحسس زفراتهــا .. و أتأمل عينيهــا .. شعرهــا الناعم .. .. لتزهــر بعيني .. فهي كل عطوري .. هي كل أفراحي .. هي كل اشواقي .. هي أجمل الزهرات .. وأقسى .. وأمر أوراقي ..!!
حتى أتى ذلك اليوم الأغبر في عيني حين أخذتهـــا .. . ككل الأيــام هي معي في سرير في مكتبي .. في أشعاري .. في سيارتي وليتــها لم تكن معي حين سقتهــا الى قدرهــا .. وألمي .. جوري حبيبتي كفي عن العبث فالسيــارة ليست خيمة أحلامك وألعابك .. لأضعهــا في المقعد الخلفي .. وأشد وثاق حزامهــا خوفــا من سقوطهـــا فالطريق مزدحــم .. لتبدأ بالبكــاء .. فأردد لا تبكي أيتها الغــالية بالله عليك لا تبكي .. لأني أخاف عليك أن تسقطي .. فينجر فؤادي .. ويتفطر قلبي .. لا تبكي أرجوك لا تبكي .. لا أطيق دموعك .. لا أطيق حتى همســة عتبك .. ألست حبيبــة بابــا ..!!
ليرن الهــاتف ( لدنيـــا ) قاتلهــا الله كم قست وأوجعت .. بل ونحرت .. لأركن السيــارة الســاعة التاسعة والنصف صباحــا في لهيب الشمس .. لأنزل مسرعـــا وقد نست أبنتي في مقعد السيــارة الخلفي مقيدة في كرسيهـــا .. وقد تدلى رأسهــا وهي تغط في نوم عميق .. فلقد وثقت في أبيهــا .. ولكن تركتهــا وحدهــا تعاني سموم القيظ .. لأترجل الى داخل المبنى أبحث عن رصيــد يزيد .. لتمر الســاعة .. تلو الســاعة .. تلو الســاعة وبعد الست منهــا وقبل أذآن العصر يرن جرس الهــاتف .. اهلا أم الجوري .. ياويل الجوري .. في لهيب الشمس .. لأركض أقفز أربعــا أربعــا .. وحين دنوت من نافذتهــا .. لا حراك .. لا أنفاس .. بل طفلة برئة لم تبلغ بعد الخمسة أشهر قد أحمرت وجنتيهــا من شدت لهيب الشمس ..!! وهنــا بكى حتى ظهر لبكائه أنين .. فلم أعد أدري ما أقول .. وإذا به يكمل القصـــة ..
لقد بكيت كمــا تبكي الأطفال .. لأحملهــا في حضني مسرعــا صوب المشفى .. وما أقسى الطبيب حين قتلني بلا رحمــة .. هو يردد كلمــاته ( المسكينـــة لم تتحمل حرارة الشمس لتتبول وتتغوط من شدة ما أصابهـــا .. فلقد بكت ثم بكت وبقيت تبكي من شدة لهيب الشمس .. ويبدو أن نوافذ السيارة مغلقة بكل إحكام ليتوفهــا الله قبل أكثر من ساعة ) لأخذهــا من سريرهـــا وقد حظنتهــا .. ولم يعد أمامي سوى البكاء والبكاء ليدنو مني الطبيب ويقول .. أحتسبهــا عند الله ..!!
ثم نظر إلي .. وقال لن أنسى ما حييت أني حثوت عليهــا التراب .. بعد أن غسلت جسدها .. وكفنتها بيدي .. ليكبر الأمام مصليـــا عليهــا .. ولكن وبكل أسف لم أدعو لهــا بحرف .. فلم يترك لي البكــاء مخرجا أتنفس منــه .. ألست الأب الذي نحــر أجمل زهراته .. فجــأة يضع يده في جيبــه فتبادر الى ذهني أنه سوف يخرج صورتهـــا .. وإذا بنظارته السودا ء يضعهــا على عينيــه ليخفي كل تعابيرهـمـا .. حاولت أن أقاطعـــه لأخفف الأمر .. فأذا به يكمل حروفـــه
أقسم بالله .. لم يغادر طيفهــا ذاكرتي .. لتصبح أقسى أوراق حياتي .. لتكون الهم الذي أثقل كاهلي .. فلم أعد أطيق سماع أسمهـــا .. لا أطيق شريط ذكرياتهــا .. لا أطيق صورهــا .. ألعابهــا .. سريرهــا .. فساتينهــا .. بكلاتهـــا .. فكلهــا تقول يا أقسى أب .. ألست من حملهــا بيديــه ينزلهــا دارهــا الجديد .. بين التراب .. والطوب .. فرحمك الله يا الجوري .. وغفر لي .. وغفر لي ..!!
وهنــــا سكت ولم يتكلم بعدهــا بحرف حتى افترقنــــا أنتظروا القصــة الثانيـــة من سلسلة مآسينـــــا .. ( معاناة مريض .. صبر .. وألم )
‘‘
‘‘
حمانــا الله وأياكم من كل مكروه
‘‘
‘‘
الظــاهـرة
|