14/01/2007, 04:45 PM
|
مشرف سابق بمنتدى المجلس العام | | تاريخ التسجيل: 02/12/2001 المكان: حيث الأمل
مشاركات: 5,603
| |
ً حتى لا تكثر المواضيع التي تتكلم عن نفس الشأن ، استميح الأخَ الحبيبَ أبا عثمان على وضعِ مقالٍ رصينٍ للأستاذ فهد السنيدي ، المذيع في قناة المجد ، و كلي رجاء من المنصفين أن يقرأوها ففيها الغنية بإذن الله.
===
بسم الله الرحمن الرحيم
في عيد الأضحى المبارك، قتل صدام حسين؛ وصدرت بعد ذلك البيانات والفتاوى والقصائد والملاحم والكلمات والانفجارات والمظاهرات، فحزنت لبعضها وفرحت لبعضها الآخر، إلا أني هنا سأتحدث عن البيانات والفتاوى التي صدرت ولن أتطرق إلا إلى أحب أصحابها إلى قلبي وأقربهم إلى نفسي وأصدقهم وداً لي وهو أخي وشيخي الشيخ الفاضل الدكتور عبدالعزيز الفوزان فهو جبل من جبال التواضع والسماحة، يحب الحق ويأنس به، أما أولئك الذين كفروا صداماً، أو الذين جعلوه من بقايا الثلة المؤمنة المجاهدة في هذا الزمان فلا أملك مفتاحاً للولوج إلى ساحتهم لاستعصائها علي وعلى غيري من الناس، والاستئذان ثلاثاً فإن أؤذن لك وإلا فارجع.. وبعض هؤلاء قد أوصدوا الأبواب، ووضعوا الحجاب ولم يقبلوا قولاً للطلاب والله المستعان.
بخلاف من أفتى عن علم ودراية ومعرفة بأصول أهل السنة والجماعة فلن يكون الحديث حول فتواه.
وهنا ومع سماعي لكلام كثير من المتحدثين عن صدام سمعت كلاماً لأبي متع الله به على طاعته وهو ليس دكتور ولم يدرس في أمريكا ولم يدخل جامعة الإمام ولم تستضيفه أي قناة في العالم، لكنه مؤمن موحد يعرف ربه وكفى بها قربة ورفعة .. قال أبي حفظه الله لما سمع الخوض في شأن صدام:- ألم يعلموا أن صداماً ذهب إلى من لا يحتاج إلى شهود ولا يسأل أحداً عن بينه؟! أي والله لقد أفضى صدام على رب لا يظلم ولا يغيب عن علمه مثقال ذرة، سبحانه وتعالى.
أعود إلى حبيبي الغالي الشيخ الدكتور عبدالعزيز الفوزان والذي تحدث في برنامج ( الجواب الكافي ) عن صدام حسين، وساق جملة من الدلائل التي استلب بها استعطاف السامعين واستدر بها رحمتهم لصدام، فمن هذه الأمور:- أن صداماً قتل في أفضل الأيام وهو يوم النحر، ولا يخفى على شيخنا متع الله به أن هذا الكلام يستعدي به خصومه في العقيدة وبعض أتباعة أيضاً ممن يؤكدون أن مقتل الجعد بن درهم يوم الأضحى على يد خالد القسري إنما هو تصرف سياسي بحت لا دعوى له بالعقيدة أو الخوف عليها، ثم يخوضون في سيرة الرجل نبشاً وتنقيباً، وليس هذا مما يعنينا، لكن الذي يعني أن الاستدلال بالقتل يوم الأضحى ينبغي أن يطرد لصدام وللجعد ولغيرهما كما يقول خصومكم في العقيدة يا فضيلة الدكتور. أما كون قتله من أسباب النكاية بأهل السنة فياليت النكاية تكون بهذا وما دونه.. لقد كانت النكاية يا فضيلة الدكتور بأمور أعظم وأشد ولا تخفى على فضيلتكم، بل لقد صرحتم بها في جوابكم وهي غيض من فيض وشي من أشياء وأمور الله أعلم بها. وقد قال فضيلة الدكتور حفظه الله ( لو لم يرد الله له خيراً لما استطاع قول هذه الكلمة) وأنا أتوقف عن التعليق على هذه العبارة لأنها تحتاج إلى أعادة صياغة وضبط، فهل النطق بهذه الكلمات من أرادة الخير دائماً.
فما يقول الشيخ عن بعض رؤوس الضلالة الذين يسلخون ويقتلون وألسنتهم تلهج بالذكر والدعاء.
وقال الدكتور حفظه الله: من بشائر الخير لهذا الرجل الأعمال الكثيرة التي تذكر له في أواخر حياته من بناء المساجد وحلق التحفيظ والتي أعتقد أنها ربما تكون من أسباب تسلط الأمريكان على هذا الرجل لأنه بدأ يتوجه توجهاً إسلامياً.
ولي مع هذه الكلمات وقفات مهمة أولها: أن الأعمال التي ذكرها الشيخ ونسبها لصدام يقوم بها صدام وغير صدام ولم يزل الحكام في البلاد الإسلامية منذ زمن بعيد يركنون إليها في الأزمات ويعمدون إليها في المدلهمات، بل إن بعضهم يبادر ساعة الانتخابات إلى تحسينها وتزويقها، فكيف كانت ممدحة لصدام ولم تكن ممدحة لغيره ممن أسكت صوت الحق في بلاده ونشر العلمانية على كل باب مع أنه يرعى المساجد ويقيم الحلق، بل إنه يحتفل كل ليلة في رمضان ببدع المتصوفة وأمثالهم.
