مركز الجناح الأيسر يعرف من هو غارينشيا




كثيرون من عشاق الكرة يعرفون غارينشيا الذي حقق للبرازيل بطولتين من بطولات كأس العالم في 1958 و 1962 ولكنه كان ظاهرة فريدة من نوعها، حيث كان مشلولا في طفولته، وحول فيما بعد ضعفه إلى قوة، وتفوق على أشهر اللاعبين، رغم اعوجاج قدميه.

وبعد الاعتزال، حاول غارينشيا تجاوز واقعه الأليم عبر انغماسه في حياة لاهية، فتحول نحو الحياة العابثة مما عجل في القضاء عليه، فلفظ أنفاسه الأخيرة وهو على سرير المرض، وطاف به عشاقه وهو مسجى في النعش أرجاء ملعب ماركانا الشهير الذي شهد له الانتصارات الرائعة واعتبر موته أمثولة، لأنه مات فقيرا معدما لا يملك شيئا يقدمه لأفراد عائلته بعد رحيله، بعدما كان صاحب مال وجاه.



"الطائر الجميل " هذا هو الاسم الذي أطلق على مانويل فرنسيسكو جوس سانتوس الذي نعرفه بـ "غارينشيا" والذي أبصر النور في باوغراند التي يبلغ عدد سكانها ألف وخمسمائة نسمة، وكان يعاني منذ ولادته من الشلل لأن ساقيه كانتا لا تقويان على حمله، ومصابتين بالتشوه، ولأن "مشعوذ الأدغال" فشل في إنقاذه من المرض، فإن والديه قدما به إلى مدينة ريو دي جانيرو، وتحملا مشقة كبيرة لإيكال أمر ابنهما إلى جراح من المدينة استطاع أن يزرع الأمل في قلب العائلة.



وأعرض الوالدان عن العودة إلى مسقط رأسيهما في المدينة الصغيرة النائية في الأدغال، ونالت منهما ريو دي جانيرو كل عجاب، وتعلم مانويل الصغير أول ما تعلم لعب الكرة، حاله كحال جميع الصبية في البرازيل، وكان يتسابق عليها في الشوارع الجانبية القذرة، وكانت قدماه تسببان له الغم لأنه كان يبدو مختلفا عن الجميع، ومع ذلك يشعر أنهما السلاح الذي سيساعده على تحقيق أحلامه التي لم يكشف عنها أحد.


وحين رآه مدرب بوتافوغو كاردوسو، لم يصدق عينيه أن هذا الصبي سيتمكن من المشي على مثل هاتين القدمين المشوهتين، وتصلب كالتمثال من العجب حين شاهد مناورات مانويل في التمارين وطريقته العجيبة في تسجيل الأهداف.


وكان أكثر من صفق له زميله لاعب الدفاع نيلتون سانتوس، وأصبح الاثنان بعدها لا يفترقان عن بعضهما إلا نادرا وأسهم سانتوس في إتمام عقد بين بوتافوغو ومانويل لمدة سنتين كانتا كافيتين لتعريف البرازيل بهذا اللاعب الرائع.



وقرر فيولا مدرب المنتخب الوطني الشهير ضم مانويل إلى صفوف المنتخب، واختار له اسما محببا ينادونه به هو غارينشيا أي "الطائر الجميل " وأصبح بعد فترة قصيرة من اللاعبين الأساسيين الذي تعلق بهم الجمهور، وبات يلعب قرب مشاهير البرازيل ديدي وفافا وسانتوس، وتأهل مع المنتخب الوطني البرازيلي في العام 1958 إلى نهائيات كأس العالم في السويد.



