أحمد الله الذي و هبني هذا النهر كي تتدفق الحروف كالسيل فتجد مجرى يستطيع حملها من بين يديه تعبر التلال و الهضاب مخترقة الأوردة لتستقر وسط قعر قلبه الطاهر من اتصف بالرحمة فتمكث راكدة هانئة على ضفاف إحساسه المرهف فإن تبسمت كانت (هي) و إن بكت (كان) دموع تغتسل (هي) بها ..

لا أحسد هذه الغيوم فهي من وهبنا النهر بل أحسد روح الكون حين تنعكس أشعتها على صفحة وجهه و الرياح عندما تداعب طهارة مياهه , فما أجمل الحروف حين تكون (هي) و ما أروع المياه حين تنسكب حروفاً كتبت (لها) و ما أنقى النهر فهو مستمر بالعطاء أفلا يستحق من وهب الحياة لمن سكن بجواره قليل من الاهتمام قليل من الإنصات قليل من الوقوف أمامه بل الانحناء أمام كبريائه خجلا فهو من يحمل لنا السعادة كي يقذفها من بين أيدينا و هو ذلك الشيء الذي كتم بصدره أسرار من أسر له ..

يتمالكني الغضب حين أرى أنانية البشر في امتلاك مياهك و حصر هذا التدفق بين حواجز أسمنتية تحرمك حرية الانتقال حيثُ تريد و كيفما تشاء إلا أنك استطعت تجسيد معاني التضحية عندما كنت كل هذا وذلك , كثيرا ما ألقينا على أكتافك فما كان منك سوء الصمت متحملا تفاهتنا في أحشائك ..


أذكر جيدا حين كنت أجلس بجوارك لِساعات أغيب عن الدُنيا فلا أحس سواء بك وكأنِ ولدت لتوا انبثقت من رحم شرنقة مهملة سقطت عن متاع الدنيا ليبهرني سحرك الشرقي الملامح و ذاك التلألؤ الهادي للعينين البريئتان براءة الأطفال والوجه ذو الشعر الغجري المدلهم بالعتمة و كأنه هالةٌ من سواد تحيط بسراج من نور ما كنت أحسب يا نهر بأنك بهذا الحزن أذكر يا نهرُ عندما أغمض عيني أشاهدك تحلق في سماء خيالي كأجمل راقِصاتُ الاستعراض تمد لي يديها أتبعها بخطى إيقاعية نحو الفراغ الذي صرت فيه أمضي إلى ذلك المكان الذي اجتزته محاولاً الصول لنقطة الضياء و حين أمسك بأطرافها تتبدد مبعثرة أقف مبهورا لأدرك أني لا زلت على الضفة مبتلا تفوح مني رائحة النهر ..

فيانهر يا من و هبت الحياة و حُرمت الحياة أما آن الأوان كي تنهض لتكسر القيد و تكبح جماح الأنانية فهناك مُنتظر يحمل شمعة من حلم يضعها في أحضانه ليقيها من غضب الريح لديه أمل في سماع هدير المياه و هي آتيه إليه فلا تطل انتظاره فقد فعل به الدهر ما لم يفعله بك قد تهاوت سطوره و اضمحل فكره و أخذت حروفه بالتساقط تدريجيا عن صفحات كتابه لتذبل هو الخريف من بدل سواده ببياض جاعِلاً من تجاعيد الزمن رمزا يتصف به , يسأل عن قطره من ترياق الحياة فهل تكرمت لهُ بها ..!!

ملاحظة : النهر هو ( أنتي ) ..

الهارف

سيدي الفاضل / ماجد مقبل ..

شرود ذهنك في بعض الصور أمر يبرر فأنت حائر تغيب عنك حقيقة ما أدركته أنا فلا تنزعج يا سيدي بهذيان قلمي أنما اعلم أن ما تبقى من النهر سواء هذا الأثر الذي أنسجه عندما يعلن حضوره في الفراغ الذي ترك من خلفه ..

دمت حسن الظن ..

الهارف

سيدي / الهاوي 11 ..

تبهُرني دائما بتحليلك الذكي و حديثك الممتع فقد كانت نظرك أشمل و أوسع بل أعم عندما رأيت "الأنثى" بأبعادها الثُلاثية وبقيت أنا محصورا منجرفا في زاوية واحد لا أعرف سواها والتي استخلصتُها أنت وتجاوزتَها تاركا للكاتب الحرية في بسط جناحيه حيث الامتداد يا سيدي جميل جدا أن نرى الصورة وفقا لحواسنا ..

