
08/03/2007, 04:11 AM
|
زعيــم نشيــط | | تاريخ التسجيل: 01/07/2002 المكان: مكه..المكرمـــه
مشاركات: 868
| |

خفايا الحوار السعودي الايراني : KSA تطلب منع سب الصحابة - Iran تطلب منع تكفير الشيعة الحوار السعودي-الإيراني: الدلالات الإقليمية الكاتب: شحاته محمد ناصر يثير الحوار السعودي-الإيراني الذي بدأ مؤخراً عبر زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني "علي لاريجاني" إلى الرياض، وزيارة رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي "بندر بن سلطان" إلى طهران، تساؤلاً أساسياً حول الأسباب التي دفعت إليه والدلالات والمعاني الإقليمية التي ينطوي عليها. ولعل ما يدعو إلى طرح هذا التساؤل أن الاتصالات السعودية-الإيرانية كانت قد قطعت فاصلاً من التوتر والمواجهة الدبلوماسية المكشوفة والمباشرة بين البلدين حول العديد من ملفات المنطقة بدءاً من العراق وأمن الخليج وفلسطين وانتهاءً بلبنان؛ حيث حركت السعودية مخاوف العرب من امتداد النفوذ الإيراني في المنطقة العربية، وانخرطت في تحالف عربي ضمها مع مصر والأردن لمواجهة هذا النفوذ، كما كانت ضمن تحالف المعتدلين الذي دعت إليه واشنطن لمواجهة تحالف المتشددين الذي تقع إيران على رأس أعضائه. وفي هذا الإطار طرحت العديد من الاجتهادات حول أسباب هذا التحول المفاجئ في علاقات الرياض وطهران، كما طرحت العديد من الرؤى بشأن نتائجه ما بين مؤيد له باعتباره الآلية الأفضل لتسوية الأزمات الإقليمية من خلال الحوار الاقليمي بعيداً عن التدخلات الخارجية، ومحذر من تأثيراته بعيدة المدى على طبيعة التفاعلات والتوازنات في الخليج والشرق الأوسط.
وبشكل عام يمكن القول إن هناك ثلاثة أسباب دفعت باتجاه تحريك الحوار بين السعودية وإيران، أولها هو تصاعد الاحتقان الطائفي بين السنة والشيعة بشكل كبير والانزلاق إلى دائرة الخطر فيه، وبالتالي الخوف، السعودي والإيراني، من اتساع نطاق المواجهة لتشمل المنطقة كلها مما قد يؤدي إلى تفجرها من الداخل في صراع يخسر فيه الطرفان معاً. ويبدو أن نتائج الحوار السعودي-الإيراني في هذه الجزئية قد بدأت في الظهور سريعاً؛ حيث علقت إيران صدور صحيفة "سياسة روز" بعد نشرها لمقال اُعتبر مهيناً لمعتقدات السنة. كما تشير المصادر المختلفة إلى أن إيران طلبت من السعودية منع صدور فتوى تكفر الشيعة من قبل علماء دين سعوديين، في المقابل طلبت منها الرياض تنشيط وتفعيل فتوى سابقة للمرشد الأعلى "علي خامنئي" بعدم سب الصحابة.
السبب الثاني هو التطورات الدراماتيكية في العديد من الملفات التي تتقاطع فيها الخطوط السعودية والإيرانية في المنطقة، واحتمالات انفجارها بشكل يضر بالأمن الإقليمي ومصالح البلدين معاً، ويبرز هنا ملفا لبنان والعراق؛ حيث وصل التأزم فيهما حداً ينذر بالحرب الأهلية التي ستمتد آثارها خارج الحدود لتطول المنطقة كلها. أي إن الصراع السعودي?الإيراني في لبنان والعراق قد وصل إلى نقطة الاختيار، بين الانخراط في المواجهة الدموية، أو المراجعة والحوار، وقد كان الحوار هو اختيارهما نظراً للكلفة العالية لأي مواجهة ليس في مقدور أي منهما تحمّل تبعاتها.
