
11/06/2003, 03:10 PM
|
زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 12/10/2001 المكان: قلوب محبي الزعيم
مشاركات: 6,627
| |
في حيّنـــــــــــا عمدة!! شخصيتان متميزتان ارتبطتا في مخيلتي منذ كنت صغيرا في مدينة الرياض هما شخصية العمدة وشخصية رجل العسة... كنت أرى العمدة أحيانا قليلة عندما كان أحد أفراد الأسرة يحتاج إلى توقيع أو شهادة أو ما شابه ذلك من الأعمال التي كان يختص بها عمدة الحي.
كان منظر العمدة مهيبا لا يوحي بالراحة - هكذا كنت أراه في طفولتي- ربما لأنه لم يكن يبتسم إلا نادرا ومثله كان رجل العسة الذي كان يظهر في الليل يجوب شوارع الحي حتى الفجر وكان يستخدم صفارة عند الحاجة يعبر فيها عن احتياجه لشيء معين وكان هذا الرجل يقوم بحراسة الحي وتأمين الأمن لساكنيه كان هذا قبل تكليف الشرطة بمثل هذه المهام. وكان هذا الرجل يقوم بمهمته بصورة متميزة لأنه كان يعرف كل سكان الحي فكان إذا رأى شخصا غريبا عرفه مباشرة فعمل على معرفة سبب قدومه للحي في مثل هذا الوقت كي يطمئن إلى أنه ليس مشبوها. وهكذا كان الرجل يقوم بدوره بصورة فقدناها هذه الأيام حيث عجز رجال الشرطة عن القيام بمثل هذا الدور.
الصورة النمطية للعمدة استمرت في ذاكرتي حتى بعد أن كبرت لأنني لم أشاهد تغييرا ملحوظا على أعمال العمدة فهو مستمر في توقيع بعض الأوراق أو إيصال بعض الخطابات لأصحابها أو المشاركة المحدودة في بعض الأعمال التي قد يكلف بها ولكن هذه الصورة كانت قد تغيرت تماما عندما تعرفت على عمدة حي الخالدية في الأحساء السيد أحمد المظفر إذ كان الرجل مختلفا عن الآخرين في أشياء كثيرة قد يصعب حصرها في مقال واحد. وإذا كنت سأتحدث عن بعض أفعال هذا الرجل فإني أرجو أن يكون حديثي دافعا لكل العمد في المملكة لكي يحذوا حذوه وأن يكون تنافسهم قويا في أعمال الخير وفي تقديم الخدمة المتميزة لأحيائهم...السيد أحمد المظفر أول من أقام حفلا علميا لتكريم المتفوقين من أبناء الحي وقد كرم هؤلاء المتفوقين بجوائز وهدايا جيدة شجعتهم كما شجعت الآخرين من أبناء الحي على التنافس الشريف في المضمار العلمي واستغلال أوقاتهم بما يعود عليهم بالنفع... إذا قدر لأي شخص أن يزور الحي فسيلاحظ أن هناك مبنى فخما معدا للمناسبات الاجتماعية والثقافية وقد أشرف العمدة على بناء هذا المبنى كما أشرف كذلك على تجهيزه بكل احتياجاته. هذا المبنى- كما خطط له- سيكون فيه محاضرة ثقافية شهرية تستهدف أبناء الحي بالدرجة الأولى ويمكن أن يحضرها آخرون من غيرهم ويشارك في إحيائها نخبة من الأساتذة والعلماء ومن في حكمهم كما أن هذا المبنى سيقام فيه احتفال سنوي لتكريم المتفوقين من أبناء الحي وكذا تكريم الأساتذة المتميزين من القاطنين في الحي نفسه وفي الأعياد والمناسبات الاجتماعية سيلتقي فيه أبناء الحي ويمارسون عاداتهم الاجتماعية ومناسباتهم السعيدة في جو عائلي يجمع الكل ويؤلف بينهم ويقوي أواصر العلاقة والمحبة بينهم... في المبنى نفسه ستجد مكتبة عامرة تفتح أبوابها في أوقات متعددة بحسب حاجة أبناء الحي ولأننا فقدنا المكتبات العامة في معظم الأحياء فلعل هذه المكتبة تكون بديلا لنقص الكتاب بين أيدي الشباب وتشجعهم على القراءة والاستفادة في أوقات فراغهم... أكثر مشكلات أبناء الحي تجد لها حلولا عملية عند هذا العمدة لأنه أولا موضع ثقة هؤلاء ومحبتهم وتقديرهم ولأنه - ثانيا- يبذل جهده ووقته من أجلهم دون نظر إلى مصلحة قريبة أو بعيدة. وإذا كانت الصورة النمطية للعمدة كما ذكرتها لكم فإنها تغيرت فعلا لأن عمدة الخالدية لا يكف عن الابتسام ولا يلقاك إلا بوجه طلق وكأنك آت لإعطائه شيئا لا لتأخذ منه وقته وجهده... أقول كما أننا نحتاج إلى مثل هذا العمدة لتقوية أواصر العلاقة بيننا وللقضاء على مشكلاتنا والإفادة من أوقاتنا فإن الحاجة ماسة كذلك إلى إعادة دور العسس إذا أردنا الحد من الجريمة التي زادت في بلادنا واستفحل شررها.
وإذا كان هذا صعبا فيجب التفكير في بدائل مماثلة لدور العسس القديم وليكن على سبيل المثال تخصيص دوريات أمنية ثابتة في كل حي بحيث يعرف أفراد هذه الدورية أهل الحي ويعرفهم أهل الحي فيصبح الغرباء معروفين في مثل هذه الأحوال وخاضعين للمساءلة خاصة في الليل وعند الاشتباه في أمرهم. مجتمعاتنا القديمة كانت أكثر حرصا على تماسكها وسلامتها وإذا أعدنا النظر في واقعنا وفي احتياجاتنا أدركنا مدى الحاجة إلى أعمال تعيد لنا ذلك التلاحم وذاك التماسك والتكاتف. الإمكانات العلمية يجب تسخيرها في إسعاد الناس ولا بأس أن نستفيد من تجاربنا السابقة ففيها الكثير من الفوائد.
حسن أن نعيد دور رجال العسس بحثا عن الأمن وحسن أن نجعل كل عمدة في بلادنا يستفيد من تجارب وأفعال عمدة الخالدية ليعيد للأحياء مكانتها ودورها... بقي أن يعلم القراء أنني لا أسكن في هذا الحي ولكنني معجب بما فعله عمدته فأحببت أن أنقل لكم هذا الإعجاب فلعلكم تعملون على نقل تجربته لكل الآخرين.
ولعل المسؤولين في وزارة الداخلية يعملون أشياء وأشياء لتطوير مهمة العمدة والاستفادة من كل التجارب الجيدة في بلادنا فلعل هناك أشياء يمكن تعميمها والعمل بها.. والله الموفق.
د.محمد الهرفي
تاريخ الماده:- 2003-06-10
منقول تم تحرير الرابط من الرقابة ..!!
اخر تعديل كان بواسطة » البارق في يوم » 11/06/2003 عند الساعة » 05:50 PM |