حكمت محكمة غيابيا بسجن المتهم عادل شاكر بالسجن 6 أشهر وغرامة مائة جنيه وذلك بتهمة الاعتداء على جارته، إلى هنا وهذا نبأ تقليدي، أما الجديد والمثير فهو أن الجاني "المعتدي" هو طفل رضيع لا يتجاوز عمره واحدا وعشرين شهراً، أي انه لم يتم فصاله بعد ، وتفاصيل هذه القضية الغريبة تسجلها "إيلاف" في السطور التالية:
"حتى الآن ما زلت غير مصدقة ما حدث"، بهذه العبارة بدأت أنعام شوقي والدة الطفل المتهم وتضيف: لقد فوجئت ذات يوم وقبل الفجر بلحظات بقوة من قسم الشرطة تدق باب منزلي بحثا عن المتهم الهارب عادل شاكر لتنفيذ عقوبة السجن 6 أشهر وغرامة 100 جنيه ورغم أنني أحضرت شهادة ميلاد طفلي ، والتي أكدت انه طفل لم يبلغ العامين بعد، إلا ان قائد القوة العسكرية المكلفة بتنفيذ الأحكام أصر على موقفه قائلاً أن الأمر ليس بيده ومن ثم فعليّ إحضار "المتهم" صباحاً إلى قسم الشرطة للعرض على النيابة ولها التصرف في الأمر .
وتضيف والدة الطفل: جن جنوني ، كيف يصبح طفلي الرضيع متهماً ، بل ومطلوباً لتنفيذ الحكم بالسجن 6 أشهر، وفي صباح اليوم التالي حملت رضيعي إلى قسم الشرطة لمعارضة الحكم ومعي شهادة ميلاده، وتصورت انه سوف يتم الإفراج عنه فور تقديمي لشهادة ميلاده، ولكن العجيب ان ضابط القسم أمر بترحيله إلى النيابة لأركب سيارة السجن مع المتهمات الكبيرات اللاتي تصورن أنني المتهمة زميلتهن ليس رضيعي، واثناء سير السيارة كان الصغير يصدر صرخات الجوع، فأقوم بإرضاعه حتى يغرق في سبات عميق حتى وصلنا إلى مقر النيابة وهناك ازدادت دهشتي، فرغم دهشة وكيل النيابة إلا أنه أصر على اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الرضيع، وقاموا بتصويره وطبعوا بصماته على أوراق القضية .
وتضيف والدة الطفل: وبعد ذلك أرسلوني إلى المحكمة حاملة طفلي الرضيع، وأودعانا قفص الاتهام انتظارا لدور القضية في قائمة القضايا المعروضة، وظللت في قفص المتهمين أقوم بإرضاع الطفل إذا صرخ جوعا واقدم له البالونات وقطع الحلوى لإسكاته حتى يكف عن الصراخ وعندما جاء دور القضية في العرض نادى الحاجب على المتهم الهارب من تنفيذ الحكم بالسجن 6 اشهر قدمت له الطفل وبعدها ضجت قاعة المحكمة بالضحك بسبب صغر سن المتهم لدرجة عدم التصديق، وانفجر القاضي ضاحكا لمدة تزيد على ربع ساعة وتوقعت أن يتم الإفراج عن رضيعي ، خاصة بعد أن قدمت شهادة ميلاده للقاضي .
وفي نهاية الجلسة توقعت حكم البراءة إلا أن القاضي نطق بالحكم العجيب لأنه أصدر حكما بإحالة الطفل الرضيع إلى نيابة الأحداث لعدم الاختصاص وقررت الهرب به من عيون رجال الشرطة حتى لا يتعرض للذل والهوان وتنتهي هذه القضية العجيبة.
وحول التكييف القانوني لهذه القضية: يقول أحمد شرف الدين المحامي بالاستئناف ومدير مركز العدالة لحقوق الإنسان إن هناك خطأ مهنيا وقع فيه كل أطراف القضية حيث ان محرر المحضر لم يناظر المتهم ويتأكد من أوصافه واعتمد على تقرير طبي استخرجه والد الطفل الذي كان يعمل ممرضا بأحد المستشفيات، ولو أن نيابة الأحداث شاهدت المتهم وعلمت انه دون السن القانوني لأمرت بتسليم الطفل إلى ولي أمره، مع تعهدهم بحسن رعايته وتربيته .
ويضيف شرف الدين : أما قانون حماية الأحداث المصري فإنه كان يعتبر الحدث غير مسؤول عن أي شيء إذا لم يتجاوز السابعة من عمره، ولا تجب إقامة دعاوى قضائية عليه تبعا للمادتين 64 و56 من قانون حماية الأحداث لسنة 1883 وسنة 1904 إلا أنه للأسف فإن التشريع الحالي يعتبر الحدث مسؤولاً من لحظة ميلاده حتى بلوغه سن 16 عاماً .

المصدر : ايلاف