المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 03/10/2006, 01:55 PM
زعيــم متواصــل
تاريخ التسجيل: 04/09/2004
مشاركات: 188
موقف اهل السنة من الحكام والسلاطين


بسم الله الرحمن الرحيم

موقف المسلمين من الحكام والسلاطين

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فإن قضايا الحاكم والحكومات؛ من الأمور العظام التي وقع فيها خلط وتخليط ورغبات، وعظمت فيها الأهواء وارتفعت الرايات، وشنت من أجلها الغارات والهجمات، حتى وصل فيها الأمر مع المخالف إلى التبديع والتفسيق والرمي بعظيم الملمات، بل ربما وصل الحد إلى التكفير والرمي بأبشع الضلالات.
والأمر يحتاج إلى تثبت ووقفات؛ قبل إصدار الحكم أو التسرع بإعلان الحرب وشن الغارات.





حاجة الناس إلى حاكم يسمعون و يطيعون له


فإن من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دين إلا بجماعة و لا جماعة إلا بإمامة و لا إمامة إلا بسمع و طاعة و أن الخروج عن طاعة ولي الأمر و الدعوة للخروج عليه من أعظم أسباب الفساد في البلاد و العباد و العدول عن سبيل الهدى و الرشاد(1).
قال الحسن البصري: "و الله لا يستقيم الدين إلا بولاة الأمر و إن جاروا و ظلموا و الله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون"(2).
و قال ابن رجب: "السمع و الطاعة لولاة أمور المسلمين فيها سعادة الدنيا و بها تنتظم مصالح العباد في معايشهم و بها يستعينون على إظهار دينهم و طاعة ربهم"(3).
و الخروج عن طاعة ولي الأمر و الدعوة للخروج عليه بغزو أو غيره: "معصية و مشاقة لله و رسوله و مخالفة لما عليه أهل السنة و الجماعة السلف الصالح"(4).
وقد وقعت مقاييس في الجيل الأول وتفاضل بين الحكام أدى إلى فساد عريض كما قورن بين سيرة عثمان رضي الله عنه في حكمه وبين سيرة أبي بكر وعمر مما أدى إلى التجرؤ عليه وأفضى ذلك إلى قتله رضي الله عنه وكذلك ما وقع لعلي رضي الله عنه ووصل الحد إلى تكفيره والخروج عليه وهكذا كلما قورن الحاكم بمن قبله وقع الخلل وعظم التباين إن لم ينضبط بضابط من الشرع.


