بدون مقدمات أقول من لم يشاهد آخر جولتين لفريق مديلسبره في كأس الأتحاد الأوروبي فإنه فاتته ( نصف متعة الموسم ).
فريق مجنون بمعنى الكلمة ومباراة تثبت أنه مادام الأصرار ممزوجاً بالعزيمة في كرة القدم فلا شيء مستحيل .
لمن لايعرف التفاصيل أقول لهم ماحدث في مباراة اليوم في إياب الدور نصف النهائي لكأس الإتحاد الأوروبي بين مديلسبره الأنجليزي و ستيوا بوخاريست الروماني حيث كان مديلسبره يحتاج لأن يسجل أربعة أهداف ليتأهل لنهائي كأس الأتحاد الأوروبي لكرة القدم , و فعلها الفريق حيث استطاع أن يسجل 4 أهداف في أقل من نصف ساعة كان الهدف الأخير والمؤهل من رأسية بارعة للأيطالي ماكاروني في الدقيقة 89 .

مديلسبره خسر الذهاب في رومانيا 0 -1 وكان بحاجة للفوز بهدفين نظيفين على أرضه لكن ماحدث اليوم أنه تفاجأ بالفريق الضيف يسجل هدفين في أول 25 دقيقة مما جعل الفريق في حالة صدمة لأنه فشل حتى الآن بتسجيل الهدفين المطلوبة و هاهو يصبح المطلوب منه أربعة !
قبل ثلاثة أسابيع و في الدور ربع النهائي فعل أبناء البورو المعجزة فهم كانو قد خسروا أمام بازل السويسري بهدفين في سويسرا وفي أرضهم تلقوا هدفاً مفاجئاً فأصبح مطلوباً منهم أربعة أهداف وبالفعل فعلوها في مباراة خيالية استطاع المنقذ دوماً الإيطالي ماكاروني تسجيل الهدف الرابع في الدقيقة 90 .
والآن ها هو الموقف يتكرر مرة أخرى و أصبح البورو في موقف صعب جداً و الكل صار يتساءل .. هل تتكرر المعجزة مرتين ؟
مكلارين هذا المدرب الداهية والذي كان مساعداً لأليكس فيرجسون حتى عام 2001 يصفه بعض الخبثاء في بريطانيا بأنه كان المدرب الحقيقي لمانشستر يونايتد وليس فيرجيسون و يستدلون بقولهم بتراجع مستوى المان منذ مغادرته للفريق أدخل في الدقيقة الـ 26 من الشوط الأول المنقذ المعتاد ماسيمو ماكاروني وبالفعل استطاع هذا المبدع أن يسجل هدفاً بعد نزوله بـ 6 دقائق ليقلص النتيجة إلى 1 -2 ويصبح الفريق بحاجة إلى ثلاث أهداف ليتأهل إلى النهائي .
إنتهى الشوط الأول على نفس النتيجة وبعد مرور 10 دقائق من الشوط الثاني لم يتغير شيء فقام المدرب الداهية بتغيير ألهب المباراة و أشعلها , فأدخل المهاجم النيجيري ياكوبو لينضم للمهاجمين الآخرين هايسلبانك و مارك فيدوكا و ماكاروني و صار الفريق يلعب بأربعة رؤوس حربة
بعد نزول ياكوبو انتفض اللاعبون و أصبح البورو يهاجم بجنون والجماهير أصبح تثور وتصرخ بصوت واحد come on Boro , come on Boro ...
اعتمد الفريق على الهجمات من الأطراف ... البرازيلي روشنباك من اليمين والمبدع جداً جداً داونينغ من اليسار مع وجود أربعة مهاجمين داخل منطقة الجزاء
هجمات رهيبة جداً للبورو وارتباك واضح لدفاع ستيوا وحارسه حاول أن يستغلها هايسلبانك في أحدى الهجمات الخطرة وادعى السقوط داخل منطقة الجزاء رغم أنه كان باستطاعته أن يسجلها لكن الحكم أوقفه و أعطاه كرت أصفر بداعي التمثيل وقاله بالحرف الواحد :
وين ياحبيبي شايفني حكم مباراة الأرسنال و فياريال 
:
قلت في نفسي إذا لم يسجل البورو سريعاً هدفاً فالمباراة ستنتهي بالخسارة أو التعادل على أكثر تقدير ..
وبالفعل لم تمضي عدة دقائق إلا و يسجل فيدوكا هدفاً ثانياً برأسية ذهبية ليمنح الأمل لفريقه مرة أخرى في الدقيقة 64.
بعد الهدف توالت الهجمات مرة أخرى وفي الدقيقة 73 سجل المدافع كريس ريجوت الهدف الثالث بعد متابعته لكرة مرتده من الحارس ليقترب البورو من الحلم و يكرر المعجزة مرة أخرى .
بعد الهدف الثالث حاول الفريق الروماني الهجوم من أجل التحرر من الضغط المرعب الواقع على دفاعه

وكان له ما أراد حيث أستطاع الفريق أن يخفف من ضغط لاعبي البورو الذي يبدو أنهم قرروا أن يأخذوا غفوة صغيرة قبل البدء في الإنتفاضة الأخيرة ..
بعد الدقيقة 83 عاد الضغط مرة أخرى من روشنباك ورفاقه والكل أصبح يترقب هل يفعلها البورو ?
واستمر التسائل قائماً حتى جاءت الدقيقة 89 ...
الجماهير فقدت أعصابها و مكلارين يترقب و ستيوا لم يعد ينتظر سوى صافرة الحكم لتنقذه من الوضع الصعب جداً , لكن بكرة عرضية من الموهبة الأنجليزية القادمة ستيوارت داونيغ ارتقى لهاالبطل المبدع ماكاراوني ليضع برأسه أغلى الأهداف ويعلن تأهل البورو لنهائي أيندهوفن وسط جنون اللاعبين والجماهير بهذا التأهل المدهش فعلاً .
فواصل عن المباراة
* كرة القدم تثبت لنا كم هي مجنونة فاليلة شاهدنا لقاءً من أميز لقاءات الموسم إن لم يكن أميزها حقاً وأعتقد الآن أن أسهم ستيف مكلارين ارتفعت كثيراً بعد هذا اللقاء وأصبح أقرب من السابق لتدريب المنتخب الأنجليزي بعد كأس العالم و هو يستحق ذلك بالطبع وتحية كبيرة لهذا المدرب الرائع .
* داونينغ نجم بكل ماتعنيه الكلمة من معنى ... افتقده الفريق كثيراً للأصابة وأعتقد أن مكانه في المنتخب الأنجليزي مضمون إن كان إريكسون منصفاً .
* من شاهد مباراة الليلة فاعتقد أنه تشبع بمباراة مليئة (بالدسم) الكروي (وبالسمن) الفني

.
* مكلارين استقال من عمله مساعداً لفيرجسون وانتقل لتدريب مديلسبره فغير شكل هذا الفريق المتواضع و استطاع أن يحقق له العام الماضي كأس الأندية المحترفة ثم رأيناه هذا الموسم يفوز على المان برباعية و يهزم المتصدر تشيلسي بثلاثية مذلة .
والآن هاهو يقود الفريق لنهائي كأس الإتحاد الأوروبي كأنجاز تاريخي لهذا النادي .
تحية كبيرة لهذا المدرب الرائع .
* مبروك للبورو ولمكلارين الذي يبدوا أنه يعشق الطريق الصعب حتى إني سمعت أخبار تقول إن أغنيته المفضلة هي ( يامدور الهين ) لمحمد عبده