السبب الثالث هو ما يلوح في المنطقة من خطر المواجهة العسكرية بين إيران والولايات المتحدة، على ضوء الكثير من المؤشرات التي تصب في هذا الاتجاه من قبيل زيادة التواجد العسكري الأمريكي في الخليج والإشارة من قبل وزير الدفاع الجديد "روبرت جيتس" إلى أن هذا موجه بالأساس إلى إيران، فضلاً عن تصاعد الاتهامات لطهران بالتورط في أعمال العنف في العراق وسماح الرئيس "بوش" لقواته هناك بقتل العناصر الإيرانية التي تهدد الأمن داخل الأراضي العراقية. وفي ظل هذه الأجواء تخشى السعودية من النتائج الكارثية لأي عمل عسكري أمريكي ضد طهران، سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي، ولهذا اتجهت إلى التهدئة معها تفادياً للوقوع في دائرة الانتقام الإيراني في حال حدوث مواجهة عسكرية مع واشنطن. وربما رأت الرياض أن الولايات المتحدة وبعض القوى العربية تعمل على استغلال غضبها تجاه إيران وتحويلها إلى مخلب قط لتصفية حساباتها معها، ولهذا لجأت إلى التراجع أو المراجعة تفادياً لمزيد من الانزلاق. أما إيران، فقد وجدت أن حوارها مع السعودية بمثابة فتح لكوة في حائط الحصار السياسي الذي تحاول الولايات المتحدة بناءه حولها في المنطقة، وأداة لهدم التحالف الإقليمي أو تحالف المعتدلين الذي دعت إليه وزيرة الخارجية الأمريكية "رايس" لمواجهة تحالف المتشددين الذي تقع إيران على رأس أعضائه، كما أنها وجدت في الحوار تلطيفاً للغضب السني المتصاعد تجاه الشيعة وتجاهها، وهو الغضب الذي ترى أنه موجه لأهداف سياسية لا تبتعد كثيراً عن الحديث عن احتمالات استخدام القوة ضدها من قبل الولايات المتحدة خلال الفترة القادمة.
فشل الولايات المتحدة في معالجة أزمات المنطقة، بل وتحولها إلى جزء من هذه الأزمات بدءاً من العراق مروراً بفلسطين وانتهاءً بلبنان، هو سبب آخر حرك الاتصالات السعودية-الإيرانية؛ حيث اتضح للرياض أن تحذيراتها لواشنطن من تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة، لم تؤد إلى مراجعة إيجابية مدروسة للسياسة الأمريكية في الخليج والشرق الأوسط، وإنما ما حدث هو الوقوع بين خيارين كلاهما مر بالنسبة إلى السعودية، أولهما: هو التصعيد الذي ينذر بمواجهة عسكرية أمريكية-إيرانية، وثانيهما: الحوار الذي دعت إليه اطراف عدة داخل الولايات المتحدة مع طهران باعتباره الآلية الأفضل لتسوية الخلافات معها. وإذا كانت إدارة "بوش" تسير في خط التصعيد خلال المرحلة الحالية، فإن خط الحوار يبقى مطروحاً ولم تطو صفحته تماماً، بل ربما يكون التصعيد مقدمة له وإنضاجاً لظروفه وشروطه. وفي ظل هذا الوضع لجأت السعودية إلى امتلاك خيارها الخاص وهو فتح قنوات الاتصال مع الجانب الإيراني.
وأياً كانت الأسباب التي دعت إلى فتح الحوار السعودي?الإيراني، فإن الأهم فيه هو دلالاته الإقليمية المهمة التي تتعلق بمستقبل التفاعلات في المنطقة وتوازناتها السياسية؛ حيث تشير الدلالة الأولى لهذا الحوار إلى أنه يتم حول قضايا إقليمية مثل لبنان والعراق وليس بشأن قضايا ثنائية، وهذا يمثل اعترافاً سعودياً مباشراً بالدور الإقليمي الإيراني النافذ، وهو الاعتراف الذي تسعى إيران بكل قوة إلى الحصول عليه وترى أنها تمتلك مقوماته.