موقف أهل السنة من حكام المسلمين


والحاكم هو كل من تولى أمر المسلمين؛ سواء كان قرشيا أو غير قرشي عبدا أو حرا, تولى بمشورة واختيار أو بغلبة وقهر, برا كان أو فاجرا, سنيا كان أو مبتدعا, فهؤلاء جميعا يجب لهم السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر ما لم يأمروا بمعصية.
عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ) [رواه أحمد (17939)]
فقد بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن هؤلاء جميعا هم حكام المسلمين فيهم البر والفاجر والعدل والظالم مع الأخذ في الاعتبار أنها لا تكون ابتداء إلا في قريش.
فوجبت طاعتهم والإحسان لمحسنهم والصبر على مسيئهم وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار أنهم سيحرمون هذا الأمر بعده ووعدهم بالأجر في الآخرة.
عَنْ أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ: (إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي وَمَوْعِدُكُمْ الْحَوْضُ) [البخاري (3793)]
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ يَوْمَئِذٍ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةٌ جَلَدَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ فَالْزَمْهُ) [رواه أحمد]
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ) [البخاري (7142)]
قال الحافظ "الفتح": الإمامة لا تكون إلا في قريش وأجمعت الأمة أنها لا تكون في العبيد، وأما لو تغلب عبد حقيقة بطريق الشوكة فإن طاعته تجب إخمادا للفتنة ما لم يأمر بمعصية.
ولا تشق عصا الحكام ولا يخرج عليهم أحد من المسلمين؛ لا سرا ولا جهرا مادام يحكم لهم بالإسلام, ولا يكفر الحاكم بشبه ولا بأمر عليه خلاف بل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كفرا بواحا, أي واضحا بينا لا غموض فيه ولا لبس, عندكم فيه من الله برهان لا مرجع لهوى أو إلى أراء الرجال.
فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: (أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ) [البخاري (7056)]
قال الحافظ في الفتح: قوله (وَأَثَرَةً عَلَيْنَا) بفتح الهمزة والمثلثة, والمراد أن طواعيتهم لمن يتولى عليهم لا تتوقف على إيصالهم حقوقهم بل عليهم الطاعة ولو منعهم حقهم. قوله (وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ) أي الملك والإمارة, زاد أحمد من طريق عمير بن هانئ عن جنادة (وإن رأيت أن لك) -أي وإن اعتقدت أن لك- في الأمر حقا فلا تعمل بذلك الظن بل اسمع وأطع إلى أن يصل إليك بغير خروج عن الطاعة, زاد في رواية أبي النضر عن جنادة عند ابن حبان وأحمد (وإنْ أَكَلُوا مَالَكَ وَضَرَبُوا ظَهْرَك).
قوله (إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا) بموحدة ومهملة قال الخطابي: معنى قوله بواحا يريد ظاهرا باديا من قولهم باح بالشيء يبوح به بوحا وبواحا إذا أذاعه وأظهره.أهـ
فلا يجوز منازعتهم أو الخروج عليهم إلا بكفر واضح بين لا شبهة فيه.
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ قَالُوا أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ قَالَ لَا مَا صَلَّوْا) [مسلم (1854)]
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخروج عليهم وبين الوعيد في الدنيا والآخرة لمن أراد أن يشق العصا.
ففي الدنيا:
عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ) [مسلم (1852)]
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ) [البخاري (6878)]
وفي الآخرة:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) [البخاري (7143)]
قال البخاري: بَاب إِذَا قَالَ عِنْدَ قَوْمٍ شَيْئًا ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ بِخِلَافِهِ .
عَنْ نَافِعٍ قَالَ لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ غَدْرًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُنْصَبُ لَهُ الْقِتَالُ وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ وَلَا بَايَعَ فِي هَذَا الْأَمْرِ إِلَّا كَانَتْ الْفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) [البخاري (7111)]
قال الحافظ ابن حجر: وفد إلى يزيد جماعة من أهل المدينة منهم عبد الله بن غسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر وعبد الله بن أبي عمرو بن حفص المخزومي في آخرين فأكرمهم وأجازهم, فرجعوا فأظهروا عيبه ونسبوه إلى شرب الخمر وغير ذلك, ثم وثبوا على عثمان فأخرجوه, وخلعوا يزيد ابن معاوية فبلغ ذلك يزيد فجهز إليهم جيشا مع مسلم بن عقبة المري وأمره أن يدعوهم ثلاثا فإن رجعوا وإلا فقاتلهم, فإذا ظهرت فأبحها للجيش ثلاثا ثم أكفف عنهم. فتوجه إليهم فوصل في ذي الحجة سنة ثلاثين فحاربوه, وكان الأمير على الأنصار عبد الله بن حنظلة وعلى قريش عبد الله بن مطيع وعلى غيرهم من القبائل معقل بن يسار الأشجعي, وكانوا اتخذوا خندقا, فلما وقعت الوقعة انهزم أهل المدينة, فقتل ابن حنظلة, وفر ابن مطيع, وأباح مسلم بن عقبة المدينة ثلاثا, فقتل جماعة صبرا؛ وكان ابن عمر أنكر الخروج على يزيد وتوعد بالمقاطعة لمن هم بذلك, ولكن وقع المحظور.
وقد أخرج مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رفعه (مَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ). قوله وإن من أعظم الغدر بعد الإشراك بالله أن يبايع رجل رجلا على بيع الله ثم ينكث بيعته. قوله (ثُمَّ يُنْصَبُ لَهُ الْقِتَالُ) بفتح أوله, وفي رواية مؤمل (نصب له يقاتله). قوله "فلا يخلعن أحد منكم يزيد ولا يسعى في هذا الأمر" (إِلَّا كَانَتْ الْفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ) أي القاطعة وهي فيعل من فصل الشيء إذا قطعه, وفي هذا الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة والمنع من الخروج عليه ولو جار في حكمه وأنه لا ينخلع بالفسق.
فصفة الخروج على الحكام هي عقيدة الخوارج.
قال الذهبي "السير" 3/226: عن الحسن قال لما كان من أمر الناس ما كان زمن الفتنة أتوا ابن عمر فقالوا أنت سيد الناس وابن سيدهم والناس بك راضون اخرج نبايعك فقال لا والله لا يهراق في محجمة من دم؛ ولا في سببي ما كان في رُوح.
قال أبو موسى يوم التحكيم لا أرى لهذا الأمر غير عبد الله بن عمر فقال عمرو بن العاص لابن عمر إنا نريد أن نبايعك فهل لك أن تعطى مالا عظيما على أن تدع هذا الأمر لمن هو أحرص عليه منك, فغضب وقام فأخذ ابن الزبير بطرف ثوبه فقال يا أبا عبد الرحمن إنما قال لتعطي مالا على أن أبايعك فقال والله لا أعطي عليها ولا أعطى ولا أقبلها إلا عن رضى من المسلمين.
قلت - الذهبي: كاد أن تكون البيعة له يومئذ مع وجود مثل الإمام علي وسعد ابن أبي وقاص ولو بويع لما اختلف عليه اثنان ولكن الله حماه وخار له.
وأول خروج كان على علي رضي الله عنه من قبل الخوارج وذلك بعد أن رضي بالتحكيم فكفروه وقال حكم الرجال وأرسل إليهم ابن عباس فناظرهم ورجع منهم جماعة وقاتل الباقين.