مونديال السويد 1958


والتقت البرازيل في المجموعة الرابعة كلا من الاتحاد السوفياتي وإنجلترا والنمسا، ولم يلعب غارينشيا في المباراة الأولى ضد النمسا ووضع المدرب فيولا مكانه الجناح الأيمن جويل، كما لم يشارك بيليه وفافا، وانتهت تلك المباراة بفوز البرازيل 3/صفر، سجلها نيلتون سانتوس ومازولا 2، وتتابعت الانتصارات رغم أن غارينشيا لم يشارك في بداية المباراة الثانية ضد إنجلترا وكان الغيظ يتفجر في فؤاده، وشارك بعدما اقتنع المدرب بضرورة إنزاله بعد تردد.
ولعب طوال المباراة الثالثة ضد الاتحاد السوفياتي، وكان ضمن التشكيلة "الحلم" التي أثارت العالم بعروضها ووصلت بجدارة إلى اللقب العالمي.



وعرف الجميع المهارات العالية التي يمتاز بها غارينشيا، فهو لم يكن صيادا للأهداف، بل كانت طريقته الخاصة وسرعته في تخطي أقوى المدافعين بعد إرهاقهم وإرسال الكرات السهلة إلى زملائه لتسجيل الأهداف، وليس عجيبا أن يكون غارينشيا نفسه وراء شهرة بيليه صاحب الأهداف الرائعة، حيث فازت البرازيل في الدور ربع النهائي على الويلز، ثم هزمت فرنسا في الدور نصف النهائي 5/2 وسجل بيليه منها ثلاثة أهداف، وضاع أمل جوست فونتين باللقب، وتقابل في المباراة النهائية فريقا البرازيل والسويد وكان الفوز إلى جانب البرازيل 5/2 وكان ذلك اليوم أعظم يوم بالنسبة إلى غارينشيا، وكان أكثر الفرحين أهالي قرية باوغراند الذين لم يدر في خلدهم يوما أن الصبي المشوه القدمين سيصبح أحد عظماء الكرة في العالم.


وبعد بطولة العالم 1958 بدأ غارينشيا يشعر بالآلام تدب في ساقيه، وعزف عن الذهاب هذه المرة إلى الجراحين، بل آثر التداوي بأعشاب "الأدغال"، وفعل ما كان أجداده يفعلون، وفعلا نجح بواسطتها في التغلب على الآلام وعاد إلى اللعب بعد فترة من الراحة الإلزامية.


مضت سنوات وغارينشيا على عرش الشهرة وقد جمع مالا كثيرا وعرف طعم الرفاهية التي كان يحلم بها، كما تعلم بسرعة كيفية التأقلم مع تلك الحياة.

وصار "الولد المزعج" بالنسبة للمدرب، لأنه كان متمسكا بآرائه المخالفة لآراء مدربه، وكان يضطر مرات ومرات لإجلاسه على مقاعد الاحتياطي، ثم لا يلبث أن ينزله إلى الملعب تنفيذا لإلحاح الجماهير، وكان يلقى المساعدة من زملائه وبخاصة نيلتون سانتوس وبيليه.



مونديال تشيلي 1962



Garrincha


وكان اسم غارينشيا ضمن قائمة لاعبي منتخب البرازيل في بطولة العالم 1962 في تشيلي، وفازت البرازيل في المباراة الأولى على المكسيك 2/صفر.
أما في المباراة الثانية ضد تشيكوسلوفاكيا فلم تجر الأمور كما ينبغي، إذ أصيب بيليه إصابة بالغة، وانتهت النتيجة بالتعادل بدون أهداف، ولعب اماريلدو مكان بيليه، وكان غارينشيا اللاعب الأمثل وأظهر كفاءة عالية كجناح أيمن، وأعاد إلى الأذهان صورة البرازيل كبطلة للعالم في السويد 1958 حين قاد فريقه إلى الفوز في المباراة الثالثة على إسبانيا 2/1، وفي المباراة ضد إنجلترا تمكن من إحراز هدفين رائعين، وفازت البرازيل يومها 3/1، وظهر اسمه للمرة الأولى كصياد للأهداف، وفي المباراة الصعبة والمشهورة ضد تشيلي سجل غارينشيا هدفين، وسجل فافا مثلهما، وفازت البرازيل في نهايتها 4/2 ولكن قبل انتهاء هذه المباراة بفترة قصيرة، حصل تصادم بين غارينشيا ولاندا لاعب تشيلي، وطرد الحكم يامازاكي من البيرو غارينشيا من الملعب، ومع ذلك اتخذ الفيفا قرارا استثنائيا بعدم معاقبة غارينشيا وعدم منعه من المشاركة في المباراة النهائية ضد تشيكوسلوفاكيا، ويقول في هذا الشأن: "حالفني الحظ، وكان المسؤولون في الفيفا في غاية النبل، ولو لم أشارك في المباراة النهائية لكان لغم قد قتلني"، كانت الترجيحات لمصلحة تشيكوسلوفاكيا، ولكن كان هناك تسعة لاعبين في منتخب البرازيل 1962 من الذين فازوا ببطولة العالم 1958 وقد نزلوا إلى الملعب وكلهم ثقة بأنفسهم وبقدرتهم على تكرار ذلك الإنجاز العظيم.

