10/04/2001, 08:15 AM
|
زعيــم نشيــط | | تاريخ التسجيل: 31/01/2001
مشاركات: 522
| |
( مختارات مما قرآت للشيخ عبدالرحمن بن عبدالخالق)
أخواني رواد منتدى الجمهور الهلالي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الهم الأول للمؤمن في الحياة هي ذنوبه ومعاصيه، وما سلف منه من تفريط في حق الله تعالى، والذنب عند المؤمن كبيرة وصغيرة، كبير، فهو لا ينظر إلى كبر الذنب وصغره، ولكنه ينظر إلى من عصى، ويعلم أنه كلما ارتقى في سلم الإيمان كلما عظم الذنب في حقه، فالصغيرة من الكبير كبيرة، والهفوة من العظيم عظيمة!!
ألا ترى الرسل كيف كانوا يعدون على أنفسهم ذنوباً لو كانت لنا لحسبناها طاعات، ولاتخذناها قربات، فمن منا لا يتمنى أن يكون هو الذي قال ما قال إبراهيم عليه السلام: {إني سقيم} {بل فعله كبيرهم هذا} ليحطم أصنام القوم {وهذه أختي} ليحمي امرأته من جبار، ولكن إبراهيم يقول يوم القيامة: [إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد عصيت ربي فكذبت ثلاث كذبات]!!
ومن منا لا يرجو أن يكون دافع عن مظلوم كما فعل موسى، الذي قتل عدواً بطريق الخطأ، ومع ذلك يقول عليه السلام [ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي] ويقول يوم القيامة: [إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني عصيت ربي، فقتلت نفساً لم أومر بقتلها].
ومن منا لا يرجو أن يدعو على أهل الشر والفساد والكفر والعناد أن يستأصلهم الله من الأرض ويريح البلاد والعباد من شرورهم فيقول: [رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً إنك إن تذرهم يضلوا عبادك، ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً]
ويظن أن دعاءه هذا قربة يتقرب بها إلى الله، ولكن نوحاً عليه السلام يذكر ذلك ويؤرقه ويظل خائفاً من دعائه هذا الذي استجابه الله له، ويقول لمن طلب منه الشفاعة: [إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني عصيت ربي، فدعوت على قومي]..
ومن منا له عمل صالح، ومنزلة عالية كما لخاتم الأنبياء والمرسلين، وسيد الناس أجمعين، ومع ذلك فقد قال له رب العالمين: {ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك} وقال تعالى له: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً}.
وهل يتصور للنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم من ذنب إلا أن يكون شيئاً فعله خلاف الأولى!!
والخلاصة أن المؤمن يرى الذنب أكبر وأشمل مما يراه من لم يعرف حقيقة الإيمان، ويحس بوطأة ذنوبه، وإن كانت صغائر كأنها جبل يوشك أن يقع عليه، وأن الله إن لم يغفرها له ليكونن من الخاسرين، قال صلى الله عليه وسلم: [المؤمن يرى معصيته كجبل يوشك أن يقع عليه، والمنافق يرى معصيته كذباب وقع على أنفه]!! وما أسهل الذنب عند من يرى أن مثله مثل ذباب، وهل أسهل من أن يذب الإنسان عن نفسه ذبابة، ويبعدها عنه، وما أثقل الذنب عند من يرى أن ذنوبه كالجبل الجاثم فوق رأسه وصدره، وهم دائم التفكير في كيفية إزاحته عنه.
والذنب يتسع عند المؤمن، لأنه يعلم أن غفلة ساعة عن ذكر الله ذنب، وفوت نعمة لم يشكر الله عليها ذنب، ومرور لحظة لا يراقب الله فيها، ولا يخافها ذنب، وكل مخالفة لأمر الله وإن صغرت ذنب، وأعضاء البدن كلها جوارح، فالقلب جارحة، وهو أعظم الجوارح، والعين جارحة، والسمع جارحة، واليد والرجل واللسان والأنف [فالعين تزني وزناها النظر، واليد تزني وزناها البطش، والرجل تزني وزناها الخطو، والأنف يزني وزناه الشم، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه].
والسؤال يوم القيامة عن عمل كل الجوارح. قال تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}.
والسؤال عن الغمزة واللمزة والهمزة، واللفظة، بل وخطرات القلوب، وأحاديث النفوس، وخفايا الصدور، وفلتات الألسنة: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} {قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله} {يوم تبلى السرائر* فما له من قوة ولا ناصر} {ويل لكل همزة لمزة} {فمن يعمل مثال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره}.
والمؤمن يعيش وهو يحمل هم ذنوبه ومعاصيه، ولا تزال شخوصها تؤرقه بالليل والنهار، وهذه إحدى همومه!!
أسائل الله لنا ولكم أن يهدينا لعمل الصالحات ويجنبنا الذنوب والمعاصي أنه ولي ذلك والقادر عليه وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
<br><font size=1 color="#000080" face="tahoma">[عدلت بواسطة DrSaud69 التاريخ:11-04-2001 الساعة: 01:31 AM]</font> |