موقف أهل السنة من الحكام الجائرين


والأمر الذي عليه أهل السنة والجماعة للحكام إذا ظلموا أو جاروا هو السمع والطاعة في غير معصية طالما أنهم لم يكفروا كفرا صريحا واضحا كالشمس في رابعة النهار قد أجمع عليه العلماء لا خلاف فيه كما سبق في الحديث: (وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ) [البخاري (7056)]
وهذا الحجاج أرسله عبد الملك بن مروان للقضاء على الخوارج والمارقين فكسر شوكتهم وأسرف في القتل وأظهر استخفافا ببعض الصحابة كأنس وابن عمر وكان مبيرا كما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
قتل ابن الزبير وصلبه وشتم أمه أسماء رضي الله عنها.
خرج عليه عبد الرحمن بن الأشعث وكان رجلا صالحا تقيا فبعد أن مكنه الحجاج من جيش عرمر لمتابعة فلول الخوارج خرج فكسرهم ثم دعا القراء بالكوفة للخروج على الحجاج فخرج معه جماعة وأنكر الصحابة والعلماء الخروج حتى قال ابن عمر والله لا أفتح على المسلمين باب فتنة ولا أكون سببا في إراقة محجم دم من مسلم.
وخرج ثلاثة من العلماء ابن أبي ليلى وعامر الشعبي وسعيد ابن جبير وانتهى بهزيمة ابن الأشعث وجيء بالقراء فقتل الحجاج جماعة وأبقى آخرين وأما ابن أبي ليلى فقتل مع ابن الأشعث في معركة دير الجماجم وفر الشعبي وابن جبير, وطلبهما الحجاج وأمسك بهما فلما سألهما عن الخروج اعتذر الشعبي وقال: ما كنا فجارا أقوياء ولا بررة أتقياء, فعفى عنه وأما ابن جبير فقال: كانت في عنقي بيع لابن الأشعث فقتله الحجاج.
قال الذهبي في السير: عن عتبة مولى الحجاج قال حضرت سعيدا حين أتى به الحجاج بواسط فجعل الحجاج يقول ألم أفعل بك ألم أفعل بك فيقول بلى قال فما حملك على ما صنعت من خروجك علينا قال بيعة كانت علي -يعني لابن الأشعث- فغضب الحجاج وصفق بيديه وقال فبيعة أمير المؤمنين كانت أسبق وأولى وأمر به فضربت عنقه.
قال الذهبي: وقيل لو لم يواجهه سعيد بن جبير بهذا لاستحياه كما عفا عن الشعبي لما لاطفه في الاعتذار.
ورغم ذلك لم يكفره أحد أو يجيز الخروج عليه رغم أن جماعة من الصحابة كانوا متوافرين منهم ابن عمر وأنس.
فعن أبي أسامة قال رجل لسفيان: أشهد على الحجّاجِ، وعلى أبي مسلم (5) أنهما في النار، قال: لا؛ إذا أقرّا بالتّوحيد.(6)