في الدقائق الأولى سجل غارينشيا هدفا وبعد خمس عشرة دقيقة نجح التشيكيون في إحراز هدف التعادل 1/1 ثم أضاف زيتو هدفا آخر، ورفع فافا الرصيد إلى ثلاثة أهداف كانت كافية للقضاء على آمال التشيكيين، وخرج الناس في البرازيل إلى الشوارع وهم يحيون ليالي الكرنفال ويرقصون السامبا، وكانت الفرحة تملأ قلب غارينشيا ملك الهدافين برصيد أربعة أهداف متساويا في ذلك مع ألبرت "المجر" وايفانوف "الاتحاد السوفياتي" ويركوفيتش "يوغسلافيا" وسانشيز "تشيلي" وفافا "البرازيل" والقرعة هي التي حددته الأول بينهم لتسلم كأس هداف بطولة العالم.


وبعد عام 1962 عادت الآلام مجددا إلى ساقيه، وكانت لا تحتمل ولم تعد المراهم والأعشاب البرية تساعده على التخلص من الوجع، ووجد نفسه مضطرا للذهاب بنفسه إلى الجراح، وتمت العملية الجراحية فغاب اسم غارينشيا أشهرا عن صفحات الجرائد والمجلات.




مونديال أنجلترا 1966



أسوبيو لاعب المجر الذي قضى على آمال السامبا


ورغم نصيحة الأطباء له بعدم العودة إلى الملاعب، إلا أن عزيمته كانت صلبة، إذ كان يرغب في إيصال البرازيل للقب العالمي للمرة الثالثة في بطولة 1966 في إنجلترا، ولكن الحظ لم يحالفه منذ البداية بعد إصابة بيليه، وغياب معظم اللاعبين النجوم الذين تقدموا في السن، وفي المباراة الأولى ضد بلغاريا فازت البرازيل 2/صفر، وسجل غارينشيا هدفا، ولكن المجر هزمت البرازيل بعدها 3/1 وغاب غارينشيا عن المباراة الثالثة التي خسرتها البرازيل أمام البرتغال 1/3، ثم غاب اسمه بعدها عن لائحة المنتخب.


ولا شك أن للسن تأثيرا على اللاعب، وصار لا بد أن يترك مكانه للاعب شاب أكثر قدرة على اللحاق بالكرة، ولكنه لم يعرف بعدها كيف يستثمر الملايين التي جناها من الملاعب والتي أهدرها على الحياة العابثة ، ويذكر الجميع كيف مات غارينشيا وهو في المستشفى وقد خلف وراءه زوجة وثماني بنات بدون أي رصيد يضمن لهن مستقبلا رغيدا بعد الشهرة التي نالها ودفنت معه .

والله موضوع رااائع واكثر من رائع ياعزيزي ...... وشكرا لك على مثل هذه المواضيع



وشكرا لك

شكرا أخي عاشق الهلال حسون

يعطيك العافية على الموضوع الحلو

ويا ليت تعطينا موضوع مثل هذا عن بيله البيض زيكو

اذا ما عليك امر

موضوع رائع
من كاتب رائع

بصراحه هذي المواضيع ولا بلاش ...............