أظن وليس كل الظن إثما ، أن شهر العسل بين رئيس نادي الهلال الأمير عبدالله بن مساعد والكثير ممن يعملون بالرياضة ولا يريدون إعمال عقلهم قد انتهى .. وبدأت عملية (الطرد) لكل من يريد أن يعمل من أجل التطوير أو تغيير الفكر القديم بشن حرب لطرده من الرياضة ، ليستمر الأمر على ما هو عليه ، فيأتي الغد مشابها للماضي .
بوادر هذه الحرب شنها (أحمق) اتهمه بقضية اللاعب التشيلي (آروس) ، والذي لعب لمدة سنة في نادِ (بفلسطين المغتصبة) من اليهود ، وكانت التهمة أنه يريد التطبيع مع إسرائيل على حد زعمه .
كيف سيُطبع .. ولماذا هذا الفكر الذي يؤجج المشاعر مازال مستمرا ؟
لا أعرف كيف تستقيم فكرة التطبيع هنا ، ولكن أعرف أن مثل هذه الفكرة تؤجج الغضب بداخلنا لأنه يذكرنا بضعفنا ، والغضب يشل العقل تماما ويجعل غرائز الإنسان تبزغ بقوة لتتحكم بقراراتنا التي بالتأكيد لن تكون صائبة ، هذا الغضب الذي أكد أبو هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني : (قال لا تغضب .. فرددها مرارا قال : لا تغضب) ، ومع هذا لم نستمع لوصاياه .
واستمر الغضب يسيرنا دائما .. بل هو من يقتل مصالحنا .. سُرقت فلسطين منا فغضبنا ، ومازلنا غاضبين ولم نفعل شيئا سوى أننا وبعد هزيمة 67م خرجنا بالمقاطعة ، نقاطع ماذا ولا نقاطع ماذا .. لم يسأل الكثير حول هذا .
لأن الهزيمة أثارت الغضب والغضب يشل العقل .. وحين تتعطل العقول يفقد الإنسان أهم هبة وهبها الله للإنسان وميزه عن باقي مخلوقاته .
حين خرج (اليهودي) إنشتاين بنظريته العامة للنسبية مخالفا نيوتن ، وأن سرعة الجاذبية تساوي سرعة الضوء ، قاطعت المختبرات العربية فكرته لأنه يهودي ، في مطلع هذا العام أثبت عالمان في مختبرات ليست عربية أن نظرية إنشتاين على صواب بعد أن تم قياس سرعة الجاذبية ، (نشرت مجلة نيو سيانتست مقالة بقلم العالمين قالا : أصبحنا أول رجلين يقيسان سرعة الجاذبية، وهي إحدى الثوابت الأساسية في الطبيعة) .
في أوائل التسعينات وبعد هزيمة جديدة طرحت فكرة التطبيع ، وفي الأردن اختلفا وزير خارجية الأردن ووزير خارجية مصر ، وبدأت الاتهامات من هرول أولا للتطبيع ، وانقسمنا من جديد ، وانفرد اليهود من جديد بكل قطر على حدة ليكبروا الشرخ الذي صنعه غضبنا ، وفصل في قضية الهرولة المطرب (المكوجي) شعبان قائلا : (أنا بحب عمر موسى وباكره إسرائيل) .
وحين يكون المفكر والمنظر (مكوجي) لابد أن نفشل على مستوى الفكر وعلى مستوى الاقتصاد وعلى مستوى السياسة .
أعرف أن هناك من سيقول إني خلطت الرياضة بالسياسة بالاقتصاد بالمعرفة .. ولكن كيف يمكن لك أن تنتزع الرياضة من بينهم .. فالرياضة علم بحد ذاته ، ومرتبط تطورها بالاقتصاد ، كذلك يمكن للرياضة أن تُحمل بالسياسة ، فقبل سقوط (الاتحاد السوفيتي) كانت الأولمبياد أشبه بحرب باردة بين روسيا وأمريكا أو بين (الاشتراكية) و (الرأسمالية) .. وكان كل من على الأرض يتابع أي (الثقافتين) تصنع (السوبرمان) ؛ ليقتدي بها .
أعود لما بدأت به حول المقاطعة والتطبيع .. وأتساءل : ماذا لو ابتكر يهودي طريقة تدريب تطور مهارة معينة هل نقاطعها ؟
أتساءل أيضا .. ماذا لو قيل لنا أنه علينا أن نؤمن بأن التوراة لم يحرف كشرط للتطبيع .. هل نطبع ؟
لن أجيب على هذه الأسئلة الساذجة ، فهي من البديهيات حين نعمل العقل .. بيد أني أريد أن أقول : إن عقيدة الطاعة المطلقة لفكرة ما قادت تدريجيا ومن خلال منحدر مميز ومعلل إلى انهيار حضارتنا .
كتب الرئيس البوسني علي عزت بيجوبيتش في كتابه (هروبي إلى الحرية) : يعتقد بعض الناس أن انتماءهم الديني يحررهم من مسؤولية التفكير .
وكٌتب في الأمثال التي لم يراجعها أحد (حط بينك وبين النار مطوع) .
ويقول الله عز وجل في محكم آياته (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ، قل إن الله لا يأمر بالفحشاء . أتقولون على الله ما لا تعلمون ) الأعراف آية 28 .
[ALIGN=CENTER]
[email protected][/ALIGN]