إذا أمر ولي الأمر بمعصية


فالسمع والطاعة لولي الأمر واجب فإذا أمر ولي الأمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة لهذه المعصية.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن السمع و الطاعة تجب لولي الأمر ما لم يأمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع و لا طاعة في تلك المعصية خاصة أما بقية أوامره فتسمع و تطاع كما أخرج البخاري في الصحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِي اللَّه عَنْه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حق عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ).
قال أهل العلم: معناه: تجب طاعة ولاة الأمور فيما يشق و تكرهه النفوس و غيره مما ليس بمعصية فإن كانت معصية فلا سمع و لا طاعة.
و قوله: فلا سمع و لا طاعة يعني فيما أمر به من المعصية فقط فإذا أمر بأمر محرم وجب أن لا يطيعه في ذلك الأمر فلا يمتثل لأن طاعة الله أوجب و لا يفهم من ذلك أنه إذا أمر بمعصية فلا سمع و لا طاعة مطلقاً في كل أوامره بل يسمع و يطاع مطلقاً إلا في المعصية فلا سمع و لا طاعة(7).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا أمروا بأمر فإنه لا يخلو من ثلاثة حالات:
الحالة الأولى: أن يكون مما أمر الله به فهذا يجب علينا امتثاله لأمر الله به و أمرهم به لو قالوا: أقيموا الصلاة وجب علينا إقامتها امتثالاً لأمر الله و امتثالاً لأمرهم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: الآية59]
الحالة الثانية: أن يأمروا بما نهى الله عنه و في هذه الحالة نقول سمعاً و طاعة لله و معصية لكم لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق مثل أن يقول: لا تصلوا جماعة في المساجد فنقول: لا سمع و لا طاعة.
الحالة الثالثة: أن يأمروا بأمر ليس عليه أمر الله و رسوله صلى الله عليه وسلم و لا نهي الله و رسوله صلى الله عليه وسلم: فالواجب السمع و الطاعة لا نطيعهم لأنهم فلان و فلان و لكن لأن الله أمرنا بطاعته و أمرنا بذلك رسوله عليه الصلاة و السلام قال: (اسمع و أطع و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك).
و سألوه عن الولاة الذين يأخذون حقهم و يهضمون الرعية حقهم؟ قال: (عليهم ما حملوا و عليكم ما حملتم). حملنا السمع و الطاعة اهـ (8).


السمع والطاعة للحكام الآن


فقد وقع في شأن حكام الزمان نزاع عظيم، فمنهم من أنزلهم منزلة أبي بكر وعمر، وبرر جور بعضهم، وألبسه صبغة الشرع، ومنهم من كفرهم ودعا للخروج عليهم، وفي كلا الأمرين شطط.
فهؤلاء الذين يقولون بأنه لا سمع و لا طاعة لهؤلاء الحكام بحجة أن الأحاديث الواردة في السمع و الطاعة إنما هي في الإمامة العامة العظمى لا الخاصة.. فلا شك أن هذا قول باطل مخالف لإجماع أهل العلم، قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد له حكم الإمام في جميع الأشياء و لولا هذا ما استقامت الدنيا لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد و لا يعرفون أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم (9).
و قال الإمام الشوكاني: معلوم أنه قد صار في كل قطر الولاية إلى سلطان و في القطر الآخر كذلك، فلا بأس بتعدد السلاطين، و يجب الطاعة لكل واحد منهم بعد البيعة له على أهل القطر الذي ينفذ فيه أوامره و نواهيه، و كذلك صاحب القطر الآخر.
و من أنكر هذا فهو مباهت لا يستحق أن يخاطب بالحجة لأنه لا يعقلها(10).