وثانيها :- هل تسلط الأمريكان على صدام من أجل بناء المساجد، إذا لأصبح تسلط الأمريكان على حكام المسلمين واحداً تلو الآخر بعدد بناء المساجد وإقامة حلق تحفيظ القرآن الكريم.
وثالثهما :- أن المتتبع لأحوال صدام قبل سقوط بغداد بأشهر يسيرة يجد عجباً في حاله وشأنه وتعامله، ولن أذكر من الأمر المعروف شيئاً لأن الرجل أفضى إلى ما قدم ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ) خصوصاً أولئك الذين أصدروا البيانات التجريمية الشنيعة بحق صدام.
فكيف نحكم على أن سبب غزوه وقتله صلاح حاله في آخر حياته.، وأنصح بقراءة كتاب ( كنت طبيباً لصدام ) للدكتور علاء بشير، ليطلع المخدوعون بحاله. رحم الله موتى المسلمين.
وليسمح لي أصحاب البيانات الأخرى في بيان أمور:-
1- استغلال الحدث أمر لا يجيده أكثر المسلمين مع الأسف، فمقتل صدام حدث مهم أستغله الغرب لصالحهم وإن كان مكرهم يحيق بهم، أما نحن فتمسكنا من المسألة بقشورها ولم نستغل الحدث استغلالاً جيداً وخصوصاً أن إخواننا من أهل السنة في العراق يعيشون أزمة عظمى والله المستعان، فكم أخذت هذه المسألة منا بحثاً ونقاشاً ورداً دون أن يكون منا دعوة إلى دراسة واستغلال الحدث كما يفعل أعداؤنا.
2- على أصحاب البيانات أن يجردوها من العاطفة أو الغلبة السياسية التي أصبحت مع الأسف تؤثر بشكل كبير في توجهاتهم، ويكفي للدلالة على ذلك أن نتتبع فتاوى بعض العلماء الكبار الذين لم يصدر منهم على طول حياتهم أن كفروا أحداً بعينه إلا ثلاثة أو أربعة كلهم بسبب الوضع السياسي الذي أثر تأثيراً واضحاً على فتاواهم رحمهم الله جميعاً أحياءً وأمواتا.
3- أكثر أصحاب البيانات تدخلوا في مشاعر الناس ووجهوا تفكيرهم واسقطوا الحكم لهم إسقاطا مع أن الأصل في هذه المسألة هو بيان حكم الترحم على صدام دون المساس بمشاعرنا وتسيير عواطفنا .. هل أصبحنا تبعاً للبيانات إلى هذه الدرجة؟ ألم يكن الأولى بهم أن يتركوننا وشأننا في مشاعرنا ونظرتنا للحدث؟ 4- تبنت مجموعة من أتباع أصحاب البيانات نشر البيانات والدفاع عنها وتصنيف الناس وفقاً لهذه الرؤية، حتى إن بعضهم يتصل بالإعلاميين طالباً منهم دعم موقفهم في هذا البيان .. فلماذا هذا الحماس؟ أهو من أجل بيان الموقف الشرعي؟ يكفي يا أخي أن تقول الحكم دون تسيير لعقول الناس.
وهنا أشهد شهادة حق أن الدكتور الفوزان وأمثاله ممن لا يرضون أن أذكر أسماءهم كانوا بمنأى عن مثل هذا الاندفاع المخيف وهو ما أكسبهم ثقة الناس وحبهم فلله درهم. وهنا اختم بطرفة وقعت لي، حيث اتصل بي أحد أبناء أعيان أهل السنة في العراق ممن قتل صدام جدهم وبعض أعماهم فقال لي:- ليتك تضيف لمن عدد مناقب صدام في آخر حياته أنه أعفى لحيته في السجن! يقولها وهو يحترق على مثل هذه البيانات.
أخيراً: أقول عن الحكم الشرعي بشأن الترحم على صدام هو من حق أهل العلم ونحن نتبع لهم نقلدهم ونستنير برأيهم، وليس لنا أن نشق عصا من طاعة لعلماء الأمة أو ولاتها، وصدام أفضى إلى ما قدم وانتقل إلى من لا يظلم، لكن لا أريد أن نخلط بين الحكم الشرعي وتسيير العواطف.
ثم إن قولي مما يقبل الخطأ قبل الصواب أردت من ورائه بيان ما أدين الله به ولا ينقص من قدر من أحبهم بل يزيدهم رفعة لأنهم عودونا قبول الحق والرأي الآخر ولم يضيقوا يوماً بالخلاف.
فشكر الله لشيخنا وحبيبنا الدكتور عبدالعزيز الفوزان ولجميع المخلصين من أمثاله المحبين للدين وأهله ورفع الله ذكرهم وأعلى منزلتهم
والحمد لله رب العالمين
المذيع
فهد بن عبد العزيز السنيدي
مذيع إذاعة القرآن الكريم وقناة المجد الفضائية
المشرف العام على منتدى ساعة حوار
forum.islamacademy.net |