مدخل:
ينقسم الشعراء الجاهليون باعتبار شهرتهم في الشعر للإجادة أو الكثرة إلى طبقات كثيرة نذكر منها ثلاثاً :
1- الطبقة الأولى : أمرؤ القيس ، عمروبن كلثوم، زهير بن أبي سلمى، النابغة
الذبياني .
2- الطبقة الثانية: الأعشى، لبيد بن ربيعة ، طرفة بن العبد .
3- الطبقة الثالثة: عنترة بن شداد، عروة بن الورد ، دريد بن الصمة،
والمرقش الأكبر ، والحارث بن حلزة .
وسنقف إن شاء الله ماشاء لنا أن نقف عنده من هولاء الشعراء وغيرهم ...

***********************************
وقد تلقيت ردين جميلين حول الحلقة الأولى ( أمرؤ القيس ) ورغم أن عدد
الزائرين لم يصل إلى العدد المعقول .. إلا أن الردين حملت إلي معاني سامية
وشجعتني للمواصلة على أمل زيادة عدد الزوار قريباً ..
وشاعر هذه الحلقة هو ( النابغة الذبياني )
نسبه وسيرته:
هو النابغة الذبياني أبو أمامة زياد بن معاوية أحد فحول الطبقة الأولى من شعراء الجاهلية ، وزعيمهم بعكاظ ، وأحسنهم ديباجة لفظ ، وجلاء معنى ، ولطف أعتذار، وقد لقب بالنابغة لنبوغه في الشعر فجأة وهوكبير ، بعد أن امتنع عليه وهو صغير ، وكان العرب إذا أوقدوا ناراً جعلوها على رأس جبل تضطرم
مما يعني وجود نابغة في قومهم .
يعتبر النابغة الذبياني من أشراف ذبيان ، وطغى شعره على شرفه ونسبه ، وكان النابغة يتصل بملوك الحيرة ويمدحهم ، وطالت صحبته للنعمان بن المنذر ،فأدناه منه إلى أن وشى به عند النعمان أحد بطانته فغضب عليه وهم بقتله ، فأسر بذلك إليه عصام حاجب النعمان فهرب النابغة إلى الغساسنة في الشام
ومعروف أن الغساسنة منافسين للمناذرة في ملك العرب في الحيرة فمدح عمرو بن الحارث الأصغر وأخاه النعمان غير أن قديم صحبته للنعمان بن المنذر جعله يحن إلى معاودة العيش في ظلالة فتنصل واعتذر إليه بقصائد عطفت عليه قلبه ، وعمر النابغة طويلاً ومات قبيل البعثة .

شــعرة:
يمتاز شعر النابغة الذبياني برشاقة اللفظ ، ووضوح المعنى ، وحسن النظم ، وقلة التكلف حتى عد عند المدققين من الشعراء كجرير أنه أشعر شعراء الجاهلية وأغراه تكسبه في الشعر أن يتفنن في ضروب المدح حتى مدح الشيئ وضده .
ومن جيد قوله في الاعتذار قوله مخاطباً النعمان بن المنذر :
أتاني أبيت اللعن أنك لمتني، وتلك التي أهتم منها وأنصب
فبت كأن العائدات فرشن لي ، هراساً به يعلى فراشي ويقشب
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ، وليس وراء الله للمرء مطلب
لئن كنت قد بلغت عني جناية، لمبلغك الواشي أغش وأكذب
ولكنني كنت أمرأً لي حاجة ، من الأرض فيه مستراد ومذهب

ونلاحظ أن الشعراء في العصر الجاهلي يكثرون استخدام عبارة ( أبيت اللعن )!!
فماالمراد بها ؟ هي جملة دعائية يخاطبون بها الملوك تحية ، ومعناها أبيت أن تفعل شيئاً تلعن به وكانت هذه تحية ملوك لخم وجذام .

وللنابغة معلقة طويلة تصل إلى 80 بيتاً .