حكم إنزال أمراء الجماعات منزلة الحكام وأصحاب الولايات


ومن عظيم الأمور وأخطرها على بنيان الأمة وكيانها ما يقع من بعض الجماعات من أخذ البيعة التي لا تنعقد إلا لأصحاب الولايات العظمى لأمرائهم.
وينزل هذا الأمير نفسه منزلة ولي الأمر الذي له القدرة و السلطان على سياسة الناس فيدعوا للسمع و الطاعة له أو أعطته تلك الجماعة بيعة تسمع و تطيع له بموجبها وولي الأمر قائم ظاهر!
و هذا لا شك أنه خطأ عظيم و ذنب جسيم و من فعل هذا فقد حاد الله و رسوله صلى الله عليه وسلم و خالف نصوص الشريعة فلا تجب طاعته بل تحرم إذ لا سلطان له و لا قدرة على شيء أصلاً فعلام يسمع له و يطاع كما يطاع و يسمع لولي الأمر القائم الظاهر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: النبي صلى الله عليه وسلم أمر بطاعة الأئمة الموجودين المعلومين الذين لهم سلطان يقدرون به على سياسة الناس لا بطاعة معدوم و لا مجهول و لا من ليس له سلطان و لا قدرة على شيء أصلاً.(11)


متابعة الحكام في الأنظمة العامة


من الناس من يقول: إن له الحق في الخروج على الأنظمة العامة التي يضعها ولي الأمر و عدم التقيد بها و أنها لا تلزم الطاعة فيها كالمرور و الجوازات وما يحدث من قوانين لحماية أرصدة البلد إلى آخره بحجة أنها ليست على أساس شرعي و أن طاعة الإمام في الأمور الشرعية فقط أما المباحات و المندوبات فلا تجب!!! و هذا لا شك أنه خطأ نشأ من قلة العلم قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى: هذا باطل و منكر بل يجب السمع و الطاعة في هذه الأمور التي ليس فيها منكر بل نظمها ولي الأمر لمصالح المسلمين ويجب الخضوع لذلك و السمع و الطاعة في ذلك لأن هذا من المعروف الذي ينفع المسلمين(12).
و قال العلامة المباركفوري: الإمام إذا أمر بمندوب أو مباح وجب(13).


إذا لم يطلب الإمام بيعة لجميع المسلمين


بعض الناس يقول أنا لم أبايع الإمام فلا سمع له عندي! و هذا لا شك أنه خطأ من القول و جهل من صاحبه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما أمر الله به و رسوله صلى الله عليه وسلم من طاعة ولاة الأمور و مناصحتهم واجب على الإنسان و إن لم يعاهدهم عليه و إن لم يحلف لهم الأيمان المؤكدة اهـ(14).
قال الشيخ ابن باز: إذا اجتمع المسلمون على أمير وجبت الطاعة على الجميع و لو ما بايع بنفسه، الصحابة و المسلمون ما بايعوا أبا بكر بايعه من في المدينة و لزمت البيعة للجميع. اهـ(15).


الجهاد تحت راية ولي الأمر


الجهاد من أعظم و أكبر ما يختص به ولي الأمر فإذا كان آحاد الناس يدعون إليه فستكون فوضى وفتنة عظيمة.
فإذا دعا إليه ولي الأمر قال تعالى: { حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَال } [الأنفال: الآية65] فالمؤمنون تبع لولي أمرهم في ذلك(16).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ) [رواه مسلم]


