مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 01/08/2006, 01:25 PM
الهارف الهارف غير متواجد حالياً
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 17/07/2002
المكان: حيث تسكن الحروف
مشاركات: 205
يا من و هبت الحياة و حُرمت الحياة


أحمد الله الذي و هبني هذا النهر كي تتدفق الحروف كالسيل فتجد مجرى يستطيع حملها من بين يديه تعبر التلال و الهضاب مخترقة الأوردة لتستقر وسط قعر قلبه الطاهر من اتصف بالرحمة فتمكث راكدة هانئة على ضفاف إحساسه المرهف فإن تبسمت كانت (هي) و إن بكت (كان) دموع تغتسل (هي) بها ..

لا أحسد هذه الغيوم فهي من وهبنا النهر بل أحسد روح الكون حين تنعكس أشعتها على صفحة وجهه و الرياح عندما تداعب طهارة مياهه , فما أجمل الحروف حين تكون (هي) و ما أروع المياه حين تنسكب حروفاً كتبت (لها) و ما أنقى النهر فهو مستمر بالعطاء أفلا يستحق من وهب الحياة لمن سكن بجواره قليل من الاهتمام قليل من الإنصات قليل من الوقوف أمامه بل الانحناء أمام كبريائه خجلا فهو من يحمل لنا السعادة كي يقذفها من بين أيدينا و هو ذلك الشيء الذي كتم بصدره أسرار من أسر له ..

يتمالكني الغضب حين أرى أنانية البشر في امتلاك مياهك و حصر هذا التدفق بين حواجز أسمنتية تحرمك حرية الانتقال حيثُ تريد و كيفما تشاء إلا أنك استطعت تجسيد معاني التضحية عندما كنت كل هذا وذلك , كثيرا ما ألقينا على أكتافك فما كان منك سوء الصمت متحملا تفاهتنا في أحشائك ..


أذكر جيدا حين كنت أجلس بجوارك لِساعات أغيب عن الدُنيا فلا أحس سواء بك وكأنِ ولدت لتوا انبثقت من رحم شرنقة مهملة سقطت عن متاع الدنيا ليبهرني سحرك الشرقي الملامح و ذاك التلألؤ الهادي للعينين البريئتان براءة الأطفال والوجه ذو الشعر الغجري المدلهم بالعتمة و كأنه هالةٌ من سواد تحيط بسراج من نور ما كنت أحسب يا نهر بأنك بهذا الحزن أذكر يا نهرُ عندما أغمض عيني أشاهدك تحلق في سماء خيالي كأجمل راقِصاتُ الاستعراض تمد لي يديها أتبعها بخطى إيقاعية نحو الفراغ الذي صرت فيه أمضي إلى ذلك المكان الذي اجتزته محاولاً الصول لنقطة الضياء و حين أمسك بأطرافها تتبدد مبعثرة أقف مبهورا لأدرك أني لا زلت على الضفة مبتلا تفوح مني رائحة النهر ..

فيانهر يا من و هبت الحياة و حُرمت الحياة أما آن الأوان كي تنهض لتكسر القيد و تكبح جماح الأنانية فهناك مُنتظر يحمل شمعة من حلم يضعها في أحضانه ليقيها من غضب الريح لديه أمل في سماع هدير المياه و هي آتيه إليه فلا تطل انتظاره فقد فعل به الدهر ما لم يفعله بك قد تهاوت سطوره و اضمحل فكره و أخذت حروفه بالتساقط تدريجيا عن صفحات كتابه لتذبل هو الخريف من بدل سواده ببياض جاعِلاً من تجاعيد الزمن رمزا يتصف به , يسأل عن قطره من ترياق الحياة فهل تكرمت لهُ بها ..!!


ملاحظة : النهر هو ( أنتي ) ..

الهارف
اضافة رد مع اقتباس