أما الدلالة الثانية، فتشير إلى أن السعودية قد أصبحت تتحكم في إيقاع التفاعلات والتحركات العربية تجاه الأزمات والملفات المطروحة. فقد كانت هي من قاد موجة الغضب العربي تجاه الدور الإيراني في العراق ولبنان وتبعتها دول عربية أخرى، وها هي الآن تحدث تغيراً كبيراً في المسار من خلال الاتجاه إلى الحوار السياسي مع طهران. وتزداد الصورة وضوحاً بالنظر إلى الدور السعودي الذي اتسعت دائرته على الساحة العربية ليس فقط بشأن لبنان والعراق وإنما القضية الفلسطينية أيضاً.
وتتعلق الدلالة الثالثة تتعلق بتراجع تأثير ودور العرب في الأزمات العربية، ليس لصالح قوى دولية كبرى كما كان يحدث دائماً، وإنما لصالح قوة إقليمية هي إيران التي أصبحت تتحكم بشكل كبير في توجيه مسار الأحداث في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية. واتجاه السعودية للحوار معها مؤخراً يعكس هذا الأمر بوضوح؛ حيث يعبر هذا الحوار في أحد جوانبه عن فشل التحالف الثلاثي العربي، المصري السعودي الأردني، في معالجة الأزمات العربية وتحريرها من الدور الإيراني المهيمن والمؤثر، على الرغم من أن هذا التحالف قد تشكل أساساً على قاعدة القلق من إيران ونفوذها في المنطقة.
وبالنظر إلى خلفياته وأسبابه ودلالاته، يثير الحوار السعودي-الإيراني تساؤلاً مهماً حول فرص نجاحه في تهدئة صراعات المنطقة وأزماتها؟
لا شك أن هذا الحوار سيساهم في تلطيف أجواء التوتر المذهبي في المنطقة والذي يعود بالأساس إلى عوامل سياسية تتعلق بتوظيف الخلافات المذهبية لتحقيق أهداف سياسية، إلا أن هناك ثلاثة اعتبارات تقلل من تأثير هذا الحوار في معالجة الأزمات المتفجرة في لبنان والعراق وفلسطين. أول هذه الاعتبارات يتعلق برؤية إيران لهذه الأزمات على أنها أوراق ضغط سياسية مترابطة وغير منفصلة في مواجهة الولايات المتحدة والعرب. وعلى ذلك فإنها لن تقبل بتسوية كل أزمة على حدة؛ لأن من شأن ذلك أن يجردها من أوراقها الواحدة تلو الأخرى، في حين أنها تستخدم هذه الأوراق معاً في الضغط من أجل الوصول إلى صفقة دولية وإقليمية بخصوص برنامجها النووي من ناحية، ودورها الإقليمي من ناحية أخرى. وهذا يعني أن الحوار السعودي-الإيراني ربما يساهم في تهدئة أو تسكين الأزمة اللبنانية، إلا انه لن يؤدي إلى نزع فتيل انفجارها الذي تحرص إيران على إبقائه في يدها.
الاعتبار الثاني، يتعلق بالبعد الأمريكي في كل هذه الأزمات محل الحوار بين الرياض وطهران، وهذا يعني أنه من دون مشاركة الولايات المتحدة أو موافقتها، لا يمكن لهذا الحوار أن يقود إلى شيء مهم. وبالنظر إلى أن الإدارة الأمريكية ترفض بقوة خيار الحوار مع طهران رغم الضغوط عليها، فإن من شان هذا أن يحد مما يمكن للسعودية وإيران أن يحققاه عبر الحوار.
الاعتبار الثالث والأخير يتعلق باستبعاد سوريا من هذا الحوار، رغم أنها أيضاً طرف مهم وأساسي ولا يمكن تجاهله في أزمات لبنان والعراق وفلسطين. ولا شك في أن دمشق ستعمل على عدم تمرير أي تسوية لا تأخذ مصالحها في الاعتبار، خاصة أن لها أوراقها التي يمكن أن تستخدمها لإجهاض أي اتفاق في هذا الخصوص. |