احترام ولي الأمر وعدم انتقاصه وإظهار عيوبه


فقد بين صلى الله عليه وسلم أن ولي الأمر يجب إجلاله و إكرامه و يحرم انتقاصه و إهانته كما أخرج الإمام أحمد في المسند و الترمذي في السنن عَنْ زِيَادِ بْنِ كُسَيْبٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ : كُنْتُ مَعَ أَبِي بَكْرَةَ تَحْتَ مِنْبَرِ ابْنِ عَامِرٍ وَهُوَ يَخْطُبُ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَقَالَ: أَبُو بِلَالٍ انْظُرُوا إِلَى أَمِيرِنَا يَلْبَسُ ثِيَابَ الْفُسَّاقِ فَقَالَ: أَبُو بَكْرَةَ اسْكُتْ فإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ أَكْرَمَ سُلْطَانَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الدُّنْيَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الدُّنْيَا أَهَانَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
فتأملوا كيف أن أبا بكرة رضي الله عنه اعتبر الكلام في ولي الأمر و القدح فيه من إهانته و قد علق الإمام الذهبي رحمه الله على هذه القصة بقوله: أبو بلال هذا خارجي و من جهله عدَّ ثياب الرجال الرقاق لباس الفساق(17).


الأمر بالصبر و النهي عن نزع يد من طاعة


وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالصبر و نهى عن نزع يد من طاعة و لو رأى الحاكم على معصية كما أخرج مسلم في الصحيح عن عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ قال: قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ).
و أخرج مسلم في الصحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً).
و أخرج البخاري في تاريخه عن وائل أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كان علينا أمراء يعملون بغير طاعة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (عليهم ما حملوا و عليكم ما حملتم).
و أخرج مسلم في الصحيح عن حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ صلى الله عليه وسلم: (يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ).
فهذا الحديث العظيم الذي يغفل عنه كثير من الناس: الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بطاعة الأمير و إن ظلم الأمير بأخذ المال و جلد الظهر.


الصبر على جور الأئمة من أصول أهل السنة


قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الصبر على جور الأئمة أصل من أصول أهل السنة و الجماعة"(18).
و هذا حق لأن الأمر بالصبر على جور الأئمة و ظلمهم يجلب من المصالح و يدرأ من المفاسد ما يكون به صلاح العباد و البلاد.
قال ابن تيمية: "ما يقع من ظلمهم و جورهم بتأويل سائغ أو غير سائغ فلا يجوز أن يزال لما فيه من ظلم و جور كما هو عادة أكثر النفوس تزيل الشر بما هو شر منه و تزيل العدوان بما هو أعدى منه فالخروج عليهم يوجب من الظلم و الفساد أكثر من ظلمهم فيصبر عليه كما يصبر عند الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر على ظلم المأمور و المنهي في مواضع كثيرة"(19).
و قال الشيخ ابن باز: "الخروج على ولاة الأمور يسبب فساداً كبيراً و شراً عظيماً فيختل به الأمن و تضيع الحقوق و لا يتيسر ردع الظالم و لا نصر المظلوم"(20).
و قال أئمة الدعوة: ما يقع من ولاة الأمور من المعاصي و المخالفات التي لا توجب الكفر و الخروج من الإسلام فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق واتباع ما عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس و مجامع الناس واعتقاد أن ذلك من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد و هذا غلط فاحش و جهل ظاهر لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدين و الدنيا كما يعرف ذلك من نور الله قلبه و عرف طريقة السلف الصالح و أئمة الدين(21).
و لما أراد بعض العلماء نزع يد الطاعة في ولاية الواثق بسبب فتنة خلق القرآن منعهم الإمام أحمد و ناظرهم في ذلك و قال: عليكم بالإنكار في قلوبكم و لا تخلعوا يداً من طاعة لا تشقوا عصا المسلمين و لا تسفكوا دماءكم و دماء المسلمين معكم و انظروا في عاقبة أمركم و اصبروا حتى يستريح بر و يستراح من فاجر و ليس هذا ـأي نزع أيديهم من طاعة ولي الأمرـ صواباً هذا خلاف الآثار.
فقال بعضهم: إنا نخاف على أولادنا إذا ظهر هذا لم يعرفوا غيره و يمحى الإسلام و يدرس(22)!
فقال لهم الإمام أحمد: كلا إن الله عز و جل ناصر دينه و إن هذا الأمر له رب ينصره و إن الإسلام عزيز منيع فخرجوا من عند أبي عبد الله و لم يجبهم إلى شيء مما عزموا عليه أكثر من النهي عن ذلك و الاحتجاج عليهم بالسمع و الطاعة حتى يفرج الله عن الأمة فلم يقبلوا منه(23) .
و قال العلامة الإمام عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله تعالى : أكثر ولاة أهل الإسلام من عهد يزيد بن معاوية حاشا عمر بن عبد العزيز و من شاء الله من بني أمية قد وقع منهم من الجراءة و الحوادث العظام و الخروج و الفساد في ولاية أهل الإسلام و مع ذلك فسيرة الأئمة الأعلام و السادة العظام معهم معروفة مشهورة لا ينزعون يداً من طاعة فيما أمر الله به و رسوله صلى الله عليه وسلم من شرائع الإسلام لا يعلم أن أحداً من الأئمة نزع يداً من طاعة و لا رأى الخروج عليهم(24).
فبهذه الكلمات أردت بها بيان الصواب في التعامل مع الحكام والأمراء والسلاطين، وبيان هدي السلف الذي هو وسط فلا تجاوز ولا شطط، وأن في استقرار الأحكام الشرعية وإنزالها منازلها المرضية صلاح العباد والبلاد، {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [يوسف21]، فنسأل الله العظيم أن يصلح حكامنا وولاة أمرنا لما في طاعة الله عز وجل ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم ولما فيه خير البلاد والعباد- اللهم آمين.