لقد تحدثت عن الجزء و خاطبت أنت الكل و لا يسعني سواء الوقف احتراما لكلك وجزئي..
وأخيرا:- كم تغتبطني السعادة الغامرة حين أجدك قد وضعت إمضائك الكريم ...

تقبل ودي وتقديري

أخوك الهارف

عزيزي / أبو رأس ..

يسعدني فقط مرورك أما تأويلك للموضوع حسب نظرتك الضيقة و التي لا تبرح أن تتخطاها فهو راجع لك فأنا أجزم بأنك تهرف بما لا تعرف سيدي المشاكس أتمنى أن تخلع عنك العدسة السوداء لترى أن للدنيا ألوان أخرى ..

سأخبرك بشيء عن قول "لم أفهم" تعني أن الجملة تحتوي عدت صور بلاغية و أكثر من معنى و هو ما يسبب الشرود الذهني و كذلك ضياع المعنى لدى المتلقي وإن كنت أريد الوصول إلى خلاصة الموضوع أي المتلقي فأنا لا بد أن أعرف أي معنى أراد الكاتب أن يخفيه بهذه الصور وتلك الألوان الشتى ..

دعنا نسلم بفرضية أنني أرى من خلال منظورك للأشياء وفق الأسود و الأبيض فهل سأختلف عنك..!! بالتأكيد لا و لن نختلف أنا وأنت عن أشباهنا ممن ينظرون بتلك العدسة إذاً لن يكون هناك اختلاف و لا فوارق فالبصمة واحدة و الإمضاء واحد و اللحن موحد تخيل أن تكون كل الأمور أُحادية كالفكر الذي تتمتع به فماذا سيكون الناتج ..!!

سيكون رأس مستطيل لعدت أجساد و الذي تمثله أنت تاركا الأبدان تنقاد لك و كما قلت لك في السابق وأكررها الآن دعنا نختلف فهذا أفضل ...

أهلا بالهارف الشاعر وبإطلالته العذبة الجميلة .. صدقني أيها الهارف. أجد فيك لوثة مني بكل مافي جنون الأدب من تقاطعات ومايحمله من نزف البوح .. ربما (أقول ربما) أن شيطان شعري ألمّ بشيطانة أدبك ذات غفلة
لحظة لحظة

أرجوك

دعني أتملى وأتذوق (يا من و هبت الحياة و حُرمت الحياة)
دعني أبحر في سماوات هذه الصورة المعبرة
الأدباء أربعة ياهارفنا وآسرنا الحبيب:
أديب مجنون وأديب عاقل وأديب(مجاقل )وأديب هو الجنون نفسه
وأنا أشهد أنك من النوع الرابع
لست أدري كيف تنسج الصورة !!
يبدو أنك تصلي ركعتي الاستخارة قبل أي مقطع تكتبه
لك حروف الأدب والشعر كلها ولبقية الأدباء والشعراء حرف واحد يتنافسون فيه
ثم أما بعد:

.. عيون الزعيم ..

شاكرا لك يا سيدتي مرورك


.. الأمل البعيد ..

أسعدتني زيارتك ..

الهارف ..

.. أحب الهلال و أهله ..

لأول مرة يا سيدتي أقف متفرج فلقد وضعت في موقف لا أظن سأحسد عليه أبدا هذا الرد جعلني أقف مرة أخرى أمام النهر حائرا فلا بد من جواب وكل الكلمات التي أعرف قد ولت هاربة وكأن شيطان شعرك لربما لربما أنقض على شيطانة أدبي فماذا عساني سأصنع ..

بكل تأكيد سأتجاوز و أنا مُتيقن بأني سأخفق لذلك سأرد فقط على تساؤلك ..

-أنا و الشعر و الأدب يا سيدتي لا نملك أن نكون شيء فنحن أدواتها فإن شاءت كنا شعراً و أن أرادت كنا أدبا ..

وأخيرا :- أتمنى لكِ الشفاء العاجل و العودة القريبة لأحضان الوطن ..

دمتِ بحب ..

.. سهل ..

سيدي فقط حضورك يشرفني فهو لدي الأجمل ..

تحياتي لك ..

الهارف