--------------------------------------------------------------------------------

(1) نصيحة مهمة 23.

(2) جامع العلوم و الحكم (2/117) .

(3) جامع العلوم و الحكم (2/117) .

(4) انظر نصيحة مهمة 29 .

(5) من أمراء الجور

(6) ابن الجعد "المسند" (1905)

(7) معاملة الحكام 78 .

(8) من شريط طاعة ولاة الأمور .

(9) الدرر السنية (7/239) و معاملة الحكام 24 .

(10) السيل الجرار (4/512) مختصراً .

(11) المنهاج (1/115) .

(12) المعلوم19 .

(13) تحفة الأحوذي (5/365) .

(14) المجموع (35/9) .

(15) من شريط طاعة ولاة الأمور .

(16) صالح آل الشيخ / مجلة الدعوة العدد 1816 /16شعبان/1422هـ (33) .

(17) النبلاء (14/508) .

(18) المجموع (28/179) .

(19) المجموع (28/179) .

(20) المعلوم 9 .

(21) نصيحة مهمة 30 .

(22) هذه الشبه يحتج بها كثير ممن لا يصبرون على جور الأئمة !!! فتأمل جواب الإمام أحمد رحمه الله جيداً تجده مطابقاً للسنة .

(23) انظر : محنة الإمام أحمد 70-72 و المجموع (12/488) و المعاملة 7 .

(24) الدرر السنية (7/177) .


كتبه
صلاح الدين علي بن عبد الموجود
ترجمة فضيلة الشيخ


الاسم: صلاح الدين بن علي بن عبد الموجود.

الكنية: أبو محمد .
المواليد: 6 رمضان 1373هـ.
محل الميلاد: مصر - القاهرة
منهج اهل السنة والجماعه
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04/10/2006, 12:54 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ ساقي الـعُطـور
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 16/01/2006
المكان: بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ
مشاركات: 2,683
جزاك الله خير أخوي والله يعطيك العافية
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04/10/2006, 01:43 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الرايق الازرق
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 25/02/2005
المكان: تدري وش اكبر خطاي الله يسامحني )()()( إقفايتي عنك وانت اللي تمـنيته
مشاركات: 12,524
جزاك الله خير
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04/10/2006, 01:13 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 09/08/2006
المكان: الريــاض
مشاركات: 2,214
,,,
,,
,





جزاكـ الله خير
والله يجعله في ميزان حسناتكـ يارب ,,
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 03:45 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube